الشرطة اليابانية تداهم مكاتب شركة «أوليمبوس» في طوكيو

بعد شهرين من كشف رئيس الشركة السابق عن تزوير في حساباتها

محققون من الشرطة اليابانية أثناء دخولهم مقر «أوليمبوس» (رويترز)
TT

بعد أكثر من شهرين من كشف الرئيس السابق لشركة «أوليمبوس» النقاب عن واقعة تزوير في الحسابات، داهمت السلطات اليابانية مقر الشركة هنا في طوكيو يوم الأربعاء، بعد عدة ساعات من العثور على كم هائل من المستندات التي تدين الشركة.

وبحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» أعده هيروكو تابوتشي، بقي طاقم المصورين التلفزيونيين الذي تم إبلاغه بالمعلومات مسبقا، خارج مبنى الشركات لالتقاط الصور لعشرات من المحققين الذين يرتدون بزات سوداء ويتدفقون على المبنى بشكل مستمر. غير أنه من المرجح أن يتطلب الأمر أكثر من مجرد إجراء رمزي لطمأنة المستثمرين الأجانب إلى أن الشركة ستتعامل مع فضيحة تسببت في هبوط قيمة الشركة في سوق الأوراق المالية إلى النصف منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول).

ويقال إن «أوليمبوس» تتطلع لجمع رأسمال من مستثمر محلي، في خطوة من شأنها أن تقلص من تأثير المساهمين الأجانب، بينما تجعل إحداث تغييرات جذرية أمرا بعيد الاحتمال.

في واقع الأمر، يقول بعض المساهمين الأجانب إن رد الفعل تجاه الفضيحة يؤكد على أسوأ مخاوف المستثمرين الأجانب بشأن الشركة اليابانية، ألا وهو أن المسؤولين التنفيذيين ذوي النفوذ سيحبطون أي محاولات للإصلاح، من خلال أساليب العمل على النحو المعتاد، والتي ينتهجونها، مع وضع التأييد الضمني من جانب المصرفيين الودودين والمستثمرين المؤسسيين اليابانيين ذوي الثقل في الاعتبار.

ربما تمثل الخطة النهائية لإنقاذ شركة «أوليمبوس» جهدا يابانيا واسع النطاق. في هذا الأسبوع، أعلن مؤشر «نيكي» للمعاملات اليومية، أن شركة «أوليمبوس» من المحتمل أن تصدر أسهما ممتازة جديدة تقدر قيمتها بنحو 100 مليار ين (أي ما يعادل 1.3 مليار دولار) وأن شركات تكنولوجية يابانية مثل «فوجي فيلم» أو «سوني» تدخل ضمن المشترين المحتملين. إلا أن هاتين الشركتين أنكرتا أن يكون قد جرى الإعداد لتنفيذ مثل هذا الاستثمار.

إن المستثمرين المؤسسيين الأجانب في حالة من القلق الشديد «لا يجب أن يسمح لمجلس الإدارة الحالي بالقضاء على استقلالية شركة (أوليمبوس) بثمن رخيص من أجل حماية مصالحه الخاصة»، هذا ما جاء في بيان مدير صندوق الاستثمار الأميركي ساوث إيسترن أسيت ماندجمنت الصادر هذا الأسبوع. وجاء أيضا في بيان صندوق ساوث إيسترن الذي يحمل نحو 5 في المائة من أسهم شركة «أوليمبوس» «السماح للمجلس بذلك من شأنه أن يوجه لطمة موجعة تطيح بسمعة أسواق رأس المال في اليابان وبإدارة الشركة».

وأقر كبار مسؤولي شركة «أوليمبوس» في الشهر الماضي بأن الشركة قد بذلت جهدا استمر لسنوات من أجل التستر على مبلغ قيمته 1.7 مليار دولار في صورة خسائر في الاستثمارات من خلال مخطط عالمي أسفر عن تحقيقات عامة بشأن التعاملات في ثلاث قارات. وفي الأسبوع الماضي، اعترفت شركة «أوليمبوس» ببعض الخسائر في بيانات معدلة لتعاملات تمت على مدار خمس سنوات، والتي أظهرت هبوط قيمة أسهم المساهمين لتصل إلى 42.9 مليار ين، الأمر الذي يلقي بظلاله على قدرة الشركة على البقاء على المدى الطويل.

وقد ترك ثلاثة مسؤولين تنفيذيين متورطين في هذا المخطط الشركة. غير أن بقية أعضاء مجلس إدارة شركة «أوليمبوس» قد سارعوا بالسعي من أجل الاحتفاظ بسيطرتهم على الشركة. وتتمثل الجهات المدعمة لهم في أكبر بنوك الدولة، والتي لها نفوذ قوي على كبرى الشركات اليابانية، حيث تعمل كجهات إقراض رئيسية وكمساهمين رئيسيين.

وتعتبر «سوميتومو ميتسوي فاينانشيال غروب» أكبر مقرض لشركة «أوليمبوس»، حيث تمنحها 227.5 مليون ين في صورة قروض وسندات تحت التحصيل، بحسب وكالة أنباء «رويترز»، كما تحمل أسهم ملكية نسبتها 3.4 في المائة في الشركة. وتملك جهة أخرى مقرضة ومساهمة، وهي «ميتسوبيشي يو إف جيه فاينانشيال غروب»، حصة أسهم نسبة 7.6 في المائة، كما ساهمت أيضا في دعم إدارة الشركة.

ومن المتوقع أن يأتيا معا بمستثمر محلي جديد لضخ رأسمال إضافي في الشركة، في محاولة لتقليص دور المستثمرين الأجانب في تشكيل مستقبل الشركة، بحسب مصادر كثيرة مطلعة على الخطط. وقد تسبب هذا في حالة من الفزع بين المساهمين الأجانب، الذين يقولون إن الإدارة الحالية فاسدة ويجب أن ترحل لتحل محلها إدارة قوية.

وليس من الواضح عدد أسهم شركة «أوليمبوس» التي يسيطر عليها مستثمرون أجانب، غير أن محللين يقولون إن نسبتها كبيرة.

ورفض مسؤولون بشركتي «سوميتومو ميتسوي» و«ميتسوبيشي يو إف جي» التعليق يوم الأربعاء.

وربما تحبط أي خطوات من جانب شركة «أوليمبوس» لحقن الشركة برؤوس أموال جديدة الجهود المبذولة من جانب الرئيس التنفيذي السابق، مايكل سي وودفورد، للعودة إلى إدارة الشركة بمجموعة جديدة من المديرين. يذكر أن وودفورد، الذي يحمل الجنسية البريطانية، قد فصل من الشركة في منتصف أكتوبر بعد استجوابه مجلس إدارة «أوليمبوس» بشأن سلسلة مدفوعات ضخمة في عمليات استحواذ، والتي تبين لاحقا أنها جزء من عملية التستر.

وذكر وودفورد أنه قد استقدم أعضاء «مؤثرين» من مجتمع العمل الياباني للانضمام إلى مجلس إدارته المرتقب ووضع خطط لجمع رأسمال، إما من خلال الأسهم الخاصة أو حقوق الاكتتاب.

ويعتزم وودفورد تقديم مرشحيه الجدد لمجلس إدارة «أوليمبوس» في اجتماع المساهمين الذي وعد مسؤولو الشركة بعقده في مارس (آذار) أو أبريل (نيسان). وإذا حصل على القدر الكافي من الدعم من جانب المساهمين الأجانب، يمكنه أن يلزم بإجراء تصويت مبكر.

على الرغم من ذلك، فإن محاولة وودفورد العودة لن تفلح إذا عمدت شركة «أوليمبوس» إلى التقليل تقليص حقوق تصويت المستثمرين الأجانب قبل ذلك.

وقد رفضت شركة «أوليمبوس» التعليق بشأن أي خطط لجمع رأسمال.

وقالت في بيان أصدرته يوم الأربعاء بعد مداهمة ممثلي الادعاء اليابانيين مقرها، إنها ستتعاون بشكل كامل مع المحققين. «نعتذر بشدة مجددا عن المشكلات الفادحة التي سببناها للمساهمين والمستثمرين والعملاء وآخرين»، جاء هذا في بيان «أوليمبوس».

هذا ويعكف المحققون على دراسة ما يدعون أنه نظام للتستر على الخسائر التي بدأت في تسعينات القرن العشرين ببيع أصول سيئة إلى صناديق استثمار وغيرها من الكيانات الأخرى، ثم تسوية تلك الخسائر من خلال مدفوعات مغطاة في صورة رسوم استحواذ.

وقد داهم المحققون يوم الأربعاء منزل تسويوشي كيكوكاوا، الذين كان حتى نهاية أكتوبر يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة وهو متهم بالتورط عملية التستر أثناء مدة توليه منصبه بالشركة التي استمرت لفترة طويلة. وقد دوهمت أيضا مكاتب ثلاث شركات، هي «هومالابو» و«ألتيس» و«نيوز تشيف»، التي استخدمت في عملية التستر، بحسب تقارير إخبارية محلية.

ومن المتوقع أن يركز التحقيق من قبل هيئة مراقبة الأوراق المالية والبورصة في اليابان ومكتب نائب عام طوكيو وقسم شرطة طوكيو على دور كيكوكاوا واثنين آخرين على الأقل من المسؤولين التنفيذيين الذين تورطوا في فضيحة تزوير الحسابات.