الأمين العام للغرفة العربية اليونانية لـ «الشرق الأوسط»: عملة اليورو جاءت نعمة ونقمة معا على الشعب اليوناني

محمد عز الدين الخازمي: نظرة التشاؤم تجاه الاقتصاد الأوروبي ستكون لها تأثيرات سلبية على العالم العربي

محمد الخازمي
TT

السبت المقبل، ينهي محمد عز الدين الخازمي الأمين العام للغرفة العربية اليونانية للتجارة والتنمية 9 سنوات، قضاها في الغرفة، استطاع خلالها تحقيق الكثير من الإنجازات، من أهمها وضع الغرفة في مقدمة الغرف العربية المشتركة على الصعيد المحلي والإقليمي على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها اليونان. وفي حديث شامل لـ«الشرق الأوسط» ذكر الخازمي أن عودة اليونان لعملتها الوطنية القديمة الدراخما ربما يكون الحل، ولكن سيكون الثمن اقتصادا منهارا تماما وستفقد كل المدخرات والودائع باليورو قيمتها الحقيقية وتدخل البلاد في دوامة لها أول وليس لها آخر.

وعن تراجع الاحتياط النقدي المصري ذكر أنه غير مطمئن وأن عاقبته سوف تضر بجميع اقتصاديات المنطقة نظرا للدور المحوري الذي تلعبه مصر، وحول التضييق الاقتصادي أو العقوبات على سوريا، أكد أنه سيضر في المقام الأول بالشعب السوري، موضحا أن هناك نظرة تشاؤمية تجاه الاقتصاد الأوروبي بصفة عامة وأن ذلك بلا شك سوف تكون له تأثيراته السلبية على العالم العربي.

و هذا هو نص الحوار:

* ما إنجازات الغرفة خلال التسعة أعوام تحت قيادتك؟

- بحمد الله وتعاون الجميع، أنجزنا ونفذنا العديد من المبادرات والفعاليات الاقتصادية والتجارية، وقد ساهمت صحيفتكم الغراء «الشرق الأوسط» في نشر العديد من تلك النشاطات، فقد ركزنا في البداية على أهمية أن تكون الغرفة أهم مصدر، إن لم تكن المصدر الرئيسي، للمعلومات الاقتصادية والتجارية حول كيفية التعاون والتعامل مع البلاد العربية، ولذلك فقد بنينا قاعدة بيانات مهمة لهذا الغرض مما ساهم في جذب الكثير من الأعضاء للغرفة، أيضا تبنينا سياسة تقارب وتواصل مباشر مع مجتمع الأعمال من خلال تنظيم ورشات العمل والوفود التجارية والمعارض واللقاءات الثنائية والزيارات الميدانية بحيث تكون دائما إلى جانب أصحاب الأعمال الذين يحتاجون للغرفة للانفتاح والاستثمار في بلادنا العربية وخلال هذه السنوات التسع نجحنا بفضل الله في تحقيق أكثر من ثمانية عشـر وفدا تجاريا والعديد من الندوات والمؤتمرات والمنتديات والمعارض، وبالإضافة إلى ذلك كان لدى الغرفة حضور في المجال الثقافي والحضاري والسياحة والتعليم لكي نسهم في تطوير كل جوانب التعاون العربي اليوناني، أيضا تم إطلاق أول موقع إلكتروني للغرفة باللغات الثلاث العربية واليونانية والإنجليزية ليكون بوابة مهمة للعرب واليونانيين للأعمال والتبادل التجاري.

* بعد كل هذه السنوات والأنشطة.. هل أنت راض عما حققته من إنجازات؟

- نحن راضون مع أن طموحنا ما زال كبيرا لتحقيق وإنجاز الكثير، ولكن وعلى الرغم من كل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي مرت بها اليونان والبلاد العربية خلال التسع سنوات الماضية استطعنا أن نكون في مقدمة الغرف العربية المشتركة على الصعيد المحلي والإقليمي.

* الاقتصاد المصري والاحتياط النقدي يتجه إلى انخفاض مستمر. ما تعليقك؟

- في الحقيقة هذا شيء لا يطمئن ليس فقط على الاقتصاد المصري، ولكن على اقتصاديات المنطقة لما لمصر من دور محوري ومركزي كونها الدولة الأكبر عربيا وموقعها الاستراتيجي مما يحتم على صناع القرار فيها أن يدركوا هذه الحقيقة ويعملوا كل ما في وسعهم لتجنيب الاقتصاد المصري مزيدا من التدهور وانخفاض الاحتياطي النقدي الذي سوف يؤدي إلى هجرة الاستثمارات الأجنبية والعربية وضعف الاقتصاد، طبعا مرد ذلك إلى نتائج الربيع العربي والثورات التي خرج فيها الشباب إلى الشارع مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وهذه مطالب مشروعة نتأمل من المسؤولين أن يستمعوا إلى مطالب الشعب والتجاوب معها بعقلانية وبشفافية حتى نرى مصر مرة أخرى تنهض اقتصاديا وسياسيا وتكون في المكان الذي يليق بها.

* ما الأشياء التي قمت بعملها في الغرفة وتفتخر بها؟

- بلا شك هناك الكثير الذي أفتخر به خلال عملي بالغرفة ولكن الأهم على الإطلاق هو أننا استطعنا أن نطور ونحسن مقر الغرفة حيث أصبحت مكاتب يضرب بها المثل في الحداثة والتنظيم وكذلك جمعنا بين الأعمال والثقافة بحيث صارت ممرات ومكاتب الغرفة مثل معرض فني عربي مفتوح يضم العديد من الأعمال واللوحات الفنية التي أتت إلينا من البلاد العربية لتعطي أجواء عمل ولقاءات إيجابية ومنتجة. أما على صعيد النشاطات الاقتصادية فإنني أفتخر بكوني أطلقت ونظمت المنتدى الاقتصادي العربي اليوناني الذي عقد ثلاث مرات متتالية وبنجاح كبير في الأعوام، 2006 – 2008 – 2010. وقد صاحب المنتدى معرض تجاري ولقاءات ثنائية وحفلات موسيقية، هذا المنتدى حظي بأعلى دعم ورعاية من الحكومة اليونانية والشركات اليونانية والعربية ورجال الأعمال والمسؤولين في البلاد العربية واليونان، وقد كان مجموع المشاركين في دوراته الثلاث يقارب 2000 مشارك من العرب واليونانيين حيث عقدت العديد من الصفقات والمشاريع المشتركة، وأتمنى لهذا المنتدى أن يستمر في السنوات المقبلة كمنصة أساسية لتطوير التعاون العربي اليوناني، ورسالتي للإدارة الجديدة للغرفة بضرورة تطوير المنتدى وتبني فكرة تنظيمه سنويا.

* ما وجهة نظرك تجاه التضييق الاقتصادي على سوريا من الجانب العربي ومن جانب الدول الأوروبية؟

- بلا شك أي نوع من التضييق الاقتصادي أو العقوبات والمقاطعة سيضر في المقام الأول بالشعب ويؤثر على مستوى المعيشة سلبيا ويسهم في ارتفاع الأسعار والتضخم وما إلى ذلك ونحن نعلم ذلك جيدا، وفي الحالة السورية بالتأكيد هناك آثار سلبية لهذه الإجراءات العربية والأوروبية، ولكن هذا أيضا مرتبط بتطورات الوضع السياسي الداخلي في سوريا ومدى تجاوب السلطة في إيقاف العنف وتجنب القتل والاعتقالات، فكلنا يعلم أن هناك حراكا شعبيا في داخل سوريا، والجماهير لديها مطالب في التغيير والحرية ومستوى حياة أفضل وللأسف سقط بسبب ذلك الكثير من الضحايا، وهذا أثار ردود فعل عنيفة ليس فقط في أوروبا بل أيضا على مستوى الجامعة العربية، ولكن الجانب العربي لديه أمل كبير في أن يتجاوب النظام السوري مع المطالب العربية المنبثقة عن الجامعة العربية لإيجاد انفراج في الأزمة وعدم تدويلها، وأعتقد مؤخرا تم ذلك التجاوب السوري مع مطالب الجامعة راجين أن يتم التنفيذ حسبما تم الاتفاق عليه لأن سوريا لها موقعها الجيوستراتيجي في المنطقة، وكذلك فإن اقتصادها معتمد كثيرا على الانفتاح الخارجي من تصدير واستثمارات عربية وأجنبية فالحكمة تقتضي عدم التصعيد والنظر للمستقبل لأن الخريطة السياسية عربيا تتغير والشعوب أصبحت لديها قدرات على التغيير والتضحية من أجله.

* هل فعلت شيئا ترى أنه سلبي أو تمنيت أن لم تفعله خلال رئاستك للغرفة؟

- ربما الشيء السلبي الذي فعلته في الغرفة هو أنني لم أبذل جهدا كافيا للتعريف بقضية الشعب الفلسطيني خاصة من الناحية الاقتصادية ومعاناته بسبب الاحتلال الإسرائيلي، حتى نكشف لمجتمع الأعمال الأوروبي وخاصة اليوناني حجم المعاناة والتضييق الاقتصادي والحصار على أهلنا في فلسطين.

* ما الشيء الذي تشعر الآن أن الوقت لم يسعك ولم تفعله للنهوض بالغرفة؟

- إنشـاء منظومة متكاملة تكمل عمل الغرفة تتركز على إنشاء أكاديمية عربية يونانية للدراسات العربية والإسلامية في اليونان، وتكوين مركز قانوني للتحكيم التجاري والتوفيق والوساطة وحل الخلافات التجارية، أيضا إنشاء معرض عربي دائم للمنتجات والخدمات يكون مقره في اليونان، بالإضافة إلى فتح فروع للغرفة في شمال اليونان وجزيرة كريت وعدد من العواصم العربية، أيضا إصدار قاموس عربي يوناني حديث.

* ما وجهة نظرك تجاه الاقتصاد الليبي؟

- إن مستقبل ليبيا الاقتصادي بالتأكيد يواجه العديد من التحديات والصعوبات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ولعل أهمها الشأن الداخلي من بسط الأمن والسيطرة الكاملة على المنافذ البرية والبحرية والجوية وتفعيل النظام القضائي ومن ثم تحقيق المصالحة والعفو ورد المظالم والاقتصاص ممن قتلوا وساهموا في قتل الليبيين وتعذيبهم وسجنهم وسرقة المال العام والإفساد، بعد ذلك يمكن لليبيا أن تتحول إلى بلد جاذب للأعمال والاستثمار والشراكات مع العرب والأجانب نتيجة لما تزخر به ليبيا من ثروات هائلة نفطية وغازية ومعدنية وموقع استراتيجي على المتوسط بشاطئ يبلغ 1900 كيلومتر، مما يعني ثروات سمكية وبحرية، أيضا تشكل ليبيا منطقة جذب سياحي بكر مقارنة بالمناطق المجاورة مثل مصر وتونس واليونان؟

* كيف يتم ذلك والبنية التحتية دمرت أثناء الصراع مع القذافي وقواته؟

- نعم تم تدمير كثير من المشاريع والمؤسسات، ولذلك ليبيا تحتاج حاليا إلى بنية تحتية ومشاريع إسكان ومنتجعات وفنادق على الساحل أو في الصحراء الجميلة بواحاتها وجبالها والحضارة المتنوعة بهذه الصحارى من جبل اكاكوس وحضارة جالجرمنت وقرزة والحضارات الرومانية والإغريقية والإسلامية والعثمانية. إذن وحسب التوجه العام لليبيين والحكومة سيكون الاقتصاد الليبي اقتصادا حرا منفتحا يلعب القطاع الخاص فيه دورا أساسيا بالإضافة إلى مشاريع الدولة الاستراتيجية.

* ما توجهاتك بعد إنهاء خدمتك في الغرفة هنا في أثينا؟ وبما أنك ليبي الجنسية.. هل لك من دور اقتصادي مستقبلي؟

- طبعا أنا كدبلوماسي محترف أود أن أضع كل خبرتي ومعرفتي بخدمة وزارة الخارجية الليبية والحكومة الليبية خاصة في مجال جذب الأعمال والاستثمارات والتعاون الدولي بناء على علاقاتنا المتنوعة عربيا وأوروبيا بمجتمعات الأعمال والمستثمرين، ولكن وبحكم العمل بالغرفة العربية اليونانية طيلة هذه السنوات فهناك رغبة شديدة لاستثمار ذلك للعمل في المجال الخاص كوني محاميا ومستشارا قانونيا ومع ذلك فكل الخيارات مفتوحة لخدمة بلادي ليبيا بعد سنوات في العمل العربي المشترك الذي للأسف ما زال يعاني من تأثيرات القرارات السياسية وضعف دور المؤسسات العربية على كثرتها بسبب الإرادات السياسية والتنافس العربي المبني على عدم إدراك المصلحة الاستراتيجية لنا كعرب، مما أضعف تمثيلنا وقدرتنا على أن نكون قوة تفاوضية تقترب من الاتحاد الأوروبي.

* بما أنك تحدثت عن الاستراتيجية العربية.. ما وجهة نظرك تجاه أنشطة مجلس التعاون الخليجي؟

- هنا أحيي الدور والمبادرات التي يقوم بها مجلس التعاون الخليجي، ولعل أهمها مؤخرا دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لقادة الخليج للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهذا يدل على وضوح الرؤية وإدراك للمستقبل من السعودية بأهمية الاتحاد والتكتل اقتصاديا لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة وتوفير مستقبل أفضل للأجيال المقبلة وكم كنت أتمنى أن تأخذ الجامعة العربية هذا الاتجاه.

* كيف ترى مستقبل الاقتصاد الأوروبي وأزمة اليورو؟ وهل لها تأثير على العالم العربي؟

- هذا سؤال عميق جدا ويحتاج إلى وقت وشرح من المتخصصين، ولكن أقول إن مستقبل الاقتصاد الأوروبي في ظل ما يعصف به من أزمات وتداعيات، ليس اقتصادا مبشرا بل في رأيي أن هناك نظرة تشاؤمية لهذا الاقتصاد لأن التحديات كبيرة وليست بالسهولة مواجهة تلك التداعيات والأزمات المالية بمجرد قرارات أو مبادرات لأن الواقع غير ذلك تماما.

وهذا بالتأكيد ستكون له تأثيرات سلبية على عالمنا العربي من حيث تدفق الاستثمارات ومن حيث المبادلات التجارية والأصول العربية في المؤسسات المالية الأوروبية، وإذا لم يتخذ العرب إجراءات تحوطيه فربما يفقدون جزءا كبيرا من أصولهم المالية وبالمقابل مطالبون نحن العرب بخلق أوضاع اقتصادية أفضل في منطقتنا لاستثمار هذه الأموال لدينا ونسهم في رفع مستوى المعيشة والاستقرار.

* كيف اندلعت الأزمة المالية في اليونان.. وما هي طريقة مواجهتها من وجهة نظرك؟

- إن الأزمة المالية اليونانية ليست وليدة اللحظة وإنما هي تراكمات لسنوات عديدة من الفساد المالي وعدم الشفافية بالإضافة إلى إعطاء بيانات مالية غير دقيقة في سنوات سابقة بغية انضمام اليونان إلى منطقة اليورو، هذا أيضا فضلا عن تضخم القطاع العام والإنفاق الحكومي الهائل، هذه الأسباب وغيرها كانت شرارة اندلاع هذه الأزمة، ومما زاد الأمور سوءا أن كل الحكومات السابقة لجأت للاقتراض بفوائد مرتفعة لإظهار أن اليونان لديها مؤشرات نمو عالية حيث ظهر أنها للأسف غير حقيقية، كل ذلك سبب خلق أزمة عمل وبطالة وأزمة سياسية وردود فعل عنيفة اجتماعية داخل المجتمع اليوناني وكل الحكومات السابقة والحالية مسؤولة عن ذلك، وللأسف لا توجد محاسبة ومساءلة صارمة لمن كانوا وراء هذه الأزمة، أما فيما يتعلق بطريقة المواجهة في تصوري، بعيدا عما تقوم به الحكومة الآن من فرض الضرائب والرسوم والتقشف، وهذه الإجراءات أثبتت أنها فاشلة في تحقيق المطلوب، فأرى من وجهة نظري أن على اليونان أن تنفتح أكثر على العالم، وبخاصة عربيا، وأن تتخلص من البيروقراطية المزمنة وتخفض ضرائب الشركات، وأن تجذب المزيد من الأعمال والاستثمارات بإجراء تعديلات جوهرية على قوانينها لتكون بيئة صديقة للأعمال والاستثمار، أيضا فتح باب السياحة من خلال تسهيل الحصول على التأشيرات للسياح ورجال الأعمال، لأن اليونان لها أهميتها وموقعها وتزخر بالإمكانات السياحية والتجارية والملاحية الكبيرة، وهذا ما تنادي به الغرفة العربية اليونانية ونادت به من خلال ما طرحناه على الحكومة من مبادرة مؤخرا تتضمن عددا من النقاط الهامة نعتقد أنها لو طبقت ستسهم في خلق تنمية وجذب رؤوس أموال عربية ولكن للأسف حتى الآن الحكومة لم تتجاوب مع هذه المقترحات بالشكل الذي كنا نتوقعه.

* ما حجم التبادل التجاري بين اليونان والعالم العربي في بداية توليك قيادة الغرفة والآن بعد فترة نهاية خدمتك؟

- إن حجم المبادلات التجارية العربية اليونانية بالتأكيد في كل الأحوال لا ترتقي إلى مستوى العلاقات الممتازة والصداقة بين الجانبين، ولكنها أي المبادلات تتأثر سلبيا وإيجابيا بما مرت به وتمر به المنطقة العربية واليونان. ففي عام 2002 سجل حجم المبادلات التجارية تصديرا واستيرادا بين البلاد العربية مجتمعة واليونان ما مجموعه 2.223 مليار دولار. أما في عام 2010 فقد بلغ 6.684 مليار دولار أميركي، أي أن المبادلات تضاعفت مرات عديدة خلال هذه السنوات التسع، هذا فضلا عن أنه في العام الحالي 2011 وخلال السبعة أشهر الأولى بلغ حجم المبادلات التجارية العربية اليونانية 4.742 مليار دولار في حين كانت المبادلات التجارية للفترة الزمنية نفسها من عام 2010 ما مجموعه 3.683 مليار دولار أميركي. وللعلم فإن الميزان التجاري العربي اليوناني دائما يميل لصالح البلاد العربية، وتحتل مصر وليبيا والإمارات والسعودية والجزائر قائمة أهم الدول المصدرة والمستوردة مع اليونان، وكل هذه الأرقام تلاحظون أنها متطورة وللأفضل والحمد لله، وربما تكون نتائج نشاطاتنا العديدة وخدماتنا التي ساهمت ولو بشكل بسيط في حدوث هذه التفاعلات والمبادلات التجارية.

* هل لاقيتم تعاونا وترحيبا أثناء قيامكم بالأنشطة سواء من الجانب العربي أو اليوناني؟

- نعم كان هناك ترحيب وتعاون وتنسيق من الجميع دون استثناء على أعلى وأفضل المستويات، ودون ذلك ما كنا لننجح في أعمالنا ولا أنسى دور الإعلام والصحافة في إظهار هذا التعاون والنشاطات لا سيما صحيفة «الشرق الأوسط» التي انفردت بعدد من الأخبار والنشاطات.

* هل واجهتم تعقيدات معينة في محاولات دعم التبادل الاستثماري والتجاري بين الجانبين العربي واليوناني وما هي؟

- حقيقة، التعقيدات تركزت للأسف في البيروقراطية داخل اليونان وكثرة الإجراءات وتعدد الجهات التي تشرف على موضوع الاستثمار وغيرها، وهذا بلا شك خلق نوعا من الربكة لدى الجانب العربي في بناء علاقة شراكة واستثمار نتيجة ذلك، وقد نصحنا الحكومة اليونانية وطالبناها من خلال المقترحات التي أشرت إليها سابقا وقدمت للجانب اليوناني وتتمثل في توفير أدوات مناسبة لخلق تنمية مستقبلية مع كل ما يتطلبه ذلك من جرأة وعزيمة على مواجهة البيروقراطية وتسهيل الإجراءات الإدارية والأوراق ومنح التأشيرات وتخفيض الضرائب ودعم الغرفة العربية اليونانية لتكون بوابة الأعمال للعرب واليونانيين، وكذلك ضرورة قيام الحكومة اليونانية باتخاذ مبادرات محددة في مجالات مثل الطاقة والسياحة والملاحة والتعليم والثقافة وذلك لجعل اليونان مركزا استراتيجيا لهذه القطاعات، أيضا طالبنا الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة تسهم في التقارب الثقافي والديني من خلال تنفيذ مشروع بناء المسجد والمركز الإسلامي الذي طال الانتظار لرؤيته يتحقق في أثينا التي تعتبر العاصمة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لا يوجد بها مسجد رسمي للمسلمين المقيمين في اليونان والسياح والزوار.

من جهة أخرى أنصح الجانب العربي، خاصة أن اليونان تعيش هذه الأزمة، أن يبادروا للاستفادة من الفرص المتاحة وأركز على أهمية نقل التقنية وتوطينها عربيا وجذب أكثر للشركات والمصانع للانتقال والاستثمار في المناطق الحرة والمناطق الصناعية في بلادنا، وهذا يتطلب جهدا عربيا أكبر للترويج وعقد اللقاءات والزيارات لإقناع أصحاب الأعمال اليونانيين بالامتيازات والفرص في بلادنا.

* ما وجهة نظرك حول عملة اليورو وهل جاءت نعمة أم نقمة على اليونان؟ وهل من مصلحة اليونان العودة إلى الدراخما؟

- سؤال مهم ويطرح دائما، ولكني أقول إن عملة اليورو كانت نعمة ونقمة معا، واليونانيون يعيشون لعنة اليورو الآن، نتيجة عدم استثمارهم بشكل فاعل وجدي عند دخولهم لليورو، حيث غيروا أنماط المعيشة ورفعوا الأسعار وتكاسلوا عن الإنتاج والإبداع، والآن أصبح من الصعب عليهم التراجع ولذلك نشهد سخطا شعبيا كبيرا ومطالبات بالعودة للدراخما، إن العودة للدراخما ربما تكون الحل ولكن سيكون الثمن اقتصادا منهارا تماما وستفقد كل المدخرات والودائع باليورو قيمتها الحقيقية وتدخل البلاد في دوامة لها أول وليس لها آخر، وهناك من يرى أن العودة للدراخما ستسهم في دفع الصادرات وخفض تكاليف الحياة وغيرها، ولكن للأسف الاتحاد النقدي الأوروبي لا توجد به طريقة لإخراج دولة ما من منطقة اليورو على الأقل حتى الآن، ولذلك تتركز كل المعالجات على عدم جعل اليونان تفلس تماما وتنهار حتى لا ينهار صرح اليورو ومن بعده الوحدة الاقتصادية الأوروبية التي أنفق عليها الأوروبيون خاصة الدول الكبرى الكثير من المال والجهد.