رئيس مجموعة اليورو: ليست هناك أزمة يورو

وسط مخاوف عالمية من تفاقمها

TT

قال رئيس وزراء لوكسمبورغ، جان كلود يونكر، إنه لا يرى في الأزمة الحالية في دول منطقة اليورو خطرا على اليورو.

وفي تصريح مع راديو برلين براندبورغ «بي بي آر» صباح أمس الثلاثاء، قال يونكر الذي يرأس مجموعة اليورو، إنه لا توجد أزمة عملة، بل أزمة ديون في عدد من الدول الأعضاء بمنطقة اليورو، مضيفا: «لا بد من خطط متماسكة جدا لتعزيز الموازنات، وجار تطبيق هذه الخطط، وإن كان متأخرا».

وأشار يونكر إلى أن القادة الأوروبيين اعتمدوا ما يكفي من الشروط واللوائح الإضافية عند اعتماد المعاهدة التي قام عليها اتحاد منطقة اليورو، مضيفا: «أنتقد الحكومات التي لم تلتزم بهذه القيود، لقد كانت الوسائل متوفرة ولكنها لم تستخدم بشكل صحيح.. من المهم الآن الإقدام على المزيد من أوروبا وأن نتماسك، لأن ثقل أوروبا في الاقتصاد العالمي سيتراجع أكثر خلال العقود المقبلة».

وقد أدى اليورو منذ اعتماده قبل عشر سنوات إلى تحفيز التبادل التجاري بين الدول التي تبنته وساهم في احتواء التضخم، لكن انعكاسه على النمو لم يكن بمستوى التوقعات نظرا لقلة التنسيق بين السياسات الاقتصادية لمختلف الدول، برأي خبراء اقتصاد التقتهم وكالة الصحافة الفرنسية.

ما هي فوائد العملة المشتركة بالنسبة لاقتصادات دول منطقة اليورو؟ ذلك السؤال المطروح يبدو للوهلة الأولى مثيرا للسخرية في ظل أزمة الديون الحالية.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية يقول رئيس قسم الاقتصاد في مصرف كومرتسبانك الألماني، يورغ كريمر، ساخرا ردا على هذه النقطة: «فوائد؟ أجل، لا بد أن تكون هناك فوائد»، وتضيف انياس بيناسي - كيري، مديرة مركز الدراسات الاستقصائية والمعلومات الدولية في فرنسا: «إنها لا تظهر بشكل جلي اليوم».

والواقع أن الأحداث التي نشهدها حاليا تندرج ضمن حصيلة اليورو، لا سيما أنها سلطت الضوء على الثغرات في الاتحاد النقدي وأبرزها الحوكمة والاندماج الاقتصادي.

فاعتماد العملة الأوروبية لم يكن بحد ذاته خطوة سيئة.

وقالت انياس بيناسي - كيري استنادا إلى دراسات أجريت مؤخرا إن اليورو «حفز حركة التبادل بين الدول التي اعتمدته، ليس بشكل هائل ولكن بمستوى 6 في المائة».

كما أن الانتقال إلى العملة الموحدة كان له تأثير على التضخم.

وأشار الخبير الاقتصادي في جامعة بوكوني في ميلانو، فرانشيسكو جيافاتزي، إلى أنه في مرحلة أولى «استفادت الشركات في القطاعات التي لا تتمتع بقدرة تنافسية كبيرة من الانتقال إلى اليورو لرفع أسعارها»، لكن انياس بيناسي - كيري لفتت بهذا الصدد إلى أن أسعار مواد الاستهلاك اليومي، مثل القهوة والخبز، هي التي سجلت ارتفاعا وليس المواد الأخرى، ما أعطى الناس «الانطباع الخاطئ بأن اليورو أدى إلى ارتفاع الأسعار».

والواقع بحسب الخبيرة الاقتصادية الفرنسية أنه «من معيار استقرار الأسعار، فإن الحصيلة إيجابية للغاية»، حيث بقي متوسط التضخم بمستوى 2 في المائة.

وقال زميلها الألماني إن «دول جنوب أوروبا استفادت بتسجيلها تضخما ضعيفا بالمقارنة مع توجهها التاريخي، وهذا تقدم كبير».

كما أن زوال مخاطر تقلب أسعار العملات عزز اندماج السوق الأوروبية.

وبموازاة ذلك، سجلت معدلات الفائدة انخفاضا كبيرا بفضل تثبيتها لجميع دول منطقة اليورو بمستوى الفوائد الممنوحة للدول الأكثر ملاءة من بينها مثل ألمانيا، بما في ذلك بالنسبة للدول التي كانت تقترض بنسب عالية، وهو ما كان ضمن أهداف إقرار اليورو.

وقال يورغ كريمر إن معدلات الفوائد الفعلية بعد تصحيحها على ضوء نسبة التضخم «تراجعت بشكل أكبر».

أما في الدول التي احتفظت بنسب تضخم أعلى بقليل من المعدل نتيجة حيوية اقتصادية مثل إسبانيا، فقد أدت هذه الظاهرة إلى نسب فوائد فعلية سلبية شجعت على الاقتراض وأدت إلى «فورة عقارية».

وأوضحت انياس بيناسي - كيري: «كنا نتوقع هذا التباين»، مضيفة: «بما أن السياسة النقدية هي نفسها للجميع، فإن معدلات الفائدة الاسمية تكون متساوية، غير أن معدلات الفائدة الفعلية تتفاوت».

ومن فوائد اليورو الأخرى، بنظر فرانشيسكو جيافاتزي، أنه جعل من المستحيل على الحكومات التي كانت تنتهج تخفيض سعر عملتها الاستمرار في هذا النهج، وقال إن «إيطاليا تخلت مؤخرا عن فكرة أن في وسعها التعويض بشكل مصطنع عن قصورها في مجال القدرة التنافسية من خلال تخفيضات متعاقبة في سعر عملتها».

وبذلك اضطرت الدول والشركات نفسها، بحسب الأستاذ الجامعي الإيطالي، إلى التعامل مع «إنتاجيتها الحقيقية»، ما جعل أي أخطاء في السياسة الاقتصادية «أكثر جلاء وأعلى تكلفة»، لأن الدول «لم تعد تملك إمكانية تخفيض سعر عملتها».

وكان يجدر بذلك، بحسب الخبراء الاقتصاديين، أن يحض الحكومات على إجراء إصلاحات بنيوية لتحرير أسواق المنتجات والعمل، غير أن ذلك لم يحصل على الدوام.

وقال يورغ كريمر إن «النقاط التي تم تعدادها هي بطبيعتها مواتية للنمو، غير أن السياسيين لم يحترموا روحية الاتفاقيات، فسمحوا لدول مثل إيطاليا واليونان لم تكن تستوفي المعايير بالدخول إلى اليورو».

أما زميلته الفرنسية فرأت أنه «إن لم يكن اليورو حقق كل المكاسب التي كنا نتوقعها منه، فهذا يعود بجزئه الأكبر إلى الحكومات»، موضحة أن «السنوات العشر الأولى تلك سجلت فشلا في تنسيق السياسات الاقتصادية»، ما يعتبر من المسببات الرئيسية للأزمة الحالية.