خبراء: الميزانية السعودية ركزت على المشاريع التنموية ورفاهية المواطن

الدين العام للمملكة انخفض إلى 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي

TT

أظهرت الميزانية العامة للسعودية ملامح بارزة في وجهة الاقتصاد السعودي خلال النصف الأول من العقد الحالي، وهي الفترة التي تتزامن مع الخطة الخمسية الحالية، وبدا واضحا التصميم السعودي على استمرار التوسع في الإنفاق دعما لمشاريع التنمية التي يعول صناع القرار عليها كثيرا في إحداث فارق كبير خلال السنوات القليلة المقبلة.

وأفصحت الأرقام التي أعلنتها الرياض في الميزانية العامة للدولة عن أن التركيز الأكبر ليس على الدخل وإنما على استثمار الموارد، وهو ما يبرر تركيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على الإنفاق، إلى درجة الاستمرار في السنوات الأخيرة على تحطيم أرقام الإنفاق في بنود الميزانية.

ويحسب لصناع القرار في السعودية تطبيق «منهج حذر الكيّس الفطن، وتحديد الأهداف طويلة الأمد وقصيرة الأمد، واحترام عامل الزمن»، وهو المنهج الذي استمرت عليه الدولة منذ بداية القرن الحالي، مما أدى إلى تجنيب الاقتصاد السعودي تداعيات الأزمات المالية العالمية. لكن بدا واضحا أن أكثر ما يؤرق الشارع السعودي هو ما سينتج عن التدفقات النقدية من ارتفاع في مستويات التضخم، وهو ما يضع السلطة التنفيذية أمام تحديات بالغة الصعوبة، ما يعني ضرورة الإيعاز لوزارة التجارة والصناعة بمضاعفة العمل للتحوط ضد التبعات التي قد تنتج عن ارتفاع مستوى عرض النقود خلال الفترة القريبة المقبلة.

وفي هذا الخصوص أوضح لـ«الشرق الأوسط» المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أنه «لو كان لوزارة التجارة دور رقابي حازم لساعد مسيري السياستين المالية والنقدية على ضبط التضخم المحلي». وقال إن «هناك جزءا لا يستهان به من غلاء المعيشة في السعودية يعزى إلى ضعف الرقابة في الأسواق». وذهب إلى أن «أرقام الميزانية الضخمة قد لا تعني شيئا للمواطن ما لم يتلمس انعكاساتها الإيجابية على حياته المعيشية، لذا نجد أن خادم الحرمين الشريفين شدد في توجيهاته للوزراء على أهمية أن تحقق الميزانية الرخاء للمواطنين مع حمايتهم من التضخم. أعتقد أنه من الأجدى القول بجودة الميزانية وكفاءتها بدلا من التركيز على أرقامها؛ فالكفاءة تعني إنجاز المشاريع وتنفيذ أهداف خادم الحرمين الشريفين فيما يتعلق بالتنمية».

وأفاد بأن أهم المؤشرات التي يمكن النظر من خلالها لميزانية الدولة، إن استطاعت السعودية أن تواصل في محافظتها على الإنفاق التوسعي، والإنفاق على مشاريع التنمية، وخفض كبير للدين العام حتى وصلت به إلى مستويات تقارب 6.3 في المائة (135 مليار ريال) من مجمل الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان يمثل 96 في المائة في عام 2001 (643 مليار ريال)، إضافة إلى نجاحها في بناء احتياطيات مالية، تستفيد منها إذا ما تغيرت الظروف. وقال «إن بركة الراعي في بر الرعية والأسلوب التنموي في البر الذي ينتهجه الملك عبد الله بن عبد العزيز في الإنفاق على الشعب، ومشاريع الحرمين الشريفين، والتنمية أحسب أنه سبب من أسباب الخير والبركة التي أنعم الله بها على هذه البلاد».

وشدد على أن اقتصاد المملكة اقتصاد ريعي، يعتمد على بيع النفط وأسعاره في الأسواق العالمية، ومن المؤكد أن القدرة على تطوير قطاع النفط والمحافظة على طاقة إنتاجية احتياطية، والقدرة التنافسية للمملكة تساعدها على بيع المزيد من النفط، والحصول على إيرادات إضافية لتمويل الميزانية، إلا أن ظروف السوق والاقتصاد العالمي قد يتسبب في انعكاسات سلبية على حجم الإيرادات مستقبلا، ما يجعلنا أكثر حاجة للبحث عن مصادر أخرى لتمويل الميزانية. وقال إن تنويع مصادر الدخل أمر استراتيجي يجب تحقيقه لخفض اعتماد الميزانية على إيرادات النفط. وبين أن التركيز الأكبر ليس على الدخل وإنما على استثمار هذا الدخل، بما يعود بالنفع على المواطن والوطن، لذلك وضح أن خادم الحرمين يركز كثيرا على التنمية والإنفاق، لذا فإن الجانب المهم في الميزانية تحقيق أرقامها على أرض الواقع.

وأوضح أن المملكة في أواخر التسعينات الميلادية شهدت انخفاضا حادا في موارد الميزانية، ما تسبب في تأخر اعتماد مشاريع التنمية لأسباب مالية، مما دفع بالدولة إلى الاستدانة من أجل تنفيذ الملح منها، مشيرا إلى أن تراكم مشاريع التنمية وطرحها في مدة زمنية قصيرة كان سببا من أسباب تغذية التضخم المحلي.

وأضاف بعد ذلك بدأت الموارد تزيد مما كان من الحكمة استثمارها في استكمال البنى التحتية، وتحقيق الخدمات التي تحقق الرفاهية للمواطنين، مبينا أنه من المؤكد زيادة نسب التضخم، ولكن من الضروري أن يكون ارتفاعا محدودا، وفي فترة زمنية محددة.

ويرى أن التحدي الأكبر لمسيري السياستين المالية والنقدية، يتمثل في إحداث تنمية تحقق رفاهية المواطن، إضافة إلى ضبط معدلات التضخم عند حدودها الدنيا، ولكنه اعترف أنها معادلة صعبة، إلا أنه يمكن تحقيقها.