الودائع المصرفية في البنك المركزي الأوروبي تصل لأعلى مستوياتها في 2011

بينما تمتنع البنوك عن إقراض بعضها بسبب تفاقم أزمة الثقة

TT

وصلت ودائع مصارف دول منطقة اليورو لأجل ليلة واحدة لدى البنك المركزي الأوروبي لأعلى مستوياتها في عام 2011 يوم الخميس الماضي، حيث وصلت إلى 347 مليار يورو (نحو 453 مليار دولار)، مقارنة بـ346.4 مليار يورو في وقت مبكر من الشهر الحالي. وذلك حسب ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وتعد هذه إشارة أخرى إلى أن أزمة الديون في القارة الأوروبية لا تزال تضع ضغوطا كبيرة على النظام المصرفي، على الرغم من الدعم المقدم من البنك المركزي، كما تعد إشارة إلى عدم الثقة بسوق الإقراض بين المصارف، حيث تقوم المصارف بجمع الأموال العاملة، مما يشير إلى أنها تقوم بإيداع الأموال لدى البنك المركزي بأسعار فائدة منخفضة لأنها تخشى من إقراض مصارف أخرى - خوفا من عدم قدرة تلك المصارف على السداد.

وتعاني أوروبا أزمة ديون طاحنة وسط مخاوف من عدم قدرة الحكومات المثقلة بالديون، مثل إيطاليا، على السداد، وهو ما يسبب الكثير من المتاعب للمصارف لأنها عادة ما تحتفظ بالسندات الحكومية. وقد تزايدت تلك الودائع، على الرغم من سماح البنك المركزي الأوروبي للمصارف باقتراض المبالغ التي تريدها لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ونتيجة لذلك قام 523 مصرفا باقتراض 489 مليار يورو، وهي أكبر مجموعة من القروض يمنحها البنك المركزي في تاريخ منطقة اليورو وبالتحديد منذ 13 عاما.

وقد كثف البنك المركزي الأوروبي من قروضه للمصارف بغية مساعدتها على تجاوز الأزمة، في الوقت الذي تجد فيه بعض المصارف صعوبة بالغة في الحصول على المال من أي مكان آخر، وبالتالي أصبح البنك المركزي الأوروبي هو الملاذ الأخير، وهو الدور النموذجي الذي تقوم به المصارف المركزية في أوقات الاضطرابات والأزمات.

وقد رفض البنك المركزي القيام بنفس الدور مع الحكومات من خلال شراء كميات كبيرة من السندات الخاصة بها، قائلا إنه يتعين عليها السيطرة على ديونها بجهودها الذاتية، لا أن تنتظر أن يتم إنقاذها من جانب البنك المركزي. وقد ظلت عائدات السندات الإيطالية أجل 10 سنوات مرتفعة ووصلت إلى 6.90 في المائة يوم الجمعة، وهو مؤشر آخر على أن الأسواق لا تزال تخشى من عدم قدرة إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، على سداد ديونها. وقبل امتداد الأزمة إلى إيطاليا، كانت البلاد قادرة على الاقتراض بفائدة أقل من 4 في المائة، كما حدث في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2010.

وتحاول الحكومات الأوروبية استعادة ثقة المستثمرين بسوق السندات عن طريق خفض العجز، وهي مهمة صعبة في ظل الاقتصاد متباطئ النمو. وقد حصل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي يوم الخميس الماضي على موافقة مجلس الشيوخ الإيطالي على حزمة من الإجراءات والتدابير لتوفير 30 مليار يورو في شكل تخفيضات إضافية وزيادة في العائدات بهدف انتشال إيطاليا من براثن أزمة الديون.

ومن جهتها، تحاول اليونان الوصول إلى اتفاق لخفض ديونها عن طريق إقناع حملة السندات بقبول تبادل السندات، وهو ما يعني تخفيضا بنسبة 50 في المائة في قيمة استثماراتهم. ومن الممكن أن يقبل حملة السندات بهذا الاتفاق بدلا من تكبد الخسائر الكبيرة التي ستنتج عن العجز عن سداد الديون بشكل غير منضبط وبصورة لم يتم الاتفاق عليها مسبقا. وفي مقابلة شخصية نشرت يوم الجمعة الماضية، صرح أحد صانعي السياسات البارزين في البنك المركزي الأوروبي بأن البنك قد يستخدم نفوذه لطبع نقود جديدة لشراء الأصول المالية في حالة تهديد الاقتصاد المتدهور لمنطقة اليورو بالانكماش.

وقد نقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» عن المسؤول، لورنزو بينيسماغي، الذي سيترك منصبه الأسبوع المقبل، قوله إنه لا يرى «أي سبب» وراء عدم لجوء البنك للتقنية التي يطلق عليها الاقتصاديون اسم «التخفيف الكمي». يذكر أن كلا من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا قد لجآ لهذه التقنية بعدما تم تخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، ووجدا أن الاقتصاد لا يزال بحاجة إلى المزيد من الحوافز.