أمير قطر: توزيع الدخل العالمي متحيز لصالح الأقلية

TT

القى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر في افتتاح المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة الكلمة التالية.

* أصحاب السعادة

* الحضور الكرام يسعدنا وجودكم في قطر بمناسبة انعقاد المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية واحدة من اهم المنظمات الدولية التي تأسست في القرن الماضي. ان انعقاد مؤتمركم في الدوحة وفي هذا الوقت بالذات له دلالات اقليمية ودولية هامة فضلا عن انه يفتح امامنا آفاقا شتى للعمل على تقوية النظام التجاري العالمي، عن طريق بلورة اسسه والتأكيد على مقوماته الضرورية حتى يساهم بفاعلية اكثر في فتح ابواب عالم يسوده الرخاء ويعمه الاستقرار وينعم بالتواصل والمحبة. وبلا شك فان النظام التجاري متعدد الاطراف قد ساهم في النمو الاقتصادي العالمي، كما انه مد يد العون لعدد من الدول النامية من اجل تعزيز تنميتها الاقتصادية والاجتماعية خاصة في العقدين الاخيرين، غير ان الايجابية جاءت متباينة ولم تشمل العديد من الدول النامية مما انعكس على توزيع الدخل عبر العالم الذي ما زال متحيزا لصالح الاقلية بشكل غير مقبول.

فمؤشر الاحصاءات يشير الى ان .8 في المائة من سكان العالم يستهلكون فقط ما يقارب 15 في المائة من موارده بينما تستهلك الفئة الباقية ما يعادل 85 في المائة من هذه الموارد. واذا كنا نرنو ونطمح لان تساهم منظمة التجارة العالمية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في العالم، فقد بات من الضروري الاخذ بعين الاعتبار احتياجات وتطلعات الدول النامية التي يشكل سكانها نسبة كبيرة من تعداد العالم، ومن اجل ان يتحقق ذلك يجب ان يعمل السادة الوزراء على ايجاد آلية فعالة ضمن منظمة التجارة العالمية تطرح امكانية جادة لهذه الدول خصوصا الاقل نموا للمساهمة في تطوير اسس النظام التجاري وتفسير دلالاته ضمن بوتقة تراعي الظروف الاقتصادية والمعطيات الاجتماعية والتقنية لهذه الدول مما يساعدها على تحقيق الاستفادة المرضية من هذا النظام في المستقبل.

ان هذا المؤتمر لهو فرصة سانحة للترحيب بانضمام اكثر من مليار من سكان العالم يمثلون اعضاء المنظمة الجدد حيث ان دخول هذا العدد الى منظمة التجارة العالمية يمثل خطوة هامة على طريق جعلها منظمة عالمية. ان انعقاد هذا المؤتمر في المنطقة العربية يعكس اهتمامها وارتباطها التاريخي بالتجارة الذي يعود الى قرون عديدة قبل الاسلام وبعده تمثلت في التبادل التجاري الواسع داخل المنطقة وخارجها مع الحضارات التي كانت قائمة في اوروبا وافريقيا وآسيا، ولعل من واجب القول ان الدول العربية بكل هذا الرصيد التاريخي وهذه الخلفية التجارية المتعمقة الجذور تستطيع الافادة والاستفادة من النظام التجاري العالمي. ان هذا المؤتمر يمنح دولة قطر فرصة للتعريف بنفسها ولتأكيد ان النظام الاقتصادي فيها هو نظام مفتوح ومرن يتوافق مع التوجهات العامة لمنظمة التجارة العالمية ويتمثل في حرية التبادل التجاري وتأمين اسس المنافسة العادلة وتشجيع الاستثمارات الاجنبية التي تولي دولة قطر اهمية كبرى لجذبها عن طريق ايجاد مناخ مناسب لها وتقنين شروط مشجعة ومرنة للمشاركة الاجنبية فيها.

* الحضور الكرام..

* ان مسؤوليتكم اليوم كبيرة فالمؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية يتزامن مع مرحلة قاسية شهدت فيها العديد من الدول ركودا وتباطؤا في اقتصادياتها وان الاهتمام سينصب نحوكم وستظل الانظار موجهة اليكم الى ان يتم التوصل الى اعلان وزاري يرضي جميع الاطراف اعلانا يتضمن اطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية في الدوحة تعزز الثقة في المنظمة وتمنح زخما قويا للمبادلات التجارية وتؤمن وتساعد في الوقت ذاته على تنشيط آلية الاقتصاد العالمي الذي يعتبر في امس الحاجة الى مثل هذه المبادرة. ان العالم في حاجة ماسة الى جولة جديدة تعطي للتنمية مكانة متميزة وترسخ مبادئ العدالة والانصاف في النظام التجاري المتعدد الاطراف وتفتح ابواب الاسواق على مصراعيها امام سلع الدول الاقل نموا وتساهم في ازدهارها.

وبالنظر للفرص المتعددة التي يطرحها هذا المؤتمر نأمل ان تعملوا جاهدين على انجاحه باتخاذ القرارات اللازمة لوضع برامج مستقبلية مناسبة امام منظمة التجارة العالمية تهدف بالاساس الى ترسيخ الحوار بين الامم والشعوب وتقوية النظام التجاري العالمي وجعله نظاما يقود الى الامن والاستقرار ويؤمن الرخاء للجميع. ان نجاح المؤتمر سيكون افضل برهان على ان كل الدول فقيرها وغنيها على السواء تعمل معا من اجل الوصول الى عالم اكثر عدالة وعلى ان التعاون والتفاهم المشترك هما الطريق لحل كل مشاكلنا.

* والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته