باريس تدرس ضريبة على المعاملات المالية.. ولندن تحذر من الالتفاف على معاهدة الدستور الأوروبي

تراجع مبيعات التجزئة في منطقة اليورو وهبوط مؤشر الثقة في الاقتصاد

بريطانيا في مقدمة الدول التي تعارض قانون الضرائب على المعاملات المالية الذي تدرسه باريس (أ.ف.ب)
TT

قال مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات)، إن مبيعات التجزئة في منطقة اليورو تراجعت بنسبة أكبر من المتوقع بلغت 0.8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، بالمقارنة بأكتوبر (تشرين الأول). وإن ارتفاع معدل البطالة يضر بمنطقة اليورو ويؤثر على المستهلكين. وبلغ معدل البطالة في المنطقة 10.3 في المائة من قوة العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي نفس النسبة المسجلة في أكتوبر، وبارتفاع طفيف عن مستواه قبل عام، وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إن ثقة المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) هبطت 0.7 في المائة في دول منطقة اليورو، وعددها 17 دولة. وأضافت أن مؤشرها للثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو تراجع 0.5 في المائة إلى 93.3، وتزامن ذلك مع مطالبة وزير المالية الياباني، جون أزومي، الاتحاد الأوروبي بمزيد من الجهود لاحتواء أزمة الديون السيادية وهبوط اليورو، الذي يضر ضعف قيمته في مقابل الين بالصادرات اليابانية. يأتي ذلك فيما تنظر الحكومة الفرنسية في قرار فرض ضريبة على المعاملات المالية لعمليات معينة في السوق قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق كامل مع البلدان الأوروبية الأخرى. بينما تعهد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه سيفعل «كل ما هو ممكن» لمنع الموقعين على المعاهدة الأوروبية الجديدة، التي تم استثناء المملكة المتحدة منها، من اللجوء إلى المؤسسات الأوروبية لتنفيذ قراراتها.

ففي باريس، تنظر الحكومة الفرنسية في قرار فرض ضريبة على المعاملات المالية لعمليات معينة في السوق، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق كامل مع البلدان الأوروبية الأخرى. وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، جان ليونيتي، الذي كان يتحدث عبر إذاعة راديو «فرانس إنفو» إنه «تم وضع برنامج من أجل الضرائب، حيث ستتم مناقشته خلال القمة الأوروبية التي ستعقد في الـ30 من يناير الحالي». وأوضح ليونيتي أنه إذا كان هناك جدول زمني في نهاية شهر يناير الحالي بموافقة من ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى فسيكون هناك تحرك لتشريع الضريبة في فرنسا، وربما قبل الانتخابات الرئاسية التي ستتم في شهر أبريل (نيسان) المقبل.

وأعرب ليونيتي عن تفاؤله من أن دعم هذه الضريبة يمكن أن يزيد مبلغ 70 مليار دولار في الضرائب من أجل زيادة معاملات المضاربة في الأسواق الأوروبية. وأشار ليونيتي إلى أن «فرنسا قدمت دعما لألمانيا من أجل الضريبة»، آملا في أن «يستمر هذا الدعم». وكانت هناك مقاومة من الكثير من أعضاء الاتحاد الأوروبي بقيادة بريطانيا وبعض الدول الاسكندنافية على فرض الضريبة التي من الممكن أن تجعل الأسواق الأوروبية أقل قدرة على المنافسة. يشار إلى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هو الذي اقترح فكرة الضريبة في أعقاب الأزمات المالية التي حدثت عامي 2008 و2009.

وفي لندن، تعهد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه سيفعل «كل ما هو ممكن» لمنع الموقعين على المعاهدة الأوروبية الجديدة، التي تم استثناء المملكة المتحدة منها، من اللجوء إلى المؤسسات الأوروبية لتنفيذ قراراتها. وأكد كاميرون لمحطة راديو «4» بشبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن هناك «صعوبات قانونية»، مشددا على أن المعاهدة الجديدة ينبغي أن تركز على الاتحاد المالي وليس على السوق الواحدة. وكانت بريطانيا الدولة الوحيدة التي لم تنضم، الشهر الماضي، إلى مشروع إعداد معاهدة جديدة تسمح بالتنبؤ بالأزمة، كالتي يشهدها الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن. وشدد كاميرون على أن المؤسسات، مثل المفوضية الأوروبية أو المحكمة الأوروبية للعدل، لا يجب استخدامها لتنفيذ الإجراءات التي تتفق عليها الدول الموقعة على الاتفاق، وقال: «إن جزءا من المشكلة هو أن الموقف القانوني غير واضح»، مضيفا أن الاتفاق الجديد «لا يمكن أن يستخدم أشياء مملوكة للاتحاد الأوروبي.

من جانبه، طالب وزير المالية الياباني، جون أزومي، الاتحاد الأوروبي بمزيد من الجهود لاحتواء أزمة الديون السيادية وهبوط اليورو، الذي يضر ضعف قيمته في مقابل الين بالصادرات اليابانية. وكان اليورو قد سجل الخميس بشكل مؤقت في بورصة وول ستريت 98.46 ين، في واحد من أدنى مستوياته التاريخية خلال 11 عاما مقابل العملة اليابانية، إلا أنه عاود الارتفاع بشكل طفيف، وسجل الجمعة في بورصة طوكيو 98 ينا.

وقال وزير المالية الياباني إن ضعف قيمة اليورو قد يؤثر سلبا على الصناعات اليابانية التي ترتكز على التصدير لأوروبا، وفقا لما ذكرته صحيفة «نيكي» الاقتصادية المحلية. وأكد أزومي أنه سيبحث أزمة الديون الأوروبية مع وزير المالية الأميركي تيموثي غايتنر، الذي ينتظر أن يزور طوكيو في 12 من الشهر الحالي.

تعمق تراجع اقتصاد منطقة اليورو في نهاية 2011 مع تراجع مبيعات التجزئة والمعنويات، لكن أول تحسن في مناخ الأعمال، منذ عشرة أشهر، جدد الأمل في أن الركود المتوقع سيكون محدودا. وفي بروكسل أفادت بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي يوروستات الجمعة بأن مبيعات التجزئة في منطقة اليورو تراجعت بنسبة أكبر من المتوقع، بلغت 0.8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) بالمقارنة بأكتوبر (تشرين الأول). وكان استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين قد توقع تراجعا بنسبة 0.2 في المائة، وبينما يشير إلى حذر الأسر في أوروبا، قالت المفوضية الأوروبية إن ثقة المستهلكين في ديسمبر هبطت 0.7 في المائة في دول منطقة اليورو، وعددها 17 دولة. وقالت المفوضية إن مؤشرها للثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو تراجع 0.5 في المائة إلى 93.3. وقال «يوروستات» إن ارتفاع معدل البطالة يضر بمنطقة اليورو ويؤثر على المستهلكين. وبلغ معدل البطالة في المنطقة 10.3 في المائة من قوة العمل في نوفمبر، وهي نفس النسبة المسجلة في أكتوبر وبارتفاع طفيف عن مستواه قبل عام. ويقارن ذلك بمعدل بطالة عند 8.6 في الولايات المتحدة، ولكن كانت هناك نقطة مضيئة واحدة في البيانات الصادرة الجمعة، وهي تحسن مؤشر الثقة في مناخ الأعمال الذي ارتفع لأول مرة في عشرة أشهر؛ إذ أظهر مديرو المصانع تفاؤلا بشأن خطط الإنتاج وطلبيات التصدير في المستقبل. وسجل المؤشر 0.31 في ديسمبر (كانون الأول) بالمقارنة مع 0.42 في نوفمبر، وجاء أفضل من 0.50 توقعها اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قبل شهر. وعلى عكس اقتصاد منطقة اليورو، المتوقع أن يكون قد انكمش في الربع الأخير من 2011، وأن ينكمش في الربع الأول من 2012، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بمعدل اثنين في المائة في 2012، مدعوما بزيادة الطلب على الصادرات في أوروبا.

وتقول التقارير الإعلامية الأوروبية، إن الانخفاض في مناخ الأعمال تقلص خلال شهر ديسمبر، ولكن، بالمقابل، انخفضت ثقة الاقتصاد في أوروبا خلال الشهر نفسه بتوافق مع التوقعات، وأخيرا هبطت مبيعات التجزئة في اقتصاد منطقة اليورو إلى ما دون التوقعات خلال الشهر نفسه. وبالنظر إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة نجد أن مؤشر مناخ الأعمال لاقتصاد منطقة اليورو أظهر تقلصا في الانخفاض خلال شهر ديسمبر، ليصل إلى 0.31، مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 0.42، وبأفضل من التوقعات التي بلغت 0.48، هذا بالإضافة إلى تقلص انخفاض ثقة المستهلك إلى 21.1 مقارنة بالقراءة السابقة والمتوقعة عند 21.2. بينما تراجع مؤشر ثقة الاقتصاد بتوافق مع التوقعات إلى 93.3 مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 93.8، كما انخفض مؤشر ثقة الصناعات في اقتصاد منطقة اليورو إلى 7.1، بتوافق مع القراءة السابقة التي تم تعديلها، ولكن بأفضل من التوقعات بشكل بسيط، التي بلغت 7.5، وفي المقابل، انخفض مؤشر ثقة الخدمات في البلاد إلى 2.1، بتوافق مع التوقعات، وبأسوأ من القراءة السابقة التي تم تعديلها إلى 1.6.

وحسب الكثير من المراقبين الأوروبيين، فإن «مستويات الثقة في أوروبا عانت ولا تزال تعاني من ضعف كبير، وذلك عقب الأحداث التي أثرت على ثقة المستهلكين؛ سواء في أوروبا خاصة أو في العالم عامة، ناهيك عن التصريحات التي أدلت بها الحكومة اليونانية مؤخرا؛ بأنها قد تنسحب من منطقة اليورو إن لم تحصل على المساعدات المالية التي تصل إلى 130 مليار يورو. أضف إلى ذلك أن اقتصاد منطقة اليورو يقبع تحت تهديد تخفيض تصنيف ائتمان دول أوروبية كثيرة، مما يسهم أيضا في التأثير على مستويات الثقة، كما أن موضوع المديونية بات كالطاعون ينتشر في أرجاء أوروبا، منعكسا على نشاطات الاقتصاد».

وبالعودة إلى أجندة البيانات الرئيسية، نلاحظ انخفاض مبيعات التجزئة في أوروبا خلال شهر نوفمبر بنسبة 0.8 في المائة، مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 0.4 في المائة، وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 0.4 في المائة كانخفاض، في حين أن مبيعات التجزئة السنوية انخفضت بنسبة 2.5 في المائة، مقارنة بالانخفاض السابق الذي بلغ 0.4 في المائة، وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 0.9 في المائة. وهذا أيضا يعني أن أوروبا لا تزال بعيدة عن الاستقرار نوعا ما، إذ تصاعدت المخاوف في الأسواق من احتمالية فشل البنوك الأوروبية في التصدي للضغوطات التي تقع على عاتقها إثر أزمة المديونية، ويجب أن لا ننسى أن الكثير من المسؤولين والمحللين على مستوى أوروبا لا يتوقعون أداء أفضل لاقتصاد منطقة اليورو خلال عام 2012، مقارنة بالعام الماضي. كما أن مستويات الثقة في الأسواق باتت كالبراكين الخامدة التي سرعان ما تنفجر وتسهم في تحوّل المستثمرين إلى الاستثمارات ذات العائد الأدنى كملاذ آمن، وذلك وسط القلق الذي ينتابهم، مشيرين إلى أن المخاوف تجددت، مساء يوم الأربعاء، بعد ارتفاع الودائع لليلة واحدة في البنك المركزي الأوروبي لمستويات قياسية جديدة، وصلت إلى 453 مليار يورو، مما أشعل فتيل القلق بخصوص مستويات الإقراض بين البنوك الأوروبية من جديد.