خبراء: السعودية بقدراتها الإنتاجية ستحفظ توازن الأسواق العالمية

النعيمي بحث أوضاع السوق النفطية مع زعيم الأغلبية بالكونغرس الأميركي

TT

بحث وزير النفط السعودي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، أمس الأربعاء، مع زعيم الأغلبية بمجلس النواب الأميركي إيريك كانتور، سبل استقرار أسواق النفط العالمية.

وقالت وزارة النفط السعودية في بيان إن «النعيمي بحث مع زعيم الأغلبية بمجلس النواب الأميركي إيريك كانتور أوضاع السوق النفطية الدولية، وأهمية التعاون والتنسيق بين الدول المنتجة والمستهلكة للبترول من أجل استقرار أسواق البترول العالمية»، وذلك حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). كما تطرق الجانبان السعودي والأميركي إلى سبل تطوير العلاقات والتعاون في مجال النفط والتعدين والبيئة بين البلدين، خاصة تشجيع الاستثمارات المشتركة.

وفي كوبنهاغن، ذكرت رئاسة الاتحاد الأوروبي أن دول الخليج وليبيا مستعدة لسد الفجوة التي سيحدثها حظر النفط الإيراني. وقال وزير الخارجية الدنماركي فيلي سوفندال، الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي «إن القرار حول حظر النفط الإيراني والعقوبات على القطاع المالي الإيراني سيتخذه الاتحاد في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي».

إلى ذلك، اعتبر خبراء أن السعودية ودول الخليج العربي الأخرى ستحفظ توازن أسواق النفط العالمية، معتقدين أن الصين التي تحوم حولها الشكوك في مشاركتها في تنفيذ العقوبات على النظام الإيراني، ستحسم الأمر بالاعتماد أكثر على إمداد أسواقها من النفط السعودي. وفي حين يقدر الخبراء أن العقوبات التي طالت الاقتصاد الإيراني وضربته في مفصلين قاتلين، المواد الخام والبنك المركزي، ستكون قاسية وموجعة لنظام طهران، يرى الخبير النفطي كامل الحرمي أن شمول العقوبات البنك المركزي أخرج الصين من نقطة الحياد من العقوبات، لأن أموال النفط ستمر عبر أقنية من السهل التحكم فيها.

ومن جانبه، يتوقع الخبير النفطي حجاج أبو خضور أن تنشأ سوق لتهريب النفط الإيراني على غرار ما حدث للنفط العراقي في حقبة صدام حسين. وقال أبو خضور إن الزيادة في الإنتاج التي أبقت عليها «أوبك» إضافة إلى القدرات الإنتاجية للسعودية ودول الخليج، قادرة على تغطية أي عجز قد يحدث في أسواق النفط نتيجة تبني الدول الآسيوية القرار الخاص بتشديد العقوبات الاقتصادية على نظام طهران والمتضمن منع شراء الخام الإيراني.

واعتبر الحرمي أن القدرات السعودية النفطية ستكون ذات فعالية أكبر لمدة ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، بعدها لن تستمر السعودية في ضخ كامل طاقتها الإنتاجية للأسواق لتغطية الحصة الإيرانية. في حين بين أبو خضور، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تمتلك فائضا ضخما من الإنتاج يمكن أن يعوض أي نقص في الإمدادات قد يحدثها توقف تصدير الخام الإيراني، كما أن القدرات الإنتاجية لدول الخليج العربي الإمارات وقطر والكويت قادرة على توفير إمدادات للأسواق العالمية بالإضافة إلى القدرات السعودية الضخمة، كما أن هذه الدول تعمل ضمن منظمة «أوبك»، وهي ملتزمة ضمن المنظمة وضمن علاقاتها الدولية بتوفير إمدادات كافية من النفط للأسواق.

أمام ذلك، يقول الحرمي إن السعودية تمتلك قدرات إنتاجية هائلة تقدر بنحو 12.5 مليون برميل يوميا، وتنتج في الفترة الراهنة نحو 10 ملايين برميل، لكن من الصعب أن تستمر السعودية العمل بكامل قدراتها الإنتاجية على مدار الساعة، وقال إن السعودية يمكن أن تحفظ التوازن في الأسواق لمدة ثلاثة أشهر على أبعد تقدير. وبين أبو خضور أن لدى السعودية قدرات إنتاجية فائضة تتراوح بين 2.5 و3 ملايين برميل يوميا، وهي تقريبا مساوية لحجم الإنتاج الإيراني، حيث تنتج إيران نحو 3.5 مليون برميل تصدر منها قرابة 2.5 مليون برميل، يذهب أكثر من 70 في المائة منها إلى دول شرق آسيا والصين على وجه الخصوص.

فيما اعتبر الحرمي أن تشديد العقوبات على إيران لن يستمر أكثر من شهر بحسب توقعاته، معتمدا على أن حزمة العقوبات الجديدة التي أصدرتها الولايات المتحدة على إيران خانقة وبشكل حاد، وستكون مؤذية بشكل كبير للنظام الإيراني، لأن الحزمة الجديدة من العقوبات محكمة، مما سيدفع جميع الدول للمشاركة في تطبيقها بعد أن شملت العقوبات البنك المركزي الإيراني. ولفت أبو خضور إلى أن الإبقاء على سقف إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) عند 30 مليون برميل يحقق لدول المنظمة تغطية أي نقص قد تحدث في الأسواق.

وكانت منظمة «أوبك» قد أبقت على زيادة في إنتاج دول المنظمة تقارب 5.5 مليون برميل من الإنتاج يوميا في آخر اجتماع لها، بعد أن تقدمت دول مثل إيران وفنزويلا بطلب خفض سقف الإنتاج. يشار إلى «أوبك» كانت قد رفعت سقف إنتاجها في وقت سابق من 24.5 مليون برميل إلى 30 مليون برميل.

وتوقع الخبير النفطي حجاج أبو خضور أن تلجأ الدول الكبرى إلى تفتيش السفن النفطية في بحر العرب، في إطار تشديد العقوبات على النظام الإيراني، وقال إن كثيرا من دول العالم ستلتزم بقرار حظر استيراد الخام الإيراني، مستبعدا مشاركة الصين في القرار. ويضيف أبو خضور «ستحصل الصين على الخام الإيراني بعدة طرق، منها استخدام ثقلها وحجمها الاقتصادي في عدم المشاركة في قرار الحظر، وبالتالي ستلجأ الدول الغربية لإقامة نقاط تفتيش لسفن الشحن للحد من تصدير الخام الإيراني، وستتكون نتيجة ذلك سوق مشابهة للسوق التي قامت على نفط العراق المهرب في زمن الرئيس صدام حسين».

وهنا يقول الحرمي إن اللجوء للتهريب لن يجدي النظام الإيراني، لأن التهريب يعتمد على كميات قليلة من النفط لا تتجاوز 200 ألف طن، وعبر سفن ذات حمولات قليلة، كما قال إن السوق التي يتوقع لها أن تنشأ من النفط الإيراني المهرب ستتبع طرقا ملتوية لن تخرج الاقتصاد الإيراني مما سيحل به نتيجة الحظر.

وبالعودة إلى أبو خضور، أشار إلى أن الصين لن تشارك في العقوبات الجديدة على إيران التي تستهدف حظر شراء الخام الإيراني لسببين، الأول حتى لا تبقى تحت رحمة الولايات المتحدة وحلفائها في مسألة الحصول على احتياجاتها من النفط، وفي هذا الإطار تكرس الصين كثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم أن يبقى لديها خيار ثان خارج دائرة النفوذ الأميركي في مسألة الحصول على الاحتياجات النفطية خصوصا أن الصين تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني.

وتابع أبو خضور «دواعي عدم مشاركة الصين في تطبيق القرار الدولي أن الصين وبثقلها الاقتصادي ستستخدم الورقة الإيرانية وسيلة للضغط على الدول الغربية خصوصا في المجال الاقتصادي»، وقال أبو خضور إن هذه الورقة لن يتنازل عنها التنين الصيني بسهولة، لأنها بكل بساطة تمنحه قوى أكبر للضغط على الدول الغربية في القضايا الاقتصادية التي تشكل جل علاقة الصين بالدول الغربية.

ويزيد أبو خضور بأن الصين لا تريد أن تشارك في العقوبات كما لا تريد أن تخسر دول الخليج التي ترتبط معها بعقود ضخمة في مجال الطاقة، لذلك ستبقي تنويع مصادرها النفطية بالاعتماد على دول الخليج العربي والسعودية على رأسها، وكذلك على علاقة نفطية مع إيران.

ويوضح الحرمي أن الصين ستدفع للمشاركة في تطبيق العقوبات بعد إضافة البنك المركزي الإيراني للعقوبات، مشيرا كيف سيتم دفع الأموال أموال النفط الإيراني، وقال إن هذه الخطوة جعلت الأمر صعبا على الجميع حتى من لا يريد تطبيق العقوبات على إيران، لأن الأموال ستمر عبر أقنية مالية عالمية من السهل اكتشافها ومن السهل السيطرة عليها.

إلى ذلك، قال مصدران بصناعة النفط أمس الأربعاء إن الحكومة الهندية طلبت من شركات التكرير خفض واردات النفط الإيراني والبحث عن بدائل، إذ قد لا تسعى نيودلهي للحصول على استثناء لحماية مشتري نفط طهران من عقوبات أميركية جديدة. والهند ثاني أكبر مشتر للخام الإيراني بعد الصين حيث تستورد منه ما بين 350 و400 ألف برميل يوميا بما قيمته 12 مليار دولار سنويا. وفي اجتماع عقد يوم الاثنين أبلغت الحكومة شركات النفط الهندية بأنها لا تنوي طلب إعفاء من العقوبات الأميركية، ونصحت الشركات بتقليص اعتمادها على إيران وأن تدبر مصادر لإمدادات بديلة. وقال مصدر رفض نشر اسمه لطبيعة الموضوع الحساسة «أبلغت الشركات بتقليص الإمدادات الإيرانية وأن الحكومة لا تنوي طلب استثناء».

وقال المصدر الثاني إن الحكومة تعتقد أن الاستثناء من العقوبات يتيح مساعدة مؤقتة فحسب إذ إن مدته 120 يوما فقط. وأفاد مصدر حكومي بارز على دراية مباشرة بالأمر بأنه لم يتخذ قرار بعد بشأن طلب استثناء من العقوبات.

وقال مصدر حكومي إن وفدا هنديا سيزور طهران في الفترة من 16 إلى 21 يناير، لبحث سبل بديلة للسداد لضمان استمرار الإمدادات دون انتهاك للعقوبات. وبدأت شركات تكرير هندية زيادة الإمدادات من مصادر أخرى مثل السعودية والعراق والإمارات بشكل تدريجي.

وفي الآونة الأخيرة، رفعت «هندوستان بتروليوم» حجم مشترياتها السنوية من الخام السعودي، وهي ثاني شركة هندية بعد مانجالور للتكرير والبتروكيماويات ترفع الإمدادات من المملكة أكبر منتج للنفط في العالم.