السعودية توقع عقد المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع بقيمة 8.2 مليار دولار

وزير المالية السعودي لـ «الشرق الأوسط»: العقد جاء تنفيذا لتوجيهات خادم الحرمين بإنشاء شبكة خطوط سريعة وحديثة

وزيرا المالية والنقل يوقعان عقد المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع مع ائتلاف «الشعلة» (تصوير: خالد الخميس)
TT

وقعت السعودية أمس عقد تنفيذ أعمال المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع، بقيمة إجمالية وصلت لنحو 30.815 مليار ريال (8.2 مليار دولار)، مع ائتلاف «الشعلة» الفائز بالمنافسة على المشروع الضخم الذي يربط مكة المكرمة وجدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية وانتهاء بالمدينة المنورة.

ووقع العقد كل من الأمير عبد العزيز بن مشعل الرئيس التنفيذي لمجموعة «الشعلة» القابضة ممثل ائتلاف «الشعلة»، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، والدكتور جبارة الصريصري وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، كممثلين عن حكومة المملكة، يوم أمس، وذلك لتنفيذ أعمال المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع في العاصمة الرياض، بحضور وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل غارسيا، ووزيرة التنمية في إسبانيا آنا باستور، والسفير الإسباني لدى السعودية بابلو برافو.

وأشار الأمير عبد العزيز بن مشعل بن عبد العزيز، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الشعلة» القابضة رئيس التحالف السعودي الإسباني لمشروع قطاع الحرمين، إلى أهمية مشروع قطار الحرمين السريع ودوره في خدمة الحجاج والمعتمرين، مبينا أن المشروع الذي بدأ العمل فيه منذ أكثر من خمس سنوات ودرس بعناية فائقة لجلب أفضل وأحدث التقنيات العالمية لتسيير قطار فائق السرعة بين أطهر بقاع المعمورة، تميز بتدابير السلامة العالمية والراحة والأمان، تطبيقا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لتقديم أفضل الخدمات وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا لخدمة المواطنين والزوار والحجاج والمعتمرين.

من جهته، قال الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، إن توقيع عقد تنفيذ المرحلة النهائية من هذا المشروع جاء تنفيذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بإنشاء شبكة خطوط حديدية بسرعات عالية ومجهزة بأحدث الأنظمة لتوفير خدمة نقل مريحة. وقال العساف لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع لا يخدم المواطنين والمقيمين في المملكة فحسب، بل جميع المسلمين في العالم، لافتا النظر إلى أن المشروع عند انتهائه سيمثل نقلة نوعية في قطاع النقل في المملكة ومرحلة جديدة تتم الاستفادة فيها من تقنية القطارات السريعة. وأكد أهمية مشروعات الربط الحديدي التي تنفذ حاليا في بعض مناطق المملكة والتي تحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين، وستكون لها أهمية بالغة في رفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي تحسين بيئة الاستثمار وزيادة تنافسية الصادرات السعودية.

وأشار العساف إلى أن هذه الاتفاقية هي الثالثة لهذا المشروع الضخم، حيث تم توقيع اتفاقيتين واحدة تتعلق بالبنية التحتية والأخرى تتعلق بالركاب، إضافة إلى الاتفاقية الثالثة التي تم توقيعها وهي الجزء الأكبر من المشروع والتي تمثل المرحلة الأخيرة منه، مشيرا إلى أن وزارة المالية وبالتحديد صندوق الاستثمارات العامة وشركة «سار» له دور كبير في هذا المشروع الحيوي، حيث يتطلع إلى انتهائه في القريب.

وأكد العساف أن المشروع حظي بأعلى درجات الشفافية والوضوح في الطرح للشركات العالمية، وكان يحظى بمتابعة دائمة من خادم الحرمين الشريفين للمشروع للتأكد من هذا الجانب، إضافة إلى أن دور الصندوق الاستثمارات العامة في هذا المشروع دور مهم، وهو جزء من منظومة من المشاريع التي يقوم بتنفيذها صندوق الاستثمارات العامة سواء من ناحية البنية التحتية بشكل عام أو السكك الحديدية بشكل خاص.

وأكد أن صندوق الاستثمارات العامة نفذ بدقة عالية عن طريق شركة «سار» مشروع نقل المعادن، حيث بدأ القطار بنقل خام الفوسفات إلى مدينة رأس الخير (شرق السعودية)، وبدأ الإنتاج، كما ينفذ الآن الجزء الذي سينقل الركاب والبضائع الأخرى عن طريق الرياض لكي تتصل بميناء الدمام بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى مستقبل الجسر البري على البحر الأحمر. ولفت إلى أن التمويل يتم مباشرة عن طريق صندوق الاستثمارات العامة كما ذكر بيان الميزانية، حيث أمر خادم الحرمين الشريفين بأن يذهب فائض الميزانية من العام الماضي إلى وجهتين، الأولى هي الإسكان والثانية لتعويض الصندوق لتكليف هذا المشروع.

من جهته، قال الدكتور جبارة الصريصري، وزير النقل، إن المشروع يعد من أهم مشروعات النقل في المملكة، ويمثل أحد العناصر المهمة في برنامج توسعة شبكة الخطوط الحديدية الذي حظي بتمويل حكومي. وأضاف وزير النقل السعودي «الدعم غير المحدود من حكومة خادم الحرمين الشريفين للمشروعات التنموية في مختلف القطاعات بدأ من القرارات الاستراتيجية والدعم المالي واللوجيستي والمعنوي وإزالة المعوقات وتذليل الصعوبات، وصولا إلى المتابعة الدائمة والتأكد من نجاح المشروعات وتحقيق أهدافها». ولفت إلى أن الإنجاز الذي تحقق لقطاعات النقل البري والجوي والبحري سيسهم في نمو ونجاح مختلف القطاعات الأخرى وفي مقدمتها القطاع الاقتصادي.

كما نوه بما شهدته شبكة الخطوط الحديدية خلال المرحلة الحالية من تطور نوعي على مستوى التوسع، وبجهود المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وصندوق الاستثمارات العامة ممثلا في شركة «سار»، لتحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أن برامج التوسعة التي تنفذ حاليا من بينها مشروع «سكة حديد سار» الذي تنفذه شركة «سار» والمكون من فرعين أحدهما لنقل المعادن لمراكز التصنيع في مدينة رأس الخير على الخليج العربي والآخر للركاب والشحن الذي يبدأ من الحدود مع الأردن مرورا بعدة مناطق ليلتقي مع قطار الرياض الدمام، ومشروع الجسر البري بين الرياض وجدة، ومشروع قطار دول مجلس التعاون، إضافة إلى قطار الحرمين، والتطوير الشامل للشبكة بين الرياض والدمام.

وأكد أنه «كما هو ملاحظ يعتبر توقيع العقد نقلة كبيرة في قطاع النقل، وكما شهد قطاع الطرق في الماضي نقلة كبيرة ودعما وإنجازات كبيرة، يشهد في الوقت الحالي قطاع سكك الحديد نقلة كبيرة ونوعية شاملة أيضا»، موضحا أن النقل العام داخل المدن يحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين، وهناك دراسات أعدت لبعض المدن، والوزارة تعمل على تحديد نظام النقل المناسب لهذه المدن، وسوف تكون هناك جهود تتعلق بالنقل داخل المدن خلال الفترة المقبلة.

ولفت الصريصري إلى أنه تم إنشاء لجنة مختصة بعد صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين لتنفيذ الجسر البري، والتي تتكون من ممثل من صندوق الاستثمارات العامة ووزارة النقل ومؤسسة الخطوط الحديدية وشركة «سار» التي تقوم بدراسة المشروع، وسيتم طرحه في أسرع وقت ممكن.

إلى ذلك، أوضح المهندس عبد العزيز الحقيل، الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، أن أعمال هذه المرحلة مخصصة لاستكمال البنى العلوية وتشمل توريد وتركيب القضبان الحديدية وأنظمة الإشارات والاتصالات ونظام كهرباء الخطوط وتوريد قطارات الركاب ومعدات الصيانة، كما تشمل تشغيل وصيانة المشروع خلال مدة العقد البالغة اثني عشر عاما.

وقال «إنه بترسية أعمال هذه المرحلة تكون جميع مراحل المشروع قد تمت ترسيتها وجار العمل على تنفيذها وفقا للخطة التنفيذية الموضوعة لذلك»، مؤكدا أن «دعم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أسهم في الوصول إلى توقيع هذا العقد، إذ أصدر خادم الحرمين الشريفين موافقته الكريمة على مسار مشروع قطار الحرمين الشريفين وتمويل تنفيذ المشروع عن طريق صندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى الموافقة على تأسيس هيئة تنظيمية تشرف على قطاع النقل بالخطوط الحديدية».

وأضاف أن المشروع سيوفر فرصا وظيفية عديدة للمواطنين، وسيعمل على توطين صناعة النقل السككي في المملكة ومنطقة الخليج، حيث يتضمن العقد إنشاء مركز تدريب يعمل على استقطاب وتدريب وتأهيل الخريجين للعمل في هذه الصناعة الواعدة.