منطقة اليورو تشهد يوم «جمعة أسود» بفقدان مصداقيتها الائتمانية

ستاندرد أند بورز تربك أوروبا وتخفض تصنيف 8 دول في منطقة اليورو

TT

شهدت دول منطقة اليورو يوم جمعة أسود بعد أن خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز درجة فرنسا و8 دول أخرى في منطقة اليورو ليس بينها ألمانيا، لتؤجج بذلك الأزمة بينما يبدو أن مفاوضات حيوية حول اليونان قد تواجه الفشل.

وقد خسرت فرنسا بموجب الإجراء الجديد تصنيفها الممتاز «إيه إيه إيه» الذي كانت تتمتع به مع ألمانيا مما يسمح لهاتين الدولتين بالاستدانة بكلفة أقل، ليتبقى 9 دول فقط في أوروبا تتمتع بالتقييم الممتاز من الوكالات الثلاث بما فيها بريطانيا. وعبر المفوض الأوروبي المكلف تنظيم أسواق المال ونشاطات وكالات التصنيف ميشال بارنييه أمس عن «استغرابه» للتوقيت الذي اختارته وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني لخفض درجة عدة دول بينما تسعى منطقة اليورو لتشديد إجراءاتها على صعيد الميزانية.

وقال بارنييه لوكالة الصحافة الفرنسية: «أستغرب التوقيت الذي اختارته وكالة ستاندرد أند بورز وفي الأساس تقييمها الذي لا يأخذ في الاعتبار التقدم الحالي» بينما «تقوم كل الحكومات والمؤسسات الأوروبية بتعبئة» لحل المشكلة.

وأكد أنه «بمعزل عن هذه الدرجة التي لا تشكل سوى رأي كغيره، ما يهمني هو التقييم الاقتصادي الموضوعي الذي نقدمه للوضع الراهن». ورأى أنه «في كل مكان وفي كل بلد بذلت جهود لا سابق لها في السيطرة على النفقات العامة ووضع قواعد مشتركة تضمن للمستقبل وحدة اقتصادية وميزانية تتماشى مع الاتحاد النقدي». وأشار خصوصا إلى «التزام ثابت من المصرف المركزي الأوروبي» لدعم الاستقرار المالي لمنطقة اليورو.

وقالت الوكالة في تقرير لها إن «المبادرات» الأخيرة للقادة الأوروبيين تبدو «غير كافية للتصدي بشكل كامل للمشاكل في الأنظمة في منطقة اليورو».

وانتقدت الوكالة الحلول التي تعتمد بشكل شبه حصري على إجراءات تقشفية.

ودانت المفوضية الأوروبية على الفور «القرار الخاطئ» الذي اتخذ بينما يقوم الاتحاد النقدي «بالتحرك بشكل حاسم على كل الجبهات لمعالجة الأزمة».

وكانت وكالة التصنيف الأميركية حذرت في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أنها يمكن أن تخفض تصنيف 15 دولة في منطقة اليورو بينها البلدان الـ6 التي تتمتع بدرجة «إيه إيه إيه».

لكنها في نهاية المطاف حرمت فرنسا والنمسا فقط من هذه الدرجة وصنفتهما بدرجة «إيه إيه+». كما خفضت درجة مالطا وسلوفاكيا وسلوفينيا.

في المقابل، احتفظت 4 دول هي ألمانيا وفنلندا وهولندا ولوكسمبورغ بتصنيفها بدرجة «إيه إيه إيه» كما لم يخفض تصنيف بلجيكا واستونيا وآيرلندا.

ووضعت ستاندرد أند بورز كل دول منطقة اليورو باستثناء ألمانيا وسلوفاكيا «أمام آفاق سلبية» مما يعني أن هناك احتمالا يعادل واحدا من كل ثلاثة لخفض جديد قبل نهاية 2013.

وما زالت فرنسا تتمتع بتصنيف «إيه إيه إيه» لدى وكالتين دوليتين كبيرتين للتصنيف هما موديز وفيتش.

وجاءت خطوة ستاندرد أند بورز في أسوأ وقت للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي جعل من المحافظة على درجة «إيه إيه إيه» أولوية وقبل 100 يوم من الاقتراع الرئاسي الذي سيترشح فيه على ما يبدو.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أمس إن خفض التصنيف الائتماني لبلاده كان متوقعا وإن الحكومة في موقف يجعلها تصمد أمام ارتفاع فوائد الاقتراض.

وقال فيون إن «إجراءات الموازنة التي اتخذناها كافية»، لافتا إلى أن الحكومة تتوقع أن تبلغ نسبة الفائدة على السندات لأجل عشر سنوات 3.7% في المتوسط هذا العام وتوفر 6 مليارات يورو (6.‏7 مليار دولار) في صورة احتياطيات طارئة لمواجهة زيادة تكاليف الاقتراض.

يذكر أن نسبة الفائدة على السندات الفرنسية بلغت 08.‏3 لدى طرحها العام الماضي.

وقال وزير المالية فرانسوا باروان إن «القرار يشكل إنذارا يجب ألا يتم تهويله أو تهوينه» في إشارة إلى قرار مؤسسة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني بتخفيض تصنيف بلاده الائتماني بمقدار نقطة واحدة من (إيه إيه إيه) إلى (إيه إيه بلس).

ومن جانبه قلل باروان من أهمية التخفيض، فبينما اعترف بأنه خبر ليس بالسعيد قال إنه في الوقت ذاته «ليس بالكارثة»، لافتا إلى أن تصنيف فرنسا بعد الخفض ما زال جيدا حيث إنه هو ذات التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.

وعلقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس أن قيام ستاندرد أند بورز بخفض التصنيفات الائتمانية لدول بمنطقة اليورو يبرز ضرورة الإسراع بإتمام اتفاق لتشديد القواعد المالية وتفعيل صندوق الإنقاذ الدائم في أسرع وقت ممكن.

وقالت خلال اجتماع سياسي في مدينة كيل الشمالية: نواجه الآن تحدي تطبيق الاتفاق المالي بشكل أسرع... وأن نقوم بذلك بحسم لا أن نحاول تخفيفه. سنعمل أيضا بشكل خاص على تطبيق آلية الاستقرار الدائمة (آلية الاستقرار الأوروبي) في أسرع ما يمكن.. هذا مهم فيما يخص ثقة المستثمر.

وقالت ميركل إن خطوة ستاندرد أند بورز لم تكن مفاجئة، مؤكدة «أنها واحدة من 3 وكالات تصنيف.. أخذنا الأمر في الحسبان. لم نفاجأ على الإطلاق في ضوء نقاشات الأسبوع الماضي.

وفيما يخص صندوق الإنقاذ الحالي - صندوق الاستقرار المالي الأوروبي – قالت ميركل إن خفض التصنيف لن يؤثر على نشاطه.

وقالت «المهام الضرورية التي يجب على صندوق الإنقاذ القيام بها في الأشهر القادمة أعتقد بقوة أنه يمكن تحقيقها بالوسائل الحالية».

أسعار الفائدة الضرورية لقبول سندات معينة ارتفعت بالفعل بعض الشيء على أي حال.. عمل الصندوق لن يتعرض للنسف. لا أرى حاجة إلى تغيير أي شيء فيما يتعلق بصندوق الاستقرار المالي الأوروبي.

أنحت حكومة رئيس وزراء إسبانيا الجديد ماريانو راخوي باللائمة في خفض تصنيفها الائتماني للبلاد على سابقتها.

ونقلت وسائل إعلام إسبانية عن مصدر لم تسمه في وزارة المالية الإسبانية قوله إن حكومة راخوي المحافظة أنحت باللائمة في التراجع على سابقتها بزعامة رئيس الوزراء الاشتراكي السابق خوسيه لويس ثباتيرو. وتولى راخوي رئاسة الوزراء في 21 ديسمبر الماضي.

وقال المصدر إنه «إرث الماضي، كما هو الحال بالنسبة لأشياء أخرى».

وأشار إلى أن الحكومة الإسبانية الجديدة ستواصل بذل قصارى جهدها لـ«تغيير» خفض التصنيف الائتماني.

وأضاف المصدر أن «السياسة الاقتصادية (للحكومة) ملتزمة بضبط الميزانية والإصلاح الهيكلي».

وقد خفضت ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني لإسبانيا بمقدار درجتين لتصل إلى «إيه»، كما أنها خفضت تصنيف 8 دول أوروبية أخرى بينها فرنسا والنمسا، وخفضت تصنيفهما الائتماني الممتاز «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه موجب». بينما لم يكن بمقدور الحكومة النمساوية تفسير خفض تصنيفها الائتماني من المستوى الممتاز «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه موجب» رغم جهود أوروبية لحل أزمة الديون.

وقالت وزيرة المالية النمساوية ماريا فيكتر لوكالة الأنباء النمساوية «إيه بي إيه» إن رد فعل الأسواق «لن يكون كارثيا» نظرا لأن البيانات الاقتصادية النمساوية سليمة.

وقال المستشار النمساوي فيرنر فايمان ونائبه وزير الخارجية مايكل شبيندليجر في بيان مشترك إن فيينا تعمل على وضع خطة لإعادة هيكلة الموازنة في السنوات الخمس المقبلة كما أن البرلمان مرر مؤخرا مشروع قانون للحد من الإنفاق.

وذكرت ستاندرد أند بورز أن الوضع الحالي لمنطقة اليورو دفعها إلى اتخاذ قرارها بشأن النمسا.

وقالا، في إشارة إلى أن فرنسا والنمسا خسرتا تصنيفهما الائتماني الممتاز «إيه إيه إيه» بينما احتفظت ألمانيا ودول أخرى بتصنيفها الممتاز، إنه «لا يمكن فهم سبب تقييم الدول الأعضاء في منطقة اليورو بصورة مختلفة، رغم أنها تعمل على حلول في تنسيق وثيق».

وكان السبب الثاني وراء خفض التصنيف الائتماني هو أن المصارف النمساوية من بين أكبر المقرضين في وسط وشرق أوروبا.

وأكدت الحكومة الألمانية، في تعليقها، أن سياسة الانضباط المالي المقررة لتقليل الديون العامة ستحقق في نهاية المطاف حلا دائما لمشكلات منطقة اليورو.

وقالت وزارة المالية في برلين في وقت متأخر أمس الجمعة أن سياسة الانضباط المالي، التي خضعت للتفاوض منذ ديسمبر الماضي بين كل دول الاتحاد الأوروبي عدا بريطانيا، ستفرض قواعد مالية ثابتة في اتفاقية ملزمة. وقالت إن هذا سيعيد ثقة الأسواق في منطقة اليورو ويعززها على المدى الطويل.

وذكرت الوزارة في بيان مقتضب لها أن «إرادتنا للتضامن وعزمنا المساهمة في التغلب على أزمة الديون السيادية في أوروبا أمر لا يتطرق إليه شك». وأشارت إلى أن ألمانيا «أحيطت علما» بقرار ستاندرد أند بورز.

وفي إشارة إلى انخفاض عائدات هذا الأسبوع للسندات الحكومية، أضاف البيان «رأينا أن الأسواق اتخذت بالفعل منظرا إيجابيا». وقال وزير المالية الألماني فولفانج شويبله، في مدينة كيل الألمانية في اجتماع لحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (الحزب المسيحي الديمقراطي) إن خفض التصنيف الائتماني لدول أوروبية «لم يكن مفاجأة» بالنسبة لألمانيا. وتحدث شويبله، الذي حث دول منطقة اليورو على تطبيق قواعد صارمة بشأن عجز الموازنة، قبيل إعلان وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني أنها جردت فرنسا من تصنيفها الائتماني الممتاز «إيه إيه إيه» وعدلت درجات 8 دول أخرى. وتابع وزير المالية الألماني، في إشارة إلى دول أخرى في منطقة اليورو تعرضت لخفض تصنيفها الائتماني: «أعتقد أننا مترابطون بشكل وثيق، لذلك لا يمكننا ألا نشعر بالاهتمام، والهدف هو جعلنا جميعا في المسار الصحيح».

وقال شويبله إن الأمر الحاسم «هو أننا نواجه مصيرا مشتركا في أوروبا».

وأكد في مدينة كيل الألمانية، حيث يعقد قادة الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل اجتماعا «يتعين علينا الالتزام بقواعدنا لإدارة مالية ثابتة وتحسين قدرتنا على التنافس».

وتابع: «لم يكن الأمر مفاجأة كبيرة لنا. نعلم أن هناك شكوكا تجاه منطقة اليورو». وشدد «هذا تحديدا هو السبب في أننا نعمل بقوة لوضع كتاب قواعد من أجل أن تكون منطقة اليورو أكثر استقرارا». وأضاف أن «قرار اليوم يظهر صحة قرار قمة الاتحاد الأوروبي بتطبيق آلية الاستقرار الأوروبي بأسرع وقت ممكن كمؤسسة مالية دائمة مستقرة برأس مال مدفوع».

* 13 دولة فقط في العالم مصنفة بدرجة «إيه إيه إيه» من قبل الوكالات الثلاث

* بعد خفض التصنيف الائتماني لفرنسا والنمسا لم يبق سوى 13 بلدا في العالم بينها 9 بلدان في أوروبا! تتمتع بهذه الدرجة القصوى لدى وكالات التصنيف الكبرى وكانت وكالة ستاندرد أند بورز خفضت مساء الجمعة درجتي فرنسا والنمسا من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه+». والدول الـ13 التي بقيت تتمتع بهذه الدرجة الممتازة لدى الوكالات الثلاث ستاندرد أند بورز وموديز وفيتش هي الدنمارك وهولندا وألمانيا وبريطانيا والسويد والنرويج وفنلندا ولوكسمبورغ وسويسرا وأستراليا وهونغ كونغ وكندا وسنغافورة. وكانت ستاندرد أند بورز منحت فرنسا درجة «إيه إيه إيه» منذ 1975.

والوضع أكثر تباينا للدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أو في مجموعة العشرين. وبين هذه البلدان وحدها الولايات المتحدة التي خفضت درجتها ستاندرد أند بورز إلى «إيه إيه+» تتمتع بأفضل تصنيف لدى الوكالتين الأخريين. لكن كل الدول التي تنخفض درجة تصنيفها عن «بي بي بي -» أو «بي إيه إيه3» (في تصنيف فيتش) تعد دولا مدينة أقل مصداقية أي أن الديون التي تصدرها تعد استثمارات خاضعة للمضاربة من قبل واحدة على الأقل من وكالات التصنيف. وهذا الوضع ينطبق على آيرلندا لدى موديز (مع أنها مصنفة بدرجة بي بي بي+ لدى الوكالتين الأخريين) والبرتغال وإندونيسيا وتركيا والأرجنتين. وأخيرا شهدت اليونان تراجعا متواصلا في تصنيفها من قبل الوكالات منذ عام وأصبحت بمستوى «يعادل الإفلاس الجزئي» حسب ستاندرد أند بورز (سي سي وآفاق سلبية) وفيتش (سي سي سي).

* التصنيف الجديد الذي حددته وكالة ستاندرد أند بورز لـ17 دولة في منطقة اليورو

* التصنيف الجديد للديون الطويلة الأمد لـ17 من الدول الأعضاء في منطقة اليورو الذي أصدرته وكالة التصنيف الائتماني ستاندراد أند بورز، مخفضة درجات 9 منها.

- ألمانيا: تأكيد درجة «إيه إيه إيه» وآفاق مستقرة.

- النمسا: خفض التصنيف درجة من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه+».

- بلجيكا: «إيه إيه» مؤكدة وآفاق سلبية.

- قبرص: خفض التصنيف درجتين من «بي بي بي» إلى «بي بي+» في فئة الاستثمارات العرضة للمضاربة وآفاق سلبية.

- إسبانيا: خفض التصنيف درجتين من «إيه إيه -» إلى «إيه» وآفاق سلبية.

- استونيا: تأكيد التصنيف بدرجة «إيه إيه -» وآفاق سلبية.

- فنلندا: «إيه إيه إيه» ثابتة وآفاق سلبية.

- فرنسا: خفض درجة واحدة من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه+» وآفاق سلبية.

- اليونان: «سي سي» وآفاق سلبية (لم تشملها قرارات الجمعة).

- آيرلندا: «بي بي بي+» ثابتة وآفاق سلبية.

- إيطاليا: خفض التصنيف درجتين من «إيه» و«بي بي بي+».

- لوكسمبورغ: «إيه إيه إيه» ثابتة وآفاق سلبية.

- مالطا: خفض التصنيف درجة من «إيه» إلى «إيه -» وآفاق سلبية.

- هولندا: تأكيد درجة «إيه إيه إيه» وآفاق سلبية.

- البرتغال: خفض التصنيف درجتين من «بي بي بي -» إلى «بي بي» في فئة الاستثمارات المعرضة للمضاربة وآفاق سلبية.

- سلوفاكيا: خفض التصنيف درجة من «إيه+» إلى «إيه» وآفاق مستقرة.

- سلوفينيا: خفض التصنيف درجة من «إيه إيه -» إلى «إيه+»! وآفاق سلبية.