مصر: بنوك حكومية تعجل في غلق ملف الديون المتعثرة خوفا من تراكمها

بعد تراجع نشاط أغلب القطاعات الاقتصادية

الجنيه المصري قد يتعرض لانخفاض حاد خلال العام
TT

دخلت بنوك القطاع العام المصري في تسويات نهائية لغلق ملف التعثر بها، في محاولة مبكرة منها للحد من تزايد عدد المستثمرين غير القادرين على سداد أقساط قروض البنوك، بسبب الظروف الاقتصادية التي طالت أغلب القطاعات.

وقال يحيى أبو الفتوح المشرف على قطاع الديون المتعثرة بالبنك الأهلي لـ«الشرق الأوسط» إن مصرفه أنهى العام المالي 2010-2011 الذي اعتمدت نتائج أعماله قبل يومين من قبل البنك المركزي بمحفظة ديون متعثرة تقدر بنحو 8 مليارات جنيه مقارنة بأكثر من 23 مليار جنيه في 30 يونيو (حزيران) 2008.

وأضاف أبو الفتوح أن البنك الأهلي يخطط خلال الفترة القادمة للوصول إلى المعدلات المقبولة للديون المتعثرة، والتي تدور في حدود 3 إلى 4% من إجمالي المحفظة، مع اقتراب مصرفه من غلق ملف مديونيات القطاع العام من خلال الأصول التي حصل عليه الأهلي ووفقا للتسوية التي اعتمدت قبل عامين. وتابع أن مصرفه أبرم تسويات بقيمة 160 مليون جنيه (27 مليون جنيه) فقط في الأشهر الستة الأولي من العام المالي الجديد 2011-2012، موزعة على عدة قطاعات وتخلو من تسويات كبرى لرجال الأعمال أصحاب الملفات المتعثرة المعروفة في السوق.

وتشكل مديونيات البنك المتعثرة 10% تقريبا من إجمالي محفظة القروض التي تبلغ قيمتها 88 مليار جنيه (14.6 مليار دولار)، وتخص تلك المديونيات 8 آلاف عميل.

ويرى أبو الفتوح أن التسويات التي تم عقدها خلال الستة أشهر الأولى من العام المالي الجاري ضئيلة، وأرجع ذلك إلى الاضطرابات في بعض القطاعات التي دفعت البنك إلى تأجيل بعض الأقساط المستحقة بل إلى ضخ سيولة جديدة لبعض المنشآت التي كانت مهددة بالتوقف، وعلى رأسها القطاع السياحي الذي أعطاه البنك فترة سماح لسداد أقساط القروض إلى نحو عام ونصف العام، بعد تراجع النشاط وتوقفه في بعض الأحيان.

وفي سياق متصل أبرم بنك مصر تسويات خلال العام الماضي بقيمة 9 مليارات جنيه لإجمالي عدد عملاء بلغ 4 آلاف و620 عميلا. وقد بلغ إجمالي تسويات المديونيات المتعثرة التي أبرمها بنك مصر 12 مليار جنيه (1.9 مليار دولار) من مارس (آذار) 2010 إلى مارس 2011، كما بلغ إجمالي التسويات التي أبرمها البنك منذ عام 2003 نحو 50 مليار جنيه (8.3 مليار دولار) حتى نهاية 2008.

وأشار مصدر من داخل قطاع الديون المتعثرة ببنك مصر إلى أن تسويات كبار العملاء استحوذت على الحصة الأكبر من التسويات، حيث بلغت تسويات 120 عميلا 8.8 مليار جنيه (1.5 مليار دولار) بينما بلغت تسويات 4.5 ألف عميل من صغار العملاء 200 مليون جنيه (33.2 مليون دولار).

وأضاف أن البنك يستهدف تسوية مديونيات بقيمه 14 مليار جنيه خلال 2012، مؤكدا أن تلك الخطة مرهونة باستقرار الأوضاع الأمنية والاقتصادية خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن تدني قيمة تحصيل البنك من عقود التسويات راجع إلى أن أغلب التسويات التي تم إبرامها تنطوي على أصول عينية، والتي يصعب في الوقت الراهن تسليمها، نظرا لحالة الركود التي تعاني منها السوق العقارية بشكل خاص والاقتصادية بشكل عام بالإضافة إلى تأجيل تحصيل بداية العام الماضي بقيمة 400 مليون جنيه.

وترتقب السوق المصرفية توقيع تسوية أحد أكبر المتعثرين في السوق، والخاصة برجل الأعمال عمرو النشرتي المقيم في لندن منذ سنوات، حيث تدرس اللجان القانونية بالبنوك الدائنة إمكانية الحصول على أصول مملوكة له لاستيفاء ديونها والتي تزيد على 300 مليون جنيه (50 مليون دولار).

وفي السياق ذاته قال مصدر قانوني قريب من عدد من ملفات التسوية الكبرى داخل الجهاز المصرفي، إن وجود أصول مرهونة لدى البنوك مقابل تلك المديونيات، يعد ضمانة تحد من المخاوف المترتبة على مجرى الأحداث في ذلك الملف، المتوقع فتحه مرة أخرى على أثر التحقيقات التي تجرى مع عدد من رجال الأعمال حاليا.

كان النشرتي قد تقدم ببنود لتسوية مديونيته من خلال نيابة الأموال العامة قبل 6 أشهر، تتمثل في الحصول على بعض الأصول، مع سداد دفعة أولية والباقي على 6 سنوات.

يذكر أن عمرو النشرتي رجل الأعمال المقيم في لندن، وأحد أبرز رجال الأعمال المتعثرين في عهد عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، وينسب له النشرتي التسبب في تعثره بسبب سياساته وقراراته الاقتصادية التي أدت إلى خروج مجموعة «سنسيبري» من مصر.

في السياق ذاته قالت مصادر من داخل البنوك الحكومية إن لجانا قانونية ورقابية، تعكف خلال الفترة الحالية على دارسة جميع المديونيات المتعلقة بكبار المتعثرين، منهم محمود وهبة خارج مصر، ورؤوف غالي، والد وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي، وعماد الجلدة النائب السابق بالحزب الوطني المحبوس حاليا، وأحمد بهجت، لمعرفة طبيعة تلك المديونيات والمسؤولين عنها، سواء من لجان الائتمان أو من تولي مناصب داخل البنوك التي قامت بإقراض هؤلاء وغيرهم من المتعثرين.