صناديق التحوط قد تقاضي اليونان إذا حاولت إجبارها على تحمل خسائر

في إحدى محاكم حقوق الإنسان

جانب من بورصة أثينا أمس (إ.ب.أ)
TT

لقد عرف عن صناديق التحوط لجوؤها إلى أساليب قاسية لتحقيق أرباح. والآن، تنتهج أسلوبا جديدا من هذه الأساليب: وهو مقاضاة اليونان في إحدى محاكم حقوق الإنسان لسداد مدفوعات سنداتها.

من خلال الأسلوب الجديد، سوف توجه صناديق التحوط اتهامات لليونان أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مفادها أنها قد انتهكت حقوق حاملي السندات، على الرغم من أن هذا ربما يكون مشروعا قد يمتد لعدة أعوام من دون ضمان بالسداد الكامل للمبالغ المستحقة. ولن يكون من المرجح أن يولد ذلك الإجراء حالة من التعاطف مع هذه الصناديق، التي يلقي كثيرون باللوم عليها في توقف التقدم حتى الآن في المفاوضات بشأن إعادة هيكلة ديون اليونان.

وقد ظهر هذا الأسلوب على السطح خلال محادثات مع محامين وصناديق تحوط؛ إذ بدا من الواضح أن اليونان تدرس تمرير تشريع لإجبار جميع حاملي السندات من القطاع الخاص على تحمل الخسائر، بينما تعفي البنك المركزي الأوروبي، الذي يعد أكبر حامل مؤسسي لسندات يونانية تقدر قيمتها بخمسين مليار يورو تقريبا.

ويشير خبراء قانونيون إلى أن المستثمرين ربما يكونون أصحاب حق، نظرا لأنه إذا قامت اليونان بتغيير شروط سنداتها بحيث يحصل المستثمرون على أقل من المبالغ واجبة الدفع لهم، ربما يمكن اعتبار ذلك انتهاكا لحقوق الملكية - وفي أوروبا، تدخل حقوق الملكية ضمن حقوق الإنسان.

وتعتبر عملية إعادة هيكلة السندات إجراء حاسما بالنسبة لليونان من أجل حصولها على آخر حزمة إنقاذ من المجتمع الدولي. وكجزء من تلك الحزمة التي تبلغ قيمتها 130 مليار يورو (165.5 مليار دولار)، تتطلع اليونان لتقليل حجم ديونها بقيمة 100 مليار يورو حتى عام 2014؛ بإجبار المصرفيين على قبول خسارة قيمتها 50 في المائة على سندات جديدة يحصلون عليها في مبادلة دين.

وبحسب مسؤول حكومي رفيع مشارك في المفاوضات، سوف تقدم اليونان عرضا للدائنين هذا الأسبوع يضم سعر فائدة أو «كوبون» على سندات جديدة يتم الحصول عليها مقابل السندات القديمة التي كانت تطالب بها نسبة أقل من نسبة دائني القطاع الخاص الأربعة في المائة، وسوف يجبرون على قبولها، شاءوا أم أبوا.

«إنها فترة عصيبة بالنسبة لنا. لقد مضى وقت المجاملات»، هذا ما قاله الشخص الذي لم يكن مصرحا له بالحديث علنا. وأضاف: «سيتعين على هؤلاء الرفاق قبول كل شيء».

أثار التوقف المفاجئ، الأسبوع الماضي، للمحادثات الجارية في أثينا، احتمال أن لا تتلقى اليونان حزمة الإنقاذ المقدرة بثلاثين مليار يورو، وربما يجعلها تخسر مدفوعات سندات قيمتها 14.5 مليار يورو من المقرر دفعها يوم 20 مارس (آذار)، التي تعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لها، مما قد يجعل الدولة تنزلق إلى حالة عجز عن سداد ديونها ويهدد عضويتها في منطقة اليورو.

تستأنف المحادثات بين الطرفين اللذين وقع الاختيار عليهما عشية الأربعاء في أثينا، عند لقاء تشارلز دالارا من معهد التمويل الدولي، الذي يمثل حاملي السندات من القطاع الخاص، برئيس وزراء اليونان لوكاس باباديموس ونائبيه.

وفي حين حاول الطرفان تبني أسلوب استرضائي، فإن التهديد بالعجز عن السداد وانتقال الأزمة إلى دول أخرى عرضة للمخاطر مثل البرتغال، يظل واضحا.

«في رأيي، ليس من المحتمل أن تكون تلك آخر عملية إعادة هيكلة نمر بها في أوروبا»، هذا ما قاله هانز هوميس، خبير عمليات إعادة هيكلة الديون والرئيس التنفيذي لـ«غري لوك كابيتال»، صندوق التحوط الوحيد ضمن لجنة تحفيز القطاع الخاص، التي تأخذ زمام المبادرة في المفاوضات اليونانية.

«لقد قطع القطاع الخاص شوطا طويلا. ونأمل في أن تتفق الأطراف الأخرى على أن الوصول إلى اتفاق طوعي سيكون أكثر فائدة من البديل الآخر».

يتمثل جوهر النزاع في الإصرار المتزايد من جانب ألمانيا وصندوق النقد الدولي على أن اقتصاد اليونان سيستمر في الانهيار، ويجب تقليل حجم ديونها (التي تقدر الآن بنحو 140 في المائة من إجمالي الناتج المحلي) بأسرع ما يمكن.

وقد ضغط هذان اللاعبان القويان (اللذان يتحكمان في حزم إنقاذ اليونان الحالية والمستقبلية) على اليونان من أجل تبني أسلوب أكثر عدوانية في التعامل مع دائنيها. نتيجة لذلك، فإن اليونان لم تطالب حاملي السندات فقط بقبول نسبة خسارة قيمتها 50 في المائة على سنداتهم الجديدة، بل أيضا بقبول سعر فائدة أقل عليها. إن هذا سيكون إجراءا عسيرا بالنسبة للمستثمرين، بالنظر إلى الخسائر الضخمة التي يواجهونها بالفعل، الذي يحتمل أن يؤدي إلى زيادة نسبة الخسائر لتتراوح ما بين 60 و70 في المائة.

ومن شأن سعر الفائدة المنخفض أن يساعد اليونان في تقليل أسعار الفائدة العقابية التي تدفعها على ديونها، الأمر الذي يسهل عليها خفض العجز في ميزانيتها.

ولزيادة الرفع المالي لليونان، قال مشاركون في المفاوضات إنه يمكنهم إلحاق مجموعة من شروط الإجراءات الجماعية بالسندات محل النزاع، في خطوة من شأنها أن تمنحهم الحق القانوني في تحميل جميع حاملي السندات الخسائر. وسوف يستهدف هذا الإجراء بشكل خاص من يطلق عليهم اسم «المنتفعين بالمجان»، وهم المضاربون الذين قالوا إنهم لن يوافقوا على تحمل خسائر ويراهنون على أن الصين عندما تتلقى حزمة إنقاذ في مارس (آذار)، سوف تتمكن من سداد قيمة سنداتها بالكامل.

وإذا تم اللجوء إلى شرط إجراء جماعي - يقول مسؤولون يونانيون إنه ربما يتخذ شكل قانون الأسبوع المقبل - من المرجح أن يتكبد هؤلاء المستثمرون، الذين اشتروا سنداتهم بقيمة نحو 40 سنتا على الدولار، خسارة.

ومن شأن هذا بدوره أن يؤدي بالمستثمرين إلى الادعاء في محكمة حقوق الإنسان بأنه قد تم انتهاك حقوق ملكيتهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»