مصر: خبراء يتوقعون عمليات استحواذ مع تراجع أسعار الأصول

قطاع الخدمات المالية قد يواجه النصيب الأكبر منها بسبب تراجع أداء سوق المال

يرى الخبراء أن القطاع البنكي سيشهد العديد من الاستحواذات
TT

يتوقع خبراء أن تشهد السوق المصرية صفقات استحواذ خلال العام الحالي، على الرغم من التوترات السياسية في البلاد وعدم وضوح المنهج السياسي والاقتصادي الذي ستتبعه البلاد خلال الفترة المقبلة، لكن تراجع أسعار الأصول قد يرفع شهية المستثمرين، الذين دخلوا في حوار مع الأحزاب الإسلامية التي حققت أغلبية في البرلمان المنتخب أخيرا، لاستكشاف استراتيجيتهم خلال المرحلة المقبلة.

والتقت المجموعة المالية «هيرمس»، أكبر بنك استثماري في مصر، مع قيادات إسلامية متشددة لعرض المخاوف المتعلقة بحصول التيار الإسلامي على أغلبية مقاعد البرلمان، وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وسعت الأحزاب الإسلامية لطمأنة المستثمرين بمشاركتها في دعم البورصة المصرية، عبر افتتاح إحدى جلسات التداول.

وأرجع خبراء توقعاتهم إلى سعي الشركات الكبرى إلى اقتناص الفرص التي أملتها الأوضاع الاقتصادية على الشركات المصرية الصغيرة التي لم تستطيع أن تواجه الوضع الحالي. ورشح الخبراء قطاع الخدمات المالية لأن يكون على رأس عمليات الاستحواذ بعد تراجع أداء سوق المال، مما أدى إلى توقف أغلب الشركات العاملة في هذا القطاع الحيوي.

وأعلنت شركة «العربية للاستثمارات والتنمية القابضة» للاستثمارات المالية يوم الأربعاء الماضي أنها اتفقت على شراء حصة رئيس مجلس إدارة شركة «بلتون المالية القابضة»، البالغة 20 في المائة، بسعر قدره 16 جنيها (2.6 دولار) للسهم الواحد، بقيمة إجمالية قدرها 26.8 مليون جنيه (4.4 مليون دولار)، وتعتبر هذه الصفقة هي أولى عمليات الاستحواذ التي تتم داخل البورصة المصرية في عام 2012.

ومنذ عامين، فشلت مفاوضات الاستحواذ بين شركتي «بايونيرز القابضة» و«بلتون»، وكانت عملية الدمج تهدف إلى تكوين كيان استثماري قوي يخدم أسواق الدول العربية كافة، يمارس جميع الأنشطة المالية في عدد من الدول العربية. وقالت وقتها شركة «بلتون» إن مجلسي إدارة الشركتين قررا عدم المضي قدما في تلك الصفقة، نظرا لعدم الاتفاق على الاستراتيجية المستقبلية لإدارة الكيان الجديد بعد إتمام تلك الصفقة.

يقول عوني عبد العزيز، رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، إن شركات الوساطة تعرضت لهزة عنيفة خلال العام الماضي، فقدت على أثرها نحو 80 في المائة من إيراداتها، وأصبحت تعيش حالة صعبة للغاية، فهي لا تؤدي الخدمة المرجوة منها، كما أن العمالة التي تكفلت بتدريبها وتكلفت نظير ذلك ملايين الجنيهات بدأت في تسريحها، وأضاف: «أغلب الشركات في هذا القطاع على وشك الإفلاس، والكثير منها أغلق فروعا كثيرة والبعض الآخر جمد نشاطه».

ويرى عوني أنه بعد الحالة التي أصابت تلك الشركات، لن يكون أمامها سوى الاندماج مع شركات في نفس الحجم، أو انتظار أن تقوم شركات كبرى بالاستحواذ عليها.

وتابع: «هناك إحصائيات غير رسمية تشير إلى قيام من 20 إلى 22 شركة بتجميد نشاطهم خلال العام الماضي».

ولكنه يرى أن الذي يعيق عملية الاستحواذ في السوق هو تقييم تلك الشركات، فغالبا ما يتم التقييم بأسعار منخفضة جدا، فالمشتري دائما ما يستغل الظروف الراهنة ويفرض تقييمه على الطرف الآخر.

وأضاف: «قطاع الخدمات المالية أكبر قطاع تأثر بسبب الثورة، فالبورصة توقفت دون إرادتنا لنحو 55 يوما، وعادت بـ20 في المائة من حجمها، لذلك فإن إيراداتنا التي تعتمد على عمولات التداول انخفضت بنحو 80 في المائة».

ويرى محمد سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «آي دي تي للاستشارات والنظم»، أن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد، لا تستطيع مواجهتها سوى الشركات الكبرى فقط، التي لديها استراتيجيات للتعامل مع تلك المواقف، كما أن لديها توازنات في الانتشار وتوزيع المخاطر تمكنها من عبور الأزمات، ويؤكد سعيد أن قطاع الخدمات المالية من أوائل القطاعات المرشحة لعمليات استحواذ واندماجات خلال الفترة المقبلة.

من جهته، أشار محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إلى أن تراجع البورصة المصرية مؤخرا كشف عن وجود فرص للاستحواذ على الكثير من الشركات المهمة والاستراتيجية بأسعار رخيصة، نتيجة التأثيرات السياسية والأمنية.

وأكد عادل ظهور ميول لدى المستثمرين خلال الفترة الأخيرة تتجه نحو اقتناص الفرص والصفقات الرخيصة، لأنه في حال وجود عدد محدود من المستثمرين في السوق، والكثير من الأصول المعروضة للبيع ينفذ المستثمرون أقوى الصفقات الاستثمارية الرخيصة، خاصة في قطاعات مثل الإسكان، الذي يمتاز بارتفاع مخزون الأراضي لدى شركاته، في وقت تشهد فيه مصر بعد ثورة 25 يناير سياسات متشددة لبيع الأراضي.