مسودة الاتحاد الأوروبي تشدد غرامات المعاهدة المالية

الاتحاد الأوروبي يسعى جاهدا إلى حل الخلاف مع بريطانيا

تسعى أوروبا إلى حل الخلاف الذي نشب مع بريطانيا إزاء التصويت على خطط التقشف (أ.ب)
TT

أظهرت أحدث مسودة للمعاهدة المالية الأوروبية الجديدة أن المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي ستكون مخولة بفرض غرامات على دول الاتحاد التي لا تدرج قاعدة بشأن ضبط الميزانية في دساتيرها تصل إلى 1.‏0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذا تشديد لمسودة سابقة للمعاهدة المالية التي قد توقعها كل دول الاتحاد الأوروبي عدا بريطانيا. والمعاهدة المالية هي أحدث محاولات الاتحاد الأوروبي لاستعادة ثقة الأسواق في الماليات العامة للاتحاد، ولا سيما الدول الـ17 التي تستخدم اليورو.

ويجتمع ميشال بارنييه، مفوض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن تنظيم التمويل، مع وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، يوم الاثنين المقبل لإجراء محادثات من المرجح أن تكون صعبة بشأن قواعد يرى أوزبورن أنها ستضر بوضع مدينة لندن.

وتوترت العلاقات بين المفوضية الأوروبية في بروكسل التي تحدد اتجاه تنظيم قطاع البنوك والتمويل، وبين لندن التي تخشى أن تفقد استقلالها في الإشراف على مركزها المالي القوي.

وخلال اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، مجموعة من المطالب لاستثناء وضع لندن، العاصمة المالية لأوروبا، من بعض قواعد الاتحاد الأوروبي مقابل دعمه لمعاهدة تؤسس لضوابط أكثر صرامة على ميزانيات الدول الأوروبية.

لكن المطالب التي شبهها دبلوماسي بأنها محاولة لجعل لندن ملاذا خارجيا للمؤسسات المالية قوبلت بالرفض، وغادر كاميرون بروكسل خالي الوفاض وهو ما جعل الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي تمضي قدما نحو المعاهدة المالية من دون بريطانيا.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته: «الأشهر القليلة الماضية شهدت صعودا وهبوطا في علاقة بريطانيا والمفوضية.. المفوض بارنييه يتطلع للقاء وزير المالية البريطاني لمناقشة المسائل العديدة ذات الاهتمام المشترك».

وسيناقش بارنييه وأوزبورن مسائل محل خلاف مثل قواعد الاتحاد الأوروبي التي تحدد نسبة رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها والتي يريد أوزبورن تغييرها قبل وضع اللمسات النهائية عليها.

وبموجب المعاهدة يتعين على كل الدول الموقعة أن تعدل دساتيرها في غضون عام لتضيف قاعدة تنص على ألا يتجاوز عجز الميزانية 5.‏0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بالمعايير الهيكلية.

وإذا تجاوزت هذه النسبة فستتعرض لإجراءات تصحيحية تلقائية. وكانت المسودات الأولى للمعاهدة المالية قد نصت فقط على أن دول الاتحاد الأوروبي يمكنها أن تقاضي بعضها بعضا في محكمة العدل الأوروبية إذا رأت أن دولة لم تدرج قاعدة ضبط الميزانية في دستورها.

والآن تقول المسودة الجديدة التي من المرجح أن يناقشها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل وزعماء الاتحاد الأوروبي في 30 يناير (كانون الثاني) الحالي، إنه إذا تجاهلت دولة حكما من المحكمة بإدراج «القاعدة الذهبية» فإنها ستتعرض لغرامة، بينما أقرت الحكومة المحافظة في إسبانيا أمس بأنها قد لا تفي برقمها المستهدف لخفض عجز الميزانية إلى 4.‏4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مثلما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي.

وقال وزير المالية كريستوبال مونتورو للنسخة الألمانية من صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية: «إن خطة خفض عجز الميزانية إلى 4.‏4 في المائة من عجز مقدر بنسبة 8 في المائة في عام 2011 اعتمدت على توقعات (قديمة) للنمو».

وكانت الحكومة الاشتراكية السابقة التي أطيح بها في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) توقعت نموا يبلغ 3.‏2 في المائة هذا العام. ومع ذلك، قال صندوق النقد الدولي في تقرير أولي، إنه يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإسباني بنسبة 7.‏1 في المائة في عام 2012 وبنسبة 3.‏0 في المائة في عام 2013. ورغم ذلك، احتفظت الحكومة بالتزامها بخفض العجز إلى 4.‏4 في المائة هذا العام، حسبما قالت مصادر بوزارة المالية عقب نشر المقابلة.

واعتمدت حكومة رئيس الوزراء ماريانو راخوي سياسات تقشف قاسية في محاولة لاستعادة ثقة السوق في الملاءة المالية لليونان. وأعلنت عن حزمة أولية لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب بقيمة 15 مليار يورو (5.‏19 مليار دولار) ومن المتوقع أن يليها المزيد من الإجراءات.

وأحرزت اليونان وحائزو سنداتها من القطاع الخاص أمس تقدما في مفاوضات اتفاق تبادل الديون الذي يعد مهما للحصول على قروض إنقاذ جديدة وتجنب العجز عن السداد.

وتسابق الدولة المثقلة بالديون الزمن من أجل بلورة اتفاق بحلول الاثنين المقبل لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ ثانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قبل 20 مارس (آذار) المقبل، موعد استحقاق سندات بقيمة 5.‏14 مليار يور و(5.‏18 مليار دولار).

وقال مسؤولون من معهد التمويل الدولي، وهو مجموعة تمثل نحو 450 مؤسسة مالية، إنه تحققت انفراجة في المفاوضات مع الحكومة اليونانية.

وذكرت صحيفة يونانية أن رئيس المعهد تشارلز دالارا سيعقد مؤتمرا عالميا عبر الهاتف مع مؤسسات مالية يمثلها بشأن التقدم في المفاوضات. كما قالت صحيفة «تو فيما» إن الجانبين يقتربان من إبرام اتفاق.

وتسعى أثينا إلى خفض دينها البالغ 350 مليار يورو بمقدار 100 مليار يورو عبر مطالبة الدائنين بخفض طوعي لقيمة السندات التي لديهم بما يفتح الباب أمام إتمام حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 130 مليار يورو. وستكون تلك إضافة على حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو اتفقت عليها اليونان مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في عام 2010.

وقال الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد إن أثينا لن تحصل على حزمة المساعدات الجديدة ما لم يوافق حائزو السندات على خفض ما لديهم من ديون يونانية بقيمة 50 في المائة مقابل الحصول على دفع نقدي وسندات جديدة بمواعيد استحقاق أبعد.

وتركز المفاوضات على سعر الفائدة الذي سيتم عرضه للسندات الجديدة التي ستحل محل السندات التي حل موعد استحقاقها.