أزمة الإسمنت في السعودية على طاولة البحث في «جمعية حماية المستهلك»

السعر وصل إلى 12 دولارا.. وتحذيرات من توقف مشاريع إنشائية

تصاعد أزمة الإسمنت تخلق خللا في حركة المشاريع الحكومية والخاصة («الشرق الأوسط»)
TT

كشف رئيس جمعية حماية المستهلك في السعودية عن عزم الجمعية تبني أزمة ارتفاع الإسمنت وما سببته من توقف عدد من المشاريع في الجهات الحكومية والخاصة، حيث تجاوز سعر كيس الإسمنت الواحد في بعض المدن 45 ريالا في حين أن البيع الرسمي والمحدد من قبل وزارة التجارة 13 ريالا فقط.

وقال الدكتور ناصر التويم، رئيس جمعية حماية المستهلك في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجمعية تبنت قضية أزمة الإسمنت وفتحت ملفا خاصا لدراستها ومعرفة أسبابها بدءا من المصانع وانتهاء بتوزيعها من قبل الموردين إلى المستهلك». وأضاف: «دراسة القضية بشكل متكامل تساعدنا على إعداد تقرير مفصل عن التجاوزات التي حدثت في أسعار الإسمنت في حال وجود مبررات مفتعلة أو اقتصادية بناء على العرض والطلب وإنتاجية المصانع لتسهم في صنع القرار للجهات ذات العلاقة».

ويأتي ذلك في وقت يسعى عدد من المصانع إلى زيادة إنتاجها السنوية بنسبة تزيد على 15 في المائة، وذلك يرجع للعروض المقدمة من شركات محلية وعالمية في الإنشاء حصلت على عقود حكومية لمشاريع حيوية في السعودية. وكانت أزمة الإسمنت قد فتحت أزمة ارتفاع أسعار الإسمنت في السعودية «غير المبررة»، كما فتحت باب توفير الإسمنت لتغطية المشاريع الحكومية، المدرجة على ميزانية هذا العام. وقدر متعاملون حجم تغطية الكمية المناسبة لهذا العام حسب الدراسات الاقتصادية والميدانية لتلك المشاريع بـ52 مليون طن.

ويقدر حجم الطاقة الاستيعابية لمصانع الإسمنت في السعودية بـ40 مليون طن، أي ما يتوقع أن يحدث عجزا في توفير 12 مليون طن لتمويل المشاريع الحكومية، إذا ما استثني منها المشاريع الخاصة والإسكانية في السعودية. واعتبر أصحاب مصانع الإسمنت أن أسعار الإسمنت الحالية غير مبررة، وأنها خارجة عن إرادتهم، في حين أن بعض المصانع الصغيرة أرجعت السبب في ذلك لتوقيع عقود لشركة «أرامكو» للتزود وتوفير الوقود، حيث تسبب ذلك في ارتفاع أسعار التصنيع لقيام تلك المصانع بشراء المحروقات بالأسعار السوقية.

وحذرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» من استمرار أزمة الوقود، الأمر الذي قد يتسبب في توقف الإنتاج الفعلي لـ8 مصانع جديدة، معتبرة الوقود السبب الفعلي لعدم استقرار أسعار الإسمنت. وأشارت المصادر إلى أن معظم شركات المقاولات ليس لديها مخزون فعلي للإسمنت، وأن تلك الشركات قامت منذ وقت مبكر بالتعاقد مع شركات الإسمنت لتوفير كميات كبيرة، لتغطية مشاريعها، وبخاصة المشاريع الحكومية.

يذكر أن اللجنة الوطنية لشركات الإسمنت في مجلس الغرف السعودية عقدت اجتماعا الأسبوع الماضي لمناقشة القضايا ذات العلاقة في القطاع، ومن بينها ارتفاع أسعار الإسمنت محليا، حيث وصل سعر الكيس فيها إلى 18 ريالا، وأعلن في الاجتماع أن جميع شركات الإسمنت تعمل بطاقتها القصوى «ولا يوجد مبرر لارتفاع الأسعار»، خصوصا أن الشركات ملتزمة بسعر البيع الرسمي المحدد بـ13 ريالا للكيس.

وأوضح الدكتور زامل بن عبد الرحمن المقرن، رئيس اللجنة، في بيان وزع وقت الاجتماع، أن اللجنة بحثت العديد من المواضيع المتعلقة بنشاط الإسمنت في السعودية، ومن بينها ارتفاع أسعار الإسمنت الذي تشهده بعض مناطق المملكة في الوقت الحالي، مشيرا إلى تأكيد جميع الشركات أنها تعمل بطاقتها القصوى المتاحة، «ولا يوجد أي مبرر لارتفاع الأسعار في بعض مناطق المملكة، خصوصا أن جميع الشركات ملتزمة بالبيع بسعر 13 ريالا للكيس، تسليم المصنع، وهو السعر المحدد منذ ما يقرب من 30 عاما». ونوه بالتعاون السائد بين شركات الإسمنت السعودية لتوفير الإسمنت في المناطق التي يزيد فيها الطلب بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة، لافتا النظر إلى أن الأسواق اعتادت في هذا الوقت من العام أن يرتفع الطلب على الإسمنت، وبخاصة مع طرح مشاريع كبرى. إلى ذلك، لا تزال أزمات الإسمنت في السعودية تتواصل شهرا تلو الآخر بسبب ارتفاع الطلب ونقص المعروض، حيث وصل سعر كيس الإسمنت يوم أمس في محافظة جدة (غرب السعودية) نحو 22 ريالا (5.9 دولار). وأوضح موزعو الإسمنت في محافظة جدة أن تأخر الصرف يمتد إلى أكثر من 10 أيام مع ارتفاع سعره من المصنع منذ فترة إلى 13 ريالا للكيس الواحد (3.4 دولار) بعد أن كان يباع في أوقات سابقة بـ11 ريالا (2.9 دولار).

وأوضح سافر العوفي، مدير مؤسسة لتجارة الإسمنت (غرب السعودية): «ننتظر نحو 10 أيام للحصول على الشحنة المحددة للشاحنة التي تحمل نحو 500 كيس، مقابل أن هذا يكلف الموزعين مبالغ كبيرة منها إيجار يومي للناقلات يبلغ 300 ريال يوميا (80 دولارا)، مما يخفض الهامش الربحي لبيع كيس الإسمنت».

وأضاف العوفي: «رواتب السائقين ووقود الناقلات ومصاريف أخرى تجعل قيمة بيع الإسمنت غير مربحة إطلاقا للتجار، حيث إن وزارة التجارة والصناعة تحدد سعر البيع بنحو 15 ريالا (4 دولارات) وهذا السعر في حالة انتظار الموزع فترة لا تتجاوز اليوم الواحد، في حين يشتكي الموزعون بأن ذلك لا يوفر لهم تغطية التكاليف من نقل وغيره، ناهيك عن زيادة فترة الانتظار».