د. ماجد المنيف: الطاقة وأزمة الديون السيادية تتصدران قضايا الاجتماع البرلماني لمجموعة العشرين بالرياض

عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في « الشورى» السعودي لـ «الشرق الأوسط»: الاقتصاد المزدهر يعزز دور المملكة في منظومة الاقتصاد العالمي

الاجتماع التشاوري لرؤساء برلمانات مجموعة العشرين في السعودية يأتي ليعزز من دور المملكة في منظومة الاقتصاد العالمي (تصوير: خالد الخميس)
TT

اعتبر الدكتور ماجد عبد الله المنيف، الخبير الاقتصادي عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى السعودي، أن مركز بلاده في ميزان الطاقة العالمي ودورها في سوق النفط الدولية كانا عاملين رئيسيين في اختيار موضوعي «دور الطاقة في التنمية المستدامة» و«أزمة الديون السيادية التي تعاني منها العديد من دول مجموعة العشرين» للتعرض لهما خلال الاجتماع التشاوري لرؤساء برلمانات دول المجموعة، والذي سيعقد في الأسبوع الأخير من شهر فبراير (شباط) المقبل ويستضيفه مجلس الشورى السعودي بالعاصمة الرياض، كاشفا في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الاجتماع التشاوري سيتعرض في الجانب الاقتصادي لهذين الموضوعين المهمين وتأثيراتهما على السياسات المالية للدول مجموعة العشرين، مشددا على أن مركز السعودية في ميزان الطاقة العالمي ودورها في سوق النفط الدولية كانا عاملين رئيسيين في اختيار الموضوع الأول، أما أزمة الديون السيادية فعلى الرغم من أن السعودية هي أحد أهم اقتصادات المجموعة التي لا تعاني من ذلك، فإن التأثير المحتمل لتلك الأزمة على النمو والاستقرار الاقتصادي العالمي سيطال جميع الاقتصادات تماما كما طال تأثير الأزمة المالية في 2008 - 2009 التي كان مصدرها الولايات المتحدة وأوروبا، دول العالم المختلفة بما فيها السعودية.

وأشار د.ماجد إلى أن انعقاد الاجتماع التشاوري لرؤساء برلمانات مجموعة العشرين في السعودية يأتي ليعزز من دورها في منظومة الاقتصاد العالمي، والذي اكتسبته من مكانتها في سوق الطاقة العالمية وحجم اقتصادها في منطقة الشرق الأوسط والاستقرار الذي تنعم به والسياسات البترولية والاقتصادية والمالية التي اتبعتها على مر العقود، وفوق هذا وذاك انفتاح اقتصادها ومركزها في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وعضويتها في مجموعة العشرين ومساهماتها في مؤسسات العون الإنمائي الإقليمي والدولي والمبادرات التجارية والاقتصادية التي اتخذتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، لافتا إلى أن بلاده من أهم الدول المنتجة والمصدرة للبترول في العالم، وأسهم حجم إنتاجها وطاقتها الإنتاجية إضافة لحجم احتياطياتها البترولية وسياساتها الإنتاجية والتسعيرية وموثوقية إمداداتها إلى العالم ودور البترول في استهلاك الطاقة، في أن تصبح السعودية طوال العقود الماضية ركنا أساسيا في ميزان الطاقة العالمي، ومساهما في تأمين الإمدادات إلى العالم وفي استقرار الأسواق ونمو الاقتصاد العالمي.

وزاد د.المنيف بالقول إن السعودية باحتياطياتها من البترول ومن الغاز تعد الأولى والرابعة عالميا على التوالي. وعلى الرغم من تذبذب إنتاجها من الخام وسوائل الغاز بين أعلى مستوى عند نحو 10.5 مليون برميل يوميا عام 2011 وأدنى مستوى عند 3.6 مليون برميل يوميا عام 1985، فإنها حافظت على أعلى مستوى من الطاقة الإنتاجية غير المستغلة في العالم، مما أعطاها قوة وتأثيرا على مجريات السوق النفطية. أما إنتاجها من الغاز فقد استمر في التزايد بغض النظر عن تطورات سوق النفط وإنتاج الزيت، حيث تمكنت من تطوير احتياطيات الغاز غير المصاحب حتى وصلت نسبته من الإنتاج والاحتياطي إلى نحو 50 في المائة نهاية العقد الحالي. وأشار إلى أن إنتاج الخام كان مرتبطا إلى حد كبير بالسوق العالمية ومؤثراتها من نمو اقتصادي عالمي وإجراءات وسياسات الترشيد وتنويع مصادر الطاقة في الدول المستهلكة وعوامل أخرى، بينما إنتاج الغاز كان مرتبطا بالنمو الاقتصادي المحلي والتنمية الصناعية والحضرية.

وذكر د.ماجد عبد الله المنيف أن المركز المتميز للسعودية في سوق وعلاقات الطاقة العالمية يعود إلى حجم إنتاجها وصادراتها، حيث تبوأت السعودية طوال العقود الأربعة الماضية صدارة الدول المصدرة للبترول بمتوسط حصة 15 في المائة عالميا، وكذلك تنوع زيوتها من الخفيف جدا إلى الثقيل، وتنوع أسواقها إلى القارات كافة، وتنوع مرافق التصدير على البحر الأحمر والخليج العربي، وكذلك السياسة التي اختطتها منذ عقدين بالاحتفاظ بطاقة إنتاجية غير مستغلة لاستخدامها في حال انقطاع الإمدادات أو جنوح الطلب، إذ بلغ متوسط هذه القدرة الإنتاجية غير المستغلة 35 في المائة من إنتاج النفط السعودي خلال الفترة 1982 - 1990، ونحو 13 في المائة خلال التسعينات، و14 في المائة خلال 2000 – 2011، بينما كانت المعدلات الإنتاجية غير المستغلة لـ«أوبك» عموما خلال الفترات الثلاث أقل من السعودية عند 17 و6 و4 في المائة على التوالي. وتبنت السعودية سياسة رسمية منذ منتصف التسعينات تسعى للحفاظ على ما يتراوح بين 1.5 مليون ومليوني برميل يوميا كطاقة إنتاجية فائضة دوما لاستخدامها عند الحاجة. وقد ساعد هذا الفائض في الطاقة الإنتاجية طوال التسعينات وما بعدها على إبقاء الأسواق متوازنة ومستقرة. وأكد على دور السعودية باعتبارها الملاذ الأخير للإمدادات النفطية في العالم.

وشدد د.المنيف على مركز اقتصاد السعودية إقليميا وعالميا، إذ إنه «يعد أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط عموما والمنطقة العربية ومجلس التعاون الخليجي بوجه خاص، حيث يمثل ناتجه الإجمالي البالغ 1630 مليار ريال عام 2011 نحو 15 و26 و46 في المائة من النواتج المحلية للشرق الأوسط والمنطقة العربية ومجلس التعاون على التوالي. أما قطاع التجارة الخارجية في المملكة (مجموع الصادرات والواردات) فيبلغ حجمه 348 مليار دولار، وقيمة الصادرات البترولية 215 مليار دولار، ويبلغ فائض الميزان التجاري 154 مليار دولار، وفي الحساب الجاري (الذي يشمل الخدمات والتحويلات) نحو 67 مليار دولار لعام 2010».

وأضاف د.ماجد بالقول «وقد عزز الاقتصاد السعودي في الآونة الأخيرة موقعه عالميا في مختلف المؤشرات الدولية. فقد تم تصنيف السعودية كواحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم. واحتلت المركز التاسع عالميا من حيث الاستقرار الاقتصادي، والمرتبة 15 بين أكبر المصدرين للسلع في العالم، والمرتبة 21 بين أكبر المستوردين للسلع في العالم (باستثناء التجارة البينية لدول الاتحاد الأوروبي) والمرتبة 28 بين أكبر المستوردين للخدمات في العالم، إضافة إلى احتلال المرتبة السابعة في مؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمية. وتسهم السعودية من خلال برامج ومؤسسات المساعدات الإنمائية لديها أو البرامج والمؤسسات الإقليمية والدولية التي هي عضو فيها في تمويل مشاريع التنمية في الدول النامية. وتتبوأ السعودية منذ ثلاثة عقود الصدارة عالميا في حجم المساعدات الإنمائية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ إجمالي مساعداتها الإنمائية نحو مائة مليار دولار، وبنسبة 1.1 في المائة من ناتجها الإجمالي، متجاوزة نسبة الـ0.7 في المائة المستهدفة من الأمم المتحدة كمعونات من الدول الصناعية المتقدمة للدول النامية».

وأعاد الدكتور المنيف تبوؤ السعودية تلك المراكز إلى أسباب عدة، منها «الإنجازات الاقتصادية طوال العقود الماضية، إذ أدى تبني العديد من الاستراتيجيات والبرامج والتشريعات في كل المحاور واستثمار الموارد المالية وتطوير الموارد البشرية إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، خصوصا منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2000 الذي جاء استجابة لتغير بنية الاقتصاد السعودي وعلاقاته وسوق العمل والتطورات التجارية والمالية والعالمية، حيث شمل برنامج الإصلاح إعادة النظر وسن أنظمة وتشريعات عدة لتسهيل بيئة الأعمال وحفز النمو الاقتصادي وتبني العديد من الاستراتيجيات القطاعية، كما شمل برنامج الإصلاح هيكلة مستويات اتخاذ القرار الاقتصادي سواء بإنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى أو إعادة هيكلة الأجهزة التنفيذية المعنية بالقرار الاقتصادي. وكان لتلك الأنظمة والبرامج إلى حد كبير دور في تسهيل انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية عام 2005. وبسبب هيكل الاقتصاد السعودي المعتمد على قطاع النفط كمصدر أساس للإيرادات العامة وكمحرك للنشاط الاقتصادي ولتأثر اقتصادها بالتغيرات والتطورات الاقتصادية والمالية والعالمية، فقد مر اقتصاد السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية بتحولات عدة انعكست على الأنظمة والقوانين والسياسات والهياكل المعنية بالشأن الاقتصادي. فقد أعقبت فترة ما عرف بالطفرة الأولى 1973 - 1981 الناتجة عن ارتفاع الإيرادات البترولية فترة انحسار طويلة نسبيا امتدت حتى نهاية عقد التسعينات، تبعتها طفرة أخرى منذ عام 2003 حتى نهاية العقد».

ولاحظ د.المنيف أنه على الرغم من أن هدف تنويع قاعدة الاقتصاد السعودي كان وسيظل أهم أهداف التخطيط التنموي في السعودية، فإن قطاع النفط لعب ولا يزال يلعب دورا محوريا في التنمية والتنويع الاقتصادي. وأضاف «شكلت الإيرادات النفطية منذ بداية التخطيط التنموي عام 1970 وحتى الآن نحو 80 في المائة من الإيرادات العامة. ومع أن مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الحقيقي انخفضت من متوسط سنوي نحو 60 في المائة في عقد التسعينات إلى نحو 33 في المائة خلال العقد 2000 - 2010 بسبب تحقيق إنجازات ملموسة في تنويع القاعدة الاقتصادية، فإنه وعند تلك النسبة لا يزال قطاع النفط يستحوذ على أعلى حصة في الناتج المحلي الحقيقي. وقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العقدين الماضيين بمتوسط سنوي 3.5 في المائة، كما تسارع نمو الناتج غير النفطي الحقيقي خلال العقد الماضي بمعدل سنوي 4.5 في المائة مدفوعا بالإصلاحات الاقتصادية، وكان من نتائج ذلك النمو زيادة نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى متوسط 69.4 في المائة خلال العقد الحالي، من متوسط 62.7 في المائة في العقد السابق».

ورأى في هذا الصدد أن لزيادة حجم وروافد الاستثمار دورا في ذلك النمو والتغير في هيكل الناتج المحلي «إذ ازداد الاستثمار الإجمالي طوال العقدين الماضيين بمعدل 6.2 في المائة سنويا، وتزايد بشكل ملحوظ خلال الفترة 2003 - 2010 بمعدل 11.2 في المائة سنويا، وبلغ متوسط مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمار خلال هذه الفترة نحو 72 في المائة، مرتفعة من 46 في المائة عام 1990 إلى نحو 85 في المائة عام 2000، متزايدة بنسبة 7.7 في المائة سنويا خلال العقدين. لكن تراجعت مساهمته في العقد الحالي بسبب زيادة الاستثمار الحكومي الناتج عن تزايد الإيرادات من جهة وبرامج الحفز المالي في أعقاب الأزمة المالية العالمية من جهة أخرى».

وشدد على أن ارتفاع معدلات نمو الناتج وانخفاض مساهمة القطاع النفطي وتنويع مصادر الدخل سواء بتطوير القطاع الصناعي، خصوصا البتروكيماويات، أو تطوير القطاعات الخدمية المختلفة، لا يزال يواجه تحديات عدة، وأهم تلك التحديات استمرار هيمنة القطاع النفطي على الإيرادات الحكومية وبالتالي الانفاق الحكومي، وتأثيرات ذلك المضاعفة على الاقتصاد من جهة أو على هيكل الناتج المحلي الإجمالي من جهة أخرى، سواء من ناحية مساهمة القطاعات الاستخراجية (النفط والغاز) بشكل مباشر في الناتج أو بشكل غير مباشر من خلال مساهمتها في قطاع الصناعات التحويلية (تكرير النفط وصناعة البتروكيماويات) أو مساهمتها في توفير الطاقة الرخيصة لقطاع المرافق العامة (الكهرباء والمياه) وتأثير ذلك على نمو القطاعات الخدمية، وهذا النمط من المتوقع استمراره على المدى المنظور. وزاد بالقول «مع أن دور القطاع النفطي في عملية التنويع الاقتصادي مبرر وناتج عن استغلال الميزات النسبية للمملكة، فإن التحدي الذي يواجه متخذي السياسات الاقتصادية هو في الانتقال من مرحلة الصناعات الأساسية المرتبطة بالنفط والغاز إلى صناعات أكثر تنوعا وذات إمكانات توظيف أعلى وتقنيات أكثر تقدما، ولعل البرنامج الوطني للتجمعات الصناعية الذي يسعى إلى اجتذاب صناعات تستفيد من الميزات النسبية المتوافرة وتستفيد من منتجات الصناعات الأساسية الحالية القائمة على النفط والغاز يسهم في ذلك. أما التحدي الثالث فيتمثل في توفير البيئة التقنية والعلمية وإعداد القوى العاملة المدربة والمؤهلة لقيادة عملية التنويع الصناعي».

ورأى الدكتور ماجد المنيف أن «ما أسهم في تبوؤ السعودية مركزها الإقليمي تمكنها خلال العقود الماضية من بناء تجهيزات أساسية، الأمر الذي انعكس على مؤشرات النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع بداية العقد الحالي شرعت السعودية في بناء الجيل الثاني من التجهيزات الأساسية ليتناسب مع النمو السكاني والحضري وتنوع النشاط الاقتصادي. ومن أهم ملامح هذا التطور بناء خط سكك الحديد الشمال – الوسط - الشرق لنقل الخامات المعدنية من الشمال إلى ساحل الخليج العربي وبناء مدينة للصناعات التعدينية في رأس الخير على ساحل الخليج. كما جرت توسعة وتحديث البنية الأساسية القائمة كبناء محطات توليد كهرباء وتحلية المياه المالحة بمشاركة من القطاع الخاص، هذا إضافة للتوسع في الطرق والمطارات وسكك الحديد والاتصالات. ويجب التأكيد أن ذلك القطاع سيواجه تحديات عدة في السنوات القادمة تتطلب تخطيطا سليما، ومن تلك التحديات المواءمة بين العرض والطلب على تلك التجهيزات في ظل الدورات التي يمر بها الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أنماط وتكاليف استخدام التجهيزات وصيانتها وتشغيلها واتخاذ السياسات والآليات اللازمة لذلك بما فيها الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص».

واستدرك المنيف بالقول «لكن على الرغم من نمو الدخل وبناء تجهيزات أساسية ملائمة لتنويع الدخل فإن الخصائص الديموغرافية في السعودية تشكل تحديا لمتخذي القرار. فارتفاع معدلات نمو السكان المواطنين بمعدل 2.6 في المائة سنويا خلال العقدين الماضيين، وهو ما يقارب ضعف متوسط المعدل في الاقتصادات الصاعدة والنامية وأربعة أضعاف المعدل في الاقتصادات المتقدمة، إضافة لتزايد أعداد العمالة الوافدة ومرافقيهم بمعدل 4.2 في المائة سنويا طوال العقدين، يضاف إلى ذلك تحيز مستويات التوزيع العمري لصالح الفئات العمرية اليافعة بوجود نحو نصف عدد السكان دون سن الثالثة والعشرين.. كل هذا يؤثر على أعداد المنضمين إلى القوى العاملة وتأهيلهم وتوظيفهم، وعلى موارد مؤسسات التقاعد الحالية والتزاماتها المستقبلية، وعلى مستوى الطلب ودرجة تشغيل التجهيزات الأساسية، إضافة لأمور أخرى تؤثر على النمو واستقراره وتوزيع الدخل».

وعاد الدكتور المنيف إلى الحديث عن تحد آخر يواجه متخذي السياسيات الاقتصادية، موضحا بالقول «ومن التحديات أيضا مستقبل دور السياسة المالية الذي لا يزال محوريا في تحفيز النمو وبناء التجهيزات الأساسية، وإيجاد البيئة المناسبة للأعمال. ويعتبر دور الإيرادات النفطية محددا لدور تلك السياسة، حيث أسهمت عام 2011 بأكثر من 93 في المائة من الإيرادات العامة، وشكل الإنفاق العام 42 في المائة من الناتج المحلي لذلك العام. وبينما نمت الإيرادات خلال عقد التسعينات بمعدل سنوي متواضع بلغ 0.8 في المائة، انحسر الإنفاق العام بمعدل سنوي 3 في المائة. ولكن خلال العقد 2000 - 2011 ارتفعت الإيرادات بمعدل سنوي 23 في المائة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإنفاق العام بمعدل سنوي 12 في المائة، بل وبلغ معدل الزيادة في الإنفاق خلال ما عرف بالطفرة الثانية 2003 - 2011 نحو 15 في المائة سنويا، وتمكنت السعودية بسبب نمو الإيرادات البترولية خلال العقد الأول من الألفية من تسجيل معدل سنوي في فائض الميزانية بلغ 130 مليار ريال، وبنسبة إلى الناتج المحلي نحو 9 في المائة سنويا مقارنة بمعدل عجز إلى الناتج المحلي بلغ متوسطه نحو 47 مليار ريال وبنسبة إلى الناتج نحو 9.5 في المائة خلال عقد التسعينات».

وأشار إلى أن جزءا من ذلك الفائض قد استخدم في سداد الدين العام الحكومي لصناديق التقاعد والمؤسسات شبه الحكومية والبنوك المحلية، مما أدى إلى انخفاض معدل الدين إلى الناتج المحلي من أكثر من 100 في المائة في عقد التسعينات إلى نحو 6 في المائة بنهاية 2011، الأمر الذي أسهم إلى حد كبير في تحسين التصنيف الائتماني للمملكة. وتأثرت المالية العامة بتقلب الإيرادات البترولية بسبب ظروف سوق الطاقة العالمية، وقد أثر ذلك على تقديرات وخطط الإنفاق، على سبيل المثال تراوح الفرق بين تقديرات الإيرادات النفطية في الميزانية والمتحقق فعلا خلال العقد الماضي 2000 - 2010 ما بين 22 و613 مليار ريال عامي 2001 و2008 على التوالي، وبمتوسط فائض سنوي في تلك التقديرات 208 مليارات ريال خلال العقد. وقد واكب الإنفاق العام التذبذب في الإيرادات وإن كان بشكل أقل، إذ تراوح الفرق بين تقديرات الانفاق العام في الميزانية والإنفاق الفعلي خلال العقد ما بين 23 مليارا و110 مليارات ريال عامي 2002 و2008 على التوالي، وبمتوسط 66 مليار ريال خلال العقد 2000 - 2010. ويلاحظ أيضا أن الانفاق الرأسمالي اتبع بشكل أو بآخر التغير في الإيرادات النفطية، إذ توسع في مرحلة تزايدها وتراجع في مرحلة تباطؤها.

واختتم الدكتور المنيف حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على ضرورة الاستفادة القصوى من الطفرة الحالية التي تعتبر الأطول في مسار الطفرات التي مر بها الاقتصاد السعودي، وجعل مكاسبها جسرا للانتقال إلى اقتصاد أكثر كفاءة وتنوعا. وشدد على أن عضوية السعودية في مجموعة العشرين والمشاركة في صياغة القرار الاقتصادي العالمي وإن كانت ميزة ناتجة عن مواردها النفطية ومركزها في ميزان الطاقة ومواردها المالية وحجم اقتصادها في المنطقة، فإنها تشكل تحديا بأن تجعل من ذلك أيضا دافعا من أجل استمرار الاستغلال الأمثل لمواردها وقدرتها على مجابهة التحديات التي تواجه اقتصادها بفعالية. ومن المقرر أن يشارك في الاجتماع رؤساء البرلمانات في دول مجموعة العشرين وممثلوها في كل من الهند، وإندونيسيا، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، وروسيا عن القارة الآسيوية، وجنوب أفريقيا عن قارة أفريقيا، أما أميركا الجنوبية فتمثلها الأرجنتين والبرازيل، في حين تمثل القارة الأوروبية أربع دول من الاتحاد الأوروبي هي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، ويمثل أميركا الشمالية كل من الولايات المتحدة الأميركية، كندا، المكسيك.. أما قارة أستراليا فتمثلها أستراليا.

* احتلت السعودية المركز التاسع عالميا من حيث الاستقرار الاقتصادي، والمرتبة 15 بين أكبر المصدرين للسلع في العالم، والمرتبة 21 بين أكبر المستوردين للسلع في العالم (باستثناء التجارة البينية لدول الاتحاد الأوروبي)، والمرتبة 28 بين أكبر المستوردين للخدمات في العالم، إضافة إلى احتلال المرتبة السابعة في مؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمية.

* عضوية المملكة العربية السعودية في مجموعة العشرين والمشاركة في صياغة القرار الاقتصادي العالمي وإن كانت ميزة ناتجة عن مواردها النفطية ومركزها في ميزان الطاقة ومواردها المالية وحجم اقتصادها في المنطقة فإنها تشكل تحديا بأن تجعل من ذلك دافعا من أجل استمرار الاستغلال الأمثل لمواردها وقدرتها على مجابهة التحديات التي تواجه اقتصادها بفعالية.

* الحكومة السعودية استخدمت جزءا من الفائض المالي في سداد الدين العام الحكومي لصناديق التقاعد والمؤسسات شبه الحكومية والبنوك المحلية مما أدى إلى انخفاض معدل الدين إلى الناتج المحلي من أكثر من 100 في المائة في عقد التسعينات إلى نحو 6 في المائة بنهاية 2011.

* الخصائص الديموغرافية في السعودية تشكل تحديا لمتخذي القرار.. فارتفاع معدلات نمو السكان المواطنين بمعدل 2.6 في المائة سنويا خلال العقدين الماضيين وهو ما يقارب ضعف متوسط المعدل في الاقتصادات الصاعدة والنامية وأربعة أضعاف المعدل في الاقتصادات المتقدمة، إضافة لتزايد أعداد العمالة الوافدة ومرافقيهم بمعدل 4.2 في المائة سنويا طوال العقدين، يضاف إلى ذلك تحيز مستويات التوزيع العمري لصالح الفئات العمرية اليافعة بوجود نحو نصف عدد السكان دون سن الثالثة والعشرين.. كل هذا يؤثر على أعداد المنضمين إلى القوى العاملة وتأهيلهم وتوظيفهم.