مصر: طرح رخص للإسمنت وصكوك للعاملين بالخارج لإنعاش الاقتصاد

لتحفيز الصناعة وتوفير سيولة دولارية لخزانة الدولة

TT

تبحث الحكومة المصرية عن وسائل لعلاج مشكلات طارئة يعاني منها اقتصادها منذ عام من اندلاع الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وقوضت معها ثقة المستثمرين في استقرار البلاد. ورغم إشارات عن قرب استقرار الأوضاع في البلاد بعد انتخابات مجلس الشعب المصري، التي حفزت معها شهية المستثمرين الأجانب في السوق المصرية، التي عكستها المشتريات القوية للمستثمرين الأجانب في البورصة على مدار جلسات الأسبوع الماضي والأسبوع الحالي، فإن هذا لم ينعكس بعد على الأداء الاقتصادي للبلاد.

توفير السيولة لسد عجز موازنة الدولة أصبح الشاغل الأكبر الذي يؤرق الحكومة التي سعت إلى ابتكار طرق جديدة لتوفير سيولة دولارية، فبالإضافة إلى طلبها قرضا بقيمة 3.2 مليار دولار مع مفاوضات لتقليص نسبة فائدته إلى 1.1%، تعتزم الحكومة التقدم بطلب رسمي إلى كل من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي للحصول على قرض جديد يبلغ مليار دولار مناصفة بين البنكين، بواقع 500 مليون من كل بنك.

كما تعتزم الحكومة إحياء فكرة الاعتماد على المصريين في الخارج كوسيلة للحصول على الأموال اللازمة، ولكن هذه المرة من خلال آلية تتيح قيام المصريين العاملين في خارج البلاد بإقراض حكومتهم من خلال شراء صكوك مقومة بالدولار. ويأتي تنفيذ تلك الآلية بعد فشل مبادرة التبرع للاقتصاد المصري، فرغم الدعوات من قبل المصريين لتخصيص وزارة المالية حسابا لتلقي مساعدات المصريين في الخارج، فإنها جاءت أقل من التوقعات فلم تتجاوز 10 ملايين جنيه (1.7 مليون دولار).

ويدرس البنك المركزي المصري حاليا آليات وضوابط تطبيق تلك الآلية، ومدى قانونيتها، بعد موافقة الحكومة المبدئية على هذا الطرح، في محاولة لخلق إيرادات جديدة لمواجهة الأزمة.

وقال مسؤولون في وزارة المالية إنه لم يتم بعد تحديد آلية طرح تلك الصكوك أو السندات، مشيرا إلى أن هذا الطرح تتم دراسته من قبل الوزارة والبنك المركزي، ولم يتم التوصل إلى أي شكل نهائي له.

وخلال العام الماضي ارتفع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية الجنيه بشكل متواصل ليصل إلى 6.05 جنيه قبل أن يقلص من ارتفاعه قبل أسبوع ليصل إلى 6.03 جنيه، فوفق أحدث بيانات للبنك المركزي لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 فإن معدل نمو مدخرات المصريين بالعملة الأجنبية بلغ 12% في أغسطس (آب) الماضي، بينما بلغ معدل نمو المدخرات بالجنيه 4.2%، وارتفعت مدخرات المصريين من العملات الأجنبية بالجهاز المصرفي المصري إلى نحو 30 مليار دولار في أغسطس الماضي. ويرى خبراء أن التوجه نحو العملة الأجنبية أثر بالسلب على سعر الجنيه، فهو يقلص المعروض من الدولار في السوق، ويزيد من الطلب عليه.

ومع محاولة حل أزمة السيولة تسعى مصر إلى تنشيط الصناعة في البلاد، حيث عملت وزارة التجارة والصناعة على طرح رخص لبناء 12 مصنعا للإسمنت خلال العام الحالي، وتستهدف من خلال تلك الرخص توفير نحو 18 مليون طن إسمنت سنويا بواقع 1.5 مليون طن لكل مصنع.

وقال شريف حلمي المحلل المالي بشركة «سي آي كابيتال» للأبحاث إن طرح رخص جديدة للإسمنت إيجابي وسيخدم المستهلك النهائي وسيكون محفزا للشركات العقارية، ولكنه سيؤثر بشكل سلبي على أداء شركات ومصانع الإسمنت القائمة، ولكن تأثيره لن يكون بشكل فوري.

وتوقع أن تشهد السوق مزيدا من التنافس بين مصانع الإسمنت، خصوصا بعد زيادة المعروض مع بدء تشغيل المصانع الجديدة، وسيكبح من مواصلة ارتفاع أسعار الإسمنت في البلاد. وأضاف حلمي أن زيادة المعروض من الإسمنت ستقلل من أسعاره، وستحفز وتسرع عمليات الإنشاءات والبناء. وتابع: «لن يؤثر هذا الطرح على