عيون كبريات الدول الآسيوية على دول الخليج النفطية مع تصاعد الضغوط الدولية على إيران

حجم التبادل التجاري بين الإمارات وكوريا وصل إلى 23 مليار دولار خلال عام 2011

بلغ حجم الصادرات الكورية إلى الإمارات خلال الفترة من شهر يناير إلى أبريل من العام الماضي، أكثر من ملياري دولار بزيادة قدرها 53 في المائة («الشرق الأوسط»)
TT

كان لافتا ما شهدته الإمارات العربية المتحدة على مدى الأسابيع الماضية لعدد من المسؤولين المرموقين في كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وإن كانت هذه الزيارات اكتسبت أهمية استثنائية على اعتبار أنها تأتي في ظرف استثنائي يتمثل في الخوف على إمدادات الطاقة بعد التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز إذا ضاق عليها خناق العقوبات الغربية.

لكن ما يجب أن يشار إليه أيضا في هذا السياق أن أحدث التقديرات الرسمية أشارت إلى أن الإمارات العربية المتحدة سجلت نموا قياسيا في إجمالي قيمة تجارتها الخارجية غير النفطية خلال التسعة الأشهر الأولى من عام 2011 لتسجل 188 مليار دولار مقابل 157 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2010، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 21.6 في المائة، كان اللافت أن الدول الآسيوية غير العربية احتلت المرتبة الأولى من حيث قيمة التبادل التجاري، فعلى سبيل المثال وصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات وكوريا الجنوبية إلى 23 مليار دولار خلال العام الماضي 2011.

وبلغ حجم الصادرات الكورية إلى الإمارات خلال الفترة من شهر يناير (كانون الثاني) إلى أبريل (نيسان) من العام الماضي أكثر من ملياري دولار بزيادة قدرها 53 في المائة، بينما بلغ حجم الصادرات الإماراتية إلى كوريا الجنوبية خلال الفترة ذاتها أربعة مليارات و580 مليون دولار بزيادة قدرها 14.4 في المائة.

وتمثل الإمارات إحدى أهم الأسواق الرئيسية للشركات الكورية حيث وصل حجم العقود الممنوحة للشركات الكورية في الإمارات 25 مليارا و600 مليون دولار خلال عام 2010 مقارنة بـ16 مليارا و800 مليون دولار خلال عام 2009، وفقا للأرقام الجديدة التي أصدرتها شركة «آيديال آيديا» لإدارة المعارض والمناسبات، الجهة المنظمة لنشاطات الدورة الأولى من معرض «صنع في كوريا» الذي يقام في مايو (أيار) المقبل في أبوظبي.

ويقول فيصل الرئيسي، الرئيس التنفيذي لشركة «آيديال آيديا»، إن العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا الجنوبية شهدت تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة في ضوء سعي البلدين المتواصل إلى فتح آفاق جديدة للاستثمار وتحقيق عملية النمو والتنمية المتبادلة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين (23 مليار دولار) خلال العام الماضي، الأمر الذي يعزز مكانة كوريا الجنوبية كواحدة من أبرز الشركاء التجاريين الرئيسيين للدولة ويفتح فرصا أكثر لتعزيز أطر التعاون الاجتماعي والاقتصادي بينهما.

وفي زيارته الأخيرة إلى الإمارات قال كيم هوانغ سيك، رئيس وزراء كوريا الجنوبية، إنه التقى رجال الأعمال الكوريين الموجودين في الإمارات ودعاهم إلى عدم الاكتفاء بتحقيق الأرباح فقط، بل طالبهم بالمساهمة في مزيد من التطوير للعلاقات والروابط بين البلدين وبما يعود بالخير على الشعبين الصديقين. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2009، حصل تحالف بقيادة الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو»، على عقد المقاول الرئيسي لأعمال التصميم والبناء في محطات الطاقة النووية بدولة الإمارات العربية المتحدة. وتعود ملكية هذه المحطات لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية التي ستقوم أيضا بتشغيل المحطات، حيث يتوقع أن تستكمل المحطة الأولى خلال عام 2017. وبحلول عام 2020، ستبدأ أربع محطات نووية توفير ما يصل إلى ربع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية من خلال طاقة نووية آمنة ونظيفة وفعالة وموثوقة. الصين أيضا تتحرك بخطوات متسارعة لضمان بدائلها النفطية لتغطية ما قد ينتج عن أي قرار إيراني مفاجئ بإغلاق مضيق هرمز وهو ما عكسته زيارة رئيس الوزراء الصيني، وين جياباو، لكل من السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، على خلفية توترات دولية مرتبطة بملف إيران تتسبب بارتفاع أسعار النفط، وخلال زيارته إلى السعودية حصلت شركة صينية على 3 عقود لأكبر أعمال مسح للتنقيب عن النفط في تاريخ السعودية في إطار خطة لزيادة إنتاج المملكة العربية السعودية إلى 15 مليون برميل بحلول 2020، وفي زيارته إلى الإمارات حصل على ضمانات بأن الإمارات «ملتزمة بتحمل مسؤولياتها كمزود عالمي رئيسي للطاقة».

الصين تنظر إلى الدول الخليجية المنتجة للنفط بعين الأهمية فالعملاق الصيني بحاجة إلى بديل سريع لأي توقف قد يطرأ على وارداته النفطية من إيران البالغة 11 في المائة من الاستهلاك النفطي الصيني وهو ما يمكن أن تسده دول الخليج، ناهيك عن الاستثمارات النفطية المغرية للشركات الصينية في المملكة والإمارات، الأمر الذي عبر عنه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد تزامنا مع الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الصيني إلى الإمارات مؤخرا عندما أكد أن الإمارات ملتزمة بتحمل مسؤولياتها كمزود عالمي رئيسي للطاقة.

وفي وقت سابق قالت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» إنه سيجري طرح امتيازات شركة أبوظبي للعمليات البترولية «أدكو» في عطاءات حين يحل موعد تجديدها في 2014، بينما يتيح قرب انتهاء هذه الامتيازات فرصة لشركات آسيوية لتعزيز حضورها، في حين توحي التصريحات الإماراتية بأن الشركات الصينية قد تكون على رأس تلك الشركات، علما بأن نظام الامتيازات في الإمارات يتيح لمنتجي النفط والغاز الحصول على نصيب من إنتاج النفط والغاز، وقبل وصوله إلى الإمارات، كان المسؤول الصيني زار السعودية التي هي أهم مصدر للنفط بالنسبة للصين، والتقى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ولعل نظرة الصين إلى الخليج تتلخص فيما قاله رئيس الوزراء الصيني لدى زيارته إلى الإمارات «نحن ملتزمون بإرساء السلام في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا من خلال الأمم المتحدة»، وذلك في ظل تصاعد التوتر بين الدول الغربية وطهران بسبب البرنامج النووي الإيراني، وقال في كلمته أمام المشاركين في قمة طاقة المستقبل التي عقدت منتصف الشهر الماضي في أبوظبي: «إن الصين باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن ودولة مسؤولة.