500 شخصية اقتصادية يبحثون في الرياض تفعيل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتحريك النمو الاقتصادي

«الشورى السعودي» يضع اللمسات النهائية على مشروع نظام هيئة حكومية لرعاية القطاع

TT

قالت مصادر اقتصادية في مجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس يعكف حاليا، من خلال لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في المجلس، على المراجعة النهائية لمواد مشروع نظام الهيئة الوطنية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث أوصى المجلس باستهدافها ووافق على إنشائها مجلس الوزراء السعودي قبل عامين، بهدف دعم القطاع وتفعيل دوره في منظومة الاقتصاد المحلي والإسهام في دور حيوي في تنويع مداخيل البلاد، والاستفادة من المبادرات الفردية المتميزة، وتحقيق التوفير النوعي والكمي لفرص العمل للمواطنين من خلال هذا القطاع، الذي يشكل في دول متقدمة ما بين 80 و90 في المائة من حجم الناتج القومي الإجمالي.

وجاء هذا التوجه من قبل مجلس الشورى تزامنا مع تحرك عدد من الجهات ذات العلاقة لتعزيز وتفعيل دور القطاع في منظومة الاقتصاد السعودي، ووسط تأكيدات عن توجه البنوك في السعودية لرصد 300 مليار ريال (80 مليار دولار) لتمويل مشاريع وتوسعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الـ5 المقبلة، وتوج هذا التوجه بانطلاق أعمال «المؤتمر السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة» الذي يدشنه اليوم وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، بحضور وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة، ووزير العمل المهندس عادل فقيه، حيث يستعرض وزير التجارة ووزير العمل دور وزارتيهما وخططهما في دعم وتنمية القطاع في السعودية، كما سيطرح خبراء مختصون يمثلون القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى خبراء عالميين، رؤى وأفكارا تتناول دور هذه المنشآت كمحرك للنمو الاقتصادي، ودور القطاع الخاص والشركات الكبرى في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما سيتم في الملتقى وعلى مدى يومين بحث مسألة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسيعرض الملتقى تجارب دولية في مجال تطوير هذه المنشآت من خلال أوراق عمل لممثل الهيئة الأوروبية ماسيمو بالديناتو، ومدير أول في مؤسسة التمويل الدولية مينغيستو أليمايهو، ومدير التسويق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إرنست أندو يونغ، كما سيبحث الملتقى سبل رعاية وتنمية المبادرات الفردية وريادة الأعمال.

وعودة إلى دور مجلس الشورى في دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، شددت مصادر اقتصادية في المجلس على أن القطاع يعد من القطاعات التي يوليها المجلس، من خلال لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، الأهمية القصوى، آخذا في الاعتبار الوضع الحالي لقطاع الأعمال، حيث تستأثر المؤسسات الكبيرة سواء التجارية أو الصناعية بجميع الفرص، مما يحد من الدور المأمول لقطاع الشباب في المشاركة بمشاريع مكملة لمشاريع تلك المؤسسات الكبيرة، والإسهام في تحقيق المنافسة والنجاح لهذا القطاع الحيوي. وانعكس ذلك سلبا على الجهود الفردية لبعض الأفراد أو المؤسسات، حيث لم تحقق نقلة نوعية في حجم هذا القطاع مقارنة بما هو الحال في الدول المتطورة التي يشكل هذا القطاع بها نحو 80 - 90 في المائة من حجم الناتج الوطني الإجمالي لتلك الدول.

وزادت المصادر بالقول: «ولقد جاء اهتمام الدول المتقدمة والنامية باستحداث التشريعات والأنظمة الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة نتيجة لما تم رصده من معوقات وتحديات تواجه تطور ونمو هذا القطاع، شملت عوائق داخلية وعوائق خارجية. أما العوائق الداخلية فتشمل التكاليف الإدارية الكبيرة والنقص الحاد في التمويل، وضعف الإمكانيات التسويقية والبحثية والقدرة التنافسية والتطويرية، بينما تشمل المعوقات والتحديات الخارجية، الأنظمة الإدارية من أنظمة العمل والعمال وأنظمة الاستفادة من المشتريات والعقود الحكومية، والنفاذ إلى الأسواق وعدم وجود الدعم الفني والتشريعي والقانوني، بالإضافة إلى التعرض إلى التنافس غير العادل من قبل المنشآت الكبيرة وعدم دعمها وتعاونها وعدم تمكنها من الحصول على نسب مؤثرة من الفرص التي يقدمها القطاع العام والقطاع الخاص لغياب التشريعات الداعمة التي تمكن هذا القطاع من الحصول على تلك الفرص بما يتلاءم مع حجمها وإمكانياتها».

ولفتت المصادر إلى الأهمية المتوخاة من سد هذا الفراغ التشريعي بهدف تحقيق دعم البرامج التي توفر فرص العمل للمواطنين من الجنسين، وذلك بدعم المبادرات الفردية ورعايتها، وحيث تعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أهم تلك الأطر التي أولتها العديد من الدول اهتماما خاصا لدورها في التوفير النوعي والكمي لفرص العمل وتنويع الدخل الوطني والاستفادة من المبادرات الفردية المتميزة ورعايتها بما من شأنه دعم النمو الاقتصادي في مختلف المجالات، معتبرة أن استحداث هيئة وطنية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة أصبح أمرا ملحا نظرا للحاجة الماسة لتفعيل هذا القطاع بأسلوب علمي اعتمادا على ما أوضحته العديد من التجارب والدراسات والممارسات في مختلف دول العالم مثل: أميركا، واليابان، والعديد من دول أوروبا، بالحاجة إلى وجود جهاز مستقل ذي صفة اعتبارية ومرجعية لولي الأمر يتولى رعاية ودعم هذا القطاع، حيث بينت العديد من الدراسات والندوات والتوصيات التي أجريت في المملكة، وكذلك من قبل منظمة العمل العربية، أن هذا القطاع يواجه صعوبات عديدة بسبب تشتت الجهود واختلاف الفهم الاستراتيجي بين مختلف الجهات التي تعمل لتفعيله وعدم وجود مظلة رسمية قوية وداعمة لتهيئ له البيئة المناسبة لنموه وتطوره.

واستشعارا من مجلس الشورى بالمسؤولية الملقاة على عاتقه للنهوض بهذا القطاع، فقد سبق للجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة عند دراستها أهداف خطة التنمية التاسعة اقتراح توصية بإضافة هدف عام جديد لخطة التنمية التاسعة، ليكون الهدف الثالث عشر وينص على «استحداث جهاز مستقل متخصص يعنى بوضع الاستراتيجية الوطنية لتطوير ورعاية قطاع المشاريع الناشئة والمتوسطة والصغيرة، ووضع التنظيمات اللازمة لذلك، والقيام بتقديم جميع أنواع الدعم الفني والإداري والمالي والتسويقي»، ووافق مجلس الشورى على إضافة هذا الهدف وأصدر بذلك قرارا قبل 3 سنوات، ووافق عليه مجلس الوزراء قبل سنتين ضمن الأهداف العامة لخطة التنمية التاسعة، التي تضمنت الموافقة على الهدف الثالث عشر، الخاص بإنشاء هذه الهيئة، وتقدم عدد من أعضاء مجلس الشورى بمقترح يتضمن مشروع نظام للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويشمل مشروع النظام أهداف الهيئة ومهامها وتكوينها المؤسسي لإدارتها بالإضافة إلى اقتراح مرجعيتها.

وأعرب المصدر عن أنه من المؤمل لهذه الهيئة أن تنهض بهذا القطاع ليصبح ذا تأثير كبير ومؤثر في تطوير وزيادة حجم الاقتصاد السعودي، والإسهام في تنويع قاعدته الاقتصادية وتأمين عدد كبير من فرص العمل في شتى مناطق السعودية، من خلال تمكين الشباب وتحفيزهم للقيام بإنشاء مشاريع خاصة بهم ذات قيمة مضافة للاقتصاد، ومن خلال تطوير واستخدام اقتصاديات المعرفة والتقنية الحديثة بأسلوب مكمل وداعم للمنشآت الكبيرة، وبحيث يتاح للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الحصول على نسبة ملائمة من فرص القطاعات الاقتصادية المختلفة وإيقاف الهجرة إلى المناطق الرئيسية والحصول على نسبة من الاستثمار الحكومي والخاص بما يلائم إمكانيات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في ظل بيئة تنظيمية وإدارية وتشريعية محفزة وداعمة لاحتياجات هذا القطاع، كما سيسهم بإقرار هذه الهيئة بدعم من القيادة ورعايتها لها، في الحد من مشكلة البطالة وإيجاد نقلة نوعية في مسار الاقتصاد السعودي لزيادة قدرته الاستيعابية واستحداث عدد كبير من فرص العمل، والمشاريع المتوسطة والصغيرة المجدية والناجحة.

يشار إلى أن مجلس الشورى وافق على ملائمة دراسة مشروع النظام، ويعد حاليا في مراحله النهائية من الدراسة لدى لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة، حيث استضافت اللجنة عددا من الجهات الحكومة والخاصة ذات العلاقة، واستمعت إلى وجهة نظرهم ورؤاهم حيال مشروع النظام، وتعمل في هذه المرحلة من الدراسة على مراجعة مواد مشروع النظام في ظل الملاحظات والرؤى التي قدمها أعضاء المجلس والجهات ذات العلاقة، تمهيدا لعرض الصيغة النهائية المقترحة للمشروع من اللجنة على المجلس للموافقة النهائية عليه.