«التمويل الدولية»: 170 مليار دولار قيمة الفجوة الائتمانية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط

خبراء: تكاتف المؤسسات العامة والخاصة سيرفع نسبة تأثير القطاع في الاقتصاد السعودي

شدد المشاركون في الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة على إيجاد الآليات اللازمة لتنشيط القطاع خلال الفترة المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

حدد مسؤول رفيع المستوى في مؤسسة التمويل الدولية إجمالي الطلب على القروض التي لا يتم تلبيتها لصالح المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الأسواق الناشئة ما بين 2.1 تريليون دولار وحتى 2.5 تريليون دولار.

وقال وليد المرشد، مسؤول أول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ورئيس مؤسسة التمويل الدولية في السعودية، إن سد هذه الفجوة الائتمانية يتطلب جهدا كبيرا من قبل الحكومات والمؤسسات الخاصة، داعيا الحكومات بخلق مناخ مشجع وبنية تحتية مالية، وعلى المؤسسات الخاصة تحديد الوسائل الاقتصادية القابلة للاستمرار.

وأوضح المرشد خلال مشاركته في الملتقى السعودية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، أن قيمة الفجوة الائتمانية في الدول الشرق أوسطية وشمال أفريقيا تصل إلى 170 مليار دولار، مشيرا إلى أنه وبحسب دراسة استبيانية أجرتها مؤسسة التمويل الدولية، تبلغ نسبة القروض التي تستفيد منها المنشآت الصغيرة والمتوسطة 8 في المائة فقط من إجمالي قيمة القروض الممنوحة وفي دول الخليج 2 في المائة، وهذه نسبة قليلة جدا مقارنة مع أي دولة من دول العالم.

وواصل «الملتقى السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة» الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بالتعاون مع وزارة المالية في العاصمة السعودية الرياض أعماله بجلسة حملت عنوان «تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة: وسائل وقنوات مبتكرة».

من جهته قال محمد حمودة رئيس برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أن مبالغ التمويل زادت من 49 مليون ريال (13 مليون دولار) في عام 2006 إلى 1.2 مليار 1.284 مليار ريال (342 مليون دولار) في عام 2011، قابلها زيادة في عدد المستفيدين من 36 إلى 742 خلال الفترة نفسها. وأكد أن البرنامج عمل على تدريب وتجهيز وتثقيف أصحاب هذه المنشآت عبر 28 دورة تدريبية استفاد منها أكثر من 700 شخص، يمثلون أصحاب هذه المؤسسات.

وأبدى حمودة ملاحظته حول الكثير من المؤسسات التي تعاني من مشاكل في الحصول على الدعم المالي، وسيتم طرح برامج تمويلية لهذه الفئة من الشركات بالتعاون مع صندوق التنمية السعودي والبنك السعودي للتسليف والادخار، مشيرا إلى أن أبرز المشاكل التي تعيق عمل البرنامج تكمن في كثرة الضمانات التي تطلبها البنوك من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعدم وجود الإلمام الكافي بآلية العمل من قبل موظفي فروع البنوك، مبديا تفاؤله بالمرحلة المقبلة والتي أشار إلى أنها ستكون مفيدة للمنشآت والبنوك.

من جهته أفاد هشام أحمد العبدلي نائب رئيس أول مدير المصرفية التجارية في بنك الرياض أن 85 في المائة من المنشآت العاملة في السعودية، هي صغيرة ومتوسطة، وتسهم بـ 33 في المائة من الاقتصاد الوطني، في حين تسهم بنسبة 57 في المائة في دول أخرى، لافتا إلى أن لهذه الشركات دورا مهما في معظم الأنشطة الاقتصادية وهي أقل تأثيرا في الأزمة العالمية.

وأشار العبدلي إلى أن أهم التحديات التي تواجه هذه المنشآت تتمثل بمحدودية رأس المال وعدم توفر مصادر تمويل، إضافة إلى النقص في الجهات الداعمة والبيانات، مشيرا إلى أن 75 في المائة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتعثر في السنة الأولى من إنشائها.

إلى ذلك، أكد محمد خضير نائب مدير قسم التسليف في البنك السعودي للتسليف والادخار أن التنمية الاجتماعية والاقتصادية هي من مهام البنك الرئيسية، وأن البنك هو واحد من أكبر مصادر التمويل المتوفرة في المملكة وأسهم بإيجاد أكثر من 25 ألف فرصة عمل، وقال: «في السابق كان لدينا 6 برامج تمويلية واستطاع البنك أن يجمعها ضمن برنامج واحد وهو (مسارات) الذي استطاع تمويل 425 مشروعا حتى الآن بقيمة 107 ملايين ريال (28.5 مليون دولار)».

نزيه الناصر، رئيس الخدمات الاستشارية في المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، أشار إلى أن التحديات التي تواجهها المنشآت الصغيرة والمتوسطة تبرز في عدم وجود سياسيات واضحة ومحدودية رأس المال والإقراض المصرفي، مشيرا إلى أن «عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في المملكة يصل إلى 600 ألف شركة، تشكل 97 في المائة من الشركات العاملة و70 في المائة منها ليس لديها علاقات مصرفية، وتعتمد على مصادر تمويل ثانية، مما يدل على وجود فجوة ائتمانية، ولذلك تم إنشاء هيكل صندوق الشركات الصغيرة والمتوسطة الذي سيشكل فرصة لتنمية هذا القطاع حيث سيخصص 15 في المائة من موارده للشركات التي لا يزيد عمرها على ثلاث سنوات».

إلى ذلك، تطرقت الجلسة الثانية من اليوم الثاني إلى «استعراض تجارب دولية في مجال تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة»، والتي أدارها فيصل أبو زكي نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال، حيث لفت ماسيمو بالديناتو نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الصناعة والمبادرات إلى أن ما يزيد على 95 في المائة من الشركات الأوروبية تقع في إطار المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مما جعلها تحتل موقع الأولوية في النشاط الاقتصادي الأوروبي.

وركز على أهمية التعاون بين المنطقة العربية عموما، لافتا إلى أن نسبة التبادل التجاري بين المنطقة الأوروبية والخليج تصل إلى 21 في المائة من إجمالي التبادل التجاري الأوروبي مع العالم، معتبرا أن ذلك يشكل عاملا أساسيا لتشجيع قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، ليصبح قادرا على المنافسة على المستويين الإقليمي والعالمي كما هي حال هذا القطاع في أوروبا.

من جانبه، لفت توم كنغسلي مدير التسويق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «إرنست آند يونغ» إلى أهمية الابتكار، الذي يشكل السبيل الأساسي لنجاح قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذا ما تسعى «إرنست آند يونغ» إلى توفيره لعملائها في المنطقة.

وأشار إلى أن التوقعات المستقبلية تؤكد على أن المملكة ستكون رائدة المنطقة على مستوى الدعم لهذا القطاع، داعيا الجهات الحكومية في الوقت نفسه إلى تكثيف الجهود لإيجاد نوعية مميزة من المشاريع التي توفر فرص عمل وليس فقط خلق كيانات صغيرة.

تاتيانا كريلوفا، مديرة فرع التطوير المؤسسي لقسم الاستثمار والمؤسسات في مؤسسة «أونكتاد»، أوضحت أن منظمة أونكتاد، إحدى مؤسسات الأمم المتحدة، تقدم مجموعة من البرامج التي تهدف إلى تعزيز دور قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في معظم دول العالم، لا سيما الأكثر فقرا. ولفتت إلى أن هذه البرامج، التي يبلغ عددها 10، تأخذ في الاعتبار حاجات كل منطقة بحسب حاجاتها ومتطلباتها، إضافة إلى مستوى ثقافة كل بيئة اجتماعية ومدى فهمها لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وأشارت إلى أن نحو 235 ألف شخص حول العالم استفادوا من هذه البرامج، وعرضت لتجارب ناجحة في بعض الدول مثل أوغندا، الهند، والبرازيل.

إلى ذلك، أشار فهد السماري العضو المنتدب لشركة مركز أرامكو السعوية لريادة الأعمال المحدودة (واعد) إلى أهمية ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة الأسرع نموا تمثل أقل من 1 في المائة من إجمالي الشركات التي تحرك عجلة الاقتصاد، مشيرا إلى أنها تسهم في إيجاد 10 في المائة من الفرص الوظيفية، ولفت إلى أن «استراتيجية أرامكو في هذا المجال هي وضع حجر الأساس وتمهيد الطريق لصناعة المستقبل للمواطنين الشباب».

وأوضح أن شركة «واعد» ستركز على تطوير رواد الأعمال، معتبرا أن أحد المعوقات التي تقف حجر عثرة فيما أطلق عليه «الوسط المهمل»، وهو ما يقصد بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، هي مسألة التمويل، إذ عادة ما تفشل هذه الشركات بسبب نقص أو ضعف التمويل»، مشددا على أن (واعد) ستركز على «خلق نموذج تمويل مناسب لشركات «الوسط المهمل». وأضاف: «لدينا رؤية واضحة المعالم تعتبر نموذجا لدعم ريادة الأعمال، لا سيما من خلال تطوير وتثقيف وتدريب رواد الأعمال، وتوفير نموذج التمويل المناسب سواء بالإقراض أو المشاركة من خلال توفير رأس المال الجريء أو المُخاطر».

وأضاف: «تتركز رؤيتنا أيضا في المساهمة في تسهيل الإجراءات التنظيمية لتطوير هذه المنشآت، إضافة إلى توفير إمكانية الوصول إلى الإرشادات النوعية لتقليل مخاطر الأعمال على هذه المنشآت، وتوفير أيضا شبكات للتواصل تركز على نتائج ملموسة مثل تبادل الأفكار والتواصل الفعال بين الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة»، لافتا إلى أنه «لغاية الآن تم تدريب أكثر من 250 من رواد الأعمال ونستعد لتدريب أكثر من ألف متقدم لهذا العام»، كاشفا عن توجه لإطلاق حاضنة للأعمال بالتعاون مع إحدى الجامعات السعودية.

وأوضح المهندس سلطان بن بتال، نائب الرئيس لوحدة البوليمرات في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) الدور الذي تلعبه الشركة في مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة، مشددا على أهمية التخطيط الطويل الأمد، مشيرا في هذا الإطار إلى «إدراكنا التام لأهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مسيرة عملنا، فهم مركز اهتمامنا».

وكشف نائب الرئيس لوحدة البوليمرات عن توجه الشركة لإطلاق مركز يهدف إلى مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مختلف النواحي وذلك في الربع الثالث من هذا العام، مقدرا حجم تكلفته بنحو 450 مليون ريال (120 مليون دولار)، حيث سيقوم 180 مهندسا بتقديم كافة وسائل وطرق الدعم لهذه المنشآت، وسيكون المركز مرتبطا بـ 15 مركزا تكنولوجيا تابعا لـ«سابك» في العالم، مشيرا إلى أن «المنشآت الصغيرة والمتوسطة يمكنها الاعتماد على «سابك» للتقدم والتطور وتخفيض التكاليف وكسب الخبرة والمعرفة واختراق الأسواق».

إلى ذلك، قال فهد مشيط نائب الرئيس لقطاع التخطيط الاستراتيجي في شركة الاتصالات السعودية «إن السعودية شهدت في الفترات الأخيرة إطلاق الكثير من المبادرات سواء من القطاع الخاص أو العام».

ولفت نائب الرئيس لقطاع التخطيط الاستراتيجي إلى أهمية إطلاق الشركة لـ«صندوق رأس المال الجريء للاستثمار في الشركات أو الأفكار الناشئة في المملكة والمحيط، لا سيما الأردن ومصر والإمارات، فالفكرة هي الاستثمار في السوق السعودية والأسواق المجاورة ومحاولة الاستفادة من هذه الاستثمارات وجذبها إلى داخل المملكة»، مشيرا إلى أن «استراتيجيتنا في هذا الإطار هو تقديم الدعم المالي مقابل الحصول على حصة في الشركة المتوسطة أو الصغيرة».

وأوضح مشيط أن «رأسمال الصندوق يبلغ 250 مليون دولار، وهو يحاكي أهم وأكبر تحد يواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، أي توفر رأس المال الجريء الذي يأخذ المخاطرة، معتبرا أن (الاتصالات السعودية) أخذت هذا الموضوع على عاتقها».