«غلينكور» تستحوذ على «إكستراتا» مقابل 41 مليار دولار

الاندماج سيؤدي إلى تشكيل شركة تعدين عملاقة تصل قيمتها السوقية إلى 90 مليار دولار

المركز الرئيسي لشركة «غلينكور» في مدينة بار بالقرب من زيوريخ بسويسرا (رويترز)
TT

أعلنت شركة «غلينكور إنترناشيونال» السويسرية، أكبر شركة لتجارة السلع في العالم، يوم الثلاثاء الماضي أنها سوف تشتري الحصة المتبقية لها في شركة «إكستراتا»، وهي الصفقة التي طال انتظارها والتي من شأنها أن تؤدي إلى إنشاء شركة تعدين عملاقة تصل قيمتها السوقية إلى نحو 90 مليار دولار.

وقد أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى حدوث طفرة سريعة في صناعة التعدين، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى استغلال الطلب المتزايد من جانب الدول النامية مثل الصين. وفي عام 2011، أعلنت شركات التعدين عن عمليات استحواذ بقيمة 168.6 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 26 في المائة مقارنة بالعام السابق، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة «ديلوجيك».

ومن خلال الدمج مع شركة «إكستراتا»، ستتمكن «غلينكور» من تعزيز مكانتها في الأسواق الناشئة مثل أفريقيا وكازاخستان وأميركا الجنوبية، وستكون الشركة، التي سيتغير اسمها ليصبح «غلينكور إكستراتا إنترناشيونال»، هي رابع أكبر شركة تعدين في العالم، بإيرادات تصل إلى 209 مليارات دولار وأرباح قبل خصم الضرائب تصل لنحو 16 مليار دولار، استنادا إلى أرقام وبيانات عام 2011.

وقال تشارلز كوبر، وهو محلل التعدين في شركة «أوريل للأوراق المالية» في لندن: «سوف تجمع الصفقة المقترحة بين عمليات تعدين شركة إكستراتا التي تتميز بهامش ربح مرتفع، وبين مبيعات وتجارة شركة غلينكور التي تتمتع بهامش ربح منخفض. ويمكن للشركة الجديدة أن تقدم أداء أفضل من ذلك الذي كانت تقدمه الشركتان قبل عملية الاندماج».

وقد انخفض سعر سهم «إكستراتا» يوم أول من أمس الثلاثاء الماضي بنسبة 4.9 في المائة، في حين انخفض سعر سهم «غلينكور» بنسبة 3.8 في المائة.

وبموجب العقد الجديد، سوف تقوم شركة «غلينكور» التي تملك 34 في المائة من «إكستراتا» بدفع نحو 41 مليار دولار لشراء الحصة المتبقية من الشركة التي تقدر قيمتها بنحو 62 مليار دولار. ويعد هذا العرض أعلى من سعر إغلاق أسهم «إكستراتا» في الأول من شهر فبراير (شباط) بنسبة 15 في المائة.

وكان عدد من كبار المستثمرين في «إكستراتا» قد رفضوا العرض، على أمل أن تقوم «غلينكور» بزيادة قيمة العرض. ويعتزم ريتشارد بكستون، وهو رئيس الأسهم البريطانية في مؤسسة «شرودرز» البريطانية لإدارة الأصول والاستثمارات، التصويت ضد الاتفاق، وفقا للمتحدثة باسم الشركة، جورجينا روبرتسون. وتملك شركة «شرودرز» ما يقرب من 1.5 في المائة من شركة «إكستراتا»، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة «بلومبرغ».

وقال ديفيد كومينغ، وهو رئيس الأسهم في شركة «ستاندرد لايف انفستمنتس» لإدارة الأصول، إن عملية الاستحواذ المقترحة تقلل من قيمة أصول شركة «إكستراتا» وأرباحها المحتملة في المستقبل. وقال كومينغ في بيان صحافي: «نعتزم التصويت ضد الاتفاق ما لم يتم تحسين شروط الاندماج لمساهمي إكستراتا من الناحية المادية». يذكر أن شركة «ستاندرد لايف انفستمنتس» تمتلك نحو 2 في المائة من أسهم «إكستراتا».

وتحتاج شركتي «غلينكور» و«إكستراتا» إلى دعم ما لا يقل عن 75 في المائة من المساهمين فيهما لإتمام الصفقة. وعلاوة على ذلك، يجب أن يحصل الاندماج أيضا على موافقة الجهات التنظيمية في مناطق مختلفة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة. ويتركز العديد من عملاء «إكستراتا» و«غلينكور» في الصين، ولذا من المرجح أن تقوم السلطات المحلية بدراسة ما إذا كان هذا الاندماج سيؤدي إلى زيادة الأسعار بالنسبة للشركات المحلية، بما في ذلك منتجو الطاقة، أم لا.

ويشعر المسؤولون بنوع من القلق إزاء عمليات الاندماج بين شركات التعدين بصورة خاصة، حيث تقلص عدد شركات التعدين خلال السنوات الأخيرة. وكانت شركة «تينتو» العالمية للتعدين قد فشلت في عام 2009 في الاندماج مع شركة «شينالكو» الصينية في صفقة قدرت وقتها بنحو 19.5 مليار دولار، بعد أن عارضت الجهات التنظيمية في استراليا هذه الصفقة.

وأعلنت شركتا «إكستراتا» و«غلينكور» عن وجود بعض التداخلات مع بعض العمليات القائمة والتي يمكن أن تتعارض مع قوانين مكافحة الاحتكار. وقد أخبر ميك ديفيس، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «إكستراتا»، المستثمرين يوم الثلاثاء أن الصفقة ستتم بشكل نهائي بحلول نهاية الربع الثالث من العام.

وكانت هناك توقعات منذ وقت طويل بحدوث عملية اندماج بين «غلينكور» و«إكستراتا»، حيث حققت شركة «غلينكور» العام الماضي 10 مليارات دولار من خلال طرح أسهمها لاكتتاب عام أولي، وأشارت إلى أنها تعتزم استخدام جزء من هذا المبلغ في توسيع عمليات الاستحواذ.

وقد أدت هذه الصفقة إلى دمج شركتين كانتا قد انفصلتا منذ عقد من الزمان تقريبا، حيث أصبحت شركة «إكستراتا» شركة عامة مدرجة في الأسواق المالية في عام 2002 بعد أن استحوذت على أصول شركة «غلينكور» للفحم في استراليا وجنوب أفريقيا.

وفي شهر فبراير (شباط) 2011، قال ديفيس، رئيس شركة «إكستراتا» إن إدراج الشركتين كل على حدة «لن يستمر على المدى الطويل».

وكما هو الحال مع العديد من شركات التعدين التي دخلت في عمليات اندماج، تراهن كل من «غلينكور» و«إكستراتا» على النمو والادخار، حيث تتوقع الشركتان اللتان استفادتا من زيادة الطلب من جانب الاقتصادات الناشئة، أن يرتفع معدل النمو السنوي بعد الدمج إلى 11 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنة مع متوسط النمو في هذه الصناعة والذي يصل إلى 7 في المائة، وفقا لبيان صادر عن الشركة. وتأمل الشركتان في خفض التكاليف السنوية بما لا يقل عن 500 مليون دولار بعد عام 2012.

وقال ديفيس للمحللين يوم الثلاثاء: «يقدم الاندماج بين غلينكور وإكستراتا فرصة فريدة لخلق نموذج جديد للعمل في صناعتنا قادر على التعامل مع المحيط المتغير. إن زيادة الحجم والتنوع سوف يزيد من قدرتنا على مواجهة المخاطر ويعزز الوصول إلى الأسواق المالية ويسمح لنا بالمشاركة في تدعيم الصناعة».

وسوف يشغل ديفيس منصب الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة بعد عملية الدمج، في حين سيكون إيفان غلاسينبيرغ، المدير التنفيذي الحالي لشركة «غلينكور» هو نائب الرئيس التنفيذي للشركة الجديدة. وسيكون رئيس شركة «إكستراتا»، جون بوند، هو رئيس شركة «غلينكور إكستراتا» المقترحة.

وكانت شركات «سيتي غروب» و«مورغان ستانلي» و«لينك ليترز» هي المستشار القانوني لشركة «غلينكور» في الصفقة، في حين قام «دويتشه بنك» و«جي بي مورغان تشيس» و«غولدمان نومورا» بتقديم المشورة لشركة «إكستراتا».

* خدمة «نيويورك تايمز»