وزراء مالية اليورو يجتمعون لإجازة مساعدات إنقاذ اليونان

بعد إجازة أثينا لبرنامج التقشف

الفقر يضرب اليونانيين، ويشاهد في الصورة مجموعة من اليونانيين يتدافعون في أحد ميادين أثينا للحصول على خضروات مجانية (رويترز)
TT

انعقدت بعد ظهر أمس الخميس ببروكسل اجتماعات وزراء المال في دول منطقة اليورو، بناء على دعوة من رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل حول حزمة مساعدات مالية جديدة لليونان، بعد اتفاق الأخيرة على الإجراءات المطلوبة المتضمنة في برنامج التقشف.

وقال مكتب رئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس، في بيان أمس، إن الزعماء السياسيين في البلاد توصلوا إلى اتفاق مع المقرضين من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بشأن الإصلاحات اللازمة للحصول على حزمة جديدة من المساعدات المالية. وقال البيان «المشاورات بين الحكومة والترويكا التي يمثلها صندوق النقد والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي بشأن هذه المسألة، التي تبقى مفتوحة أمام مزيد من المناقشات، اكتملت بنجاح هذا الصباح. ووافق الزعماء السياسيون على نتائج هذه المحادثات». وأضاف قائلا «هناك اتفاق واسع على محتوى البرنامج الجديد قبل اجتماع مجموعة اليورو اليوم (أمس)».

وكان رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر قد صرح في وقت سابق بأن انعقاد الاجتماع الوزاري لدول منطقة اليورو مرتبط بتحقيق تقدم في المفاوضات بين الحكومة اليونانية والجهات المشاركة في تقديم المساعدة المالية. وقبل بداية الاجتماعات قال أمادو التفاج، المتحدث باسم مفوض الشؤون المالية والاقتصادية أولي رين، إن المحادثات بين «الترويكا» وأثينا قد انتهت في الساعات الأولى من فجر الخميس، وهناك تقرير عن نتائج المحادثات سيعرض على الوزراء للتباحث حول الخطوة القادمة، ورفض المتحدث الأوروبي التكهن بما يمكن أن تتمخض عنه الاجتماعات، واصفا الأمر بأنه صعب ومعقد ويحتاج إلى مزيد من التشاور على المستوى الوزاري. وجاء ذلك بعد ليلة طويلة من المفاوضات بين الحكومة اليونانية ولجنة «ترويكا». وحضر ممثلو أثينا إلى اجتماع مجموعة اليورو في بروكسل بنية الالتزام بقبول إجراءات التقشف المطلوبة، فيما عدا استقطاعات المعاشات التي رفضها ساسة أثينا.

وتشكل المفاوضات حول استقطاعات المعاشات العائق الوحيد حتى الآن أمام التوصل لاتفاق نهائي بشأن خطة التقشف، حيث إنها تسببت في مواجهات بين الأحزاب السياسية الثلاثة التي تشكل التحالف الحكومي برئاسة لوكاس باباديموس. وأعرب وزير المالية اليوناني، إيفانجيلوس فينيزيلوس، أمس قبل قليل من الاجتماع الطارئ لمجموعة اليورو، عن ثقته في أن تعطي «ترويكا» الضوء الأخضر لمنح المساعدة المالية التي تحتاجها اليونان لتجنب إفلاسها. وكان صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي قد اتفقا في بداية الأمر على منح اليونان حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 130 مليار يورو، لكنهما يطالبان في مقابل ذلك بالتزام الحكومة القاطع بتطبيق خطة تقشف. ويعلق الصندوق والاتحاد الإفراج عن حزمة المساعدة أيضا على توصل اليونان لاتفاق مع الدائنين الخاصين يهدف إلى التنازل عن 100 مليار يورو على الأقل من الدين اليوناني. والتقى رئيس وزراء اليونان الأربعاء قادة الحكومة والأحزاب اليونانية، ليتحاور معهم بخصوص خطة الإنقاذ الثانية التي ستموّل من قبل كل من صندوق النقد الدولي، الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، وذلك لمجابهة التفاقم الكبير في مديونية اليونان التي كانت أولى ضحايا أزمة المديونية في أوروبا، والمطلوب من الحكومة اليونانية الموافقة على رفع نسبة الاقتطاع من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5 في المائة وذلك باقتراح من رئيس الحكومة، لوكاس باباديموس الذي هدف إلى تخفيض معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من أعلى مستوياته عند 120 في المائة بحلول عام 2020.

في المقابل يطالب المقرضون الدوليون بتخفيض الأجور بنسبة 20 في المائة، وخفض المعاشات بنسبة 25 في المائة، وإغلاق كثير من مؤسسات العامة وتسريح 15 ألف موظف، مع تفعيل برنامج الخصخصة حتى نهاية أبريل (نيسان) القادم.

وجاء الاجتماع الوزاري الأوروبي ببروكسل بعد ساعات من استضافة السويد لاجتماعات قادة دول اسكندنافيا والبلطيق، بمشاركة بريطانيا، لبحث العلاقات بين الدول المشاركة وتبادل الأفكار ووجهات النظر، بشأن الخطط والمشاكل المستقبلية، وجرى التركيز على ملف الحفاظ على الضمان الاجتماعي، وكيفية تحقيق ضمانات لوصول النساء إلى مراكز القمة، وتمكين كبار السن من العمل لفترة أطول، بالإضافة لملف اليونان، والخلافات بين شمال وجنوب القارة حول طرق الحل. وحول هذا الصدد يرى العديد من المراقبين الأوروبيين أن القادة استغلوا الفرصة لدراسة الأمر في ظل غياب فرنسي ألماني، وفي ظل انتقادات من جانب البعض بسبب الهيمنة الألمانية الفرنسية على أجندة الاجتماعات الأوروبية. ووصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاجتماع بأنه فرصة جيدة لعلاقات جديدة داخل التكتل الأوروبي الموحدة، فيما اعتبر البعض الاجتماعات بمثابة فرصة جيدة لتنسيق المواقف قبيل القمة الأوروبية المقررة في بروكسل مطلع الشهر القادم.

ويأتي ذلك في الوقت الذي طالبت فيه تسع دول في الاتحاد الأوروبي بالتعجيل من المفاوضات لفرض ضريبة على المعاملات المالية. ولاقى الاقتراح الذي قدمته المفوضية الأوروبية رفض بريطانيا التي تفرض ضريبة مماثلة في أراضيها، وتعتبر أن الإجراء يمكن أن يضر بقطاعها المالي. ومع ذلك، فإن هذه الدول التسع (إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال وبلجيكا والنمسا وفنلندا) أعربت عن رغبتها في المضي قدما بهذه الفكرة على مستوى الاتحاد. وأوضحت الرئاسة الدنماركية الدورية للاتحاد أن وزراء اقتصاد الدول التسع أكدوا في رسالة «نؤمن بضرورة تطبيق ضريبة على المعاملات المالية على المستوى الأوروبي كأداة جوهرية لضمان إسهام عادل للقطاع المالي في تكاليف الأزمة». وطالبت الدول التسع أيضا الدنمارك التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى أواخر يونيو (حزيران) المقبل «بتعجيل عملية التفاوض» لإمكانية تحقيق نتائج في هذا الشأن كما ينتظر المواطنون. وحسب مصادر أوروبية أعربت الرئاسة الدنماركية عن امتنانها من الرسالة واستعدادها لتعجيل عملية التفاوض. وأجرى أعضاء البرلمان الأوروبي من خلال لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية مناقشات مع الخبراء الماليين الأوروبيين حول ملف فرض ضريبة على المعاملات المالية في الاتحاد الأوروبي.

في شأن متصل، أعلنت فرنسا عن المساهمة بـ8.5 مليار دولار (6.5 مليار يورو) لصندوق آلية الاستقرار الأوروبي، على الرغم من الوضع الاقتصادي لفرنسا. جاء ذلك في اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي برئاسة الرئيس نيكولا ساركوزي لبحث مستويات مساهمة باريس في الصندوق وأثر ذلك على الاقتصاد الفرنسي، لا سيما بعد أن خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف فرنسا من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه زائد».

وأشار الاجتماع الوزاري إلى أنه على الرغم من أزمة الدين العام، والمتوقع أن يصل إلى 90 في المائة من إجمالي الإنتاج المحلي خلال هذه السنة بدلا من 88.3 في المائة، فإن الحكومة حافظت على التزاماتها في قطاعات أخرى مثل تقليص العجز. ويأتي ارتفاع العجز في غضون توقعات بدخول فرنسا حالة كساد نهاية الربع الأول لسنة 2012 على الرغم من أن خبراء أشاروا إلى أن البلاد دخلت حالة من النمو الاقتصادي السلبي منذ الربع الأخير لسنة 2012.

يذكر أن رأسمال صندوق آلية الاستقرار الأوروبي الجديد، والذي يهدف إلى دعم دول الاتحاد التي تعاني أزمات مالية، سيبلغ 920 مليار دولار، منها 655 مليار دولار للقروض، إلا أن 100 مليار دولار ستكون متوافرة فورا وبقية المبلغ سيقدم عند الحاجة.