مصر: اقتصاديون يرفضون دعوات العصيان المدني ويخشون من تأثيره السلبي على البلاد

محدودو الدخل الأكثر تحفظا عليه.. وسوق المال تتجاهله

السياحة المصرية تعد أكبر متضرر من المظاهرات (أ.ب)
TT

اختلفت ردود فعل المؤسسات العامة والخاصة في مصر حول مشاركتها في العصيان المدني، الذي دعت إليه قوى ثورية وبعض الجبهات لإضراب عام، غدا (السبت)، للضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتسليم البلاد لسلطة مدنية في الذكرى الأولى لتنحي الرئيس المصري السابق، حسني مبارك.

فأبدت النقابة العامة لعمال النقل الجوي رفضها دعوات العصيان المدني «الذي يعمل على إيقاف عجلة الإنتاج» كما أعلنت مصلحة الضرائب المصرية عدم مشاركتها في العصيان المدني، في حين استجابت للدعوة العشرات من الاتحادات الطلابية في مصر وبعض النقابات العمالية.

وظهر اختلاف الآراء بين الشرائح المختلفة في الشارع المصري حول العصيان المدني ومدى تأثيره على مجريات الأمور، وبدا أن الشرائح المتوسطة والأكثر تيسرا تميل إلى قبول الدعوة أكثر من الطبقات الأقل من المتوسطة، على أساس أن الإضراب لمدة يوم أو لبضعة أيام لن يؤثر عليها، على عكس الفئات التي تكسب دخلها بشكل يومي، مثل طه إسماعيل، سائق التاكسي، الذي يقول إن الإضراب سيؤثر على دخله اليومي إلى جانب أن أحواله الاقتصادية متأثرة منذ تأجج الأحداث، وأن هذه الدعوى ستصيب البلاد بحالة من الشلل هي في غنى عنها، وعلى الرغم من رفض إسماعيل الدعوة، فإنه قرر عدم النزول للعمل يومها خشية أن يتعرض لمناوشات تنتج عنها تخريب لسيارته التي هي مصدر رزقه.

في حين يرى أحمد خليل، موظف بإحدى الشركات العقارية، أن الجهات الداعية للعصيان المدني أساءت اختيار موعد تطبيقه، حيث إن يوم السبت يوافق إجازة نحو 80 في المائة من المؤسسات المصرية، وتطبيق الإضراب كان يجب أن يكون منظما بشكل أفضل.

وأبدى عدد كبير من خبراء ومحللين ماليين والعاملين بالقطاع المصرفي وسوق المال المصرية استعدادهم للعمل يوم السبت 11 فبراير (شباط)، على الرغم من كونه يوم عطلة، إذا سمح فاروق العقدة محافظ البنك المركزي المصري بذلك.

وقال مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري لـ«الشرق الأوسط» إن كل العاملين بالقطاع المصرفي رافضون دعوة العصيان المدني، لأن الأوضاع الاقتصادية في البلاد متردية، وإنه على الرغم من كون يوم السبت عطلة، فإنه في كثير من الأحيان يوجد عمل داخل البنك وستسير الأمور بشكل طبيعي.

وأوضح المحلل المالي الدكتور مصطفى بدرة لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الدعوات لم تؤثر على أداء سوق المال، وإن كان هناك بعض المؤشرات من اتجاه تعاملات المستثمرين الأجانب نحو البيع تحوطا من تطور الأحداث.

وربحت البورصة خلال تعاملات الأسبوع الحالي نحو تسعة مليارات جنيه، وارتفع مؤشرها الرئيسي خلال آخر جلسات الأسبوع، أمس، بنسبة 0.94 في المائة ليغلق عند 4753 نقطة، وذلك على الرغم من اتجاه الأجانب إلى البيع طوال الأسبوع الذي اقتصرت التداولات فيه على أربع جلسات.

ويرى الدكتور أحمد غنيم، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الدعوة لن تؤثر على الاقتصاد إذا اقتصرت على يوم السبت فقط، لأنه إجازة رسمية في الكثير من المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة في مصر، ولكن إذا استمر الإضراب لفترة أطول، فسيصاب الاقتصاد بحالة من الشلل، خصوصا أن هناك وسائل للاعتراض لا تؤثر على المسار الاقتصادي الذي هو على المحك، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أخشى من أن يحدث تعجيل أو تنفيذ عشوائي لآليات تنفيذ المطالب، إذا كانت بشأن اختيار سريع لرئيس الجمهورية أو تعجيل المحاكمات».

وتعرض الاقتصاد المصري لكبوة ما زال يعاني من آثارها منذ اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، التي اندلعت مطلع العام الماضي وأطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وارتفع معدل البطالة ليسجل 11.9 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، بعد أن كان 8.9 في المائة في الربع المقابل، كما تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 16.3 مليار دولار خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أن بلغ 36 مليار دولار في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2010.