برلمان اليونان يحدد مصير البلاد.. وأثينا تكتم أنفاسها

شوارع المدينة تغلي غضبا وشبح الإفلاس يخيم

متظاهر يوناني يحاول كسر الحاجز الأمني أمام البرلمان وقت التصويت على الخطة التقشفية (رويترز)
TT

في أول تصويت حاسم منذ إنهاء الحكم العسكري في اليونان عام 1974، يحدد أعضاء البرلمان الإغريقي مصير البلاد بعد منتصف ليلة الأحد صباح الاثنين، إما بالموافقة أو رفض التدابير التقشفية الجديدة، التي من شأنها في حالة الرفض أن تقود البلاد إلى الإفلاس والخروج من مجموعة اليورو، أو بالموافقة وعليه يتم منح اليونان القرض الثاني بقيمة 130 مليار يورو، وهي في أشد الحاجة إليه خلال الفترة المقبلة، لأنها لا بد من أن تسدد شريحة من الديون بقيمة 14.4 مليار يورو في العشرين من مارس (آذار) المقبل.

أعلن أكثر من 30 عضوا برلمانيا رفضهم لهذه التدابير، كما انسحب من الحكومة حزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية (يمين متطرف) وأصبح بجانب الرافضين من الحزبين الآخرين الممثلين تحت قبة البرلمان، وهما الحزب الشيوعي والحزب التقدمي اليساري، إلا أن الحزبين المشكل منهما الحكومة حاليا وهما الحزب الاشتراكي والحزب المحافظ يؤيدان هذه الخطة، لإنقاذ البلاد وهما يتمتعان بأغلبية مطلقة في البرلمان، ويحتاج تمرير هذه الإجراءات لموافقة 180 عضوا من إجمالي 300 هم أعضاء البرلمان اليوناني.

وهدد كل من جورج باباندريو زعيم الحزب الاشتراكي واندونيس سامراس زعيم الحزب المحافظ، بشطب أي عضو من القائمة الحزبية، يصوت بالرفض على الخطة، ويضم برلمان اليونان 153 عضوا تابعا للحزب الاشتراكي، 83 لحزب الديمقراطية الجديدة المحافظ، و21 للحزب الشيوعي، و16 لحزب اليمين المتطرف، و9 للحزب التقدمي اليساري و18 عضوا مستقلا.

وأطلقت الشرطة اليونانية، الأحد، قنابل الغاز المسيل للدموع على جموع المتظاهرين المحتشدين أمام مبنى البرلمان كما أفاد مراسل لـ«فرانس برس».

وكان المتظاهرون الذين يتوافدون بأعداد كبيرة على البرلمان الواقع في ساحة سينتاغما بوسط العاصمة يحاولون كسر الطوق الأمني الضخم الذي أقيم حول مبنى البرلمان حيث بدأ النواب بمناقشة هذه الخطة بعد ظهر أمس.

وقدر مصدر في الشرطة عدد المتظاهرين في أثينا بنحو 25 ألف شخص.

وقال هذا المصدر لـ«فرانس برس»: «يحتشد نحو 15 ألف متظاهر في ساحة سينتاغما» أمام البرلمان كما تتجمع مسيرة «من نحو عشرة آلاف متظاهر» نظمتها جبهة النضال العمالي (بامي، شيوعية) في ساحة أومونيا المجاورة.

وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله إن إنقاذ اليونان الدولة العضو في منطقة اليورو (17 دولة) أصعب من إعادة توحيد شطري ألمانيا.

وفي مقابلة مع صحيفة «فيلت آم زونتاج» الألمانية الصادرة أمس قال شويبله إن الوعود التي قدمتها اليونان بتنفيذ الإصلاحات لم تعد كافية بالنسبة لبلاده. ورأى الوزير الألماني أن على اليونان أن تنفذ أولا جزءا من برامج الإصلاح السابقة حتى تحصل على برنامج مساعدات جديد.

وأوضح شويبله أن على اليونان ألا تكون «وعاء بلا قاع»، وتابع حديثه قائلا «ولذلك فعلى اليونانيين أن يوفروا هذا القاع حتى يتسنى لنا أن نفعل شيئا داخل هذا الوعاء».

وفي إجابته عن سؤال حول إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو إن لزم الأمر، قال شويبله إن «هذا الأمر برمته في أيدي اليونانيين، لكن حتى في حال حدوث هذا الأمر الذي لا تتوقعه الغالبية العظمى فإن اليونان ستظل داخل أوروبا».

في الوقت نفسه، أوضح شويبله أن هذا لا يعني أن يتولد لدى اليونانيين شعور بأنهم غير ملزمين ببذل الجهود «فكل مسؤول عن نفسه».

ومنح المقرضون الدوليون (صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي) اليونان مهلة حتى الأربعاء المقبل لتقديم ضمانات بالالتزام بحزمة الإجراءات التقشفية والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة مقابل الحصول على القروض.

ووفقا لما تم الإعلان عنه، سوف يتحدث قبيل التصويت كل من زعماء الأحزاب والوزراء المعنيين بالمسائل المالية ورؤساء الكتل البرلمانية وعضوين فقط من كل حزب وتنتهي الإجراءات الـ12 مساء ومن ثم يبدأ تصويت اسمي حيث طالب الحزب الشيوعي بذلك.

وفي بيان تلفزيوني لرئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس وجهه إلى الشعب، قبيل التصويت على التدابير الجديدة في البرلمان، حذر فيه من عواقب الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي ستحل بالبلاد إذا لم يتم إقرار التدابير الجديدة وإعادة رسملة البنوك.

وأوضح باباديموس أن الأسباب الأساسية التي أوصلت الاقتصاد اليوناني إلى حالة الركود، هي الدين المتزايد في السنوات السابقة، والمناخ الاقتصادي المتدهور غير المواتي، وعدم الاستقرار والثقة في البلاد.

وقال رئيس الوزراء اليوناني إن حدوث تخلف عن السداد بشكل فوضوي سيعرض البلاد لمغامرة كارثية وسوف تنهار مستويات المعيشة وسيؤدي ذلك إلى الخروج من منطقة اليورو إن عاجلا أو آجلا، مشيرا إلى أن البلاد على بعد خطوة واحدة من القاع، والإفلاس أكبر هزيمة للديمقراطية اليونانية.