المركزي المصري: الأجانب باعوا سندات حكومية بقيمة 50 مليار جنيه حتى نوفمبر الماضي

البنوك تسحب مليار جنيه من استثماراتها في الخارج

مبنى البنك المركزي المصري في القاهرة
TT

قدر البنك المركزي المصري حجم الأموال التي خرجت على يد المستثمرين الأجانب خلال 12 شهرا انتهت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنحو 50 مليار جنيه (8.2 مليار دولار)، وهي الأكبر منذ الاعتماد على آلية الحصول على تمويل للحكومة من خلال طرح أذون خزانة وسندات قصيرة ومتوسطة الأجل منذ تسعينات القرن الماضي.

وحسب التقرير الشهري للبنك المركزي المصري فقد وصلت القيمة الإجمالية لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية بنهاية نوفمبر نحو 11.4 مليار جنيه (1.9 مليار دولار) مقارنة بنحو 15.6 مليار جنيه (2.6 مليار دولار) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، و61.3 مليار جنيه (10.2 مليار دولار) قبل عام.

وأكد خبراء أن خروج الأجانب من أدوات الدين الحكومية المصرية كان أمرا متوقعا نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي التي سادت البلاد، والتي كانت بدورها نتيجة لفشل إدارة البلاد خلال الفترة التي أعقبت الإطاحة بالنظام السابق بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) .

من جانبه، قال الخبير المصرفي أحمد سليم، إن حالة عدم الاستقرار التي سادت في الفترة الماضية نتيجة عدم انتقال السلطة للمدنيين وهو ما جعل هناك حالة من الغموض السياسي، أثرت على تدفق الاستثمار الأجنبي سواء المباشر أو غير المباشر إلى مصر، مضيفا أن ضبابية المشهد السياسي انعكست على القرار الاقتصادي الذي يواجه ضغوطا يوميا، مما جعل الحكومة تقدم على طرح سندات وأذون خزانة بالدولار لأول مرة في تاريخها في نوفمبر الماضي، وهو الشهر الذي شهد خروجا مكثفا للأجانب من السوق.

كانت الحكومة قد قامت بطرح سندات دولارية في الشهور الثلاثة الماضية بداية من نوفمبر الماضي لوقف النزيف المستثمر للاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية الذي تكبد ما يقترب من 20 مليار دولار من إجمالي 36 مليار دولار قبل عام مسجلا 16.3 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي.

ولم يستبعد سليم أن يكون جزءا من خروج الأجانب من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية المصرية نتيجة انكشاف المراكز المالية لمستثمرين أجانب في بلادهم، خاصة مع تفاقم مشكلات الديون السيادية في أوروبا والولايات المتحدة، ومن ثم لجأ هؤلاء إلى تصفية استثماراتهم في عدد من الدول كان على رأسها مصر.

وحذر سليم من استمرار الاعتماد على آلية الاقتراض قصير الأجل، خاصة من خلال السندات الدولارية مخافة ارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه، مما يشكل تكلفة باهظة على الحكومة عند سداد تلك الديون ويزيد من تراجع الاحتياطي الذي يستخدم في سداد الديون التي بلغت الخارجية منها نحو 35 مليار دولار، ومتوقع أن تزيد في ظل المفاوضات الجارية مع عدة دول عربية وصندوق النقد الدولي بما يتراوح ما بين 10 و15 مليار دولار.

كان البنك المركزي قد رصد تراجع استثمارات الأفراد الأجانب خلال سبتمبر (أيلول) الماضي في شراء أذون الخزانة، بنسبة 4.76 في المائة، لتصل إلى 16.259 مليون جنيه، مقابل 17.073 مليون جنيه خلال أغسطس (آب) السابق له. وبلغت قيمة أرصدة القائمة من الأذون الحكومية خلال سبتمبر 349.928 مليون جنيه (58 مليون دولار)، منخفضا بنسبة 0.28 في المائة، مقارنة بقيمته خلال أغسطس السابق عليه. كما انخفضت استثمارات بنوك القطاع العام خلال سبتمبر بنسبة 17.07 في المائة، لتصل إلى 89.001 مليون جنيه (14.75 مليون دولار)، مقابل 107.326 مليون جنيه (17.79 مليون دولار) خلال أغسطس .

في سياق مختلف، كشف البنك المركزي على اتجاه البنوك المصرية خفض إجمالي أرصدتها المستثمرة في البنوك الأجنبية بالخارج لتخفض بنحو مليار جنيه (166 مليون دولار) دفعة واحدة في شهر نوفمبر الماضي، مسجلا 90.156 مليار جنيه (15 مليار دولار) بعد أن كانت 91.3 مليار جنيه (15.14 مليار دولار) في الشهر الذي يسبقه بتراجع بلغ 1.25 في المائة بعد شهور من زيادتها حتى في ظل تراجع الفائدة في الخروج بسب الأزمة المالية وتراجع اقتصاديات منطقة اليورو، فقد خفضت البنوك المصرية من أرصدتها المستثمرة في الخارج بعد الثورة، لتسجل تراجعا 10.67 في المائة العام الماضي بعد ارتفاعها 76.74 في المائة نهاية العام المالي قبل الماضي في يونيو (حزيران) بحسب بيانات البنك المركزي.

من جانبه، اعتبر محمد النادي، مدير الاستثمار في أحد البنوك الكبرى أن خفض أرصدة البنوك المصرية في الخارج تعنى عدم التخلي عن السوق المحلية ومساندتها في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها البنوك للوصول إلى أفضل النتائج من توظيف الأرصدة التي لديها وسط معدل تمويلي لا يتجاوز 50 في المائة من إجمالي الودائع.

وأضاف النادي البنوك لن تتخلى عن السوق المحلية لأن هذه الأرصدة لن يتم إيداعها في البنوك الخارجية بشكل مستمر، فالبنوك المحلية بإمكانها سحب هذه الأرصدة واستخدامها في أي وقت، وهي محاولة للتوظيف ليس أكثر.

وطالب النادي برفع معدل توظيف الودائع إلى الإقراض في مصر، الذي وصل بعد ثورة يناير إلى حالة الانكماش في بعض الشهور، وذلك لامتصاص تلك الأموال التي كانت تستثمر في الخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة هناك، مؤكدا أن «تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر تجعلها تزيد من إيداعاتها في الخارج».