التضخم في السعودية يسجل ارتفاعا طفيفا بـ5.3% في يناير الماضي

خبراء: عودة البنوك للإقراض وزيادة الائتمان المحلي مع ارتفاع الإنفاق الحكومي على الإسكان ساهمت في رفعه

TT

كشفت بيانات رسمية في السعودية، أمس، عن ارتفاع في مستوى التضخم عند 5.3 في المائة خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2012، مقارنة بشهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

حيث بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر يناير الماضي 139.1 نقطة مقابل 139.0 نقطة ديسمبر العام الماضي.

وأرجعت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في بيان لها الارتفاع في المؤشر للرقم القياسي لتكلفة المعيشة لما شهدته الخمس مجموعات الرئيسية المكونة في مؤشراتها القياسية، حيث ارتفع الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 0.8 في المائة، ومجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.7 في المائة.

وأضاف التقرير أن مجموعة التأثيث المنزلي ارتفعت أيضا مقارنة بشهر ديسمبر العام الماضي بنحو 0.3 في المائة، وكذلك مجموعة التعليم والترويح بنسبة 0.1 في المائة، فيما سجلت مجموعتان من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة انخفاضا في مؤشراتها القياسية وهي مجموعة السلع وخدمات أخرى بنسبة 1.8 في المائة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 0.6 في المائة، وبينت أن مجموعة الرعاية الطبية ظلت عند مستوى أسعارها السابق ولم يطرأ عليها أي تغيير نسبي يذكر.

وقال عبد الحميد العمري، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع المؤشر العام للمعيشة أمر متوقع لعدد من الأسباب، أولها زيادة الإنفاق الحكومي الذي بلغ أعلى مستوياته الذي يركز على المشاريع والبنية التحتية التي تعكس زيادة الطلب على التشييد والبناء، فقطاع الإسكان استحوذ على نصيب كبير من موازنة هذا العام، حيث تم رصد نحو 250 مليار ريال (66.67 مليار دولار) لبناء 500 ألف مسكن في السعودية التي تعاني من أزمة إسكان، وهذا يرتبط بارتفاعات المواد الخام كالإسمنت والجبس ومواد البناء الأخرى، لذلك نجد هناك ارتفاعات في الإيجارات لارتباطها بالإسكان الذي يعكسه العقاريون والملاك حين رصد المبالغ من قبل الدولة.

وأضاف العمري «أن هناك جانبا آخر لارتفاع المؤشر العام للمعيشة، فالاقتصاد السعودي مفتوح يعتمد على الواردات، وهذا يساهم في انخفاض القوة الشرائية للريال أمام العملات الأخرى، لذلك فإن معرفة مستوى التضخم الحقيقية هي مراقبة الفجوة التضخمية، حيث كان في الماضي أغلب مستوى التضخم هو ارتفاع تكلفة الواردات، كذلك هناك أمر آخر صعد بالمؤشر وهو عودة البنوك للإقراض، أي زيادة الائتمان المحلي مع زيادة الإنفاق الحكومي».

وزاد الخبير المالي: «من المتوقع أن يرتفع المؤشر العام للمعيشة إلى نحو 6 في المائة أواخر العام الحالي، ولكن يجب ألا يزيد هذا الرقم عن معدل النمو الحقيقي للاقتصاد، وفي حال تعادل التضخم مع النمو أو ارتفاعه، وهذا أمر وارد، حينها يجب التدخل من قبل الحكومة لزيادة رواتب الموظفين والبحث عن الحلول والمسببات التي أدت إلى ارتفاع الرقم بنسبة أعلى من النمو الاقتصادي في البلاد».

من جهته أوضح لـ«الشرق الأوسط» الخبير المالي محمد الضحيان، المدير التنفيذي لدار الإدارة للتطوير والاستثمار: «من الطبيعي أن يرتفع المؤشر لوجود ارتفاعات في طلب الخدمات المستمرة، فالأموال الموجودة تفوق حجم الخدمات المطلوبة، وبالتالي ترتفع معدلات الأسعار وهذا نتيجة للإنفاق الحكومي».

وأضاف الضحيان: «شاهدنا العام الماضي ارتفاع مؤشر السوق السعودية بشكل عام، وكذلك الأوامر الملكية التي انعكست على القطاعات الحكومية والفردية أيضا، وبالتالي أثرت على القدرة على امتصاص تلك الزيادة، مما نجم عنه ارتفاع في بعض الخدمات، خاصة في المدن الرئيسية، أهما قطاع السكن والخدمات المرافقة لها نتيجة رغبة الكثير من المواطنين في تحسين مستواهم السكني والطلب على الوحدات، وتصاحبه ضغوط على بعض المناطق لرفع الأسعار، وهذا أدى بدوره إلى ارتفاع مؤشر هذه المجموعة في المؤشر العام للمعيشة».

وبين الخبير المالي «أن ارتفاع المؤشر قد يكون إيجابيا وسلبيا في الوقت نفسه، فإذا كانت هناك موارد تغطي زيادة الأسعار الناتجة في الإيجارات فهذا لا يدعو للقلق خاصة إذا استطعنا أن نتعامل معه من خلال القدرات المالية، مثلما حصل في السبعينات سلبيا في بداياته ونهايته إيجابية من خلال التحكم فيه، بعكس ما حصل في تركيا والأرجنتين من تضخمات، فالرقم إلى الوقت الراهن تحت السيطرة».

وبالعودة إلى التقرير أشارت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر يناير 2012 مقارنة بنظيره من العام السابق سجل ارتفاعا بلغت نسبته 5.3 في المائة، بسبب الارتفاع الذي شهدته سبع من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية، حيث ارتفعت مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 9.1 في المائة، ومجموعة السلع وخدمات أخرى بنسبة 8.1 في المائة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 3.9 في المائة، ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 3.5 في المائة، ومجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 3.2 في المائة، ومجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 2.5 في المائة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 2.5 في المائة، فيما ظلت مجموعة الرعاية الطبية عند مستوى أسعارها السابق ولم يطرأ عليها أي تغيير.