تجمع اقتصادي: الظروف العالمية تستدعي ضرورة استكشاف مجالات جديدة في العمل والتمويل والاستثمار

2% فقط حصة العرب من حجم رأس المال الجريء في العالم البالغ 115 مليار دولار سنويا

TT

دعا خبراء في مجال الاقتصاد والتمويل وريادة الأعمال، صناع القرار في البلاد العربية إلى ضرورة تبني تهيئة الاقتصاد العربي لاستيعاب المزيد من الاستثمارات الخاصة، وتمكين القطاع الخاص من احتلال دور قيادي ونشيط في التنمية الاقتصادية يقبل بالمخاطرة، ويسمح بوجود جيل جديد من رجال الأعمال، مشيرين إلى أن هذه التحديات لا يمكن معالجتها باستمرار الإنفاق الحكومي وهيمنة القطاع العام على الاقتصاد.

وأكد الخبراء أن الظروف الاقتصادية والمالية والعالمية تغيرت في سائر مناطق العالم العربي، الأمر الذي يلح بضرورة استكشاف مجالات جديدة في العمل والتمويل والاستثمار، داعين إلى ضرورة خلق قطاع خاص نشط وفعال ومبتكر مع تهيئة بيئة استثمارية مناسبة، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد نظام تعليمي وتكويني مساند لظهور جيل جديد من رواد الأعمال من بين شاب الأمة. وأوضحوا خلال «منتدى رأس المال الجريء» الذي تعقده الهيئة العالمية الإسلامية للاقتصاد والتمويل، بالعاصمة السعودية الرياض، أمس الثلاثاء، ويختتم أعماله اليوم، أن دور رأس المال الجريء في الاستثمار وتحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية، كبير، مقدمين مقارنة بينه وبين نموذج التمويل البنكي، وقدرة كل منهما في استحداث وتطوير وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، مع التأكيد على أهمية رأس المال الجريء لرواد الأعمال.

يأتي ذلك، في الوقت الذي وصل فيه حجم رأس المال الجريء في العالم إلى 115 مليار دولار سنويا، بينما تساوي فيه مجمل حصة الدول العربية كافة 2 في المائة فقط، أي نحو 3.2 مليار دولار من مجموع التمويل العالمي.

واتفق كل من عبد الله الصبياني الرئيس التنفيذي لـ«الجمعية الخليجية لاستثمارات رأس المال الجريء»، والدكتور عبد العزيز جزار الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الملز كابيتال»، وأيمن العتيقي المدير المشارك في شركة «جدوى للاستثمار»، أن دورة رأس المال الجريء يبدأ طورها بطرح المنتج، ثم نمو المنتج، ثم مرحلة نضج المنتج، ثم هبوط المنتج.

أما بالنسبة لمؤسسات رأس المال الجريء «المخاطر» فتتمثل في الشركات الواعدة والعالية المخاطر، ولكنها سريعة النمو وتحقق أرباحا مذهلة وتحقق القيمة الاقتصادية المضافة من ناتج إعادة بيع الحصص، وأهمها صناديق الاستثمار المباشر التي تمثل وعاء لتجميع المدخرات بقصد إنشاء صندوق استثماري لتمويل المشاريع المختلفة وتحقيق عائد مجزٍ كإنشاء صناديق في أسهم الشركات الناشئة.

وفي هذا الإطار، أشار الدكتور الصادق حماد مدير قسم ابتكار المنتجات بأمانة الهيئة الشرعية في «مصرف الإنماء»، إلى أن دور المستثمرين المبادرين عالميا ازداد، وارتفع حجم الأموال التي يديرونها في الدول الصناعية الكبرى إلى 14 تريليون دولار، كما زادت أهمية شركات رأس المال المغامر، التي تمول المستثمرين المستعدين لتحمل مخاطر مرتفعة نسبيا مقابل توقع عوائد شديدة الارتفاع، موضحين إمكانية تكيف مثل هذه الأدوار لتتلاءم مع الظروف والأوضاع التي تعيشها البلاد الإسلامية.

من ناحيته، أوضح الدكتور عبد الكريم قندوز عضو هيئة التدريس بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك فيصل، أن رأس المال بوصفه بديلا تمويليا للمصادر التقليدية كالقروض المصرفية والأسهم والسندات، نشأ بوصفه رد فعل على إحجام البنوك عن تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمشروعات ذات المخاطر العالية والأفكار غير التقليدية، حتى لا تتعرض تلك البنوك للمخاطر الناشئة عن تلك المشروعات.

وتحدث الدكتور مزيد التركاوي المدير التنفيذي لـ«مركز الرياض لحضانة التكنولوجيا» بجامعة الملك سعود، عن حاضنات الأعمال، مبينا أن الاستثمار فيها يواجه التقديرات المفرطة في التفاؤل لاختراق السوق، والدراسة غير الدقيقة التي تحتم ضرورة تصميم المنتج وفقا لاحتياجات المستخدمين، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بمدى القبول للسوق ومدى مقاومة العملاء للتغيير، بجانب التحديات التي يخلقها ضعف الخبرة التسويقية الحقيقية لرجال الأعمال في بعض الأحيان. ودعا التركاوي إلى السعي لاستيعاب الفهم الجيد لعملية تمويل المشاريع، واختيار التمويل المطلوب حسب النشاط، وتحديد المصادر المحتملة لرأس المال للمبتدئين وصناديق رؤوس الأموال الاستثمارية التنموية، بالإضافة إلى الفهم الجيد لمعايير الاستثمار واختيار أفضل الفرص الاستثمارية.

أما الدكتور أحمد الشميمري رئيس مجلس إدارة «جمعية ريادة الأعمال السعودية»، فقد أوضح أن الثورات الصناعية بما فيها الإلكترونيات والمعلومات الدقيقة والتكنولوجيا الحديثة، وغيرها من الصناعات، ازدهرت بفضل التمويل برأس المال المخاطر.

وحسب تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن رأس المال الجريء، يساهم بما يزيد على 100 مليار دولار سنويا، لتمويل المشروعات على مستوى العالم، حيث تضاعف في أميركا حتى بلغ ما يزيد على 50 في المائة من مجموع التمويل العالمي، مشيرا إلى أنه في تايوان بمفردها هناك أكثر من 250 شركة تمويل برأس المال الجريء بمبالغ تمويلية تزيد على 5 مليارات دولار سنويا.

وتناول كل من الدكتور خالد الشلفان عميد مركز خدمات التوظيف والأعمال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتور وسيم علولو الخبير والمستشار في ريادة الأعمال بالمركز، دور مركز خدمات التوظيف والأعمال الريادية بجامعة الإمام بالرياض في دعم ثقافة الاستثمار في رأس المال الجريء.