ميزان المدفوعات اللبناني ينقلب إلى عجز بملياري دولار

بعد فوائض مجمعة بلغت 14.7 مليار دولار في 3 سنوات

مصرف لبنان المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

تحول أداء ميزان المدفوعات اللبناني، بشكل حاد، من تسجيل فوائض إيجابية بلغ مجموعها 14.7 مليار دولار في السنوات الثلاث الأخيرة إلى عجز بقيمة ملياري دولار في نهاية العام الماضي، عاكسا بذلك التراجع المتواصل في الجاذبية الاستثمارية والتدفقات الخارجية، والتقلص الحاد في نسبة النمو الاقتصادي من متوسط قارب 8% خلال السنوات الأربع الماضية إلى نحو 2% خلال عام 2011.

فقد عجزت التدفقات الواردة البالغة نحو 14 مليار دولار، بما فيها تحويلات اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج المقدرة بين 7.5 و8 مليارات دولار، عن تغطية العجز التجاري الذي زاد بدوره بنسبة 16% ليصل إلى 15.9 مليار دولار. ليسجل ميزان المدفوعات، تبعا لذلك، عجزا بمبلغ ملياري دولار. وجاءت حصيلة ميزان المدفوعات مخيبة بتأثير من الإرباكات الداخلية، وبضغط من موجات الاحتجاج والاضطرابات في بعض دول المنطقة، وبالأخص في سوريا التي تشكل المنفذ البري الوحيد لحركة التصدير والترانزيت اللبنانية، كما تشكل المعبر البري الوحيد للسياح العرب الوافدين برا، وهذا ما أدى إلى اضطراب عمليات التبادل التجاري في عموم المنطقة، وانكماش شهية المستثمرين في انتظار ظهور المعالم الجديدة للمتغيرات الهيكلية الحاصلة في أشكال ومضامين الأنظمة السياسية والاقتصادية ومناخات الاستثمار.

ولا يرتقب حصول تصحيح قريب في خلل ميزان المدفوعات في ضوء تقارير دولية تشير إلى استمرار انكماش النمو، خلال العام الحالي، عند معدل يقارب 3%، على أن ترتفع إلى 4.5% في العام المقبل. فيما يشير تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي إلى الأهمية الخاصة لتحويلات المغتربين والعاملين اللبنانيين في الخارج، حيث إن 75.2% من هذه التحويلات كان مصدرها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الماضي.

ويلفت التقرير إلى أن الاضطرابات السياسية في سوريا قد تعيق نمو الاقتصاد اللبناني، وذلك من خلال تأثيرها السلبي على الحركة السياحية، والنشاط التجاري ومستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يتوقع أن يصل العجز المالي في لبنان إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي.

وللمقارنة، فإنه بعد سنوات متتالية، بدءا من عام 2006، من تسجيل فوائض إيجابية كان أعلاها في عام 2009 (رقم قياسي)، انحدر ميزان المدفوعات إلى خانة السلبية ليسجل عجزا بلغ ملياري دولار في نهاية عام 2011، وكاد الرقم يكون أعلى لولا التصحيح النسبي الذي تم في الشهر الأخير بفائض إيجابي يقارب 700 مليون دولار، نتج خصوصا من تدفق ودائع إلى القطاع المصرفي.

وقد حقق ميزان المدفوعات في عام 2010 فائضا بلغ 3.3 مليارات دولار، مسبوقا برقم قياسي بلغ 7.9 مليار دولار في عام 2009، وبرقم 3.5 مليارات دولار في عام 2008، فيما سجل فائضا إيجابيا يقل عن ملياري دولار عامي 2006 و2007.

في المقابل، تفاقم عجز الميزان التجاري اللبناني خلال عام 2011 الماضي، ليصل إلى 15.9 مليار دولار بزيادة نسبتها نحو 16% عن عام 2010، وذلك نتيجة زيادة فاتورة المستوردات بنسبة 12.21%، لتصل إلى 20.15 مليار دولار، فيما زادت الصادرات بنسبة ضئيلة بلغت 0.28% لتصل إلى 4.26 مليارات دولار.

وتأثرت الصادرات اللبنانية، وفقا لتقرير صادر عن وحدة الأبحاث في مجموعة بنك «الاعتماد اللبناني»، بضعف الطلب الاستهلاكي في بعض الدول العربية التي شهدت اضطرابات سياسية، كما أن توتر الأوضاع في سوريا، وهي الممر الأساسي لنحو 80% من حركة الترانزيت، ضغط سلبا على حركة الصادرات اللبنانية إلى بعض الدول العربية الإقليمية بحيث تراجعت الصادرات اللبنانية إلى كل من مصر بنسبة (66%) والعراق (26%) والإمارات العربية المتحدة (23%) والبحرين (9%) وسوريا (3%).

وفي المقابل، شهدت حركة الاستيراد من اليابان تراجعا حادا بنسبة 35% خلال عام 2011 لتصل إلى 404 ملايين دولار أميركي وذلك على أثر المخاوف من التلوث الإشعاعي نتيجة للزلزال العنيف الذي ضرب اليابان في شهر مارس (آذار) من العام المنصرم.