تقرير: أكثر من 15 مليون شاب سيدخلون أسواق العمل في المنطقة العربية خلال العقد المقبل

استحداث فرص العمل وتطوير الاقتصاد غير النفطي أهم التحديات التي تواجهها دول المنطقة

يتوقع التقرير أن يبلغ المعدل السنوي لنمو العمالة في دول المنطقة خلال الأعوام العشرة المقبلة نحو 2 في المائة سنويا («الشرق الأوسط»)
TT

توقع تقرير متخصص حول أداء الأسواق سريعة النمو أن يدخل أكثر من 15 مليون شاب أسواق العمل في قطر والإمارات والسعودية ومصر خلال العقد المقبل، معتبرا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتع بتركيبة سكانية شابة وعمالة سريعة النمو، مما يجعل من استحداث فرص العمل وتطوير الاقتصاد غير النفطي أهم التحديات التي تواجهها دول المنطقة.

وقال بسام حاج، رئيس أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة «إرنست ويونغ» المصدرة لهذا التقرير «من المتوقع أن يبلغ المعدل السنوي لنمو العمالة في دول المنطقة خلال الأعوام العشرة المقبلة نحو 2 في المائة سنويا.. وفي الوقت الذي يعزز فيه نمو حجم العمالة آفاق النمو في المنطقة، إلا أن استحداث فرص العمل لهذا الجيل الجديد من العمالة سوف يشكل أحد أهم التطورات الاقتصادية التي ستشهدها المنطقة».

ويقترح التقرير 4 خطوات لمواجهة مشكلة استحداث فرص العمل، تتمثل في تعزيز روح المبادرة الاقتصادية، وتوفير البيئة المناسبة لاستقطاب المشاريع والاستثمارات الجديدة، وتطوير الاقتصاد غير النفطي والتعليم والتدريب المهني، والإنفاق على مشاريع البنية التحتية.

وكان تقرير حديث لصندوق النقد الدولي قد أشار إلى التأثير الكبير المحتمل للاستثمار في البنية التحتية على توفير فرص العمل في المنطقة، وتوقع استحداث نحو 40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة على المدى القصير، مقابل كل مليار دولار أميركي يتم إنفاقه على تلك المشاريع. وأضاف أنه على هذا الأساس، سوف يوفر إنفاق مصر، على سبيل المثال، لنحو 1 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على النوعية المناسبة من مشاريع البنية التحتية، نحو 87 ألف فرصة عمل جديدة.

إلى ذلك، يتوقع تقرير «إرنست ويونغ» الجديد تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطق، آخذا بعين الاعتبار تراجع الدعم الذي سوف يوفره ارتفاع أسعار النفط لاقتصاد دول الأسواق سريعة النمو في المنطقة، وهي قطر والإمارات والسعودية ومصر خلال العقد المقبل، لكنه توقع بلوغ متوسط معدل نمو ناتجها المحلي الإجمالي 4 في المائة سنويا.

وأوضح التقرير أنه من بين هذه الدول الأربع سريعة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سوف تحافظ قطر، التي تمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، على مكانتها بصفتها أسرع تلك الدول نموا، مشيرا إلى أن دول الأسواق سريعة النمو في المنطقة، تحاول تعويض قصور محفزات النمو الخارجية من خلال طرح برامج تحفيز مالية.

ويرى التقرير أن الإنفاق الحكومي الكبير ظل مساهما قويا في نمو اقتصادات الدول الأربع المعنية بصورة عامة، وبصفة خاصة قطر والسعودية «ففي قطر، أسهمت الزيادات الكبيرة في الإنفاق الحكومي بالتزامن مع زيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية والتعويضات لجميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، في تعزيز نمو الاقتصاد القطري».

أما في السعودية، «فيُعزى جانب كبير من أسباب نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بمعدل 6.1 في المائة عام 2011، إلى الدعم الذي حصل عليه من زيادة الإنفاق الحكومي عموما وعلى مشاريع البنية التحتية بصفة خاصة. وفي الإمارات، دعمت عائدات النفط والسياحة وخدمات الأعمال والإنفاق الحكومي نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقد قامت علاقات الإمارات الوثيقة مع الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو بحماية اقتصادها من الآثار السلبية لأزمة منطقة اليورو».

إلى ذلك، يرى التقرير أن مصر هي الأكثر تأثرا بأزمة اليورو، حيث ضغطت الأزمة الاقتصادية العالمية وأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو بقوة على معدلات النمو في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن تأثيرها كان أقل قوة في الدول المصدرة للنفط، نظرا لتخصيص حكومات تلك الدول للمزيد من الموارد المالية لتعزيز إنفاقها وبسبب قوة علاقاتها مع الدول الآسيوية سريعة النمو، بشكل يفوق قوة علاقاتها مع دول منطقة اليورو.

لكن الدول المصدرة للنفط في المنطقة، بحسب التقرير، تأثرت أيضا بتدهور الأسواق المالية العالمية وانسحاب البنوك الأوروبية من الأسواق الخارجية، ونتيجة لذلك، بات تمويل المديونية العالمية أكثر صعوبة وأعلى تكلفة، وأصبح إبرام عقود تمويل المشاريع يستغرق وقتا أطول. وتأثرت دول المنطقة المستوردة للنفط مثل مصر بشكل أكبر، نظرا لاستيعاب الأسواق الأوروبية لنحو 30 في المائة من الصادرات المصرية وكونها مصدرا لنسبة كبيرة من حوالات المصريين العاملين في الخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة والعائدات السياحية المصرية.

وعلى الصعيد العالمي، توقع التقرير أن تبدأ 25 سوقا صامدة وسريعة النمو قاومت حتى الآن الآثار السلبية لأزمة منطقة اليورو وضعف الطلب واضطراب وتذبذب الأسواق ومشاكل سيولة الائتمان في أوروبا، بالشعور بوطأة تلك الأزمة، ولكن ليس إلى درجة تهدد أداءها الاقتصادي القوي.

وتوقع التقرير بلوغ متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول نحو 5.3 في المائة هذا العام، في تناقض صارخ مع الانكماش الاقتصادي الطفيف المتوقع أن تعاني منه دول منطقة اليورو خلال النصف الأول من عام 2012 والنمو المتواضع المتوقع للاقتصاد الأميركي.

وفي الوقت الذي قال فيه التقرير إن معدلات نمو الدول سريعة النمو الاقتصادي سوف تظل موضع حسد الدول المتقدمة على المدى القريب، إلا أنها بدأت تشعر بوطأة تراجع الطلب على صادراتها في منطقة اليورو، وتكلفة دعمها للأسواق المالية واستعادة ثقة مجتمع المال والأعمال فيها، خلال الشهور القليلة الماضية. وأوضح التقرير أنه نتيجة لذلك، فمن المتوقع أن ينمو اقتصاد الدول المعنية بمعدلات تقل عن توقعات التقرير في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. لكن التقرير أكد أن أسواق تلك الدول سوف تواصل الإسهام بنحو نصف معدل النمو الاقتصادي العالمي على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة.