الأزمة المالية تغير خريطة اليونان السياسية

باباديموس يؤكد أن اليونان تسير في الطريق الصحيح.. و«موديز» تخفض التصنيف الائتماني مجددا

TT

على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء اليوناني لوكاس باباديموس على أن الجهود التي بذلتها أثينا لمواجهة الأزمة وضعت البلاد مجددا على الطريق الصحيح، متوقعا تحقيق أول نتائج للتعافي الاقتصادي منتصف العام المقبل 2013، فإنه بعد ذلك بساعات قليلة أعلنت مؤسسة وكالة موديز لخدمة المستثمرين، عن تخفيض تصنيفها للديون السيادية اليونانية من «سي إيه» إلى «سي».

ويعد هذا التصنيف هو أدنى درجة ممكنة بالنسبة للسندات التي تصدرها الحكومة اليونانية، وجاءت هذه الخطوة في أعقاب مفاوضات تجريها اليونان في برنامج تبادل السندات مع القطاع الخاص وهي أكبر عملية إعادة هيكلة لديون سيادية والتي وصفتها وكالة موديز بأنها «تبادل متعثر.. ومن ثم تخلف عن سداد الديون».

وأشاد لوكاس باباديموس في ختام القمة الأوروبية، بنتائج القمة حيث تمت الإشادة بجهود اليونان والمضي قدما في خطة الإنقاذ الثانية لأثينا، وقال إن اليونان بذلت تضحيات كبيرة وقد حان وقت طي هذه الصفحة وبدء مرحلة جديدة، معربا عن ثقته بأن الخطة المقبلة المتفق عليها سوف تساعد في إعادة رسملة بنوك بلاده وستساهم في تحسين الثقة وتوفير فرص العمل.

وأعرب رئيس الوزراء اليوناني عن ثقته بأن المجتمع في بلاده الذي يعاني من إجراءات التقشف الصارمة التي تم إقرارها حتى الآن، سيدرك أن المستقبل سيتطلب جهودا جديدة وسيشيد بالقرارات التي تم تبنيها في بروكسل، وقال إنه على الرغم من تحقيق الكثير واقتربنا من الهدف، فإن هناك جهودا لا بد أن تبذل، ومن المحتمل تحقيق أول نتائج للتعافي في منتصف عام 2013.

وتبلغ قيمة خطة الإنقاذ الثانية لليونان 130 مليار يورو، مقابل قيام أثينا بإصلاحات وإجراءات تقشفية، وتأمل اليونان في أن يؤدي اتفاق تبادل السندات إلى خفض ديونها المملوكة القطاع الخاص والتي تبلغ نحو 200 مليار يورو، وتخفيضها بنسبة 53,5 في المائة كما تم التوصل إليه بين اليونان والدائنين.

وتعتبر قمة التحاد الأوروبي الأخيرة ممتازة بالنسبة لليونان، إذ تم خلالها إقرار ما تسعي اليونان إليه منذ شهور لإنقاذها من الإفلاس، وبالفعل وقع وزير المالية ايفانجيلوس فينيزيلوس ونائب رئيس المفوضية الأوروبية أولي رين خلال القمة على مذكرة تعاون لبرنامج قرض جديد لليونان قيمته 130 مليار يورو على مدار عامين، وشارك في مراسم التوقيع على المذكرة محافظ بنك اليونان، جورج بروفوبولوس، وتضمنت المذكرة الرسائل الملزمة من قبل قادة حزب الديمقراطية الجديدة (سامراس) وحزب باسوك الاشتراكي (باباندريو) لإتمام الصفقة. كما وقع فينيزيلوس مع رئيس صندوق الاستقرار المالي الأوروبي كلاوس ريجلنغ، 5 اتفاقيات أساسية تتعلق بتنفيذ هذه المبادرة، وتتعلق بإعادة تمويل البنوك اليونانية، والضمانات التي ينص عليها الاستقرار المالي للبنك المركزي الأوروبي، و30 مليار يورو لتمويل عملية تبادل السندات من قبل القطاع الرسمي، في صفقة لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي التي تغطي الفائدة المستحقة للدولة اليونانية وأخيرا التمويل المشترك بين القطاعين الرسمي والخاص.

ومن المؤكد هنا على الأرض أن الأزمة المالية قد بدأت بالفعل في تغيير الخريطة السياسية للبلاد، ولربما منذ تولي لوكاس باباديموس رجل الاقتصاد رئاسة الحكومة من دون انتخابات برلمانية، وتنحي جورج باباندريو المنتخب عن رئاسة الوزراء، وتشهد أثينا الفترة الأخيرة تحركات سياسية كبيرة استعدادا للتغييرات التي بدأت بشطب أكثر من 50 عضوا برلمانيا من الحزبين الكبيرين في البلاد؛ الاشتراكي والمحافظ.

وتبلورت عملية تغيير الخريطة السياسية أخيرا عند استقالة وزير حماية المواطن خريستوس بابوتسيس، ليخوض انتخابات زعامة الحزب الاشتراكي منافسا لوزير المالية الحالي ايفانجيلوس فينزيلوس، فيما أعلن حاكم إقليم ثيسالونيكي تأسيسه عن حزب جديد، وأيضا تراجعت شعبية الحزبين الاشتراكي والمحافظ، وتقدمت الأحزاب الصغيرة، الشيء الذي يؤكد أن الحكومة اليونانية الجديدة من المؤكد أن تكون ائتلافية ولا يمكن لحزب واحد الفوز بتشكيل الحكومة كما كانت عليه البلاد لعقود طويلة مضت.