رئيس وزراء باكستان الأسبق: الأسواق النفطية لن تتأثر بفرض عقوبات على إيران

قال: السعودية تملك قدرة على سد الفراغ

اتفق الخبراء على ضرورة خلق وظائف في الدول الناشئة والنامية (تصوير: خضر الزهراني)
TT

اتفق خبراء اقتصاديون على قدرة الدول المصدرة للنفط على سد العجز المتوقع من إيقاف الاستيراد من إيران، مشيرين إلى أن دولا أخرى منتجة تملك قدرة كبيرة على سد الخلل النفطي.

وسجل «النفط» حضورا قويا في منتدى جدة الاقتصادي الثاني عشر لهذا العام، خاصة مع التداعيات والتوقعات بارتفاع أسعاره، خصوصا مع الأخبار المتوالية باقتراب فرض العقوبات الأممية على طهران المتعلقة بوقف «استيراد النفط الإيراني»، نتيجة استمرارها في نشاطها النووي. وتوقع خبراء اقتصاديون وسياسيون أنه في حال تمت تلك العقوبات فإن «الاقتصاد العالمي والأسواق النفطية لن تتأثر من وقف استيراد النفط لأن هناك دولا أخرى قوية منتجة للنفط كالسعودية تملك قدرة كبيرة على سد الخلل النفطي»، مؤكدين في سياق متصل أن «الأمر لا يتوقف على نفط طهران».

واتفق كل من أنيل جوبتا رئيس معهد مايكل دينقمان المختص بالاستراتيجية العالمية ورئيس الوزراء الباكستاني الأسبق شوكت عزيز أن «الاقتصاد السعودي لن يتأثر سلبا، بل ستستفيد السعودية من ارتفاع الأسعار التي من المتوقع أن تشهد نموا اقتصاديا وماليا على المدى القصير».

وفي إطار الفلسفة السياسية لدول الربيع العربي «تونس، ليبيا، ومصر» أوضح رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق «أنه من المهم على صانعي القرار الجدد في تلك الدول توفير السوق التجاري الآمن والبيئة الاستثمارية الجيدة، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية»، وشدد على ضرورة «السلام الداخلي لتمكين وضعها الاقتصادي بشكل جيد».

من جانبهم، رفض الخبراء المشاركون في أولى الجلسات الدولية لمنتدى جدة الاقتصادي الثاني عشر «ما بعد التكتلات» أن يكون ارتفاع سعر البترول وراء تعطل النمو في بعض الاقتصاديات الناشئة.

واعترف شوكت عزيز رئيس وزراء باكستان الأسبق بوجود الكثير من الفساد في بعض الحكومات مما أدى إلى تأخير عجلة النمو والإنتاج، في حين اتفق المشاركون على أن آثار الأزمة المالية التي عانت منها أميركا وبعض دول أوروبا لن تنتهي قبل نهاية عام 2012 الحالي. وأكد عزيز أن عدم تماسك سياسات البلدان الأوروبية أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في تلك البلدان بشكل مثير للقلق، بينما تحتاج الاقتصاديات الناشئة إلى الإدارة السليمة وانخفاض أسعار النفط، مستشهدا بالتجربة الصينية، التي ينتظرها نمو اقتصادي هائل في حالة عدم ارتفاع أسعار النفط.

وقال: «هناك عبرة ودرس ينبغي أن نخرج به، فعندما يكون هناك اتحاد اقتصادي ناجح لا بد أن يسهم ذلك في التنازل عن جزء من السيادة لكيان أكبر.. وهذا صعب على بعض الدول، وبالتالي هذه مادة للتفكير، والمعاهدة المالية التي تم الاتفاق عليها مؤخرا بين دول الاتحاد الأوروبي هي خطوة في هذا الاتجاه، وإذا لم تتنازل عن جزء من سيادتك ستواجه هذه المشاكل، والأمر ينطبق على الاقتصاديات الناشئة، والتطور الذي حدث للنمور الجدد مثل الصين والهند اعتمد بشكل كبير على تنازلات، فقد سمحوا بدخول الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير».

وأضاف: «الاقتصاديات الناشئة تحتاج إلى الكثير من التحسين الاقتصادي، ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من التخلص من الفساد الذي كان مسؤولا عن تعطيل قطار التنمية في بعض الدول، ومن المهم أن تتحلى اقتصاديات هذه الدول بالشفافية لأنها تحتاج إلى مصارحة الناس بكل شيء والبعد عن الأمور السلبية التي تسبب مشاكل عديدة وتثير تأثيرات سلبية».

ورأى عزيز أن كل بلد ينظر للطاقة والبترول على أنه مساهم في عوائد الموازنة، وقال: «عندما ترتفع الأسعار لا بد أن نقدم دعما، ولا يمكن أن نلقي اللوم على الأوبك في رفع أسعار البترول، وأرى أنه لا بد من إحداث توازن في السوق من خلال ترشيد الإنتاج لبعض الدول».

ونصح رئيس وزراء باكستان الأسبق السعوديين بالتركيز على استثمار إنتاج البترول ومشتقاته، وأضاف: «السعودية تتمتع بمركز جغرافي رائع، وتتمتع بإنتاج جيد من البترول، وأتصور أنها تسير في الاتجاه الصحيح، وعلينا أن ندرك أنه ليس بإمكان أي دولة أن تفعل كل شيء بمفردها بمعزل عن الآخرين، حتى الصين التي حققت نموا بنسبة 8 في المائة لا تعمل بمفردها».

من جانبه أكد جوزيه فرنانديز مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية والطاقة والأعمال على ضرورة خلق وظائف في الدول الناشئة والنامية، مشيرا إلى أن بلاده نجحت في السنوات الخمس الماضية في خلق 8 ملايين وظيفة، الأمر الذي عادت آثاره بشكل واضح على الناتج القومي، وأسهم في تجاوز الأزمة المالية العالمية التي ما زالت آثارها قائمة حتى الآن، ويعاني البعض من توابعها منذ وقوعها في عام 2008».

وأضاف: «هناك نوعان من المخاطر؛ الأول ما حدث في المكسيك التي نجحت في الحفاظ على نموها، والثاني يبدو واضحا في اليونان التي شهدت انهيارا اقتصاديا كبيرا في الآونة الأخيرة، على النحو الذي شاهدناه وكان وراء الاضطرابات الأخيرة».

وأوضح أنيل غوبتا البروفسور في جامعة ماريلاند بالولايات المتحدة الأميركية أن الاقتصاديات الناشئة تمثل حاليا نسبة 33 في المائة من مجمل الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تمثل نسبة 50 في المائة خلال السنوات المقبلة.

وشدد محمد الصبان المستشار الاقتصادي في وزارة البترول والثروة المعدنية بالسعودية على أن «السعودية تراقب بقلق المشهد الدولي، على أثر الأزمات التي تمر بها البلدان الأوروبية، والولايات المتحدة الأميركية»، وأكد أن هناك زيادة في حجم الإقبال على النفط في البلدان الخليجية وخاصة السعودية، حيث بلغ حجم الطلب الصيني على النفط بالسعودية أكثر من مليوني برميل، بينما هناك انخفاض في حجم الطلب للبلدان المتقدمة بنحو مليوني برميل.

وأعتبر أن الاقتصاديات الناشئة هي الأكثر جذبا في المشهد الاقتصادي العالمي، بينما سيعود الاتحاد الأوروبي إلى الركود الاقتصادي ولن يتعافى قبل نهاية العام، في حين سيكون هناك نمو ضعيف جدا للاقتصاد الأميركي.

وقال «رأينا مجموعة الثمانية، ومن ثم أجمع العالم أنه لا يمكن أن يتجاهل الاقتصاديات الناشئة، كما رأينا تأثير مجموعة العشرين التي تتمتع السعودية بعضويتها على الاقتصاد في العالم بشكل كبير، ونحن نرى أن الزيادة في الطلب على النفط انخفض في بلدان أوروبا، بينما زاد في الصين، ونحن نواكب الوضع باعتبارنا نصدر النفط، وأتصور أن الطلب على النفط سينخفض أكثر في الفترة المقبلة». وروى الصبان الجملة التي قالها وزير البترول السعودي علي النعيمي لبعض الوزراء الأوروبيين، عندما قال في أحد اجتماعاته معهم: «لن نبيع لكم البترول مجانا، أعطونا فقط الضرائب التي تجمعونها من الناس، وأتصور أن ارتفاع سعر البترول لا ينبغي أن يسبب أزمة لدى بعض الدول المتطورة، لكن من المهم البحث عن مصادر عديدة أخرى للطاقة».

وبالعودة للمؤتمر، امتدح رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق العلاقات الحميمة التي ترتبط السعودية وباكستان، قائلا إن هذه العلاقات تحمل ثقلا سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا أقوى بكثير مما يتوقعه المطلع على العلاقات بين البلدين، مضيفا أن العلاقات مع مرور الوقت تجاوزت حاجز الزمن وتاريخ المحبة المتبادلة بين حكومتي وشعبي البلدين بوقفاتهما التاريخية جنبا إلى جنب، وكانت لوقفات المملكة حكومة وشعبا إلى جانب إخوانهم الباكستانيين، خصوصا وقت الأزمات، الأثر الطيب على مستوى العلاقات بين البلدين.