التعميم لم يصلني

علي المزيد

TT

في الأسبوع الماضي حفل الوسط الاقتصادي السعودي بقرارات وممارسات متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر، صدور قرار وزارة التجارة بالسماح باستيراد الإسمنت، وبيع محمد الماضي، الرئيس التنفيذي في «سابك» جزءا من أسهمه في الشركة والشركات التابعة، واستقالة عبد الله الراجحي، الرئيس التنفيذي لمصرف الراجحي، وأعدكم قرائي الكرام أن أتحدث عن هذه المواضيع بشكل منفرد في الأسابيع المقبلة.

اليوم سأحدثكم عن التعميم، والتعميم لا أقصد به التغليب بالطبع، وإذا كان التعميم منطقا مغلوطا، كما يقول الفلاسفة، فهو في حالتنا أمر واجب، إذ إن التعميم يعني طباعة التعليمات من القادة والإداريين لتصل للمنفذين، وفي السعودية تصدر قرارات مفرحة، وحينما تطالب كمستفيد بتطبيق هذه القرارات تفاجأ بالمنفذين يقولون لك التعميم لم يصل.

وأذكر في هذا الصدد حينما تم تخفيض رسوم جوازات السفر أن تنفيذه استغرق ثلاثة أشهر، الحجة الأولى كانت عدم وصول التعميم، والثانية عدم برمجة النظام.

كنت أعتقد أن هذا الأمر حصري في السعودية وتفاجأت في أحد المؤتمرات الخليجية ببعض المتحدثين يقولون إن القادة يتخذون قرارات تقوم الأمانة العامة لدول المجلس بتعميمها على الدول عبر وزارات الخارجية، ولكن حينما يراجع المستفيدون يفاجأوا بأن التعاميم لم تصل.

الأسبوع الماضي أصدرت وزارة التجارة السعودية قرارا يقضي بفتح باب الاستيراد لمادة الإسمنت التي نعاني منها شحا، وهذا القرار مهم من ناحيتين، الناحية الأولى سرعة الاستجابة للموقف، فحينما شعرت الوزارة بحاجة البلاد لمادة الإسمنت فتحت الباب وبسرعة، ثانيا أن القرارات اكتسبت روحا شبابية، لا روحا محنطة، فأنا أذكر أن الوزارة منعت تصدير مادة الإسمنت واستمرت في منعها رغم وجود فائض. المحنطون والقرارات المحنطة من أعظم البلاء على العباد والبلاد.

كل ما ذكرت لا يهمني، ما يهم في الأمر أن وزارة التجارة وضعت قرار فتح استيراد الإسمنت على بوابتها الإلكترونية، وأخشى ما أخشاه أن تأتي باخرة محملة بالإسمنت لأحد موانئنا فيقول موظف الجمارك لمن يريد أن يفسحها: التعميم لم يصلني، لذلك أنصح بألا يضرب هذا الموظف كفا بكف، بل أن يلقى عليه من السفينة كيس من الإسمنت زنة خمسين كيلو لعله يموت ونرتاح منه.

* كاتب اقتصادي