الذهب السعودي يفقد 10% من مبيعاته الفردية منذ بداية 2012

المصانع تستجيب لارتفاع الأسعار وتعتمد موديلات جديدة بثقل أخف

ينتظر المتعاملون في قطاع الذهب في السعودية انتعاشا خلال العام الجاري («الشرق الأوسط»)
TT

تضاءلت آمال التجار والمستثمرين في سوق الذهب السعودية، في أن يساهم عام 2012 في تحسين الأداء العام للسوق بالنسبة للمبيعات الفردية، وانتشالها من حالة العزلة التي تعيشها السوق منذ العام الماضي، وذلك نتيجة تقلبات أسعار الذهب وسيرها بوتيرة واحدة وهو الارتفاع، الأمر الذي دفع المشترين إلى العزوف عن الشراء حتى تنخفض الأسعار وتعود إلى مستويات معقولة، في الوقت الذي سجلت المبيعات انخفاضا منذ بداية العام قدرت بـ10%.

ورغم تدارك المصانع لهذه المعضلة التي أجبرتهم على تغيير موديلات أطقم الذهب، واعتمادها على أشكال جديدة تبدو ذات ثقل كبير ومجوفة من الداخل، وذلك لإغراء المشترين فإنها لم تفلح في تحريك عمليات الشراء بشكل كبير، وأوضح الكثير من المتعاملين في سوق الذهب أن الأسعار الحالية تحد من إقبال المشترين وترفع نسبة العزوف، موضحين أن الأسعار وصلت إلى مستويات غير معقولة وتسير في طريق مجهول.

وأكد سعيد باكرمان المستثمر في سوق الذهب، بأنه كان يعول كثيرا على عام 2012 في إنقاذهم من أزمة المبيعات، والتي تشهد انخفاضا منذ بدايته، تقدر بـ10%، بسبب خلوها وحتى الآن من المناسبات، تزامنا مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات كبيرة، الأمر الذي يجبر الزبون على إعادة حساباته أكثر من مرة عند قراره شراء الذهب، متى ما اضطر إلى ذلك باعتباره الحل الوحيد.

ويضيف باكرمان أن لتقلبات الأسعار أثرا سلبيا في مبيعاتهم، على حساب مبيعات الدول أو كبار المستثمرين العالميين، الذين يشترونه بكميات كبيرة باعتباره الاستثمار الأكثر ضمانا على مستوى العالم، في ظل الاضطرابات الاقتصادية، وهو الأمر الذي انعكس عليهم بشكل مباشر، متسببا في شبه توقف المبيعات، ووقوعهم تحت الضغط، في الوقت الذي تشهد فيه أجور العمالة والمحال ارتفاعات كبيرة، ناهيك عن التجهيزات الأمنية والاحترازية لمحلات الذهب التي تشترط وجود احتياطات معينة من الإجراءات.

وكان متعاملون قد رجحوا العام الماضي أن تشهد سوق الذهب خلال عام 2012 انخفاضات اضطرارية في الأسعار، نتيجة وصوله إلى أسعار مرتفعة خارج نطاق المألوف، أو معطيات العرض والطلب، إلا أن الدلالات الفعلية أثبتت أن الأسعار لا تزال مستعرة، وتسير إلى التذبذب في مكانها أو الارتفاع بمستويات ملحوظة.

من جانبه أوضح فايز السقاف المستثمر في قطاع الذهب، أنهم لا يجنون الخسائر، بل قلة في الأرباح لأنهم لا يبيعون إلا بعد استخراج الفائدة، إلا أن الاستمرار في ضعف المبيعات له انعكاسات سلبية على المدى الطويل، مبينا أنهم جزء من منظومة دولية، وأن أسعار الذهب محددة على مستوى العالم، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدا، خصوصا في غياب قلة المواسم التي يبيعون فيها هذه الأيام، وأن مبيعات الذهب تعتمد وبشكل أساسي على المواسم والإجازات.

وحول الأسعار الحالية للذهب بين أن سعر الأوقية ذات العيار 10 وصل إلى 22.66 دولار، أما العيار 14 فقد حقق ما يقارب 31.69 دولار، أما العيار 18 فقد تجاوز الـ40.76 دولار، وبالنسبة للعيار 21 فقد بلغ 47.56 دولار، في حين العيار 22 لامس سعره 49.84 دولار، أما العيار 24 فحقق 54.35 دولار، مما يعني أن الأسعار تسير إلى ازدياد، بعكس سير بعض الاقتصادات العالمية، التي تعتبر الذهب الخيار الآمن للحفاظ على الاستثمارات باعتباره لغة اقتصادية عالمية.

وكانت أسعار الذهب قد شهدت تذبذبات واضحة خلال العامين الماضيين، تركزت وتيرتها على الارتفاع، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يشهدها العالم بشكل عام، كما أن لارتفاعات أسعار النفط أثرا واضحا على الصعود بالمؤشر إلى الارتفاع، كما شكلت الاضطرابات التي تشهدها منطقة اليورو، ضغطا إضافيا على تنامي الطلب على الذهب، باعتباره الخيار الآمن والرقم الصعب في أحلك الأزمات الاقتصادية، التي تعصف ببعض الاقتصادات العالمية في الوقت الراهن.

وفي الاتجاه ذاته أشار راشد الدوسري صاحب عدد من متاجر الذهب، أن مفاهيم الشراء تغيرت لدى السعوديين، فبعد أن كانت الأطقم ذات الأحجام الكبيرة وذات الثقل الواضح، تطغى على طلبهم عند الشراء، استبدلوها بالأطقم الصغيرة المعروفة باسم «الناعمة» التي تعطي شكلا بأنها ذات ثقل، إلا أنها مفرغة من الداخل، أو تحتوي على الفتحات الصغيرة، التي يفرق غرام الذهب فيها، لافتا إلى أن المصانع استجابت وبقوة للأحداث الأخيرة وبدأت في إنتاج موديلات جديدة تعطي منظرا بأنها ذات ثقل كبير إلا أنها مجوفة من الداخل.

ويضيف الدوسري أن معظم المبيعات متركزة على هدايا المواليد الإناث، ومن ثم أطقم الزواجات التي انخفضت مبيعاتها إلى مستويات كبيرة، نتيجة ارتفاع الأسعار، لافتا أن المعلوم أن أطقم هدايا الزواج تكون ذات ثقل كبير مما يعني سعرا أعلى، إضافة إلى أن الظروف المادية بشكل عام بدأت ترتفع في شتى المناحي الأخرى، مما يلقي بظلاله سلبا على مبيعاتهم، وحول توقعاته المستقبلية بين أنه لا يتوقع أي شيء، لأن السوق بكل اختصار تسير باتجاهات لا يمكن تفسيرها، وبظروف استثنائية.

يشار إلى أن السعودية تحتل المركز الرابع على مستوى العالم في استهلاك الذهب، والأولى على المستوى العربي كما أن استقرارها أمنيا واقتصاديا ساهم وبشكل قوي في تزعم العالم في مجال صناعة الذهب، وتستهلك ما يقارب ثلث الطلب من إجمالي الموجود منه في الشرق الأوسط.