بعد التراجيديا اليونانية.. مخاوف أوروبية من «صراع ثيران» مع ديون إسبانيا

إسبانيا باغتت شركاءها بإعلان أن عجزها العام لـ2012 سيكون أعلى

وزير مالية ألمانيا فولفغانغ شويلبه بكرسيه المتحرك يصل إلى اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في بروكسل (إ.ب.أ)
TT

تصدرت إسبانيا جدول أعمال اجتماع وزراء مالية الاتحاد النقدي الأوروبي، أمس، في بروكسل، وسط مطالب من إسبانيا بمزيد من المرونة لخفض عجزها العام، وسيسعون أيضا إلى تحقيق تقدم بشأن تعزيز خط دفاعهم ضد أزمة الديون، حتى وإن كان لا ينتظر اتخاذ أي قرار قبل نهاية مارس (آذار) الحالي.

وقالت تقارير إن الوزراء الأوروبيين التقوا في بروكسل في مناخ أكثر هدوءا من المعتاد، وذلك بفضل موافقة الجهات الدائنة الخاصة في اليونان، الجمعة، على أكبر عملية خفض ديون في التاريخ.

وفي حدث نادر، لن يطرح الوضع في اليونان للبحث سوى على الهامش، حيث تنتظر منطقة اليورو حاليا اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي المقرر الخميس، لإكمال تفاصيل خطة المساعدة الثانية لليونان، التي تشمل مساعدة عامة بمبلغ 130 مليار يورو يسهم فيها صندوق النقد الدولي مبدئيا بمبلغ 18 مليارا. ويمكن في هذا الإطار تنظيم مؤتمر عبر الهاتف لمنطقة اليورو، كما أفاد به مصدر دبلوماسي أوروبي.

وهكذا يتوقع أن يعكف وزراء منطقة اليورو، أمس (الاثنين)، أساسا على بحث مصير إسبانيا التي باغتت شركاءها بإعلانها، في مطلع مارس (آذار) الحالي، أن عجزها العام لسنة 2012 سيكون أعلى من الهدف الذي أعلن سابقا. وقال مصدر دبلوماسي: «سيتعين فهم ما يطلبه منا الإسبان والوسائل التي سيحترمون بها تعهداتهم» بإعادة العجز إلى 3 في المائة، في نهاية 2013.

وأضاف: «الكرة الآن في ملعبهم. وسيكون عليهم إقناعنا. وإلا سيكون من الممكن إعادة تفعيل الإجراء (بشأن العجز المفرط)». واستنادا إلى عدة مصادر دبلوماسية، من المقرر أن يعقد أمس اجتماع منفصل لوزيري مالية ألمانيا؛ فولفغانغ شويبله، وإسبانيا، لويس دي غيندوس، قبل اجتماع مجموعة اليورو.

ويبدو أن الأوروبيين مستعدون لإبداء مرونة بشان العجز الإسباني لعام 2012، الذي سيبلغ 5.8 في المائة وليس 4.4 في المائة كما كان متوقعا أصلا، بشرط أن تبرر مدريد هذا التجاوز. إلا أنهم يخشون اتساع نطاق الحالة الإسبانية في الوقت الذي وضعوا فيه آليات جديدة لضبط الموازنة، من بينها المعاهدة التي وقعت عليها في مطلع مارس (آذار) الحالي 25 من دول الاتحاد الأوروبي الـ27، التي تنص على وضع قواعد لإعادة التوازن للميزانية.

وذكر مصدر دبلوماسي أن «هذا الوضع لا يقتصر على إسبانيا وحدها»، مشيرا إلى وضع المجر التي قد تحرم من مبلغ الدعم الأوروبي البالغ 495 مليون يورو في عام 2013، إذا لم تتخذ سريعا الإجراءات اللازمة لخفض عجزها المالي. وسيكون على وزراء مالية الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرار بشأن هذا الموضوع، اليوم.

وتوجد دولة أخرى تثير القلق، وهي هولندا، التي يتوقع أن يتجاوز عجزها العام الحد الأوروبي البالغ 3 في المائة في العام المقبل.

كما سيكون أيضا على منطقة اليورو مناقشة تعزيز حاجز صدها للأزمات، المتمثل في آلية الاستقرار الأوروبية التي سيبدأ العمل بها في يوليو (تموز) المقبل. ولا ينتظر اتخاذ أي قرار قبل نهاية الشهر الحالي. وما زالت ألمانيا تبدي ترددا بشأن هذا الملف، وأيضا بشأن زيادة قدرة آلية الاستقرار الأوروبية على منح القروض لتصل إلى 750 مليار يورو، معتبرة أنه لم تعد هناك حاجة ملحة لذلك، نظرا للهدوء الذي يسود حاليا الأسواق المالية.

والحل المطروح هو إضافة المبلغ المتبقي من الآلية المؤقتة، أي صندوق الإغاثة المؤقت الحالي، إلى مبلغ الـ500 مليار يورو، الذي يشكل قدرة آلية الاستقرار الأوروبية للحصول بذلك على محفظة شاملة بمبلغ 750 مليارا. وينتظر صندوق النقد الدولي، الذي يعقد اجتماعه الربيعي في منتصف أبريل (نيسان) المقبل بادرة من منطقة اليورو بشأن هذه المسألة الحساسة ليتمكن من زيادة موارده الخاصة لزيادة مساعدته لأوروبا.

وأخيرا سيتعين على منطقة اليورو اختيار العضو الجديد في إدارة البنك المركزي الأوروبي ليحل محل الإسباني، خوسيه مانويل غونزاليس بارامو، الذي سيغادر منصبه في نهاية مايو (أيار) المقبل.

ويتنافس على هذا المنصب ثلاثة مرشحين، يتصدرهم (وفقا لمصادر دبلوماسية) حاكم بنك لوكسمبورغ المركزي، ايف ميرش. والاثنان الآخران هما الإسباني أنطونيو سانز دي فيكونا، والسلوفيني ميتيا كاسباري.

ويندرج هذا التعيين الشديد الحساسية في إطار لعبة كراسي موسيقية تشمل ثلاثة مناصب مهمة أخرى، من بينها رئاسة البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية.

وفي أثينا، بدأت الحكومة اليونانية، أمس، عملية مبادلة سنداتها التي بحوزة القطاع الخاص والصادرة بموجب القانون اليوناني لتحل محلها سندات جديدة تقل قيمتها عن نصف القيمة الأصلية.

قالت وزارة المالية اليونانية إن 85.8 في المائة من مستثمري القطاع الخاص يحملون سندات بقيمة 177 مليار يورو (232 مليار دولار)، صدرت بموجب القانون اليوناني، وقعوا على اتفاق مبادلة الديون الذي من شأنه أن يقلص حجم ديون اليونان البالغة 350 مليار يورو بمقدار 105 مليارات يورو. تم تمديد المهلة لحاملي السندات الصادرة بموجب القوانين الأجنبية إلى 23 مارس (آذار) الحالي.

أنقذ اتفاق مبادلة الديون، الذي يطالب المستثمرين بقبول خسارة فعلية تبلغ نحو 70 في المائة، اليونان من العجز عن سداد ديونها بنهاية هذا الشهر، بما يمهد الطريق أمام الإفراج عن حزمة إنقاذ دولية ثانية بقيمة 130 مليار يورو.

من جهة أخرى، وصل هورست رايشنباخ، رئيس مجموعة العمل التابعة للمفوضية الأوروبية المعنية بالمساعدة، في إعادة بناء الاقتصاد اليوناني إلى اليونان، أمس (الاثنين)، حيث سيلتقي عددا من المسؤولين قبل إصدار تقرير حول مدى التقدم الذي أحرزته البلاد في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها.

من المقرر أن يلتقي رايشنباخ، وهو ألماني يعمل لدى الاتحاد الأوروبي منذ سبعينات القرن العشرين، مع وزيرة التنمية اليونانية المعينة حديثا، آنا ديامانتوبولو، لبحث وتيرة إصلاحات التقشف التي يطالب بها دائنو اليونان. ومن المتوقع أن يعقد محادثات مع رؤساء النقابات لبحث إصلاح سوق العمل، التي تهدف إلى تقليص الإنفاق عبر خفض الأجور ومكافآت التقاعد.

ومن المتوقع أن تصدر مجموعة العمل المعنية باليونان، يوم الخميس المقبل، تقريرا حول مدى التقدم الذي أحرزته أثينا، والذي سيركز على الإصلاحات الهيكلية والجهود لاستيعاب أموال الاتحاد الأوروبي في استثمارات ومشاريع بنية أساسية لتحقيق انطلاقة.

وكانت لمجموعة إجراءات التقشف التي جرى تطبيقها، العام الماضي، في مقابل الحصول على قروض طوارئ نتائج عكسية على الاقتصاد اليوناني.

وتراجع الناتج الصناعي لليونان بنسبة 5 في المائة في يناير (كانون الثاني) مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وفقا لما ذكرته الهيئة الإحصائية اليونانية.

وانخفض الناتج الصناعي بنسبة 11.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

وفي روما، أعلن مكتب الإحصاء الوطني الإيطالي، اليوم (الاثنين)، أن اقتصاد إيطاليا نما العام الماضي بنسبة 0.5 في المائة، أي أفضل من النسبة المتوقعة، وهي 0.4 في المائة، كما أكد أن البلاد تعانى من الركود.

وقال المكتب إن الأرقام المعدلة، بحسب التقويم، غيرت التقديرات التي صدرت في فبراير (شباط) الماضي، كما أظهرت أن الاقتصاد الإيطالي نما بنسبة 1.8 في المائة، عام 2010، بدلا من 1.4 في المائة.

وأكد المكتب أن الاقتصاد الإيطالي انكمش في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 0.7 في المائة، كما دخل مرحلة الركود بعدما انكمش للربع الثاني على التوالي.

وكان إجمالي الناتج المحلى قد انكمش بنسبة 0.2 في المائة، خلال الربع الثالث من عام 2011.

ويذكر أن اقتصاد إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو كان الأخير الذي دخل مرحلة الركود عام 2009.