الرئيس التنفيذي لـ«سابك»: سننافس على سوق البتروكيماويات محليا وعالميا والأسواق هي الحكم

الماضي لـ«الشرق الأوسط»: تخلصنا من قضايا الإغراق بشكل نهائي ولدينا مشاريع جديدة بـ6 مليارات دولار

المهندس محمد الماضي الرئيس التنفيذي لشركة «سابك» (تصوير: عيسى الدبيسي)
TT

على هامش منتدى الصناعات التحويلية الذي نظمته الهيئة الملكية للجبيل وينبع ورأس الخير، منتصف الأسبوع الماضي، التقت «الشرق الأوسط»، المهندس محمد الماضي، المدير التنفيذي لشركة «سابك»، عملاق الصناعات الأساسية في السعودية، وتحدث الماضي عن مستقبل الصناعات التحويلية الذي قال إنه لن يكتب لها النجاح حتى يتوفر لها منظومة ما زالت غائبة في الوقت الراهن.

الماضي أشار إلى أن شركة عملاقة ستتولى دور القائد للصناعات التحويلية تتشارك فيها «سابك» و«أرامكو السعودية» والحكومة السعودية، لبناء شراكة مختلطة بين مستثمرين محليين وأجانب تتولى عبرها الشركة المرتقبة تنظيم الاستثمارات في الصناعات التحويلية.

وعلى مقربة من مقر «سابك» في مدينة الجبيل الصناعية يقام مشروع هو الأضخم عالميا الذي يتم بناؤه دفعة واحد (صدارة)، يقول الماضي: «(صدارة) مجمع واحد و(سابك) مجمعات صناعية حول العالم»، لكنه يلمح إلى أن المنافسة لن تكون سهلة بين الشركتين.

تحدث الماضي عن مشاريع بـ6 مليارات دولار تخطط «سابك» لإطلاقها بين عامي 2012 و2015، وعن تقنيات جديدة حصلت عليها، وعن تكامل صناعي تخطط له «سابك» عبر الدخول في الصناعات الوسيطة.

* كيف تنظرون إلى مستقبل الصناعات التحويلية في السعودية إذا أخذنا في الاعتبار أن شركة «سابك» متخصصة في إنتاج المواد الأساسية التي يقوم عليها هذا القطاع؟

- مستقبل الصناعات التحويلية يعتمد بكل صراحة على تضافر الجهود، ومن دون تضافر الجهود لجميع اللاعبين المهمين والمؤثرين على الصناعات التحويلية لن تنجح، وإذا حققت بعض النجاح ستكون نجاحات محدودة، ولكي يكون هناك صناعة تحويلية حقيقية من الضروري أن يكون هناك تضافر للجهود بين الجهات الحكومية المختلفة، والشركات المنتجة، والمعاهد والجامعات، بحيث تتولى الجامعات والمعاهد توفير مخرجات للسوق قادرة على الانخراط للعمل في المنتجات المعقدة، بالإضافة إلى قدرة الشركات المنتجة على توفير موادها بأسعار معقولة، وأن تتولى الجهات الحكومية ذات العلاقة بالمجال الصناعي تذليل العقبات من ناحية التجهيزات الأساسية ومن ناحية التمويل والرخص، هذه المتطلبات ضرورية وعمل كل جهة في معزل عن الجهات الأخرى سيضعف المنظومة التي تتطلبها هذه الصناعة، كما أنه من الضروري وجود هذه المنظومة في محيط واحد، بحيث تتفق هذه الجهات أن يكون لها موقع واحد يدخل له المستثمر، بحيث ينهي كل المعاملات والأوراق التي يتطلبها المشروع، يمكن تسميتها «واحة استثمار» أو أي اسم آخر، بحيث يجد المستثمر الفكرة القابلة للتنفيذ، ويجد من يمسك بيده ويحدد له المتطلبات والخيارات، حتى يحدد النشاط أو الفكرة التي يمكن أن يتبناها.

* هناك في الواقع اتهامات لشركة «سابك» بأنها لم تسهم في قيام صناعات تحويلية في السعودية، والاتهامات تنطلق من قناعة لدى الصناعيين بأن «سابك» تبحث عن الربحية في تسويق المواد الأساسية خارجيا التي توفر لها أرباحا أكثر مما لو دعمت صناعات تحويلية محلية.

- هذا اتهام باطل، لأنه لا يمكن لـ«سابك» أن توفر النجاح لهذه الصناعة بمفردها، «سابك» يمكنها أن توفر المواد الأساسية بأسعار معقولة تتماشى مع الأنظمة العالمية، لكن من المهم وجود الجهود الأخرى، ولا بد للجهات الرئيسية في كل صناعة أن تقوم بدورها وأن تعمل مع بعضها، لأن كثيرا من المستثمرين في الصناعات التحويلية لا يعرفون المنتج النهائي الذي ستقوم استثماراتهم عليه، ومن الضروري أن يكون هناك جهة تثقف المستثمر بالإنتاج، و«سابك» على أتم الاستعداد للقيام بهذا الدور، كما أنه من الضروري أن يكون هناك جهة تساعده في توفير الأرض التي سيقوم عليها المصنع أو المعمل، ومن الضروري أن يتم توفير الخدمات الأساسية للمشروع من كهرباء وغيرها من خدمات ضرورية، كما أنه من الضروري أن توفر جهات التدريب والتأهيل كوادر مدربة ومهيأة للعمل في مصانع ومعامل تنتج مواد معقدة، الدخول في مجال الصناعات التحويلية.. كما ذكرت ليست عملية بسيطة جدا، تضافر الجهود شيء ضروري، وعدم توافر هذه الجهات في موقع واحد لن يعطي هذه الصناعة النجاح المطلوب والمنشود، الذي يعول عليه اقتصاديا.

* هناك حديث عن شراكة مرتقبة بين «سابك» و«أرامكو السعودية» ووزارة المالية لتتولى قطاع الصناعات التحويلية في السعودية؛ إلى أين وصلت؟

- هذا جزء من المنظومة التي ذكرتها لتوفير جهود مساعدة يمكن أن تقوم عليها هذه الصناعة، وفي هذه الشركة المرتقبة ستقوم شراكة بين الحكومة ممثلة في وزارة المالية، والشركات المنتجة للمواد الأولية («سابك» و«أرامكو»)، وبقي جزء من المنظومة التي تتطلبها الصناعة التحويلية، ستعمل معه الشركة لتذليل الصعوبات التي تواجه هذه الصناعة، كما ستتولى الشركة مهام رئيسية لدعم هذه الصناعة يأتي في مقدمتها المستثمرون والتقنية، حيث ستقوم بجذب المستثمرين (أجانب أو محليين)، كما ستتولى دعم السعوديين الذين لديهم رغبة في الدخول في مجال الصناعات التحويلية، كما ستعمل الشركة على جلب التقنيات التي تتطلبها هذه الصناعة، هذه الشركة يراد لها أن تكون مختلطة مستثمرين محليين وأجانب وتقنيات ضرورية سيتم جلبها من الخارج، كما أن المستثمر المحلي سيجد من يدعمه ويقف بجانبه ويساعده في حل المشكلات التي تواجهه.

* من موقعكم على رأس هرم عملاق الصناعات الأساسية «سابك»، هل السوق السعودية جاذبة للمستثمر الأجنبي لكي يدخل في استثمارات في الصناعات التحويلية؟

- إذا تحدثنا عن الصناعات التحويلية للاستهلاك المحلي، تعتبر السوق السعودية جاذبة، أما إذا كان الهدف من الصناعات التحويلية التصدير فلا بد من توافر المنظومة التي نؤكد على أهميتها القصوى، من أجل تقليل التكاليف التي يتطلبها الاستثمار، فعندما يتم تجهيز الأرض الصناعية، وتوفير القرض للمستثمر، وتوفير المواد الأولية من الجبيل وينبع، وتوفير الخدمات، سيجد المستثمر أن التكاليف التي يتطلبها إقامة مصنع أقل والجهد والوقت أقل، وتوفير هذه المتطلبات عامل حاسم لتقليص التكاليف له للدخول في هذا المجال.

* هل لدى «سابك» نية للدخول في صناعات تكاملية، بمعنى أنها خلال الـ35 سنة الماضية برزت في الصناعات الأساسية؛ هل تتجه في استثماراتها المقبلة نحو تكامل صناعي بشكل ما؟

- لدى «سابك» في الفترة المقبلة خطة صناعية للدخول في صناعات وسيطة ولكنها معقدة، لإنتاج مواد تخص الصناعات التحويلية، وهي خطوة مفقودة في الصناعة السعودية (أي: الصناعات المعقدة التي يطلق عليها صناعات وسيطة) التي تنتج حبيبات يمكن أن يستفاد منها في صناعات إلكترونية، أو إنتاج مواد عزل، أو مواد تنظيف، أو صناعة مواد صحية، أو غيرها، هذه الاستثمارات التي تقوم بها «سابك» مثل مصانع البولي كربونيت، في شركة «كيان»، أو مثل مصانع الـ«إيه بي إس»، الذي سيبدأ خلال الفترة المقبلة، وكذلك مصانع خلطة البولي كربونيت، التي سيبدأ فيها قريبا أيضا، هذه الاستثمارات تعدها «سابك» وتتجه لها على الرغم من عدم وجود زبائن لهذه المنتجات حاليا في السوق السعودية، لكننا في «سابك» متأكدون من وجودهم مستقبلا، فهذه المواد ستجلب الزبائن والمستثمرين للصناعات التحويلية.

* ما حجم الاستثمارات التي ستضخها «سابك» في قطاع الصناعات الوسيطة؟

- في الواقع، تم رصد مبالغ ضخمة لهذه الاستثمارات تصل إلى 22.5 مليار ريال (6 مليارات دولار)، وهي مشاريع مهمة بالنسبة لشركة «سابك» وأيضا لدعم قطاع الصناعات التحويلية محليا، وستنفذها الشركة خلال الفترة المقبلة.

* كان لدى «سابك» مشروع مشترك مع شريك أجنبي هو شركة «إكسون موبيل» لإقامة مصنع إطارات في السعودية؛ إلى أين وصل هذا المشروع؟

- في الواقع ليس مصنع إطارات بالمعنى المباشر، هو مصنع مطاط سيقام بالشراكة مع شركة «إكسون موبيل»، ونحن لا نزال في الدراسات النهائية للمشروع، وعندما تنتهي سيعلن عن المشروع في حينه، والهدف من إقامة المشروع توفير المواد الخام لصناعة الإطارات في السعودية، و«سابك» لن تدخل في صناعة الإطارات، لأنها صناعة مختلفة تماما عن صناعة البتروكيماويات، وهي في الواقع صناعة معقدة وسوقها معقدة أيضا، وعندما تنتج «سابك» عبر هذا المشروع المواد الخام التي تحتاجها هذه الصناعة قد تغري الشركات المصنعة للإطارات أن تقيم مشاريع لها في السعودية.

* ما استراتيجية «سابك» مع قدوم مارد صناعي ضخم اسمه «صدارة»؟

- «صدارة» مجمع صناعي واحد، وعندما تتكلم عن «سابك» فأنت تتكلم عن مجمعات صناعية، «سابك» شركة عملاقة حول العالم، «صدارة» شركة واحدة لكن 50 في المائة منها يملكها منافس لشركة «سابك»، وهو «داو كيميكال»، وستنافس «سابك» في السوق المحلية والخارجية عبر «صدارة»، لكن «سابك» ستعتمد على جهودها وجهود السعوديين الذين يعملون معها، ونتمنى أن نكون عند حسن الظن في المنافسة.

* البعض طرح بعد الإعلان عن مشروع «صدارة» العملاق سؤالا؛ هل «سابك» ستبقى أم لا؟ كيف تقرأ «سابك» هذا الطرح؟

- نحن سننافس في السوق المحلية والعالمية.. و«الميدان يا حميدان» (يقصد أن الأسواق هي الحكم).

* تحدثتم سابقا عن استراتيجية استثمارية لشركة «سابك» بين عامي 2012 و2015، ما أبرز ملامح هذه الاستراتيجية؟

- كما ذكرت، لدى «سابك» مشاريع مقبلة بـ22.5 مليار ريال (6 مليارات دولار) لبناء مصانع جديدة متخصصة في الصناعات الوسيطة والصناعات المعقدة، ستبني «سابك» مصنعا لمادة «إيه بي إس»، وهي مادة تنتج لأول مرة في السعودية. في أجندة «سابك» مصنع جديد لإنتاج نوع جديد من البلاستيك «بي إم إيه»، ومصنع لمادة الأكري لو ننترايل، وكذلك مصنع ألياف الكربون، وهذه المصانع ستخلق صناعات جديدة وهي مكونات أساسية في صناعات السيارات وصناعات الطاقة، لدى «سابك» مصنع للبولي كربونيت في الصين، ومصنع في ترينيداد وتوباغو، «سابك» حصلت على تقنيات جديدة وستقيم على أساسها مصانع جديدة في السعودية وفي أي وقت، مثل تقنية البولي يرثين، وتقنيات الـ«إم دي آي»، و«بي دي آي»، و«سابك» مستمرة في مشروعها الصناعي.

* «سابك» تمتلك 50 في المائة من السوق السعودية من الحديد؛ كيف تنظرون لأسعار الحديد في الفترة الراهنة؟

- الأسعار ممتازة والمستهلكون مرتاحون من الأسعار الحالية للحديد، لأنها ثابتة منذ فترة طويلة، ولا نرى في «سابك» في المنظور القريب أي عوامل لصعود أسعار الحديد في السوق المحلية.

* القوانين الدولية، مثل قانون الاحتكار، هل تحد من فرصة «سابك» في النمو عبر الاستحواذ على شركات منافسة أو تقنيات جديدة؟

- القوانين الدولية لا تحد من شراء تقنيات، وإنما تحد من الاستحواذ على شركات منافسة لديها نفس المنتج وتحتكر نسبة كبيرة من السوق العالمية؛ فعلي سبيل المثال لو استحوذت «سابك» على شركة متخصصة في البولي كربونيت ولها نسبة كبيرة في السوق الصينية، و«سابك» أكبر منتج للبولي كربونيت ولها حصة في السوق أكثر من 30 في المائة، لا يسمح القانون بعملية الاستحواذ، فمتى ما زادت حصة الشركة في سوق ما على 30 في المائة تعتبر محتكرة للسوق، وقانون الاحتكار يمنع ذلك.

* قضايا الإغراق كانت تحد من قدرات «سابك» في عدد من الدول؛ هل تمت تسوية هذه القضايا بشكل نهائي؟

- قضايا الإغراق تمت تسويتها بشكل نهائي، بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين، وعلى وجه الخصوص بجهود الأمير عبد العزيز بن سلمان الذي كان له الدور الأبرز في حل جميع مشكلات وملفات الإغراق التي كانت توجه ضد الشركات السعودية.

* تحدثتم عن مصانع جديدة بينها مصانع يوجه إنتاجها للإنشاءات على ضوء الـ500 ألف وحدة سكنية أمر ببنائها خادم الحرمين الشريفين لحل مشكلة الإسكان في السعودية.

- هناك عدد من المصانع الصغيرة ستطلقها «سابك» في مدينة الجبيل لإنتاج مواد متقدمة تستخدم في صناعة قطع غيار السيارات، كما تم شراء تقنية البول يرثين وهي تقنية مهمة ستقيم «سابك» لها مصنعا في الجبيل لإنتاج مواد لتجهيز المنازل، و«سابك» ستكون جاهزة لبدء إنتاجها الصناعي من هذه المادة في الوقت المناسب.