جيمس كان: النجاح لا يكمن بالفكرة.. بل في كيفية تطبيقها

رجل الأعمال البريطاني قال لـ«الشرق الأوسط» إن رائد الأعمال هو من يحدد مصيره ويتحكم في دخله

الرئيس التنفيذي لشركة «هاميلتون برادشو» البريطانية جيمس كان (تصوير: حاتم عويضة)
TT

يعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «هاميلتون برادشو» البريطانية جيمس كان من أبرز الشخصيات المؤثرة على ريادة الأعمال في بريطانيا اليوم، مازجا بين علاقاته مع أرفع المسؤولين ورجال الأعمال البريطانيين، وعلى رأسهم وزير الأعمال في الحكومة البريطانية فينس كيبل، وطبيعته المرحة والمباشرة التي جلبت له شعبية واسعة أثناء مشاركته في برنامج «دراغونز دين» منذ بداية 2007 والذي أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لتشجيع رواد الأعمال على تقديم أفكارهم ومشاريعهم لخمسة رجال وسيدة أعمال للحصول على دعم مالي ومساهمة في مشاريعهم. كما أن كان بات معروفا من خلال كتبه بتقديم النصائح والأفكار لرواد الأعمال وكل مهتم بالعمل الناجح، وآخر كتاب له يصدر هذا الشهر بعنوان «أسس مشروعك التجاري خلال 7 أيام». وكان بريطاني باكستاني الأصل، يعتز بهويته كمسلم. وعند الدخول إلى مكتبه في حي مايفير الراقي وسط لندن، توجد لوحة كبيرة عليها لفظ الجلالة. ولقد باشر كان أخيرا تأسيس شركة جديدة مختصة في استثمارات عقارية في المملكة المتحدة موجهة للمستثمرين العرب كما يطمح للعمل على تنشيط القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وخلق فرص الأعمال فيها. وهو من أبرز رجال الأعمال المهتمين بالشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ويعتبرها العمود الفقري لأي اقتصاد. وفي حوار مطول مع «الشرق الأوسط» في لندن تحدث كان عن أهمية خلق البيئة الاستثمارية المناسبة، مع تشجيع رواد الأعمال الذين قال إنهم من يريدون «تحديد مصيرهم بأنفسهم». وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* نشهد اليوم أعلى مستويات البطالة منذ عقود–من لندن إلى القاهرة–وهي قضية تشغل الكثيرين. ولديك خبرة كبيرة في مجالات عدة، على رأسها البحث عن المواهب وتطويرها، فكيف يمكن مواجهة هذه الأزمة؟

- أعتقد أن الإجابة ليست سهلة، لأنها مبنية على الجغرافيا، القضية في الشرق الأوسط مختلفة عن المشكلة في أوروبا أو المملكة المتحدة، لأن كل اقتصاد لديه نقاط قوة وضعف. والاقتصادات المختلفة تعالج المشكلة بطرق مختلفة. على سبيل المثال، في الشرق الأوسط، الاقتصاد في الكثير من الأحيان مبني على النفط. ففي الكويت، غالبية الدخل يأتي من النفط ونحو 80 في المائة من الناتج الإجمالي الوطني يصرف على رواتب القطاع العام، ولكن في الواقع لا توجد وظائف حقيقية، لا توجد صناعة محددة. لذلك بالنسبة لي، الحل الرئيسي للمشكلة هو إلهام ريادة الأعمال وتشجيع الناس على بناء الشركات. في عالم اليوم التكنولوجيا غيرت طرق تأسيس الشركات، فقبل 25 عاما، كان المرء بحاجة إلى رأس المال، والمعدات وأجهزة الكومبيوتر وغيرها كانت تتطلب الكثير من المال.

ولكن اليوم يمكن الحصول على مكتب مؤجر خلال 24 ساعة، لا تحتاج إلى الكثير من البرامج الإلكترونية لأنها كلها موجودة في الفضاء الإلكتروني وقطاع الخدمات بات اليوم من أكبر القطاعات في أي اقتصاد. اليوم في المملكة المتحدة، قطاع الخدمات ضخم جدا مما يعني أنك لست بحاجة إلى رأسمال كبير. لذلك، علينا أن نلهم الشباب إلى العمل وهذا الإلهام يأتي من خلال تشجيع الآخرين على الأعمال التجارية. وفي المملكة المتحدة العام الماضي، بدأنا 400 ألف شركة جديدة، إذا أردت أن تنشئ شركة ما عليك إلا أن توظف شخصين أو ثلاثة وبذلك تم خلق مليون وظيفة، هذا بالنسبة لي أساسي. إذا أردت أن تؤسس مؤسسة ضخمة مثل مؤسسة نفطية فذلك يستغرق سنوات، ولكنني أؤمن بأننا بحاجة إلى تحريك الأغلبية، ففي وقت ما أغلبية الناس تكون لديهم فكرة يريدون تطويرها وتجسيدها في عمل تجاري. وهذا الأمر ينطبق حول العالم، إذا كان في السعودية أو باكستان أو الهند أو دبي أو غيرها. هناك أناس يشعرون بالحماس لنقل فكرة إلى عمل تجاري وعلى الدول أن تسهل هذه الرحلة لريادة الأعمال من خلال الاستثمار في رؤوس المال والتعليم والتدريب والمؤتمرات لتشجيع الناس على المعرفة. وقد أطلقت مؤخرا «أكاديمية جيمز كان لريادة الأعمال» وهي تقوم بورش عمل ودورات شهرية لتشجيع الناس على تأسيس شركات وتثقيفهم حول القيام بذلك. كما سينشر كتاب لي هذا الشهر بعنوان «أسس مشروعك التجاري خلال 7 أيام» ولقد أطلقت تطبيقا على جهاز آي باد باسم «أسرار جيمس كان للأعمال التجارية»، وتم تحمليه من قبل 135 ألف مستخدم في الأشهر القليلة الأولى. وهذا يدل على أن الرغبة تجاه ريادة الأعمال هائلة، فبرنامج «دراغونز دين» كان يستقطب 6 ملايين مشاهد أسبوعيا. فمن الواضح أن التعطش موجود ولكن على الحكومات والاقتصادات أن تحشد العاملين بالطريقة الصحيحة، فإذا لم يكن بالإمكان توظفيهم يجب تشجيعهم لإعداد مشاريعهم الخاصة.

* ما دورك الآن في مساعدة الحكومة البريطانية في معالجة أزمة البطالة والأزمة الاقتصادية الأوسع؟

- إنني أعمل حاليا مستشارا للحكومة البريطانية، ولدى وزير الأعمال منتدى اسمه منتدى رواد الأعمال حيث يطلب من كبار رجال الأعمال العمل معه على طرق تحفيز الاقتصاد. وهناك خطوات محددة نقوم بها هنا في المملكة المتحدة لتوليد فرص العمل وريادة الأعمال، فعلى سبيل المثال في بريطانيا 60 في المائة من الوظائف كلها تابعة لشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وهي توظف 13 مليون شخص في بريطانيا. كما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص تمثل 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني، إنه أمر مهول. خلال العام الماضي، 33 في المائة من الوظائف الجديدة في البلاد جاءت نتيجة تأسيس مشاريع عمل جديدة و34 في المائة من الوظائف الجديدة أتت من شركات صغيرة وسعت أعمالها. ولهذا أشدد على ضرورة دعم الشركات الصغيرة، فإذا كانت توظف 5 أشخاص، كل ما عليها القيام به توظيف 3 أو 4 أشخاص إضافيين ويمكن خلق أعداد مهمة من فرص العمل. وخلال عام 2011، تم تأسيس 394 ألف شركة جديدة، ولكن التحدي الأكبر للبنوك هو منح التمويل للشركات الصغيرة. وخلال العام الماضي 79 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم حصلت على موافقة على السحب على المكشوف. و63 في المائة من الشركات التي طلبت القروض، منحت لها، وقدمت البنوك البريطانية قروض بقيمة 157 مليار جنيه استرليني إلى شركات القطاع الخاص. فإذا لم تنشئ البنى التحتية لا يمكن أن تنجح العملية. وقد حددت الحكومة 1.6 مليار جنيه استرليني هذا العام خاصة لتحفيز ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

* فلنتحدث عن «ريادة الأعمال»، من برأيك رائد الأعمال وماذا يتطلب من المرء أن يكون «رائدا للأعمال»؟

- أعتقد أن رائد الأعمال هو الشخص الذي يريد أن يحدد مصيره، الشخص الذي يريد أن يكون مسيطرا على دخله الخاص، الشخص الذي يريد أن يحول فكرة إلى واقع، هذا من أسميه رائد أعمال.

* كيف يمكن إلهام القوى العاملة؟ إنها ليست فقط مسألة تشريعات وقوانين! - هناك قضيتان رئيسيتان، أولا يجب خلق بيئة تساعد على تأسيس المشاريع أو الشركات التجارية، فالكثير من الدول رجعية من حيث تشريعاتها وبنيتها التحتية وإصدار الرخص الحكومية أو القروض الحكومية وتأسيس الشركات أو حتى فتح حساب في البنك. أدهش عند زيارة الكثير من الدول عندما أجد أن الحكومات بدلا من تشجيع ريادة الأعمال تمنعها، بسبب الحواجز التي تمنع حتى مباشرة العمل. من الصعب أن تحرك الناس إذا كنت تضع حاجزا تلو الآخر أمامهم لأن ذلك يقتل روح العمل. لذلك على الحكومات أن تقر بأن خلق الوظائف بحاجة إلى ريادة الأعمال، إذا كنت تريد أن تخلق فرص العمل يجب النظر إلى البنى التحتية والتشريعات والبيروقراطية والبحث عن طرق لتسهيل إنشاء مشاريع العمل. وبعد خلق البيئة التي تسهل عمل الناس، سيتوجهون للعمل. عند النظر إلى الشرق الأوسط، خلال السنوات الـ15 إلى الـ20 المقبلة، سيحتاج الشرق الأوسط إلى خلق 75 مليون فرصة عمل لمواكبة القوى العاملة. في الوقت الراهن، هذا عدد هائل وإذا لم يتم معالجة هذه القضية، النتائج ستكون مدمرة. شخصيا، لا أظن القضايا والتحديات في الشرق الأوسط هي حول الأراضي أو الديانة أو السياسة، بل هي متعلقة بالعمل. إذا لم يكن دخل المرء كافيا ليطعم عائلته سينفجر، لننظر إلى بريطانيا، لدينا اقتصاد غربي ونحن متطورون ونشأنا منذ مئات السنوات ولدينا واحد من أكثر الاقتصادات تطورا في العالم ولكن شهدنا أعمال شغب هناك (الصيف الماضي). وكانت أعمال الشغب في المناطق التي تعاني من بطالة عالية لذلك لا يمكن النظر فقط إلى الاقتصادات الفقيرة، فمن الممكن أن نشهد اضطرابات هنا أو في الولايات المتحدة لأنهم يأتون من البطالة. لم نعط أهمية كافية للبطالة.

* ولكن المشكلة أن الجميع يتحدث عن المشكلات ولكن لا يتم تطبيق الحلول، سواء كان من حيث تطوير بيئة عمل مناسبة أو إعطاء الناس الفرص الكافية. عندما زرت دول الخليج العام الماضي، كيف رأيت التحديات والفرص هناك من حيث خلق فرص العمل؟

- هناك قضية جوهرية. تأسيس شركة في إنجلترا أمر سهل، بالإمكان تسجيل شركة خلال 20 دقيقة وستكلف 150 جنيها استرلينيا، كما من السهل توظيف الموظفين هنا ويمكن الحصول على التمويل بشكل سهل. إلا أن في تلك الدول، القوانين الخاصة بتأسيس الشركات وتسجيلها وجذب المستثمرين، القضايا القانونية نفسها لا تسهل تأسيس الشركات والأعمال التجارية، وإلى حد ما تمنعها. لا أفهم التفكير وراء ذلك، لماذا منع الناس عن ذلك؟ عند النظر إلى إطلاق عمل تجاري في الغرب والشرق، لا يمكن حتى المقارنة. وجدت في دول مجلس التعاون الخليجي أكثر الناس المبادرين الذين التقيتهم في حياتي، وحتى عند النظر إلى التاريخ، العرب هم تجار بالطبيعة، لديهم تاريخ وطبيعة فيها كل العوامل المشجعة على العمل الخاص. ولكن الحكومات لا تشجع ذلك، وخاصة من حيث البيروقراطية والقيود في كافة القضايا من التمويل إلى تسجيل الشركات. وذلك يؤدي إلى ضرورة تقديم الدعم لهؤلاء، فبدلا من جعل الناس يساهمون بالأموال ويساهمون في المجتمع والاقتصاد والضرائب، يصبحون عبئا. من الممكن جعل الشعب يساهم أو من الممكن أن تدعمهم ماليا.

* ما الخصال التي تبحث عنها عند تقييم رائد أعمال ناجح أو اختيار شخص تستثمر به؟

- الكثير من رواد الأعمال يعتقدون أن النجاح يكمن في الفكرة، ولكن بالنسبة لي الأمر الأساسي ليس الفكرة، بل كيفية تطبيق الفكرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون لديك أفضل فكرة لمجلة ما ولكن لا يمكن الاكتفاء بفكرة، كيف يمكن تطوير هذه الفكرة أو تطبيقها؟ كيف يمكن خلق المنتج وجذب القراء ومعرفة تسعير المجلة ونشرها وتوزيعها ومن أين تأتي الإعلانات إلى غير ذلك. الفكرة الرائعة وحدها لا تنجح، النجاح متعلق بكيفية التطبيق. الأمر الأساسي هو تصويب طريقة تفكير رائد الأعمال، فـ90 في المائة من النجاح يعتمد على طريقة التنفيذ. الأمر الآخر الذي أبحث عنه هو معرفة الأسباب وراء القيام بعمل ما. معرفة الدافع أمر أساسي للنجاح. على رائد الأعمال أن يعي أنه إذا كان بالإمكان أن يفشل أي جانب من عمله، سيفشل، إنه أمر حتمي. وإذا كان الدافع غير قوي، سينهار أمام أول معضلة، لأن من ينجح عليه التضحية بالكثير، إذا كان العمل لليال طويلة أو بالتقشف في الصرف إلى آخره. وأؤمن بأنهم يقومون بذلك بسبب الدافع الأساسي. لذلك عندما أتعرف على رائد عمل، علي معرفة ما هي دوافعه وماذا يحفزه، علي معرفة قوة قناعته بما يقوم به. إذا كانت قناعته عادية أو متوسطة، لن أستثمر به، فحتى لو لديه أفضل فكرة في العالم إذا لم يكن مقتنعا ومتحفزا وملتزما مائة في المائة، لن ينجح العمل. لذلك، أقضي الكثير من الوقت في الساعة الأولى عندما أتعرف على شخص كي أفهم ما هي الدوافع التي تحفزه. فإذا كان الهدف المال، مثلا العيش في منزل أكبر من منزل عادي، أو قيادة سيارة فاخرة بدلا من سيارة عادية أو السفر على الدرجة الأولى بدلا من الدرجة السياحية، فذلك ليس دافعا قويا. لأن هذا الشخص سيعاني من تحديات وحالات فشل ربما أربع مرات وسيحتاج إلى قوة مهولة للقيام مرة خامسة للسعي وراء إنجاح فكرته. وإذا كان الهدف العيش في منزل أكبر، سيمل ويكف عن السعي. ولكن إذا كان الهدف إعطاء ابنتي تعليما أفضل وحياة أفضل، فذلك يعني أنها ستواصل العمل حتى وإن فشلت مرة. إنني أبحث عن القصص الإنسانية وهي الحوافز القوية للنجاح. وعندما أتعرف على أشخاص ناجحين، دائما أجد قصة إنسانية مهمة واستثنائية تدفعهم. وعادة الكثير من المستثمرين لا يستثمرون الوقت لمعرفة الأسباب وراء دفع شخص لعمل معين.

* شاركت لمدة 4 سنوات في برنامج «دراغونز دين» واستثمرت بـ14 مشروعا بقيمة 1.2 مليون جنيه استرليني، هل لاقيت نجاحا في كل منها؟

- لا، بشكل عام عند المجازفة في رأس المال، نحو ثلث المشاريع ستخسر المال، الثلث يفشل كليا، والثلث يأتي منها بعض الأرباح.

* هل هذا ما حدث في الاستثمارات من البرنامج؟

- نعم.

* ماذا عن استثماراتك في الشرق الأوسط؟ ولماذا تستثمر في المنطقة؟

- أعتقد أن الشرق الأوسط من المناطق القليلة المتبقية التي فيها رأس مال وسيولة ولم تتأثر إلى نفس الدرجة بالأزمة الاقتصادية. وبسبب مراقبة الشريعة والصيرفة الإسلامية، لم تكن اقتصادات المنطقة مكشوفة بنفس الدرجة على آليات مضاربة مثل غيرها من المناطق ولذلك السيولة لديهم أقوى بكثير. وأعتقد أن العقارات ما زالت تشكل قطاع استثمار جاذبا للمستثمرين من الشرق الأوسط في الاقتصادات الغربية. فالكثير منهم يبحثون عن طرق للاستثمار في الغرب وأعتقد أن العقار فئة من الأصول يفهمونها ويشعرون بالارتياح في التعامل معها.

* وهذا ما تريد تحقيقه من خلال شركة «90 نورث العقارية المحدودة» التي أسستها للفرص الاستثمارية العقارية؟

- نعم، أعتقد أن لندن هي العاصمة التي يشعر الكثير من العرب بالارتياح فيها، الكثير منهم يأتون هنا والكثير منهم تعلم هنا. إنني أقدم فرصة للاستحواذ على أصول عقارية عالية الجودة التي أقدمها في بنية متوافقة مع الشريعة الإسلامية وأقدم للزبائن من الشرق الأوسط فرصة الاستثمار مباشرة فيها. فيمكنهم رؤيتها مباشرة والتعامل معها مباشرة بدلا من وضعها في بنية صندوق.

* لقد تحدثت كثيرا عن الصيرفة الإسلامية وقوة الشريعة في التعاملات المصرفية.. إلى أي درجة ساهمت الأزمة الاقتصادية في دفع الآخرين إلى النظر إلى الصيرفة الإسلامية؟

- أعتقد أنه سيتم النظر بجدية أكبر إلى الصيرفة الإسلامية. لا أؤمن بضرورة تبني الاقتصادات الغربية التمويل المتطابق مع الشريعة، ولكن أعتقد أن عليهم النظر إلى جودة إدارة الشركات التي تفرضها الشريعة، فالإدارة لدى الشركات الضخمة هي من الأخطاء في الاقتصادات الغربية. فبعض القوانين الحكومية التي تحدد إدارة الشركات هي التي ساهمت في الأزمة. عند النظر إلى الاستثمارات المتطابقة مع الشريعة، هناك عملية متشددة يجب اتباعها للتأكد من وجود أصول كافية وأنها ربحية حقا. لا يوجد مجال لآليات معقدة ليس لديها فحوى في الأصول المتطابقة مع الشريعة. فهذه الخصال يمكن التعلم منها في الغرب، فمن الممكن أخذ أفضل ما تقدمه الآليات المتطابقة مع الشرع.

* لقد كتبت كتبا عدة وتنشر كتابا هذا الشهر.. فماذا يدفعك للكتابة؟

- الكتابة تعطيني فرصة لأشارك الآخرين بالمعرفة، الحمد لله أنا في وضع جيد ولأنني مهتم حقا بالمجتمع أريد أن أساعد آخرين على النجاح. على سبيل المثال، التطبيق الذي طورته على الآي باد ناجح جدا ولكنه مجاني. البعض يقولون لي إن ذلك عمل جنوني، لأنه كلفني الكثير لتطويره وجلب المحتوى له إلى غير ذلك ولكن أريد أن أرى الآخرين ينجحون وأن تكون لديهم فرصة للحصول على التوجه الصحيح لخلق الفرص وفرص العمل. ألتقي بالكثير من الأشخاص الذين يقولون لي إنني ساعدتهم في تطوير عملهم أو فكرهم، ولا يوجد مال يعوضني عن ذلك الشعور بأنني أؤثر بشكل إيجابي على غيري. وعندما قررت تأسيس «مؤسسة جيمز كان» قبل 7 سنوات فعلت ذلك لأنني أؤمن بأنه من الضروري العطاء.

* ما أبرز نشاطات هذه المؤسسة؟

- أسسناها للاستجابة إلى الاحتياجات التي تولد بعد الكوارث الطبيعية والمحور الأساسي هو تحويل حياة الآخرين بطرق مختلفة على رأسها التعليم. أنا لا أكتب فقط الصكوك، بل أبني مدارس، عندما أريد بناء مدرسة ما أتفقد مناطق محتاجة، اشتري الأرض فيها وأبني المدرسة وأوظف المدرسين وأشتري حافلات الباص لنقل الطلاب ونمنح التعليم المجاني. خلال الفيضانات الأخيرة في باكستان، دهشت كيف أن كارثة إنسانية أثرت على حياة 20 مليون شخص. وزرت قرية فيها 1400 شخص فقدوا كل شيء، ونحن في الشرق نعتمد على المجتمع الأوسع ولكن في هذه الحالة البلدة كلها فقدت كل شيء. فقررت إعادة بناء القرية كلها، وبنينا منازل لـ1400 شخص وعملنا على إعادة تأهيل البنى التحتية. ما فعلناه هو المحافظة على كرامة هؤلاء. ففي هذا الجزء من العالم، المنزل يمثل كل شيء، يعني الكرامة والعائلة والاستقرار، وفقدانه أمر كبير. فبشكل عام أستخدم المؤسسة لتحويل النجاح الذي حققته ليستفيد الآخرون منه، وأريد أن يرى أولادي أن الثراء لا يعني فقط الرفاهية بل يعني المشاركة.

* إلى أي درجة خلفيتك كمسلم وباكستاني الأصل ساعدتك وأثرت عليك، خاصة في العمل بمنطقة الشرق الأوسط؟

- أعتقد أنه لا يمكن أن يقلع أحد جذورك بغض النظر عن خلفيتك. إنني فخور أنني مسلم ومن دون شك الشخص ينجذب إلى أصله دائما.. كل دولة، قوتها تكمن في مواردها البشرية. فلننظر إلى الهند، نجاحها اليوم ليس بسبب موارد طبيعية بل لديها قوى عاملة أصبحت من بين الأكثر ثقافة ومهارة في العالم، وهي تتقن اللغة الإنجليزية مما دفع العالم ليحول نشاطاته إليها. وأنا أحترم الهند التي باتت من أسرع الاقتصادات نموا. وعندما أنظر إلى باكستان، لو استطاعوا الاستثمار بشكل جدي في الاقتصاد، لديهم 180 مليون شخص، 60 في المائة منهم دون سن الثلاثين، هناك حاجة لتثقيفهم.