خبراء: استمرار الاستدانة الداخلية في مصر يقضي على فرص تمويل القطاع الخاص

الحكومة تطرح أذونا بقيمة 1.7 مليار دولار

جانب من تداولات البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

طلبت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية، بالتعاون مع البنك المركزي 10.5 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) من البنوك، بموجب أدوات دين حكومية قصيرة الأجل، وذلك من خلال 3 عطاءات، منها اثنان صباح اليوم (الخميس) وذلك لمواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، الذي من المتوقع أن يصل إلى 144 مليار جنيه، حسب تصريحات وزير المالية المصرية ممتاز السعيد.

كانت وزارة المالية قد كثفت في الفترة الأخيرة من طروحاتها نظرا لتراجع الإيرادات من كافة القطاعات بشكل كبير، ونجحت خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2012 في اجتذاب ما يزيد على 50 مليار جنيه (8.9 مليار دولار) من السيولة البنكية وذلك من خلال طرح أدوات دين حكومية مختلفة الآجال.

وتتوزع القيمة المطلوبة على 3 عطاءات منها اثنان سيتم طرحهما (الخميس)، أحدهما لأجل 182 يوما وقيمته 3.5 مليار جنيه (580 مليون دولار)، والثاني لأجل 364 يوما وقيمته 3.5 مليار جنيه، أما العطاء الثالث فسيتم طرحه يوم 18 مارس (آذار) الحالي وقيمته 3.5 مليار جنيه لأجل 273 يوما.

وتنفذ الحكومة المصرية أكبر عملية اقتراض في تاريخها، عن طريق طرح سندات وأذون خزانة بـ170 مليار جنيه خلال الربع الثالث من السنة المالية الجارية (يناير - مارس) 2012، وطرحت وزارة المالية سندات وأذون خزانة بقيمة 17.5 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) منذ بداية شهر مارس لأجال سنة ونصف السنة وتسعة أشهر، فضلا عن سندات أخرى آجالها تصل لست سنوات ونصف السنة.

ورغم ارتفاع الفائدة على السندات طويلة الأجل فإن الحكومة تستخدمها في إطار إعادة هيكلة الدين العام عن طريق إطالة آجال مديونياتها المحلية، حيث يلاحظ من بيانات الأذون المطروحة على الصفحة الإلكترونية لوزارة المالية أنه يوجد اتجاه لإحلال الديون الطويلة محل القصيرة، حيث سيختفي آخر سند لأجل 91 يوما إذا لم تطرح الحكومة سندات جديدة من هذا النوع قبل 10 أبريل (نيسان) المقبل، وكان رئيس الوزراء كمال الجنزوري قد وعد في بيان الحكومة أمام مجلس الشعب قبل أسبوعين بأن متوسط أسعار الفائدة على أذون الخزانة لأجل 91 يوما سيبلغ 13.5 في المائة خلال العام الحالي بأكمله، وقد ينجح في الوفاء بوعده إذا استمر على سياسته لأن الحكومة أوقفت من الأساس التعامل على القروض من هذا النوع، واستبدلتها بأخرى تمتد لسبع سنوات، وتصل فوائدها لـ17 في المائة، مما يرفع التكلفة، ولكن على المدى البعيد.

من جانبه، اعتبر الخبير المصرفي أحمد سليم، التهديد الأكبر لخطوة الحكومة يكمن في سحب السيولة من البنوك، مما يؤدي إلى إضعاف فرص الاستثمار وتوقف حقيقي لعجلة الإنتاج، مشيرا إلى أن السيولة المحلية بالبنوك المصرية لا تفي بإجمالي الأموال المطلوبة لتغطية الأذون والسندات الحكومية، لافتا إلى أن الطرح قد يصحبه توجيه للبنوك لشراء تلك الأوراق المالية الحكومية، بما يعني التأثير السلبي على الأموال المخصصة لتمويل القطاع الخاص، وهو أمر بالغ الخطورة، مؤكدا أنه لو لجأت الحكومة إلى هذا الأمر، فإنها تقضي على تمويل القطاع الخاص.

وتوقع معهد التمويل الدولي، في تقرير حديث، أن يرتفع عجز الموازنة في مصر ليسجل نحو 11.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2011 - 2012 متجاوزا تقديرات الموازنة العامة للدولة، التي قدرت العجز بنحو 8.6 في المائة، كذا توقع التقرير ارتفاع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي لتسجل نحو 83 في المائة، مما يعني اشتداد الضغوط المالية على موازنة الدولة، وهو ما يعني في الوقت نفسه مزيدا من الاستدانة.

وطبقا للتقرير نفسه، فإن لجوء الحكومة إلى المصادر الداخلية لتمويل عجز الموازنة في الفترة المقبلة سيكون أمرا صعبا وباهظ التكلفة، وارتفعت أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية بشكل لافت طوال الشهور الماضية لامست الـ16 في المائة على بعض العطاءات لأذون يمتد أجلها إلى عام، وذلك خلال يناير الماضي، وهو الأمر الذي يضع الحكومة في مأزق.