نائب وزير الخزانة الأميركي «تفهم» التدابير اللبنانية للالتزام بالعقوبات ضد سوريا وإيران

رئيس جمعية المصارف اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»: ندير أصولا تفوق 167 مليار دولار

مصرف لبنان المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

لم يحمل نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة غسل (تبييض) الأموال وتمويل الإرهاب ديفيد كوهين إلى بيروت، التي غادرها أمس متوجها إلى دبي، ملفات مالية محددة، كما أشيع قبيل وصوله، لكنه حرص على معاينة «خريطة الطريق» التي تتبعها السلطة النقدية والمصارف اللبنانية في منع الالتفاف أو التحايل على العقوبات التي تطال التحويلات المالية والمعاملات المصرفية السورية والإيرانية.

وأبلغ مسؤول مصرفي معني «الشرق الأوسط» بأن المسؤول الأميركي اطلع على مراسلات من الوحدات المصرفية السورية الخاصة، المملوكة بغالبية أسهمها لمصارف لبنانية، موجهة إلى السلطة النقدية السورية، وفيها تأكيدات من قبل هذه الوحدات بأنها لا تستطيع مخالفة هذه العقوبات، بغض النظر عن عدم صدورها عن الأمم المتحدة، وذلك تجنبا لأضرار تتعرض لها مباشرة أو تصيب المصارف الأم المالكة. كما علم أن كوهين سمع تأكيدات حاسمة من حاكم البنك المركزي رياض سلامة بأن جميع المصارف والفروع المصرفية الخارجية العاملة في لبنان تلتزم، بشكل صارم، بالتدابير والإجراءات الوقائية التي فرضتها السلطة النقدية من خلال البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة، والآيلة إلى صد أي عمليات أو تحويلات تقع تحت شبهة التحايل على العقوبات المفروضة ضد سوريا وإيران، بما في ذلك تلك المفروضة من قبل دول أو مجموعات.

كذلك استمع المسؤول الأميركي إلى شروحات مفصلة من رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربيه، وأركان الجمعية، خلاصتها أن آليات ووسائل الرقابة الداخلية التي تعتمدها المصارف اللبنانية تتسم بالتحري والتشدد بما يفوق أحيانا حدود التدابير التي يفرضها البنك المركزي. وهذه السياسات لا ينحصر تطبيقها في الإدارات والفروع المحلية، بل يتمدد إلى كامل رقعة الانتشار المصرفي اللبناني في أكثر من 32 بلدا و95 مدينة في العالم، بما فيها الأسواق الإقليمية والأفريقية والأوروبية والأميركية.

ولوحظ أن أركان الجمعية كانوا في جهوزية تامة للإجابة عن أي تساؤلات يطرحها الضيف الأميركي، وبدوا مرتاحين إلى ردود فعله الإيجابية بعد اطلاعه على آليات العمل والرقابة خصوصا لجهة الوحدات المدارة من البنوك اللبنانية في السوق السورية، والفروع الأجنبية العاملة في لبنان. كما يوجد توافق عميق في وجهات النظر بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف بوجوب عدم تعريض القطاع المالي والمصرفي لأي مخاطر.

وقد ركز كوهين في لقاءاته التي شملت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحاكم المركزي ونوابه، ومجلس إدارة جمعية المصارف، على ضرورة التزام العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على إيران وسوريا، خصوصا بعد مواكبتها بعقوبات من المجموعة الأوروبية وجامعة الدول العربية، مؤكدا أن ما يهم الأميركيين هو استمرار التزام العقوبات في المستقبل، ومواصلة تشديد الرقابة على العمليات. كما طلب الاطلاع على آليات المتابعة والمراقبة، وكيفية معالجة بعض الملفات التي وقعت سابقا تحت شبهات وزارة الخزانة الأميركية.

ووفق ما تلقاه مصرفيون لم يشاركوا في الاجتماع من رئيس الجمعية وأمينها العام الدكتور مكرم صادر، فإن المسؤول الأميركي لم يتطرق إلى أي حالة بذاتها، وكان جو الاجتماع إيجابيا جدا، حيث تحدث عموما عن أمور تتعلق بمكافحة غسل (تبييض الأموال) وتمويل الإرهاب والتزام العقوبات المالية حيال سوريا وإيران، وسمع التزام المصارف كل ما من شأنه المحافظة على سلامة مودعيها وأموال مساهميها. وبالفعل فقد حسم المسؤول الأميركي في تصريحات له الجدل حول أهداف زيارته بتشديده على أنها تهدف إلى التأكيد على عدم تمكين النظامين الإيراني والسوري من الإفلات من العقوبات. أما الرسالة الأساسية التي نقلها إلى المسؤولين وأركان القطاع المصرفي الذين التقاهم فركزت على ضرورة اتخاذ «أقصى درجات الحيطة، والتنبه لعدم الانزلاق في اتجاه السماح لسوريا أو إيران باستغلال الساحة اللبنانية للتفلت من العقوبات».

من جهته، أكد طربيه لـ«الشرق الأوسط» أن البنى القانونية والتنفيذية والعملانية المعتمدة في لبنان تشكل منظومة متكاملة بمواصفات عالمية، وهي بمنزلة الجدار الصلب لمواجهة أي عمليات مالية غير مشروعة ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.