فرنسا تتطلع لمشاركة رؤوس الأموال السعودية في مشروعها الإسكاني الضخم

رئيس الاستثمار الأجنبي لـ«الشرق الأوسط»ـ: المشروع سيخلق فرصا واعدة لرجال الأعمال.. ويكلف 93 مليار يورو

بيير سيمون رئيس هيئة تنمية الاستثمارات الأجنبية الفرنسية وجزءا كبيرا من المشروع تمويل عقاري لذلك من السهل أن يتناسب مع الشريعة الإسلامية من دون أي مشاكل
TT

كشف بيير سيمون، رئيس هيئة تنمية الاستثمارات الأجنبية في باريس وضواحيها، لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبة حكومته في إيجاد شركات من رؤوس أموال سعودية في أكبر مشروع من نوعه في العالم ببناء 70 ألف وحدة سكنية سنوية برأسمال يقدر بـ93 مليار يورو، وقد أعلن عنه الرئيس الفرنسي ساركوزي مؤخرا.

وأضاف سيمون: «سينتهي المشروع عام 2025، وسيخلق فرصا استثمارية كبيرة؛ نظرا للمردود الكبير، وهو ما جعلنا نهدف إلى زيارة السعودية والتقاء رجال الأعمال السعوديين، للتعريف بالفرص الاستثمارية في المشروع والمشاريع الأخرى».

جاء ذلك خلال زيارة لوفد رسمي لعدد من رجال الأعمال الفرنسيين لالتقاء رجال الأعمال السعوديين، مسؤولي غرفة جدة في فندق حياة بارك.

وأوضح سيمون أن جزءا كبيرا من المشروع تمويل عقاري؛ لذلك من السهل أن يتناسب مع الشريعة الإسلامية من دون أي مشاكل؛ حيث تتوقع الشركات الفرنسية نمو سوق التمويل الإسلامي بنسبة 21% سنويا حتى عام 2015 لتنخفض نسبة النمو بعدها إلى 7%، وذلك حتى عام 2020.

وشرح بيير سيمون الصعوبات التي مرت على فرنسا والدول الأوروبية بما يتعلق بعملة اليورو وقال: «النصف الثاني من 2011 كان صعبا جدا على فرنسا ومر بشق الأنفس، والوضع تغير ابتداء من يناير (كانون الثاني) 2012؛ لأن البنوك المركزية بفرنسا وأوروبا وأميركا قررت دعم البنوك الأوروبية بشكل كامل، والمشكلة التي كانت تعانيها في 2011 يمكن اعتبارها محلولة، وزال الاحتقان الذي خيم على الجو الاستثماري».

ولفت سيمون إلى أن زيارة الوفد في السعودية ليست الأولى، بل السابعة منذ 10 سنوات بهدف إيجاد شركاء سعوديين، وهذا الأمر لا علاقة له بالأزمة الأوروبية بقدر ما هو رغبة فعلية في إيجاد شركاء سعوديين لتنمية العلاقات، وهناك طموحات عالية بالنسبة للمشاريع الاقتصادية التي يتم العمل عليها حاليا في فرنسا.

وذكر في المؤتمر اجتهاد منطقة باريس وضواحيها للحفاظ على حصتها من الاستثمارات العالمية في المجال العقاري من خلال هيئة تطوير الاستثمارات في منطقة باريس؛ حيث تقوم هذه الهيئة بدراسة القوانين والاستراتيجيات التي تساعد في تحسين وتطوير مناخ الاستثمار العقاري في باريس.

وعلى الرغم من أن لدى فرنسا سوقا مالية مهمة جدا وخبرة واسعة في مجال الأعمال المصرفية وإدارة الاستثمارات، بالإضافة إلى جالية مسلمة يبلغ عددها نحو 4.7 مليون شخص، فإن صناعة التمويل الإسلامي لم تصل بعدُ إلى المستوى الذي يجعلها جاذبة بشدة لخبراء الاستثمارات الإسلامية. وهناك رغبة لدى وزارة المالية الفرنسية بتطوير صناعة التمويل الإسلامي في فرنسا؛ حيث تم إنشاء لجنة التمويل الإسلامي لمنطقة باريس عام 2008 لدراسة المعوقات القانونية والضريبية واقتراح الحلول اللازمة والخروج بمجموعة توصيات. ومن التوصيات المقترحة: إصدار صكوك إسلامية، عقود المرابحة والإجارة.

وتتوقع الشركات الفرنسية نمو سوق التمويل الإسلامي بنسبة 21% سنويا حتى عام 2015 لتنخفض نسبة النمو بعدها إلى 7%، وذلك حتى عام 2020.

وبيَّنت الشركات، خلال المؤتمر، أن المؤشرات الاقتصادية تظهر أن منطقة باريس وضواحيها ما زالت تجتذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجال العقارات، وقد أظهرت دراسات حديثة أن 30% من الطلب على المنطقة للاستثمار الأجنبي، و70% للطلب المحلي، وهذا يوضح سبب متانة سوق العقار في منطقة باريس وضواحيها.

وأظهرت الدراسات أيضا أن الثقة التي أولاها المستثمرون الأجانب لمنطقة باريس وضواحيها نابعة من ثقتهم بنظامها المصرفي أولا وتنوع اقتصادها ثانيا. تعتبر الاستثمارات في مجال العقارات في باريس من أشد الاستثمارات ربحية، كما أن 60% من الاستثمارات في هذا القطاع أجنبية. ويبلغ حجم سوق العقار المكتبي في باريس 50 مليون متر مربع، وهو الأكبر في أوروبا والثاني على مستوى العالم بعد طوكيو، وقد ازداد حجم الاستثمارات الشرق أوسطية في قطاع العقار في باريس وضواحيها بنسبة 8% خلال السنوات الست الأخيرة.

ويعتبر مشروع منطقة «الديفانس»، الذي يشمل إنشاء محطة مترو كبيرة جدا لتخدم 3 ملايين شخص و72 محطة فرعية و200 كيلومتر من خطوط المترو من أهم المشاريع على مستوى العالم، وتبلغ قيمة الاستثمارات التي أقرتها الحكومة الفرنسية لهذا المشروع 33 مليار يورو، أما قيمة المشاريع المتعلقة بالمترو وتوابعه فتبلغ 20 مليار يورو.

كما يشمل المشروع إنشاء 70000 وحدة سكنية سنويا، بالإضافة إلى المكاتب التجارية، ومنطقة الأسواق التجارية على مساحة 564 هكتارا. وقد أطلق هذا المشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2011 ليتم الانتهاء من جميع مراحله وتسليمه كاملا عام 2025.

وتتركز الاستثمارات السعودية في فرنسا على قطاعي الترفيه والعقار، وتحتل السعودية المركز الثلاثين بين الدول المستثمرة في فرنسا، وتبلغ الاستثمارات السعودية في فرنسا نحو 701 مليون دولار، بينما تبلغ الاستثمارات الفرنسية في السعودية نحو 1.2 مليار دولار استثمرها الفرنسيون في نحو 67 مشروعا مع شركاء سعوديين.

يأتي حضور الوفد الفرنسي إلى السعودية، برئاسة بيير سيمون، رئيس هيئة تنمية الاستثمارات الأجنبية في باريس وضواحيها، ويرافقه فيليب شيكس، العضو المنتدب للهيئة العامة للتطوير المستدام في باريس، بالإضافة إلى مجموعة من رؤساء كبريات الشركات الفرنسية في مجال العقارات والقانون والتمويل، لشرح القوانين الفرنسية الجديدة في مجال التمويل الإسلامي ومشروع «الديفانس».

يُذكر أن العاصمة الفرنسية هي المنطقة الأغنى في أوروبا؛ حيث بلغ الناتج القومي فيها 450 مليار يورو، نحو 30% من الناتج القومي الفرنسي، وتضم 617 ألف شركة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهي بذلك تحتل المركز الأول أوروبيا بعدد الشركات.

كما تضم هذه المدينة الجميلة أكبر 500 شركة على مستوى العالم، وتحتل باريس، بذلك، المركز الثاني على مستوى العالم في تركز كبريات الشركات فيها، ومما يساعدها على احتلال هذا المركز تمتعها بشبكة مواصلات هائلة؛ حيث تستقبل مطاراتها 75 مليون زائر سنويا، وينطلق من مطاراتها 5 آلاف رحلة أسبوعيا مقابل 4 آلاف للندن.