البرتغاليون قرروا الاحتجاج بالملابس الفولكلورية على الإجراءات التقشفية

بروكسل تراجع خطط مدريد لخفض العجز في الموازنة.. ورئيس الحكومة يقول إن بديل التقشف أسوأ

جانب من البنك المركزي الأوروبي («الشرق الأوسط»)
TT

تستعد المفوضية الأوروبية ببروكسل لتقديم تقييم كامل حول ميزانيات الحكومة الإسبانية لعام 2012 هذا الأسبوع بمجرد الاستناد إلى جميع التقارير الصادرة عن الحكومة المركزية والمؤسسات المستقلة. كما ستراجع المفوضية الأوروبية خطط الحكومة الإسبانية لخفض نسبة العجز إلى 5.3% هذا العام بهدف تقليصها في 2013 إلى 3%. وفي مدريد قال رئيس الحكومة ماريانو راخوي إن البديل للتقشف يعد أسوأ مما تتضمنه الميزانية نفسها، لذا لم تجد حكومته بدا سوى تطبيق إجراءات التقشف الصارمة. وفي لشبونة اختار البرتغاليون أن يتظاهروا ضد الإجراءات التقشفية التي تتخذها حكومتهم على طريقتهم الخاصة، آلاف القرويين خرجوا إلى الشوارع بأزياء فولكلورية، كما احتج الطلاب على ارتفاع نسبة البطالة.

في بروكسل تستعد المفوضية الأوروبية لتقديم تقييم كامل حول ميزانيات الحكومة الإسبانية لعام 2012 هذا الأسبوع بمجرد الاستناد إلى جميع التقارير الصادرة عن الحكومة المركزية والمؤسسات المستقلة. وأوضح المتحدث باسم الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية أماديو ألتافاج أن التقدير الكامل للميزانيات سيصدر خلال الأسبوع الجاري، لكن من المقرر أن يرسل إلى البرلمان الأوروبي في خطوة مسبقة لتسهيل إجراءات التقييم. وأشار ألتافاج إلى أن التقييم سيكشف عن محتواه رسميا بعد الانتهاء من جمع كافة البيانات المتعلقة بميزانيات الحكومة المركزية. كما ستراجع المفوضية الأوروبية خطط الحكومة الإسبانية لخفض نسبة العجز إلى 5.3% هذا العام بهدف تقليصها في 2013 إلى 3%. ويقدر حجم ميزانية الدولة في إسبانيا بـ27 مليار و300 مليون يورو. وكانت حكومة ماريانو راخوي قد وافقت الجمعة الماضية على استقطاع 16.9% من الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2012 بما يعادل 27 مليار يورو. ويعد معدل البطالة في إسبانيا الأعلى في الاتحاد الأوروبي بنحو 5.2 مليون عاطل، بما يعادل 23% من السكان النشطين، وترتفع النسبة بين الشباب إلى نحو 48%. وفي مدريد قال رئيس الحكومة إن البديل للتقشف يعد أسوأ مما تتضمنه الميزانية نفسها، لذا لم تجد حكومته بدا سوى تطبيق إجراءات التقشف الصارمة. وفي لشبونة اختار البرتغاليون أن يتظاهروا ضد الإجراءات التقشفية التي تتخذها حكومتهم على طريقتهم الخاصة. آلاف القرويين خرجوا إلى الشوارع بأزياء فولكلورية وفي أجواء موسيقية ليحتجوا على قرار الحكومة بدمج أكثر من ألف بلدة في إطار خطة إصلاحية تفرضها الدول الدائنة على البرتغال. يقول رئيس تكتل اليسار فرانسشيسكو لوسا: «وراء هذه الاحتفالات إحباط كبير تعاني منه الحكومة. المتظاهرون هم أولئك الذين يريدون الديمقراطية والمسؤولية. الأشخاص الذين انتخبوا ليحكموا البلاد يجب أن يجيبوا عن أسئلة الناس كلها». الطلاب هم كذلك من بين المحتجين على الإجراءات التقشفية التي تتخذها البرتغال منذ سبتمبر (أيلول) الفائت، فتجمع المئات منهم في لشبونة احتجاجا على ارتفاع نسبة البطالة في البلاد في مدريد أكد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أنه ليس في وضع يسمح له حاليا بتقديم أنباء سارة من الناحية الاقتصادية، ولكنه قال: إنه سيمكنه القيام بهذا الأمر في المستقبل. وخلال مداخلته أمام اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب الشعبي الحاكم الاثنين، قال راخوي: «لست في وضع يسمح لي بتقديم أنباء سارة للشعب الإسباني، أشعر بالأسف لذلك، ولكنني أقول لكم إنني سأقدم أنباء سارة في المستقبل». وأشار راخوي إلى أن عام 2012 لن يكون جيدا ولكنه أوضح أن حكومة إسبانيا تلقي البذور التي ستسمح بتعافي البلاد في المستقبل، مبينا «البذور لا يتم رؤيتها ولكن ينبغي ألا يشك أحد في أهميتها لأنها هي التي ستساهم في إعطاء قوة للاقتصاد». وأقر راخوي بأن الميزانية العامة لإسبانيا خلال 2012 تعد «قاسية ومؤلمة» وتتضمن الكثير من القرارات التي لا تحظى بإعجابه، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنها أمور من الضروري تطبيقها «لتصحيح أخطاء الماضي». وصرح بأن مشروع الميزانية تم تقديمه على هذا النحو بعد فشل الحكومة الاشتراكية، التي قادها خوسيه لويس ثاباتيرو، في تحقيق هدف خفض العجز، كما أنها تهدف لتعافي اقتصاد البلاد. ويرى راخوي أن البديل للتقشف يعد أسوأ مما تتضمنه الميزانية نفسها، لذا لم تجد حكومته بدا سوى تطبيق إجراءات التقشف الصارمة. كما قال: «إذا طبقنا الإجراءات بشكل جيد وواصلنا طريق الإصلاح، فستمضي إسبانيا نحو الأمام وستصبح أقوى».

وعقب الاتفاق على زيادة سقف جدار الحماية المالية لإنقاذ الدول المتعثرة، لا صوت يعلو الآن في منطقة اليورو فوق صوت الأوضاع في إسبانيا، والخطوات الحكومية للتقشف ومواجهة عجز الموازنة، وخاصة بعد أن أقرت الحكومة الإسبانية الجمعة مشروع ميزانية 2012. التي تنص على تأمين 27 مليار يورو من المدخرات والإيرادات الجديدة، من خلال تجميد رواتب الموظفين المدنيين وميزانيات الإدارات التي انخفضت بمتوسط 16.9%. وأكدت المتحدثة باسم الحكومة ثريا ساينز دي سانتا ماريا بعد اجتماع مجلس الوزراء، تعهد إسبانيا خفض العجز في نهاية عام 2012. والخطوط العريضة لخطة رئيس الحكومة ماريانو راخوي ترتكز على رفع الضريبة على دخل الأفراد بأكثر من 4% وعلى الشركات بأكثر من 17% إضافة لتفاصيل أخرى تمكن الحكومة من الوصول إلى عجز في نهاية العام بنسبة 5.3% بدلا من 8.5%. معظم المحللين يؤكدون على ضرورة تأمين إسبانيا لنحو 50 مليار يورو مع الأخذ في الاعتبار الركود الاقتصادي، الذي ينبغي أن يقلل الناتج المحلي الإجمالي الإسباني بنسبة 1.7 هذا العام. وأكدت نائبة رئيس الحكومة، سوريا رودريجيز ساينز دي سانتاماريا، أن هذا الاستقطاع الذي يعد الأكبر في التاريخ الديمقراطي لإسبانيا تم إقراره لمواجهة «الوضع الحرج» الذي تمر به إسبانيا.

وتشمل الموازنة خفض 16.9% من نفقات الوزارات، تتقدمها حقيبة الخارجية والتعاون بنسبة 54.4% وتليها البنية التحتية (34.6%) والصناعة والطاقة السياحية (3.9%) والزراعة والأغذية والبيئة (31.2%). وتأتي بعد ذلك وزارت الصحة (16.9%) والخدمات الاجتماعية والمساواة (13.7%) والدفاع (8.8%) والعمل والتأمين الاجتماعي (7.4%)، والعدل (6.3%) والتعليم (21.2%).ويطالب الاتحاد الأوروبي إسبانيا بخفض العجز العام هذا العام إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بهدف تقليصه في 2013 إلى 3%. وكانت إسبانيا قد واجهت انتقادات من جانب مسؤولين أوروبيين بشأن وضعها الاقتصادي، وكادت التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإيطالي كارلو مونتي في هذا الشأن، والتي قال فيها إن «إسبانيا تثير قلقا شديدا لأوروبا لأن وضعها الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى عدوى يمكن أن تمتد في القارة» أن تتسبب في أزمة دبلوماسية بين روما ومدريد. وأعرب وزير المالية السويدي أندريه بورغ عن دعمه للموازنة الجديدة التي أعلنتها الحكومة الإسبانية لعام 2012، وقال: إنها «جيدة للغاية» لأوروبا لأنها ستساعد على خفض الشكوك المثارة حول الأزمة المالية. وأوضح بورغ أن «الحكومة الإسبانية قامت بخطوة جيدة للغاية بالنسبة لأوروبا بأسرها لأنه إذا تزايدت الشكوك واعتقد الناس أن إسبانيا لا تسير في الاتجاه الصحيح فإن ذلك يمكن أن يعود بنا لما كنا عليه قبل شهرين». من جانبه أعرب وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروان عن ثقة بلاده في الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسبانية، برئاسة ماريانو راخوي، من أجل خفض العجز إلى 3% بحلول عام 2013. وقال باروان «لدينا ثقة في الحكومة الإسبانية، فلديها إرادة حقيقية للوفاء بالأهداف المطلوبة وفي مقدمتها الوصول بالعجز إلى 3%». وأوضح الوزير الفرنسي أن نظيره الإسباني لويس دي جيندوس قد قدم لوزراء المالية الأوروبيين الخطوط العريضة للموازنة الجديدة لإسبانيا، بـ«قدر كبير من الإقناع». وتابع: «إنه واجب صعب ولكنه إجباري، ليس لإسبانيا فحسب ولكن بالنسبة لكافة دول الاتحاد»، مشددا على ضرورة تطبيق كافة الاتفاقات التي من شأنها إعادة الاستقرار للأسواق. وأشار المسؤول الفرنسي إلى أنه كان قد طالب حكومة مدريد بخفض نسبة العجز للعام الحالي 2012 من 5.8 إلى 5.3 وهو ما تضمنته بالفعل الموازنة الجديدة التي كشفت عنها الحكومة الإسبانية. من جهتها أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تفاؤلها بقدرة الحكومة الإسبانية على خفض العجز في موازنتها وبالتالي تجنب انتقال عدوى أزمة الديون إليها. وقالت ميركل للصحافيين «أنا متفائلة بقدرة جميع حكومات دول منطقة (اليورو) على القيام بواجباتها». وأشادت بالوعود التي قدمتها حكومة مدريد الجديدة بقيادة المحافظ ماريانو راخوي، لا سيما وعدها الخاص بخفض العجز في موازنة الدولة الإسبانية تحت معدل 3% وذلك بحلول عام 2013 «ولكنها ما زالت تحاول حل مشكلة العجز الكبير الذي ورثته من الحكومة السابقة». ورغم ذلك أعلنت المستشارة الألمانية أن الطريق نحو الخروج من أزمة الديون الأوروبية لا يزال طويلا قائلة «يجب على حكومات جميع الدول القيام بخطوة وراء خطوة من أجل جعل اقتصاداتها أكثر قدرة على المنافسة.. الطريق نحو هذا الهدف ليس سهلا ولكنني آمل في قدرتنا على حل المشاكل التي تراكمت في العقود الماضية».