أميركا: شيوخ في الثمانين يعانون من قروض حصلوا عليها وهم طلبة في شبابهم

لم يستطيعوا تسديدها وما زالوا ملاحقين بسببها

TT

يقع عبء دفع مصاريف الالتحاق بالكليات على كاهل فئة من السكان لم يكن متوقعا أن تعاني من تلك المشكلة؛ وهي فئة كبار السن، حيث لا يزال ينوء كاهل الأميركيين الذين تصل أعمارهم لستين عاما أو يزيد بقروض طلبة تصل لنحو 36 مليار دولار، بحسب دراسة حديثة لمصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في لمحة نادرة عن عالم وطبيعة قروض الطلبة.

وعلاوة على ذلك، كشفت الدراسة أن 10 في المائة من تلك القروض مستحقة الدفع منذ فترة ولم يتم سدادها حتى الآن، ولذا، حسب تصريحات المدافعين عن المستهلكين، أصبح شيئا عاديا أن يتم حجز شيكات الضمان الاجتماعي أو أن يقوم محصلو الديون بمضايقة المقترضين الذين تتعدى أعمارهم الثمانين عاما بشأن قروض الطلبة التي تم الحصول عليها منذ عقود طويلة.

وبحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن إثقال كاهل كبار السن بمشكلة ديون الطلبة يسلط الضوء على ما يصفه عدد متزايد من المشرعين والخبراء الاقتصاديين والماليين بأنه المشكلة الأساسية في نظام التعليم العالي في الدولة، حيث إن المزايا الكبيرة للشهادات الجامعية يشوبها الارتفاع المستمر في معدلات الرسوم الدراسية، علاوة على طول مدة الدين.

ولا يزال بعض من هؤلاء المسنين تحت وطأة الديون التي حصلوا عليها عندما التحقوا بالجامعة لأول مرة، في حين أن آخرين قد حصلوا على قروض جديدة عندما عادوا إلى الجامعة مرة أخرى في فترة لاحقة من حياتهم بهدف تحسين قدرتهم على المنافسة في سوق العمل. وقد طلب العديد منهم الحصول على قروض، بالاشتراك مع أبنائهم أو أحفادهم، لمساعدتهم في التغلب على مشكلة الرسوم الدراسة المرتفعة للغاية.

وقد تفاقمت تلك المشكلة بسبب الركود الاقتصادي في الآونة الأخيرة، مما جعل من الصعب على المسنين الأميركيين - أو الشباب الذين يدعمونهم في الدراسة - إيجاد فرص عمل بمقابل مادي جيد. يذكر أن ديون الطلبة، على عكس الديون الأخرى، لا تسقط بإعلان المدين عن إفلاسه، ولذا يرى العديد من المسنين الأميركيين أن الشهادات الجامعية لا تسمح لهم بالحصول على وظيفة جيدة، ولكنها تضعهم تحت ضغط الديون مدى الحياة.

ويقول ويليام بريور، وهو رئيس الرابطة الوطنية لمحامي المستهلكين الذين أعلنوا إفلاسهم: «الديون الطلابية نوع من الديون لا يفارق المرء إلا عند دخوله القبر».

وتقول ساندي بارنيت (58 عاما)، من ولاية إلينوي، إنها اعتقدت أنها على صواب عندما قررت الحصول على درجة الماجستير في علم النفس السريري في الثمانينات من القرن الماضي. وقد حصلت بارنيت على قرض بقيمة 21.000 دولار لتتمكن من دفع الرسوم الدراسية ولكي تركز بشكل كامل على دراستها، ولكن بعدما حصلت بارنيت على درجة الماجستير، ظلت تبحث عن عمل بمقابل يزيد على 25.000 دولار في العام ولم تتمكن من رد القرض الذي حصلت عليه، بعدما تم فصلها من العمل، نتيجة لتزايد معدلات البطالة ووفاة زوجها، في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمة القرض الذي حصلت عليه من 21.000 دولار إلى 54.000 دولار.

وأعلنت بارنيت عن إفلاسها عام 2005، ولكنها لم تنجح في إسقاط الدين عن كاهلها لأنه لا يسقط عن صاحبه حتى في حالة إشهار الإفلاس. وأضافت بارنيت أن إحدى جهات جمع الديون قد قامت العام الماضي بحجز قيمة الدين من راتبها، حيث تعمل مندوبة لخدمة العملاء، وأصبح الراتب لا يكفيها وبات لزاما عليها أن تختار إما أن تشتري الغاز وإما أن تشتري قوت يومها، وأصبح شراء مكيف هواء لمنزلها هدفا صعب المنال. وأضافت بارنيت: «أتعجب كل يوم من التفكير في حقيقة أنني أعمل دون مقابل. إنه شيء كئيب ولا يوجد أي أمل يلوح في الأفق».

ودائما ما يتم النظر إلى الشهادة الجامعية إلى أنها ضمان للحصول على فرصة عمل جيدة ومستوي معيشي أفضل، ولا تزال تلك الرؤية صحيحة حتى الآن بصفة عامة، حيث يصل معدل البطالة وسط حاملي الشهادات الثانوية إلى 9.2 في المائة، أي أكثر من ضعف المعدل وسط حاملي الشهادات الجامعية، كما أن متوسط الدخل الأسبوعي لحاملي الشهادات الثانوية وصل العام الماضي لنحو 638 دولار، وفقا للبيانات الحكومية، مقابل 1.053 دولار لحاملي الشهادات الجامعية.

ومع ذلك، أدت حالة الركود الأخيرة إلى تسريح العديد من العاملين في شركات المحاماة والمصارف الاستثمارية وشركات السيارات وشركات المقاولات والإنشاءات، ولذا وجد العديد من الأميركيين أنفسهم بين شقي الرحى؛ البطالة والديون. وخلال جلسة استماع لإحدى اللجان الفرعية بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، قال وزير الخزانة تيموثي غايتنر إن تكلفة التعليم العالي يجب أن تعكس جودة التعليم الذي يتلقاه الطالب، وأضاف أن معظم الطلبة «لا يستطيعون الحصول على مقابل يبرر المصاريف الدراسية».

وعلى مدار العقد الماضي، كانت تكاليف الدراسة الجامعية ترتفع بنسبة تتراوح بين 2 و6 في المائة سنويا، طبقا لنوع المؤسسة التعليمية، حسب البيانات الصادرة عن مجلس إدارة الجامعات.

وفي الوقت نفسه، صرح المصرف الاحتياطي الفيدرالي بأن الأميركيين قد حصلوا على قروض طلابية بقيمة 870 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الماضي، متجاوزا بشكل كبير ديون بطاقات الائتمان أو قروض السيارات. ويمثل المقترضون الذين يبلغ عمرهم ستين عاما فأكثر نحو 5 في المائة من المقترضين، مقابل 17 في المائة لمن هم في سن الخمسين أو أكثر. وفي بعض الأحيان، تشكل ديون الطلبة عبئا كبيرا على الأميركيين كبار السن.