تزايد ظاهرة تزوير العملات وبطاقات الائتمان في مصر بعد الثورة

عصابات أفريقية استخدمت غطاء دبلوماسيا لسرقة كبرى المحال بالبلاد

TT

قدرت مصادر مالية وأمنية مصرية زيادة حجم عمليات تزوير وتزييف العملات وبطاقات الائتمان بنسبة قاربت 2 في المائة بعد ثورة 25 يناير والتي تزامن معها انتشار عصابات دولية في البلاد مستغلة حالة الانفلات الأمني لزيادة عملياتها في مصر.

وقال العقيد عاصم الداهش، مدير إدارة التزييف والتزوير بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية المصرية، خلال مؤتمر عقد نهاية الأسبوع الماضي بالبنك الأهلي المصري، إن هذه الزيادة في عمليات التزوير طبيعية في مثل هذه الأجواء التي تعقب الثورات، ولكن حملات الإدارة عملت على خفضها خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة ضبطت 6 تشكيلات عصابية خلال الشهور الـ5 الماضية.

وأضاف «الداهش»، أنه خلال الأيام الماضية تم ضبط تشكيل عصابي قام بتزوير مبالغ تجاوزت مليوني جنيه من فئات النقد الورقية 100 و200 جنيه، وبحوزتهم نحو 35 ألف دولار مزورة من فئة 100 دولار، مؤكدا تشديد إجراءات الرقابة على هذه النوعية من الجرائم بعدد من الإجراءات أهمها الحملات الأمنية التي تشنها الإدارة على الهاربين من السجون والعناصر النشطة في هذا المجال، وتم تشديد عملية منح التراخيص الخاصة بالطابعات الليزر المتطورة والتنسيق مع مصلحة الجمارك في العمليات الاستيرادية الخاصة بتلك الأجهزة المتطورة.

في السياق نفسه قالت مصادر قريبة من عمليات تتبع عمليات التزوير التي تمت في السوق المصرية مؤخرا لـ«الشرق الأوسط» إن مباحث الأموال العامة بالتعاون مع قطاع مخاطر التجزئة بالبنك الأهلي والبنوك العاملة بالسوق المحلية استطاعت القبض على أخطر تشكيلين عصابيين لسرقة أموال المصريين بالبطاقات الائتمانية، أحد هذين التشكيلين من الأفارقة النيجيريين والغانيين الذين يحملون بطاقات مزورة لأرقام تخص «سيتي بنك - أميركا» و«تشيز بنك - أميركا»، ويحملون جوازات سفر دبلوماسية أميركية مزورة، أما التشكيل الثاني فكان لعصابة مصرية استطاعت الحصول على كثير من أموال البنوك من خلال البطاقات المزورة.

وتمكنت إدارة مخاطر التجار بقطاع مخاطر التجزئة المصرفية بالتعاون مع البنك الأهلي وأجهزة الشرطة وجهاز مباحث الأموال العامة من القبض على أحد أخطر التشكيلات العصابية من المصريين الذين يستخدمون بطاقات مزيفة في عمليات الشراء لدى التجار الذين يتيحون الشراء ببطاقات البنك الأهلي.

من جانبه قال أحمد سراج المسؤول عن إدارة مخاطر التجار بالبنك الأهلي المصري لـ«الشرق الأوسط» إن تلك العصابات انتشرت بشدة في الآونة الأخيرة، موضحا أن هؤلاء الأفراد النيجيريين أحيانا يدخلون مصر بصورة شرعية كسياح مثلا، وأحيانا أخرى بصورة غير شرعية عن طريق اللجوء السياسي، ثم يستأجرون إحدى الشقق، وحتى يكسبوا ثقة من حولهم فإنهم يدعون أن جنسياتهم أميركية وعليه يقومون أيضا بحمل جوازات سفر أميركية مزورة وتحقيق شخصية وكارنيهات مزورة.

وأشار سراج إلى أن معظم تلك التشكيلات العصابية تقطن منطقة المعادي والبساتين والتجمع الأول ويمارسون أعمال النصب والاحتيال على محال مشهورة، وأن أعضاء تلك العصابات الدولية تقوم باستخدام جوازات سفر دبلوماسية لإضفاء طابع الشرعية على تعاملاتهم مع التجار عند استخدام البطاقات الائتمانية المزورة.

من جانبه دعا هشام عكاشة النائب الأول لرئيس البنك الأهلي إلى ضرورة رفع طلب إلى اتحاد بنوك مصر بضرورة مناقشة فرض إدخال الأرقام السرية للبطاقات عند الشراء بها من المحال والمتاجر الكبرى، مؤكدا أن ذلك سيحول دون وقوع الكثير من عمليات الاحتيال، حيث يستغل المحتالون في الوقت الحالي عدم طلب الأرقام السرية للبطاقات في الاستيلاء على أموال البنوك.

وحول أبرز طرق التزوير قال سراج إنها عديدة ومتنوعة وأهمها تلك التي تتم عن طريق قيام العصابة بسرقة بيانات عملاء من فروع لبنوك مصرية وأجنبية في الخارج عن طريق وضع جهاز سرقة بيانات يدعى «P.O.S» على أجهزة الصرف الآلي، ليتم بذلك إرسال جميع بيانات البطاقات المحفوظة على أجهزة الصرف إلى جهاز السرقة، وبذلك يصبح لدى العصابات جميع المعلومات التي يحتاجونها لتزوير البطاقات التي يستخدمونها في عمليات الاحتيال.

وعندما يحصل أفراد العصابة على تلك المعلومات في الخارج فإنهم يرسلونها إلى الآخرين عن طريق رسائل الموبايل أو الإنترنت، ليقوموا بطباعة البطاقات المزورة على ماكينات طباعة كروت ثم يقومون بتوزيعها على أفراد العصابة، والتي يستخدمونها في الغالب في شراء البضائع سهلة الاستعمال والبيع كالأجهزة الكهربائية والمجوهرات والموبايل وخلافه حتى يتمكنوا من إعادة بيعها مرة أخرى والاستفادة من ثمن البيع.

وتسعى البنوك في مصر حاليا إلى استخدام طرق حديثة بهدف المتابعة شبه اللحظية لجميع التعاملات لدى التجار وذلك لسرعة القبض على العصابات التي أصبحت منتشرة في مصر، في ظل مخاوف من أن تؤدي سرقة البيانات من عملاء لبنوك أجنبية واستخدامها على الأراضي المصرية من دخول البنوك المصرية في منازعات مع البنوك الأجنبية صاحبة البطاقات المصدرة، والتي يتم تحصيل الأموال باسمها وتأخذ البنوك المصرية التي تم التعامل على ماكيناتها رسوم الخدمة فقط.

ومن أهم عمليات السرقة التي شهدتها مصر في هذا الإطار قيام مجموعة من الأفارقة النيجيريين يحملون بطاقات ائتمانية مزورة لأرقام تخص بنوكا أجنبية ويحملون جوازات سفر دبلوماسية مزورة بالتوجه إلى محل لبيع الأجهزة الإلكترونية في «مول كارفور» واستخدام بطاقات ائتمان مزورة لشراء بعض المنتجات. ومن خلال تحقيق البنك الذي تحمل البطاقة المزورة اسمه تبين من موظف البيع أن أوصاف المشترين تنطبق على أوصاف المحتالين الأفارقة الذين تم رصدهم من خلال أكثر من عملية، وبتحقيق البنك تبين أيضا أن الشخص الذي قام بهذه العملية تنطبق عليه أوصاف الأشخاص الأفارقة النيجيريين المحتالين ومعه سيدة، فطالب البنك التاجر بسرعة التحفظ عليهما وإخطار الجهات المسؤولة، وتم الاتصال بمباحث الأموال العامة وفور وصولها تبين أن الشخص المحتال هو أحد أخطر أفراد التشكيل العصابي عالميا، والذي تتابعه البنوك والشرطة منذ مدة طويلة والذي قام قبل هذه العملية بإجراء عمليات نصب ببطاقات مزيفة لدى محال للمجوهرات وآخر للأجهزة الكهربائية.

وحذرت «فيزا» و«ماستر كارد» و«ديسكوفر» أكبر ثلاث شركات أميركية لبطاقات الائتمان خلال الفترة الماضية من اختراق البيانات الشخصية للملايين من أصحاب هذه البطاقات، وهو ما تزامن مع تحذيرات مستمرة من البنك المركزي المصري، مطالبا البنوك باتخاذ كل السبل لتفادي خطر تلك العصابات.

ولم تؤكد الشركات الثلاث العدد الحقيقي للمتضررين من عملية الاختراق، ولكن مصادر مطلعة في هذا المجال أشارت إلى أنه تم اختراق المعلومات الخاصة بـ10 ملايين بطاقة ائتمان عالميا خلال الفترة الماضية، وليس من خلال الاختراق لأنظمة تلك المؤسسات الخاصة بها، بل للنظام الأمني لمؤسسة أخرى شريكة لها، وقد تكون منافذ التجار والشركات في الأغلب.

وبحسب مصادر وثيقة الصلة بالموضوع فقد أخطرت البنوك المصرية مؤسسات الدفع الإلكتروني العالمية، بتلك العمليات التي تمت خلال الفترة الماضية على الأراضي المصرية، لأخذ الإجراءات الاحترازية، وإبلاغ المؤسسات المصدرة لتلك البطاقات، والتي يحمل أغلبها الجنسية الأميركية، للتعامل مع البطاقات التي تمت بها عمليات القرصنة التي تمت في السوق المصرية.

وعلى الرغم من الطفرة التي حدثت في مجال بطاقات الائتمان في الدول النامية ومن بينها مصر، فإن مستخدمي تلك البطاقات فيها لا تزيد نسبتهم على 2 في المائة، وفي المقابل ترتفع بشدة في دول أميركا اللاتينية والكاريبي وفي إسرائيل التي تبلغ فيها نسبة حملة البطاقات 80 في المائة من السكان. تبعا لدراسة أعدها البنك الدولي.