بنوك أوروبا بحاجة إلى أكثر من 600 مليار دولار لتنفيذ اتفاقية «بازل 3»

وزراء مالية الاتحاد الأوروبي ناقشوا في بروكسل تطبيق الاتفاق

جانب من اجتماع وزراء المال والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي وقد بدت وزيرة الاقتصاد الإسبانية لويس دو غايندوس التي تعاني بلادها من أزمة مالية (إ.ب.أ)
TT

قدرت مصادر أوروبية أمس حاجة بنوك أوروبا لرساميل إضافية حتى تتمكن من تطبيق اتفاقية «بازل 3» بأكثر من 600 مليار دولار. وتواجه عدة بنوك أوروبية وعلى رأسها البنوك الإسبانية أزمة رساميل بسبب مشكلة وتعقيدات ديون اليورو. وعقد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي أمس (الأربعاء) اجتماعا لمناقشة قضية زيادة الحد الأدنى لرأسمال البنوك مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الاتحاد الأوروبي لتنفيذ معايير ما يعرف باسم «بازل 3» لرسملة البنوك خلال الصيف الحالي. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي طلب عدم الكشف عن هويته قبل بدء الاجتماع الخاص لمناقشة القضية في بروكسل، إن «الأمر يتعلق بمصداقية الاتحاد الأوروبي الدولية»، وذلك حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

وأضاف «لا يوجد أي سبب فني يجعلنا لا نستطيع الاتفاق على هذا يوم الأربعاء.. بالطبع هناك دائما السؤال الخاص بالإرادة السياسية للدول الأعضاء». وكان الاتحاد الأوروبي ضمن مجموعة الدول العشرين الكبرى التي أعلنت تبني معايير «بازل 3» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 كجزء من الجهود الدولية الرامية إلى تفادي حدوث أزمة اقتصادية عالمية بسبب مشكلات القطاع المصرفي وتقليل الحاجة إلى استخدام الأموال العامة لإنقاذ البنوك من الصعوبات المالية. وفي قلب المعايير الجديدة فإنه يجب على البنوك زيادة رأسمالها حتى تتمكن من مواجهة أي مشكلات سيولة طارئة أو أزمات اقتصادية.

وتكافح المفوضية الأوروبية وهي التي أعدت المقترح الذي سيناقشه الوزراء اليوم من أجل نفي اتهامها بأنها ستقلل كثيرا من معايير «بازل 3» التي سيتبناها الاتحاد الأوروبي بالسماح باعتبار رؤوس الأموال الموجودة في فروع التأمين التابعة للمجموعات المصرفية جزءا من رأسمال البنك المطلوب. من ناحيته قال ميشال بارنيه، مفوض شؤون السوق في الاتحاد الأوروبي، إن مقترحات المفوضية تتوافق تماما مع معايير «بازل 3».

وهناك خلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمفوضية بشأن حجم رؤوس الأموال المطلوبة من البنوك في ظل المخاوف من أن تؤدي زيادة رأس المال المطلوب إلى أزمة سيولة، وهو ما يعرقل احتمالات النمو الاقتصادي. اتفقت البنوك المركزية في العالم منذ نحو عامين على مجموعة جديدة من القواعد المشددة بشأن رسملة البنوك باسم «بازل 3» من أجل منع المؤسسات المالية من التسبب في أزمة اقتصادية عالمية جديدة على غرار الأزمة التي ضربت العالم أواخر 2008 بسبب انهيار بنك ليمان براذارز الاستثماري الأميركي في سبتمبر (أيلول) 2008.

وإلى جانب تعزيز قوة القطاع المالي ليكون قادرا على التصدي لأي صدمات مستقبلية فإن معايير «بازل 3» تهدف أيضا إلى تقليل الحاجة إلى استخدام أموال الخزانة العامة لإنقاذ البنوك المتعثرة على غرار ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة.

وقد تبنى قادة مجموعة الدول العشرين الكبرى في قمتهم التي عقدت في نوفمبر 2010 هذه المعايير، حيث قال هؤلاء القادة إنه لا يجب السماح بنمو أي مؤسسة أو بنك إلى الدرجة التي تجعل لانهيارها أو انهياره تداعيات على اقتصاد الدولة أو تحميل دافعي الضرائب عبء إنقاذها أو إنقاذه من الانهيار.

ووفقا لقواعد «بازل 3» فإن البنوك ملزمة بزيادة معدل كفاية رأسمالها من 2 في المائة وفقا لمعايير «بازل 2» إلى 5.‏4 في المائة من إجمالي حجم أعمالها وهو ما يتيح لها قدرا أكبر من المرونة في مواجهة أي أزمات سوقية طارئة. وذلك حسب وكالة الأنباء الألمانية.

كما تفرض هذه المعايير أيضا على البنوك الاحتفاظ باحتياطي نقدي إضافي بنسبة 3 في المائة لتعزيز قدرتها على مواجهة أي تباطؤ اقتصادي ليصل إجمالي معدل كفاية رأس المال للبنوك إلى 7 في المائة من إجمالي حجم أصولها.

ويذكر أن معدل كفاية رأس المال المعروف باسم «تاير وان» هو مقياس حيوي لقوة وقدرة البنك على مواجهة الصدمات المفاجئة. ويطلق اسم «تاير وان» على الأصول عالية القيمة لدى البنك والتي يمكن تحويلها إلى سيولة نقدية بسرعة كبيرة وفي الوقت نفسه لا يمكن لأي طرف سحبها. كما تلزم معايير «بازل 3» بمراقبة معدلات السيولة النقدية لدى البنوك ومعدلات الاستثمارات المعرضة للمخاطر لديها. ومن المقرر تطبيق هذه المعايير تدريجيا خلال الفترة من أول يناير (كانون الثاني) 2013 إلى 2015.

ولم تطبق الولايات المتحدة معايير «بازل» السابقة المعروفة باسم «بازل 1» و«بازل 2» عكس الاتحاد الأوروبي الذي تعهد بتطبيق معايير «بازل3». ومن المتوقع أن يتأثر نحو 8300 بنك في الاتحاد الأوروبي بتطبيق المعايير الجديدة. ووفقا لتقديرات 2011 فإن هذه البنوك ستحتاج إلى رؤوس أموال إضافية قدرها 460 مليار يورو (609 مليارات دولار) حتى عام 2019 لكي تلتزم تماما بهذه المعايير.

وتحمل معايير عمل البنوك والمؤسسات المالية في العالم اسم «بازل» نسبة إلى مدينة بازل السويسرية التي يوجد فيها مقر لجنة الرقابة المالية والمصرفية الدولية المعنية بمتابعة تطبيق هذه المعايير.