اللجنة الوطنية السعودية للمقاولات: 50 درجة مئوية شرط توقف عمالة الإنشاءات عن أعمالهم خلال الصيف

أكدت لـ «الشرق الأوسط» أنه يحق للعمالة التقدم بشكوى في حال عدم تقيد شركاتهم به

أصوات التذمر من ارتفاع درجات الحرارة بدأت ترتفع لدى عمالة قطاع الإنشاءات في السعودية
TT

بدأت حرارة الأجواء في العاصمة السعودية الرياض تهدد وبشكل كبير سير عمل شركات المقاولات في البلاد، إذ أكدت اللجنة الوطنية للمقاولات في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن العمالة في قطاع الإنشاءات سيتوقفون عن العمل إذا بلغت درجة حرارة الأجواء 50 درجة مئوية، أي بفارق 7 درجات فقط عن مناطقها الحالية.

وأكدت اللجنة أن الشركات النظامية في البلاد ستتقيد بعملية توقف العمل عند بلوغ درجة الحرارة مستوياتها العليا، وقالت: «من يخالف هذه الأنظمة من شركات المقاولات فإنه يحق للأيدي العاملة لديه أن تتقدم بشكوى رسمية، وهو أمر يتعلق بجوانب إنسانية وصحية».

ولفتت اللجنة متمثلة في رئيسها فهد الحمادي إلى أن مستوى إنتاجية الأيدي العاملة تتناقص مع ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أنه من الأجدى أن يمنح صاحب العمل إجازة في وقت بلوغ درجات الحرارة مستويات 50 درجة مئوية.

وقال الحمادي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «من يستطيع أن يتحمل العمل تحت أشعة الشمس وفي درجة حرارة تكون قد بلغت مستويات الـ50 درجة مئوية؟! العمل في هذه الأجواء غير منطقي تماما، ويجب أن تراعي الشركات الإنشائية الواجبات الإنسانية تجاه عمالتها في البلاد».

وأوضح رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية أن الشركات الإنشائية التي تطلب من الأيدي العاملة الاستمرار بالعمل في أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة تعرّض حياة عمالتها لضربات الشمس، مضيفا: «كيف يمكن للعامل أن ينتج تحت لهيب الشمس وارتفاع درجات الحرارة، الأمر غير منطقي ويجب مراعاته من قبل الشركات».

وكشف الحمادي عن تعريض بعض العمالة أنفسها لضربات الشمس في العاصمة الرياض، وقال: «هنالك عمالة إنشائية تعمل بصفة خاصة في بناء المنازل والعمائر السكنية والتجارية، ألاحظهم يعملون في الساعة الثالثة عصرا مع وقت اشتداد حرارة الأجواء، هؤلاء يعرضون أنفسهم للخطر، ويجب أن يبتعدوا عن الطمع الذي يدفعهم للعمل في هذه الأجواء».

وأشار إلى أن الأيدي العاملة التي تعمل بصفه خاصة وتعرض نفسها لخطر الإصابة بضربات الشمس من الأجدى أن يطلب منهم صاحب المشروع التوقف في أوقات ذروة ارتفاع درجات الحرارة، وقال: «الطمع بحصد أكبر قدر ممكن من المال، يدفعهم للعمل في جميع الأوقات، وهو الأمر الذي من الواجب علينا محاربته».

وبيّن رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية أن الشركات النظامية حددت أوقات العمل من الساعة الـ5 فجرا وحتى الساعة الـ12 ظهرا، ومن الساعة الـ5 عصرا وحتى الساعة الـ7 مساء، خلال فترة الصيف التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة.

وأوضح الحمادي أن عددا من الأيدي العاملة في قطاع الإنشاءات في البلاد بدأت خلال الأيام القليلة الماضية بالتذمر من العمل في وقت ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أن التذمر من المتوقع استمراره في ظل توقعات الجهات المعنية ببلوغ درجات حرارة هذا الصيف حاجز الـ50 درجة مئوية خلال الأيام المقبلة.

وأكد الحمادي أن ارتفاع درجات الحرارة وتوقف العمل بشكل جزئي في أوقات الذروة يؤثر بشكل عام على سير العمل وسرعة تنفيذ المشاريع، إلا أنه استدرك قائلا: «حتى لو طلبت الشركات من الأيدي العاملة الاستمرار في أعمالها بجميع الأوقات فإنه أمر غير مجدٍ، لأن مستوى الإنتاجية سينخفض بشدة، لذلك من الأجدى إراحتهم خلال هذه الأجواء».

من جانب آخر، أوضح محمد الحربي، وهو صاحب مؤسسة مقاولات بالعاصمة الرياض، أن عمالة قطاع الإنشاءات في البلاد من أكثر الأيدي العاملة تضررا من ارتفاع درجات حرارة الصيف، وقال: «على سبيل المثال، فإن الأيدي العاملة في قطاع الصيانة لا تتأثر كثيرا بارتفاع درجات الحرارة كعمالة قطاع الإنشاءات، لأنهم عادة يعملون في أماكن لا تعد عرضة لضربات الشمس».

وأشار الحربي إلى أن منح الأيدي العاملة مبالغ مالية أكبر للعمل خلال أوقات ذروة ارتفاع درجات حرارة الصيف أمر غير مجدٍ، وقال: «قد يصاب أحد العمالة بضربة شمس، مما يعرض صاحب شركة المقاولات إلى العقوبة والمساءلة من قبل الجهات المختصة، لذلك إراحتهم أفضل».

الجدير بالذكر أن قطاع المقاولات في «السعودية» ما زال يفتقد للتنظيم، وهو الأمر الذي يعني أن تقيّد جميع الشركات بساعات العمل خلال فترة ارتفاع درجات حرارة الصيف أمر من الصعب تحقيقه، في ظل التشتت الذي يضرب القطاع.

وكان المهندس سعد آل مرفاع، عضو اللجنة الوطنية للمقاولين في البلاد، قد أكد، الشهر الماضي، أن قطاع المقاولات السعودي يحتاج إلى «أب» روحي ينظم القطاع ويقوم باحتوائه, مضيفا: «من الأدوار المهمة في عمليات التنظيم تنظيم التعاقد في نظام المشتريات الحكومي».

وبيّن آل مرفاع أن قطاع المقاولات السعودي «مشتت»، وقال «في السعودية تم استخراج نحو 260 ألف سجل تجاري في قطاع المقاولات، إلا إن نسبة المصنفين منهم تبلغ 2700 مقاول فقط».

وذكر آل مرفاع أن المقاولين مترددون جدا في موضوع «الاندماجات» فيما بينهم، وقال: «هذا التردد في حقيقة الأمر يدفعهم في نهاية المطاف بالاتجاه إلى التحالفات، لتنفيذ المشاريع».

يأتي ذلك على الرغم من أن قطاع المقاولات في البلاد يعد من أكثر القطاعات ربحية، حيث أكدت دراسة اقتصادية حديثة أن 99.4 في المائة من شركات المقاولات السعودية الصغيرة والمتوسطة كانت قد حققت أرباحا إيجابية خلال الأعوام 2008 و2009 و2010م، بينما منيت 0.6 في المائة منها بخسائر.