تعقيب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني

سعود الأحمد

TT

وردني تعقيب مطول من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على مقالي الأسبوع الماضي في هذه الزاوية الذي كان بعنوان «هل من تقييم لمسيرة التدريب المهني؟!».. ولعلي أجدها فرصة لشكر المؤسسة على تجاوبها مع ما طرحت.. وأتناول أهم ما ورد في ذلك الرد. والذي أود التأكيد عليه أن فكرة المقال كما هو واضح من عنوانه أنه يركز على أن مدخلات التدريب المهني والتعليم الفني خلال نصف القرن الماضي لا يوجد ما يقابلها من مخرجات! أما عن الرد الوارد من المؤسسة والمدون في خمس صفحات ومع مرفقاته في عشرين صفحة، والمرسل لجريدة «الشرق الأوسط» عبر الفاكس في الساعة «1:16» ظهرا.. فيدل على أن لدى المؤسسة استعدادا للحديث عن المدخلات والحديث بإسهاب عن التكاليف التي تنفقها الدولة، وربما ليس لديها ما يماثله عن المخرجات. فالمؤسسة تقول «ولا يخفى على سعادتكم وعلى كل مهتم أن احتياج مشاريع التنمية في المملكة كبير جدا وبمستوى لا يمكن للمؤسسة في ظل إمكاناتها أن تغطي كامل الاحتياج، ليظهر أمام الناس الفني السعودي في كل المستويات المهنية». وأقول نحن نعيش في المملكة ونذهب كل يوم لورش الميكانيكا والكهرباء والحدادة والنجارة والسباكة ولا نرى الفني السعودي.. فأين هي المخرجات من سوق العمل؟! وتشير المؤسسة إلى ثغرة إدارية تستحق الإبراز، في العبارة التالية «وإذا كان التدريب والتعليم والبذل الهائل الذي تتحمل تكاليفه الدولة يرسم خطوط المستقبل، فإن العقبة تأتي من التشريعات الإدارية عندما تبدأ المفاضلة بين المواطن المؤهل، والمستقدم الأمي، لتأتي لصالح الأخير، رغم كفاءته الناقصة وخاصة في سقف الأجور الذي يأتي متدنيا ولا يتفق وحالة المواطن، لتصبح قطاعات كثيرة بيئة طاردة للمواطن المؤهل، بخلاف المنشآت الجادة التي تتعامل بوعي عال في استقطاب العمالة الوطنية من مخرجات برامج المؤسسة». وأرى أن هذه الملاحظة يجب أن تدرس وتعالج في أروقة مجلس الشورى، بالتركيز على الأسباب التي تجعل الفرصة متاحة أمام العامل الوافد الأمي لينافس الوطني المؤهل ويحتل سوق العمل، ولنتعامل بفعالية نحو استغلال مخرجات التدريب التقني والمهني، وأن تعاد صياغة آليات وبرامج تشجيع هذه الفئة من الشباب في سوق العمل. وهناك العديد من الآليات التي تحفز الشباب على الدخول لحسابهم في سوق العمل المهنية، عوضا عن البحث عن من يوظفهم برواتب تنافس العمالة الوافدة.

أما عن الاستدلال بطلبات بعض الشركات على العمالة السعودية المؤهلة واعتماد البعض منهم على عدد لا بأس به من المواطنين، فنحن نعلم أن الشركات المختلطة لديها أنظمة تحتم عليها توظيف العمالة الوطنية شأنها شأن الوظائف الحكومية! فعلى سبيل المثال: عندما تستدل الشركة بتوظيف «7000» فني سعودي، فنحن نعلم برامج السعودة المكثفة التي كانت تفرض على شركة «الاتصالات» ومن قبلها الهاتف السعودي وقبله شركة «سعودي تل» الكندية! ونعلم أيضا أن الذي وراء توظيف المواطنين بشركات الأموال الضخمة ضغوط حكومية على هذه الشركات لتوظيف نسب من العمالة السعودية، كما أنه لا يعتد بالحالات الفردية من هذه الشركات، ونحن في مرحلة ننتظر فيها نتائج أكثر إقناعا بالفعالية. ومع ذلك فإن السؤال يبقى ما هو دور هذه العمالة المهني والتقني في هذه الشركات المالية مقارنة بما يجب أن يكون عليه؟! ولعلي أذكر أن الأهم ليس الحديث عن المدخلات بقدر ما هي المخرجات. وأهم ما نحتاج إليه وأدعو إليه أن يكون هناك معايير تقيس نسب التقدم وتحقيق الأهداف (وهو ما أشرت إليه في المقال السالف الذكر).

* كاتب ومحلل مالي [email protected]