اقتصاديون سعوديون يدعون إلى ربط «التمويل» ببرامج مساءلة لتفادي الفشل

60 %حجم التعثر في المشاريع الصغيرة والمتوسطة بسبب التستر وسوء الإدارة

حلول اقتصادية لتفادي تعثر المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الآونة الأخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

اقترح اقتصاديون ربط القروض التمويلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة باشتراطات اقتصادية ناجعة ينبغي للمستثمر أن يمر عبر قنواتها، مؤكدين أن 60 في المائة من حجم تلك المشاريع كان نصيبه الفشل في السعودية.

ولمح الاقتصاديون إلى ثلاثة أسباب تقف خلف تعثر تلك المشاريع، أولها إدارة «سيئة»، ناهيك عن غياب التمويل في قالبه الصحي، ثالثا خضوع تلك المشاريع لعمليتي تستر ومنافسة شرسة داخل الأمان التي تقام عليها تلك المشاريع.

وأوضح الدكتور حبيب الله تركستاني، وكيل معهد البحوث والاستشارات والتسويف بجامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، أن من أهم الأسباب التي أفضت إلى نكوص المشاريع المتوسطة والصغيرة في السعودية عدم وجود جهات متخصصة تتبني مثل تلك الأطروحات وتسعى إلى دعمها ماليا ومعنويا.

وأفاد تركستاني أن عدم وجود تشريعات وأنظمة تساعد على نهوض حقيقي وكلي للمشاريع المتوسطة والصغيرة، أفضى إلى فشلها، معتبرا أن وجود قانون مؤسسي يشرعن تلك الأنظمة سيسهم بشكل مباشر في تفعيل الرؤية الاقتصادية الثاقبة التي تكفل سلامة وديمومة المشروع.

وذهب تركستاني بالقول: «نقص التمويل واضح في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو أمر يقوض مستقبلها بشكل كبير، وقلة الخبرة في إدارات مثل تلك المشاريع، أمر يدفع محو فشل معظمها بسبب سوء الإدارة في تصريف أمور المشاريع»، مؤكدا أن 20 في المائة من نجاح أي مشروع تتمثل في الفكرة، وأن ما مقداره 80 في المائة أمر ينعكس على ماهية التسويق والإدارة والمتابعة والتطوير والرؤية المستقبلية.

وعن الأمور الكفيلة والداعمة لنجاح أي مشروع صغير ومتوسط، قال تركستاني: «ينبغي النظر مليا لعدة اعتبارات تمويلية وإشرافية، وإذا أهملت وتعثرت فهذا يعني تعثر المشاريع الكبيرة باعتبار أن تلك المشاريع هي نواة للمشاريع الكبيرة، خاصة أن نسبة تعثر المشاريع الصغيرة في السعودية ما بين 50 إلى 70 في المائة».

من جانبه، قال الدكتور خالد البسام، أكاديمي ومحلل مالي، إن سوء إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سبب من ضمن ثلاثة أسباب رئيسية، خلفت تراجعا كبيرا في نجاحها، وهي إدارات لا تحظى بكفاءة عالية، ناهيك عن ضعف التمويل، ومنافسة الأجانب في هذا القطاع بشكل كبير وواضح لا سيما في مفاصل المدن الاقتصادية الاستراتيجية في السعودية.

وقال البسام: «مؤشرات فشل أي مشروع صغير أو متوسط، هي اعتماد صاحب المشروع على الأجانب في إدارته، أي إن امتلاكه وإدارته ومتابعته المالية، هو أمر صوري لا يعكس البعد الاقتصادي الحقيقي الذي انطلق من المشروع وخطط من أجله، وأغلب المشاريع الصغيرة تحظى بعملية تستر، وحين تخلي الأجنبي عنه يتموضع صاحب المشروع نفسه في مأزق حقيقي، وهذا ما يعرف اقتصاديا بالإدارة السيئة».

ولم يخف المحلل المالي، أن منافسة الأجانب للسعوديين في مجال صناعة المشاريع المتوسطة والصغيرة هو أمر واضح، وهي منافسة قوية وحاضرة وتضر بالاقتصاد السعودي بشكل خاص وتؤثر بشكل مباشر على كمية فرص العمل الواجب توافرها في السوق السعودية.

وذكر البسام أن التستر بحد ذاته مصيبة، وأغلب المشاريع الصغيرة تفتح في أسواق فيها منافسة قوية، يتخلل ذلك الافتتاح عند القيام بجدوى اقتصادية كاملة للمشروع، وتفتح في مجالات تجارية واقتصادية فيها منافسة واضحة، وهو ما يفضي إلى فشل كبير بسبب عدم وجود عنصر «الاحتكار».

وحول مشكلة التمويل، أوضح البسام، أن مشكلة بعض البنوك في السعودية، أنها تقوم بإعطاء قروض تمويلية للمستثمرين دونما مناقشة المستثمر في جدوى المشروع وأهميته، ودونما أيضا إعطاءه نصائح اقتصادية فاعلة، كي يتسنى للمستثمر ترجمة القرض التمويلي اقتصاديا، مفيدا في السياق ذاته أن التأمين على القروض التمويلية ينبغي أن يكون مشروطا بخضوعه لمواصفات اقتصادية يخضع فيها المشروع إلى انضباطات معينة تكفل سلامة المشروع.

وحول ما يمكن أن تقدمه البنوك لتلك المشاريع، أفصح البسام بأنه يجب أن تكون مبنية على استراتيجية الموقع، والأسباب الممكن وقوعها، والأسباب المتوقعة لتهاوي المشروع، حيث ينبغي للمستثمر أن يمضي عبر تلك القنوات الاقتصادية، ومن ثم ينبغي أن يتابع المشروع عبر جهات حكومية وخاصة من رجال الأعمال، ومناقشة أسباب التعثر.