منطقة اليورو تخالف التوقعات وتتفادى الانكماش بفضل ألمانيا

بريطانيا مستعدة لدعم زيادة متطلبات رأس المال وواشنطن ترحب بـ«النقاش حول النمو»

وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن (يسار) يتحدث مع وزير المالية الاسباني لويس جورادو خلال اجتماع وزراء المالية في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

تفادت منطقة اليورو بصعوبة الانكماش في الفصل الأول من 2012 لكن من دون أن تتمكن من تبديد المخاوف بشأن النمو، بما يخالف توقعات المحللين وذلك بالأساس بفضل التعافي الذي جاء أفضل من المتوقع للاقتصاد الألماني. وبحسب تقديرات أولية نشرها أمس المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات) لم تسجل منطقة اليورو نموا (0,0 في المائة) في الفصل الأول من 2012 بعد تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0,3 في المائة في الفصل الأخير من 2011.

وهذا الرقم أفضل مما توقعه المحللون (ناقص 0,2 في المائة) مما أتاح لمنطقة اليورو أن تبقى خارج دائرة الانكماش الذي يحتسب حين يسجل إجمالي الناتج الداخلي تراجعا لفصلين متتاليين.

لكن هذا الرقم يخفي خصوصا فوارق كبيرة بين بلدان منطقة اليورو. ففي حين سجلت ألمانيا نموا في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 0,5 في المائة متجاوزة كل التوقعات بفضل نمو الصادرات والاستهلاك، فإن فرنسا سجلت نموا بنسبة صفر في المائة فيما غرقت إيطاليا في الانكماش مع نسبة نمو بلغت ناقص 0,8 في المائة.

كما سجلت هولندا أداء سيئا (ناقص 0,2 في المائة) أما اليونان فقد شهدت تراجعا بنسبة 6,2 في المائة في إجمالي الناتج المحلي في الفصل الأول، بحسب تقديرات رسمية أولية.

ولاحظ المحلل جنيفر ماكوين أن هذه الفوارق تظهر أن «المنطقة تبقى شديدة الارتهان لألمانيا» وعلق المحلل مارتن فان فليت من جانبه بالقول «شكر كبير للنمو الأفضل مما كان متوقعا في إجمالي الناتج الداخلي الألماني».

ويتوقع أن تساهم الأرقام الصادرة في إطلاق الحوار بشأن النمو في أوروبا وهو الموضوع الذي فرض نفسه تدريجيا في مواجهة التقشف خصوصا بدفع من الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند.

وقال إن «أوروبا بحاجة إلى مشاريع وبحاجة إلى التضامن وبحاجة للنمو» وذلك «لتتمكن من الخروج من الأزمة التي تشهدها».

وستكون سبل تحفيز النمو الأوروبي أيضا المحور الرئيسي أثناء عشاء يجمع القادة الأوروبيين في 23 مايو (أيار) في بروكسل. واقترح رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي الأسبوع الماضي «تحالفا بين النوايا الحسنة» لتكون «متلائمة» مع تعزيز الميزانيات. ومن المقرر أن يتباحث الثلاثاء ببروكسل مع رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الذي يؤيد هولاند بشكل كبير اقتراحاته الخاصة بالنمو (زيادة إمكانات البنك الأوروبي للاستثمار وتمويل مشاريع أوروبية كبرى وإحداث رسم على التحويلات المالية واستخدام أفضل للصناديق الأوروبية). وأمام القادة الأوروبيين الكثير من العمل لتكذيب توقعات المحللين. ويرى المحلل مارتن فان فليت أنه «ليس هناك في الأفق أي مؤشر إلى نهوض اقتصادي متين ودائم في منطقة اليورو».

أما المحلل هاورد آرشر فيرى فيعتقد أن «الفصل الثاني سيشهد على الأرجح تراجعا في إجمالي الناتج المحلي». ويضيف محذرا أنه رغم توقع تسجيل عودة تدريجية للنمو في النصف الثاني من العام، فإن «تصاعدا جديدا لأزمة الديون يمكن أن يعرقل الانتعاش المنتظر وذلك من دون الأخذ في الحسبان خروج اليونان» من منطقة اليورو.

وقال وزير الخزانة البريطاني جورج أوسبورن أمس إن بريطانيا على استعداد لمساندة حل وسط لزيادة متطلبات رأس المال للبنوك بما يمهد الطريق أمام وزراء مالية الاتحاد الأوروبي للموافقة على إجراءات للوقاية من الأزمات.

ورحب أوسبورن بالتغييرات في القواعد الجديدة التي ستسمح لبريطانيا بالعمل على إصلاح وطني مزمع لنظامها المصرفي. وقال لنظرائه الستة والعشرين بالاتحاد الأوروبي إن لندن «سعيدة بقبول وجود اتفاق سياسي».

لكنه أشار بشكل سريع إلى أنه لا تزال هناك حاجة لإجراء مفاوضات مع البرلمان الأوروبي بشأن قواعد رأس المال الجديدة. وأضاف أنه «لا يزال هناك طريق طويل أمامنا لنسلكه، لكن أعتقد أننا نستطيع اليوم اتخاذ خطوة في الاتجاه الصحيح».

بينما رحبت الولايات المتحدة الثلاثاء بـ«النقاش الجديد حول النمو في أوروبا» بعدما أعلن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند الذي تولى لتوه مهام الرئاسة أنه يريد أن يقترح على شركائه الأوروبيين زيادة تحفيز النشاط الاقتصادي.

وأعلن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في مؤتمر عام في واشنطن «ينبغي أن نرحب بهذا النقاش الجديد حول النمو في أوروبا»، معتبرا أنه «مشجع».

وفي خطاب التنصيب أعلن هولاند أنه يريد «فتح طريق جديد في أوروبا». وقال «سأقترح على شركائنا ميثاقا جديدا يجمع بين الخفض الضروري للديون العامة وتحفيز الاقتصاد الذي لا بد منه».