رصد فتور للحماس تجاه الأسهم الأميركية وثقة في الاقتصاد الصيني وخوف من اليورو

«بنك أوف أميركا ميريل لينش»: المستثمرون يطالبون بمزيد من الحوافز الحكومية لإنعاش الاقتصاد

TT

كشفت نتائج الاستبيان الشهري لـ«بنك أوف أميركا ميريل لينش» لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر مايو (أيار) الحالي، عن تصاعد مطالبات أغلبية متنامية من المستثمرين لطرح حكومات العالم لسياسات مالية أكثر تحفيزا للنمو الاقتصادي، وسط مخاوف متجددة حول آفاق الاقتصاد اليوناني. في حين أشار التقرير المستند إلى هذا الاستبيان إلى أن نسبة المستثمرين العالميين الذين يرون أن السياسة المالية العالمية «متشددة أكثر مما يجب» قد تضاعفت أكثر من مرة، لترتفع إلى 23 في المائة خلال مايو الحالي مقارنة بـ11 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي، بحسب الاستبيان الذي أجري بين 4 و10 مايو بعد انتهاء انتخابات فرنسا واليونان، فيما أعرب نحو ثلثي المستثمرين عن قلقهم من أن تصبح اليونان مصدر مفاجأة سلبية هذا العام، بارتفاع حاد عن 48 في المائة أعربوا عن الاعتقاد نفسه في أبريل الماضي.

وتضاءل عدد المستثمرين المقتنعين بأن السياسات النقدية الراهنة توفر درجات كافية من التحفيز. وانخفض عدد المشاركين في الاستبيان الذين يعتبرون السياسة النقدية العالمية «محفزة أكثر مما يجب» إلى 14 في المائة مقارنة مع 25 في المائة الشهر الماضي. وفي المقابل، ازدادت توقعات تبني البنك المركزي الأوروبي للمزيد من إجراءات التحفيز. وتشير نتائج استبيان الشهر الحالي إلى أن 60 في المائة من المشاركين يتوقعون قيام البنك المركزي الأوروبي بطرح المزيد من إجراءات التيسير الكمي المباشرة وكبيرة الحجم بحلول نهاية عام 2012، بارتفاع عن 51 في المائة توقعوا ذلك في أبريل الماضي.

ويتطلع المستثمرون، بحسب تقرير البنك، إلى المزيد من الحوافز بالتزامن مع تراجع توقعات انتعاش الاقتصاد العالمي ومخاوف تجدد التضخم بشكل كبير، حيث لم يتوقع سوى 15 في المائة من المشاركين تنامي قوة الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، بانخفاض عن 28 في المائة في فبراير (شباط). كما انخفضت نسبة المستثمرين الذين يتوقعون ارتفاع معدل التضخم خلال هذا العام إلى 2 في المائة، بتراجع حاد عن 21 في المائة توقعوا ذلك في أبريل.

ويرى غاري بيكر، رئيس دائرة استراتيجية الأسهم الأوروبية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش» للبحوث العالمية أن «المستثمرين تخلوا عن آمالهم التي تصاعدت خلال الشهور الأولى من العام حول النمو والتضخم، وباتوا يتطلعون الآن إلى قيام صانعي السياسات بتحفيز الاقتصاد».

من ناحيته، قال مايكل هارتنت، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش» للبحوث العالمية، إن المخاوف الخاصة بنمو الاقتصاد العالمي تأتي «من تغير نظرة المستثمرين إلى الاقتصاد الصيني. وتشير استبيانات الرأي التي أجريناها في شهري أبريل ومايو إلى أن المستثمرين باتوا يتفاءلون بشكل متزايد بآفاق نمو الاقتصاد الصيني».

ويرى التقرير أن المستثمرين يزداد تبنيهم لمقاربة «تجنب المخاطر» التي تحولوا إليها الشهر الماضي، وانخفض مؤشر شركة «بنك أوف أميركا ميريل لينش» المركَّب للمخاطر والسيولة بشكل أكبر ليبلغ 36 نقطة، منخفضا بشكل أكبر عن متوسطه التاريخي البالغ 40 نقطة. وأكد 35 في المائة من المشاركين في الاستبيان أنهم يجازفون بتحمل مخاطر أدنى خطورة من المستوى العادي، بارتفاع عن 21 في المائة أكدوا ذلك قبل شهر مضى.

وعزز مسؤولو تخصيص الأصول من حصص الأصول النقدية والسندات في محافظهم الاستثمارية، بالتزامن مع تخفيض حيازاتهم من الأسهم، وهكذا نجد أن 28 في المائة من أولئك المسؤولين عززوا حصة الأصول النقدية، بارتفاع عن 24 في المائة منهم قاموا بذلك في أبريل. وبينما كان 48 في المائة من أولئك المسؤولين قد خفضوا حصص السندات في محافظهم قبل شهر مضى، نجد أن هذه النسبة تراجعت إلى 33 في المائة في مايو الحالي. كما انخفضت نسبة أولئك المسؤولين الذين عززوا من حصص الأسهم في محافظهم من 28 في المائة إلى 16 في المائة.

وتشير أرقام التقرير إلى تراجع الإقبال على أسهم شركات السلع الأساسية إلى أدنى مستوياته في 7 شهور، وانخفضت نسبة إقبال المستثمرين على السلع الأساسية من 8 في المائة في أبريل إلى 2 في المائة في مايو. ويعتبر ضعف الطلب على أسهم شركات السلع الأساسية مؤشرا على انخفاض معدل نمو وتضخم الاقتصاد العالمي.

بينما يرصد التقرير أجواء فتور للحماس تجاه الأسهم الأميركية واستمرار تنامي الثقة بالاقتصاد الصيني، حيث نجح الإقبال على الاستثمار في الأسهم الأميركية في الصمود أمام الشهر الثاني من هيمنة مقاربة «تفادي المخاطر»، إلا أن عددا أقل من المستثمرين يتدفقون الآن إلى الأسواق الأميركية، في الوقت الذي تشير فيه نتائج الاستبيان إلى أن الطلب على أدوات تلك الأسواق قد ينخفض خلال الشهور القليلة المقبلة. وانخفضت نسبة مسؤولي تخصيص الاستثمارات الذين عززوا حصة الأسهم الأميركية في محافظهم، بشكل طفيف من 27 في المائة إلى 26 في المائة. وعلى المدى القريب، تفيد نتائج الاستبيان بأن نسبة المستثمرين الذين يرغبون في زيادة حصة الأسهم الأميركية في محافظهم الاستثمارية بشكل أكثر من غيرهم خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، انخفضت من 18 في المائة الشهر الماضي إلى 6 في المائة في مايو. وأعرب المستثمرون المشاركون في الاستبيان الإقليمي داخل الولايات المتحدة الأميركية عن تفاؤلهم بآفاق النمو الاقتصادي، لكنهم أعربوا عن مخاوفهم حول ربحية الشركات.

وفي الوقت نفسه، واصل التفاؤل بتحسن أداء الاقتصاد الصيني الارتفاع. وتوقع 10 في المائة من المشاركين تنامي قوة الاقتصاد الصيني خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، بارتفاع عن 4 في المائة توقعوا ذلك قبل شهر مضى. وأعرب 32 في المائة من المستثمرين العالميين المشاركين في الاستبيان عن اعتقادهم أن الأسواق الصاعدة العالمية هي الأسواق التي يرغبون في الاستثمار فيها بشكل أكبر، بارتفاع عن 24 في المائة قالوا ذلك في أبريل الماضي.

بينما برزت مخاوف تدهور اليورو ليؤكد المشاركون في الاستبيان أنهم أخذوا يخفضون حصة اليورو في محافظهم الاستثمارية، نظرا لعودة مخاوف تدهور الاقتصاد اليوناني وأزمة الديون السيادية الأوروبية لتصدر مخاوف المستثمرين. وأكد 32 في المائة من المستثمرين أنهم خفضوا من حصة اليورو (غير المتحوط لها) في محافظهم، بزيادة ملحوظة عن 20 في المائة أكدوا ذلك في أبريل ومارس (آذار) الماضيين. وعلى المدى القريب، أكد 49 في المائة من المستثمرين العالميين أن اليورو هو العملة التي يتوقعون انخفاضها خلال العام المقبل بمعدلات أعلى من سائر العملات العالمية، بارتفاع عن 32 في المائة أكدوا ذلك في أبريل الماضي.