اقتصاد جنوب السودان يعاني توقف صادرات النفط

يواجهe نقصا في العملة الأجنبية وتصاعدا في التضخم

TT

وقف طابور طويل من السيارات في جوبا، عاصمة جنوب السودان، أمام محطة للتزود بالوقود نضبت مضخاتها، وهذا مثال على ما يعانيه الاقتصاد المترنح لهذا البلد الفتي الغني بالنفط، من نقص في العملة الأجنبية وتصاعد في التضخم، بحسب تقرير لـ«رويترز».

وقال سائق دراجة - تاكسي كان ينتظر وصول الوقود: «يجب الوقوف في الطابور النهار كاملا تحت أشعة الشمس للحصول على الوقود». وفي السوق السوداء، ارتفع سعر البنزين ثلاث مرات ليباع بنحو 4 دولارات للتر الواحد.

وأصبح جنوب السودان لدى استقلاله في يوليو (تموز) 2011، بعد ست سنوات من توقيع اتفاق سلام أنهى عقودا من الحرب الأهلية بين السودانين، يملك 75 في المائة من الموارد النفطية السودانية، أي نحو 350 ألف برميل يوميا.

لكن منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، أوقفت جوبا ضخ صادراتها من النفط المرتهنة تماما لخطوط أنابيب النفط الموجودة في الشمال، وذلك احتجاجا على اقتطاع الخرطوم رسوم العبور من صادرات النفط الخام، إثر خلاف مع جوبا بشأن قيمة هذه الرسوم.

وبذلك، حرمت جوبا نفسها من 98 في المائة من عائداته والمصدر الأساسي للعملة الأجنبية، مما أدى إلى تراجع قيمة عملة جنوب السودان.

ولئن كان سعر الصرف الرسمي لا يزال دولار واحد يساوي 2.96 جنيه جنوب سوداني، فالأمر مختلف في السوق السوداء، حيث يصل سعر الدولار الواحد حتى خمسة جنيهات، وهو أدنى سعر في تاريخ هذه العملة الفتية.

ولأن اقتصاد جنوب السودان يرتكز بشكل كبير على الواردات، فإن التضخم يزداد بالتوازي مع تراجع قيمة العملة.

وبحسب مكتب الإحصاء الوطني، فإن التضخم بلغ في مارس (آذار) 2.1 في المائة بقياس شهري و50.9 في المائة بقياس سنوي. أما أسعار المواد الأساسية مثل السكر ودقيق الذرة، فقد تضاعف سعرها تقريبا في الأشهر الأخيرة.

ويقول آدام دوكي التاجر في سوق مليئة بالمواد المستوردة من أوغندا: «الأسعار ارتفعت، ولذلك فإن الناس يشترون بكميات قليلة».

من جانبه، أوضح ماريال آيو يول نائب وزير المالية بجنوب السودان: «منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011، لم يتم تحويل عائدات مبيعات النفط إلينا، ونحن مرتهنون للاحتياطي (من العملة الأجنبية)، ومن الطبيعي بالتالي أن يتأثر سعر الصرف في السوق الموازية». وأعرب البنك الدولي في الآونة الأخيرة عن «قلقه العميق» على اقتصادي البلدين، داعيا إياهما إلى استئناف المفاوضات بعد المعارك بين جيشيهما نهاية مارس وبداية مايو (أيار) في منطقة نفطية متنازع عليها.

وفي مذكرة بتاريخ الأول مارس، كشفتها وسائل الإعلام، أضاف البنك الدولي أنه «لم يشهد أبدا وضعا مأساويا كالذي يواجهه جنوب السودان».

وحذر من أنه إذا لم يتم استئناف تصدير النفط، فإن دولة جنوب السودان يمكن أن تشهد نقصا في السيولة بحلول يوليو 2012، واعتبر أنه يتعين خفض النفقات بنسبة 77 في المائة شهريا للتمكن من الاستمرار حتى ديسمبر 2013.

ولم يلتفت البنك الدولي إلى حجج جنوب السودان الذي قال إن أغلبية مواطنيه هم من خارج الاقتصاد النقدي ويتعاملون في الغالب بالمقايضة واقتصاد الضروريات. وأكد أنه حتى السكان الذين يعيشون من زراعة ما هو أساسي للعيش أو مربي الماشية، يشاركون في المبادلات النقدية حتى وإن كانت محدودة.

وأقر يول قائلا: «نحن أمة عمرها أقل من عام، وخاضت حربا ضد الشمال وأغلقت ضخ النفط، وبالتالي فالجميع يتوقع أن نغرق»، مضيفا: «لن نفلس، لدينا ما يكفي من الاحتياطي حتى نهاية العام (..) أعتقد ذلك».

ويقول ديفيد شان ثيانغ مدير الإحصاء: «طالما بقينا في مأزق مع الخرطوم واستمر الارتياب، لا أعتقد أن حكومة جنوب السودان ستعدل عن قرارها (قطع صادرات النفط) وسيستمر ارتفاع نسبة التضخم».