هولندا تقر معاهدة «انضباط أوروبا المالي» بتوقيع 25 دولة

بينما تواجه البلاد عاصفة مضادة لليورو

تحتم اتفاقية الانضباط المالي على الدول الأعضاء تحديد مستويات عجز الميزانيات
TT

أقر البرلمان الهولندي المعاهدة المالية الأوروبية، أو ما يعرف بـ«معاهدة الانضباط المالي»، فيما تواجه البلاد هبوب عاصفة مضادة لليورو؛ وأحزاب اليمين واليسار تدعو الناخبين إلى حوار يشككك في اليورو.

وجاء إقرار هولندا للمعاهدة المالية الأوروبية تنفيذا لما جرى الاتفاق عليه في قمة بروكسل خلال شهر مارس (آذار) الماضي التي انتهت بالتوصل إلى توافقات من شأنها أن تحقق نتائج على المستوى القريب والبعيد على النواحي الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي، وتعيد الثقة في الاقتصاد والاستثمار والأسواق، بحسب ما صرح هرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة.

وبعد أن وقع قادة 25 دولة أوروبية على معاهدة الانضباط المالي، التي تضع قواعد صارمة على الدول الملتزمة بها لمنع تكرار أزمة الديون التي تعصف بدول الاتحاد حاليا، وفي هذا الإطار، عبر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فإن رومبوي، عن قناعته بأن توقيع الاتفاق يعد «خطوة مهمة» في معالجة الأزمة، حيث «يعتبر توقيع هذا الاتفاق خطوة أساسية لاستعادة الثقة بالاتحاد الأوروبي واقتصاده وعملته الموحدة».

ومن المتوقع أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ الفعلي عندما تتم المصادقة عليه من قبل اثنتي عشر دولة من أصل الدول الـ25 الموقعة عليه، ويخشى خبراء الاتحاد الأوروبي من أن تتسبب آيرلندا، التي تنوي تنظيم استفتاء عام للمصادقة على هذا الاتفاق، في تفجير أزمة جديدة في التكتل الموحد على الرغم من التطمينات التي يطلقها المسؤولون بين الحين والآخر، ويقضي اتفاق الانضباط المالي بفرض قواعد صارمة على الدول الموقعة في مسألة ضبط موازناتها، وعدم استبعاد عقوبات على الدول المخالفة، مقابل تعزيز قدرات صندوق الإنقاذ المالي لمعونة الدول المتعثرة، وينص الميثاق على خفض الديون وفقا للنموذج الألماني الذي تمت مراجعته من قبل المحكمة الأوروبية.

وفي هولندا، بدأت الحملات الانتخابية للأحزاب الهولندية مبكرا، وتركز على الملفات الاقتصادية وخطط التقشف التي كانت وراء انهيار الائتلاف الحكومي، وطالب اليمين المتشدد الهولندي بالعودة إلى العملة الهولندية الجلدر، وقد تضرر قطاع البناء أيضا.. 15 في المائة من المباني تضم مكاتب فارغة، وفي بعض المناطق، و50 في المائة، ولكن «فقاعة العقار» مشكلة هولندية. فالحوافز الضريبية على الإيجارات أغرت الهولنديين.

العديد منهم اعتقدوا أن الأسعار ستستمر في التصاعد. لكن الفقاعة انفجرت وأدت إلى انهيار سوق العقارات، ومنذ ذلك الحين، أصبحت ديون الهولنديين الأكثر بالنسبة إلى الديون الأوروبية.

لكن الأخطر هو احتمال خروج العجز في الميزانية عن نطاق السيطرة. لذلك، حكومة يمين الوسط قررت وعلى الفور اللجوء إلى تخفيض حاد في الميزانية؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار الحكومة، لكن المهمة أنجزت. وزير المالية يفتخر بحقيبته التي تحتوي على 12 مليار يورو من التخفيضات في الميزانية، وقال يان كيس دي جاغر، وزير المالية الهولندي: «قررنا اتخاذ التدابير التقشفية. ونبذل كل ما يلزم من التدابير لنظهر للعالم أجمع أن هولندا بلد التقشف (بلد جاد)»، ويقول سيس ماس، أمين سابق للصندوق العام في هولندا: «الأزمة الحالية لا علاقة لها بعملتنا. المشكلة مع حكوماتنا. فالحكومات لديها عجز مرتفع جدا. على كل بلد أن يعلم ذلك.. وكل عائلة، تعرف عدم إمكانية السماح بتراكم الديون الخاصة. لم يعد هناك من يسدد الديون، في حالة كهذه».

هل هناك أمل بإبقاء هولندا في منطقة اليورو؟ أم إن الزوبعة الشعوبية المناهضة لليورو هي التي ستعمل على طرد هذه العملة من الداخل؟ ومن وجهة نظر العديد من المراقبين، الانتخابات ستكون في سبتمبر (أيلول) المقبل. هولندا ستكون اختبارا سياسيا لمنطقة اليورو ككل. وبحسب الإعلام الهولندي، يرتفع عدد العاطلين عن العمل بوتيرة سريعة بين الشباب. وأشار إلى الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات التي تظهر أن نسبة البطالة في هولندا وصلت إلى نسبة 6.2% في أبريل (نيسان) الماضي، أي 465 ألف عاطل عن العمل. وقالت إن أكثر الذين يعانون من صعوبات في إيجاد وظائف لهم في سوق العمل هم الشباب في مطلع العمر، وكذلك الأشخاص الذين تخطوا الخمسين. ونقلت الصحف عن أحد خبراء الاقتصاد توقعه بأن ترتفع من جديد نسبة البطالة خلال الشهور المقبلة. الأمر الذي يقلق الاتحاد العمالي الذي تخوف من البطالة طويلة الأمد وعدم تمكن البعض من العودة بسرعة إلى سوق العمل. وأقر وزراء مالية منطقة اليورو في مارس (آذار) الماضي زيادة إجمالي أموال صندوق الإنقاذ الأوروبي من 500 إلى نحو 800 مليار يورو، كما تعهدوا بضخ 150 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي. تشمل هذه الأموال آلية الاستقرار لأوروبا وآلية الاستقرار المالي والقروض لليونان. وأظهرت وثائق تناولتها تقارير إعلامية غربية، أن شركة استشارية كلفت بتقييم هيكل صندوق الإنقاذ الأوروبي الجديد أثارت تساؤلات حول ما إذا كان الصندوق لديه عدد كاف من الموظفين حتى يستطيع العمل بكفاءة.